back to Book
  

النقوش البابلية في وادي بريصا[1]

مدخل

(ص I) تقع وادي بريصا على المقلب الشرقي للبنان على مقربة من بلدة الهرمل الشيعية[2] وضفاف نهر العاصي، وعلى مسير يومين تقريباً من طرابلس الشام[3].

لا أنوي أن أثقل على القارئ بسرد تفاصيل تجوالي. ولن أخبره، كما يفعل غالباً الرحالة، عن الخانات التي نزلتها وأنواع الطعام التي تناولتها. فمن السهل اليوم التجوال في لبنان وفي سورية المجوفة[4] (البقاع) التاريخية، والمناطق التي نجتازها بالغة الجمال ومثيرة للغاية من الناحية الأركيولوجية. وأخيراً فإن الأمن مستتب كثيراً في كل مكان، بحيث أنه لا يحق لمن يقوم بمثل هذا التجوال أن يتفاخر أدنى مفاخرة بأنه تجسم مواجهة صعاب هي على العموم محمولة تماماً.

لذا أكتفي بالقول أني قمت بزيارة وادي بريصا للمرة الأولى في 16 تشرين الأول 1883. انطلقت صباح ذلك اليوم من الهرمل بصحبة أحد أبنائها كدليل وعدني بإرشادي إلى نقوش قديمة. وبعد أن تتبعت لبعض الوقت ضفة العاصي بحثاً عن نقش غير موجود اجتزت النهر لأصل إلى موضع يُدعى حيرا Haïra على الضفة اليسرى للنهر، وحيث نرى كما زعم مرشدي آثار مدينة قديمة. بيد أن ما وجدناه كان بقايا قرية حديثة جداً على الأرجح. ترددت قليلاً حول وجهة سيري، وأخذني ميل شديد بالتوجه إلى ربله وضفاف بحرية حمص. ولكن مرشدي أكد لي أنه سبق له ورأى نقوشاً في وادي بريصا المنفتحة على السهل مقابل حيرا. فقررت متابعته وهذا ما لم أندم عليه، لأنه دلني في هذا الوادي، حيث لا يبدو أن أي أوروبي قد أتاه، على نقشَيْن لـ نبوخذنصر الثاني Nabuchodonosor II (ابن نابوبالوصور Nabou-pal-oussour).

(ص II) إن هذه النقوش بقيت سليمة لبضع سنوات خلت، على الرغم من قدمها، هذا ما علمناه على الأقل من سكان الوادي. ولكن ثمة مغربي كان يتجول في البلاد عثر على هذه النقوش، ولما تخيل أن الصخرة تنطوي على كنز فإنه عمد إلى ثقبها بواسطة أداة معدنية، وخدشها في بعض مواضعها على عمق بضعة سنتمترات وخرب كل النقش تقريباً وجعل معظم الكلمات غير مقروءة تماماً. وثمة قطعة من الصخرة المنقوشة عثرت عليها أمام واحد من النقشين برهنت لي أن سكان الوادي كانوا صادقين معي، فتخريب النقوش حديث فعلاً.

إن الاعتقاد بأن النقوش القديمة تنطوي على الكنوز أو تشير إلى مواضع إخفائها أمر شائع في لبنان وسبّب خسارة الكثير من النصب القديمة. ولقد بذلت الجهود المضنية لأقنع المتاولة أني لست باحثاً عن الكنوز. وإني لفي شك بتوصلي إلى إقناع الجميع، ولكن علي أن أضيف أن متاولة وادي بريصا مسالمون بقدر ما هم جهلة. فمع أني كنت في زيارتي الأولى لواديهم بصحبة خادم واحد فقط، وعندما عدت لاحقاً لم يكن برفقتي غير خادم ومكاري، فإني لم ألقَ منهم أبداً ما يدعوني إلى الشكوى.

لو أن نقوش وادي بريصا بقيت سليمة لكانت بالتأكيد من أهم نصوص نبوخذنصر. ولكنها مع الأسف غير مقروءة بقسم منها، وما بقي منها تتخلله ثغرات كثيرة، وأني في طليعة من يعترف بأنها لا تفيدنا بشيء في حالتها الراهنة. بيد أني وجدت مع ذلك من واجبي نشرها. ومع أن النصوص الأشورية المنشورة حتى اليوم كثيرة العدد فإنه ما يزال عدداً غير كافٍ، ولن يأخذ عليّ أحد من المهتمين باللغات السامية قيامي بنشر هذه النصوص على الرغم من ضعف أهميتها، لا سيما وأنها منقوشة منذ أكثر من ألفي سنة بأمر من قاهر اليهود وأشهر واحد من ملوك بابل، وهي نقوش ستزول من الوجود بعد بضع سنوات. 

 

 

 

وادي بريصا

(ص 1) إذا انطلقنا من الهرمل[5] متجهين نحو الشمال متتبعين سفح الجبال نصل بسهولة بعد مسير ساعتين إلى مدخل وادي بريصا. ينفتح الوادي الضيق بمجمله إلى الشرق على السهل وضفاف العاصي، ويغوص في لبنان بالتواءات متعددة، ويؤدي إلى نوع من منبسط طبيعي بالغ الارتفاع تحيطه الجبال من كل الجهات وترويه كثرة من الينابيع. ومن هذا الموقع الذي يسميه سكان المحلة "مرج حين" يمكن بسهولة اجتياز "الجرد"، أي وسط لبنان، لنصل إلى طرابلس الشام بمسير يومين تقريباً. هذا الوادي كثير الأحراج ويكاد يكون خالياً من المياه (فيه نبع واحد فقط) وقاحلاً وهو غير مزروع. ولا يقطنه غير قلة من المتاولة الرحل والبؤساء الذين يرعون الكثير من قطعان الماعز، ويتنقلون باستمرار من مكان لآخر، ويعيشون تحت الخيم، ونرى فيه مع ذلك بعض البيوت الحقيرة المعزولة، خصوصاً في أسفل الوادي.

إن الرحالة الذي يدخل الوادي من جهة السهل والذي يصعد باتجاه "مرج حين"[6] يصل في مدى ساعة ونصف تقريباً إلى خرائب تحتل أسفل الوادي حيث تغطي الأرض كتل من الحجارة المتوسطة الحجم والمصقولة بمعظمها بعناية، كما نشاهد هنا وهناك أساسات الحيطان. أما المتاولة الذي استوضحتهم أمر هذه الخرائب فما استطاعوا إفادتي بشيء حولها حتى أنهم لا يعرفون (ص 2) اسمها، ومع أني حاولت جاهداً استكشافها فإني لم أعثر على أي نقش فيها أو جزء من نصب أو أعمدة، ولكني عثرت فقط على حجر عليه ثلاثة صلبان على الشكل الآتي:

 

 

أشك في أن تكون هذه الآثار قديمة جداً، وأميل إلى الاعتقاد بأنها تعود إلى دير مسيحي من العصور الوسطى. ولكن متى حصل تدمير الدير؟ أجهل ذلك، وربما دمره المتاولة عندما استوطنوا المنطقة. ومع الأسف فإن سكان الوادي، كما أسلفت، لا يعرفون شيئاً حول المكان. بالقرب من هذه الأبنية القديمة على منحدر الجبل يجري النبع الوحيد الموجود في وادي بريصا.

بعد تجاوز هذه الخرائب، بمسير نصف ساعة تقريباً، نصل إلى مكان وجود نقشَيْ نبوخذنصر[7]. وهما محفوران على صخرتين متقابلتين تقريباً على يمين ويسار الطريق الواقع في قعر الوادي. نقش اليمين حروفه من البابلية القديمة، أما نقش الشمال فحروفه من البابلية الحديثة. وبجانب كل من النقشين منحوتة ضئيلة البروز في الصخر.

استطلعت بكل عناية رأس الوادي فلم أعثر على غير نقشين لاتينيين لـ أدريان Adrien من النوع الذي نصادفه كثيراً في لبنان. من المعروف أن معنى هذه النقوش الموضوعة كلها بكلمات مختصرة بعيد جداً عن اليقين، ويفترض رينان بصواب أنها مخصصة للتذكير بأن بعض الأشجار تعود ملكيتها للدولة وممنوع على الناس قطعها[8].

ثمة عدد من نقوش أدريان موجود على ما يبدو في جوار وادي بريصا، ولكن لم يتسنَ لي الوقت للتحقق من ذلك. لقد وجدت بعضها في الجرد بعد مرج حين.

  

 

 

 

 

وصف نقوش وادي بريصا

(ص 3) النقش بالبابلية القديمة

إن النقش على يمين الطريق صعوداً في الوادي حروفه من اللغة البابلية القديمة (راجع اللوحة planche I). عمل النحات بداية على تسوية وجه الصخرة بحيث حفر فيها نوعاً من كوة مربعة جوانبها متوفرة في الأطراف الأساسية للصخرة. بيد أن الطرف العلوي بارز جداً وهو أقل بروزاً إلى اليسار، ولا تظهر حدود طرف اليمين بحيث يبدو أن وجه الصخرة هنا لم يتعرض للنحت، بل تم صقله فقط. يبلغ طول الكوة 5.50م، ويقع طرفها العلوي على ثلاثة أمتار من الأرض. أما طرفها السفلي، إن كان هناك من طرف، فلم يتبقّ شيء منه. فالصخرة تعرضت للتخريب بعمق من قبل الباحثين عن الكنوز، ما جعل الجهة السفلية للنقش غير موجودة.

في قسم اليسار من خلفية الكوة تم نحت تمثال مدمر حالياً، لقد تعرضت الصخرة للكسر وأقسامها البارزة تم انتزاعها بالكامل تقريباً. بيد أنه يُمكن تمييز إطاره. وفي الحقيقة، لقد تمت تسوية خلفية الكوة بعناية، ولكن سطح الصخرة فيه نتوءات بارزة في مواضع وجود التمثال، بينما هي ملساء تماماً في باقي الكوة. يمثل التمثال رجلاً واقفاً يمسك بذراعه الممدودة حيواناً، هو على الأرجح أسد منتصب على قائمتيه الخلفيتين ويرفع إلى الأعلى إحدى قائمتيه الأماميتين ليَهم بضرب خصمه (راجع اللوحة planche II).

 

بين جسم الرجل وطرف اليسار ثمة فراغ تم تحته، على مستوى قدمي الرجل، نقش دعاء أو (ص 4) ابتهال لإلاهة ما. لقد اختفى معظم النقش هنا، ولا يمكن غير تبين بضع كلمات.

يتألف النقش من تسعة أعمدة. العمود الأول محفور على يمين الرجل، تقع سطوره العشرة الأولى فوق الذراع الممدودة التي تلتقط الحيوان، أما السطور الأخرى فهي تحت الذراع. يقع العمود الثاني فوق رأس الأسد. وتتوالى الأعمدة تباعاً بلا انقطاع من الثالث حتى التاسع على يمين النصب وتشغل وسط الكوة ويمينها. لقد وُضعت على اللوحات الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة الأعمدة السبعة الأولى؛ وبما أن حالة العمودين الأخيرين سيئة لدرجة لا يمكن معها قراءة غير بضع كلمات وأحرف متناثرة، فلقد امتنعت عن رسمها. وكما سبق وقلت فإن إسفل النقش ضائع تماماً ومن المستحيل معرفة على أي ارتفاع عن الأرض توجد السطور الأخيرة.

 

النقش بحروف البابلية الحديثة

النقش القائم على يمين الصاعد في الوادي حروفه من اللغة البابلية الحديثة وهو من عشرة أعمدة (راجع اللوحة planche III). لقد حفر النحات في الصخرة كوة مستطيلة يحيطها من كل جوانبها إطار بالغ البروز. والكوة بطول 3.50م وارتفاع 2.80م بين حرفها الأعلى والأدنى، وتعلو من أسفلها عن الأرض 50 سنتم تقريباً. العمود الأول منقوش في خلفية الكوة مباشرة قرب حرفها اليسار، ويتبعه على التوالي العمود الثاني والثالث والرابع والخامس. ثمة فراغ بين العمود الخامس والسادس نقش فيه جزء من التمثال.

وعلى الرغم من سعة الكوة فهي لم تتسع لكامل النص. فالعمود السادس الواقع على يمين النصب تم نقشه في خلفية الكوة وعلى حرفها اليمين معاً؛ كما نقشت الأعمدة الباقية جميعها على يمين الكوة على الصخرة التي تم مسبقاً تسوية وجهها.

يمثل التمثال، أو بالأحرى كان يمثل، رجلاً يتجه إلى اليسار واقفاً أمام شجرة بلا أوراق؛ ونُحتت صورة الرجل في الفراغ الكائن بين العمود الخامس والعمود السادس، أما الشجرة (ص 5) فمحفورة في وسط العمود الخامس. ومع أن النقش هنا أقل تشويهاً من نقش الحروف القديمة فإن النصب فيه على حالة بالغة السوء: الأجزاء الوحيدة المحفوظة جيداً هي القسم العلوي من الشجرة وقلنسوة على رأس الرجل[9] (انظر اللوحة planche IV). أضيف قبل الختام، أنه قبل مباشرة النقش تم مرغ وجه الصخرة بطبقة مكونة من نوع من الملاط أو الاسمنت الأبيض وهو على قساوة لا تقل عن قساوة الصخرة. وهذا ما نجم عنه كون بعض أجزاء النقش بيضاء تماماً بينما بعضه الآخر غامق بلون الصخرة.

لهذا النقش بالحروف الحديثة بعض الأهمية بالنسبة لقراءة النصوص القديمة لأنه يمكننا بشكل أفضل من النصوص المحفورة على الآجر من التعرف على الشكل الصحيح للحروف البابلية في زمن نبوخذنصر. ولقد كان قابلاً أكثر من نقش الحروف القديمة لأن يصمد وقتاً أطول أمام عوامل الزمن، ولكن المغربي الذي ذكرت مآثره قام بتخريب قسمه الأكبر مع الأسف. فوسط النصب والأعمدة التي تحتل خلفية الكوة، أي الأعمدة الستة الأولى، اختفى تماماً، كما تم ثقب الصخرة بعمق بضع سنتمترات. وبالتالي من المستحيل حساب العدد الإجمالي للسطور، واضطررت إلى إجراء ترقيم منفصل من الأعلى والأسفل لسطور العمود الثالث والرابع والسادس. كما أن اسفل العمود الأول والثاني مشوه تماماً؛ وأسفل العمود الخامس متضرر لدرجة لا يمكن معها قراءة غير بعض الكلمات والحروف المبعثرة. والعمود السابع المحفور خارج الكوة تضرر أيضاً والعديد من سطوره في حالة سيئة للغاية. أما الأعمدة، الثامن والتاسع والعاشر، فقد نجت من المغربي، ولكن بما أنها أكثر عرضة من الأعمدة الستة الأولى لعوامل الطقس، فقد تعرض قسم منها للتلف؛ وكذلك فالعمود العاشر غير مقروء بمجمله. وعليه فأجزاء نقش الحروف الحديثة التي أمكنني نسخها هي:

-        القسم العلوي من العمود الأول

-        القسم العلوي من العمود الثاني

-        (ص 6) القسم العلوي من العمود الثالث

-        القسم السفلي من العمود الثالث

-        القسم العلوي من العمود الرابع

-        القسم السفلي من العمود الرابع

-        القسم العلوي من العمود الخامس

-        القسم العلوي من العمود السادس

-        القسم السفلي من العمود السادس

-        العمود السابع

-        العمود الثامن

-        العمود التاسع

-        بعض سطور العمود العاشر

(راجع اللوحات من الرقم 9 حتى الرقم 14)

 

 

 

 

 

 

 

 

(ص 7)

ترجمة وتحليل

نقوش وادي بريصا

النقش بحروف اللغة البابلية القديمة

ابتهال منقوش على يسار النصب

الترجمة: إلى الإلاهة ..................... التي تكبر ....................... التي تقيم في الهيكل ()[10]، الهيكل ..................

 

(ص 8) العمود الأول

الترجمة: نبوخذنصر، ملك بابل، المخلص، المطيع لمردوخ Mardouk، إشاكو ichakkou السامي حبيب الإله نابو Nabou، الملك الشهير المتطلع دوماً لرغبات مردوخ، الإله الكبير الذي خلقه، ورغبات نابو، ابنه المخلص المحبوب من ملكه، العارف بالعلوم، والذي يروقه عبادة قداستهم، ذلك الذي تصيخ أذناه سمعاً لأمر قداستهم، العارف، العلامة (؟) الذي يعبد الإله والإلاهة باسمهما الشهير، الحكيم التقي، مجدد هيكل شاكيل Chakkil وهيكل زيدا Zida (؟)، الابن الشهير لنابو-بال-وصور (نابوبالوصور)، ملك بابل؛

 أنا!.................................................................................

 

العمود الثاني

الترجمة: لقد عهد إلى ساعدي بهراوة(؟) تلقي الهدوء في نفوس الرجال، وأمرني القيام بإصلاحاته وأنا منشغل باستمرار وبدون توقف بسيدي مردوخ، واهتم بلا توقف بهياكل نابو الابن المخلص المحبوب في مملكتي؛ وإني لأتفكر بما يروقهم. من أجل عبادة قداستهم .........

 

العمود الثالث

نص العمود الثالث على درجة من التشويه يستحيل معها تقديم ترجمة كاملة له. يبدو أن الملك يتحدث فيه عن تقواه تجاه الآلهة، ويفتخر بأنه جاب المسالك الوعرة واجتاز الصحاري (السطر 13 و14 و15) ويتباهى بعظمته وقدرته. يبدأ مع السطر 24 مقطع من السهل استعادته وها هي ترجمته:

كنت أجمع سنوياً وأراكم جزية الجبال ومنتجات البحار والسهول والذهب والفضة و..... الثمينة، والصنوبر الضخم، وقدراً هائلاً من الجزية، والضرائب المتعددة.

واعتباراً من السطر 34 يبدأ الملك بتعداد أعمال الترميم والتجميل التي تم انجازها في هيكل شاكيل نزولاً عند أوامره.

 

(ص 9) العمود الرابع

إن السطور الثمانية الأولى واضحة المعنى بلا شك وإن تكن نهاياتها ناقصة، ففيها يتحدث الملك عن هيكل قام بتوسعته ويعبر عن ذلك بقوله:

لقد جعل ارتفاعه 30 ذراعاً[11] ولم يرفع قمته أبداً. أما أنا فمن أجل بنائه رفعت ذراعي[12] وبيدَي الطاهرتين قطعت شجرة صنوبر كبيرة الحجم من تلك الشامخة في لبنان، غابة ......

وفي السطور 9، 10، 11، 12، 13، 14، 15، يتعلق الأمر بأبواب هيكل من المرجح أن الملك صنعها أو رممها، والباب الوحيد الذي يمكن قراءة اسمه يُسمى ().

من السطر 16 حتى السطر 27 النص على حالة سيئة لدرجة لا يسعني معها تقديم معناه العام.

مع السطر 28 يبدأ تعداد شتى أصناف الطعام التي عمل الملك على تقديمها على مائدة الإله مردوخ والإلاهة زاربانيت Zarpanit، النص مشوه للغاية، وبما أنه ثمة حالات لتعداد مماثل في مقاطع أخرى من نقوش وادي بريصا لم أرَ من الضروري ترجمته هنا. ونلاحظ في عداد المشروبات المقدمة للآلهة خمور تسعة بلدان مختلفة؛ هذه البلدان، باستثناء واحد، واردة في مقطع من اسطوانة لنبوخذنصر فيه كلام حول الخمور التي كانت تقدم على مائدة الإله مردوخ والإلاهة زاربانيت (R., v. I, p. 65, col. 1, 1, 22, 23, 24, 25)؛ وها هي أسماؤها: بلد إيزال[13] Izal ()، وبلد تويم[14] Touim ()، ()، (ص 10) بلد سيمّين[15] Simmin ()، بلد حيلبون[16] Hilboun ()، بلد أرنابان Arnabân ()، أو كما يرد في  الاسطوانة بلد أرانابان[17] Aranabân ()، بلد سوخ[18] Soukh ()، بلد بيت كوباتي[19] Bit-Koubati ()، مدينة[20] ()، وأخيراً بلد بيتاتي[21] Bitati ().

 

(ص 11) العمود الخامس

السطور الأحد عشرة الأولى غير مقروءة. وفي السطور 12 و13 و14 و15 و16 و17 و18 يتعلق الأمر بطقوس الاحتفالات () بالإله مردوخ، ولكن النص على درجة من السوء مع الأسف بحيث تتعذر ترجمته.

ومن السطر 19 يبدأ مقطع طويل نجده بنصه الحرفي في أعلى العمود الثالث من نقش الحروف الحديثة وبالتالي فمن غير المجدي وضع ترجمته هنا.

 

 

العمود السادس

يبدأ العمود السادس بتعداد ألقاب الملك: نبوخذنصر، ملك بابل، مجدد هيكل شاكيل وزيدا. واعتباراً من السطر الثالث حتى السطر 17 فإن النص مع الأسف تتخلله كثرة من الفراغات بحيث أنه غير مفهوم. وفي السطر 18 نجد مقطعاً يتناول الأعمال التي يسعى الملك إلى انجازها في محراب الإله نابو، وها هي ترجته:

............ قطعت بيدَي الطاهرتين، وكسوتها بالذهب الأحمر، وزينتها بالحجارة، بـ..... ووضعتها من أجل سطح هيكل ()[22] ومحراب نابو مقابل ثلاثتهم[23]. وبخصوص الأبنية الستة الملحقة بمحراب نابو، فزينت بالفضة البراقة خشب سطحها المصنوع من السرو. وصنعت تماثيل ضخمة من البرونز وكسوتها بـ...... ووضعتها على عتبة مدخل المحراب. وطليت بالذهب الأحمر العتبة وأطر الأبواب و() وأرضها(؟) و() وحلقات الأبواب وباب المحراب. ورصفت جادة المحراب والطريق إلى المعبد بالآجر المغطى بدهان فضي لماع، وزودت الأبواب المصنوعة من خشب السنديان والسرو بقفل(؟) فضي لماع وضعته في كل الأبواب. وجعلت مذبح(؟) المصليات وساكف الباب من الفضة اللماعة ........................

 

(ص 12) العمود السابع

الترجمة: اعتنيت أكثر من السابق بالكبيرة ...... وقدمت في اليوم الأول، على مائدة أسيادي نابو ونانا Nana، ثوراً ناضجاً ......... عجلاً(؟)، خروفاً(؟)، إراقة الخمر تكريماً للآلهة ....، واحداً من ()، ثلاثة ()، عشرون .....، البيض(؟)، من ()، اثنان () حمراوين، واحداً من ()، سمك البحر، من ()، خضاراً طازجة(؟) أفضل ما تنتجه الزراعة(؟)، ثماراً ناضجة(؟)، منتجات الحقول، بلحاً(؟)، الزيت ()، الخمر()، من () النقي، السمن، من ()، الحليب، من ()، الدسم، نبيذ العسل(؟)، من ()، الخمر الأبيض(؟)، كل ذلك بكميات أكبر ممن السابق.

اعتنيت بـ........... مركبه البراق، أنا.......، وطليت بالذهب الأحمر هيكله(؟) المصنوع من السنديان(؟) وساريتيه من السرو.....

عند الاعتدال (بداية الربيع)(؟) عند رأس السنة[24]، في عيد أكيت akit سيد الآلهة مردوخ، نابو، يأتي الابن الجبار بكل أبهة من بورسيبا Borsippa إلى بابل في قارب[25] نهر الجمال أسمو(؟). بنيت (ص 13) () مكللاً بالأبهة، وملأت جلالاً هيكله(؟) وغطيت بالعاج ساريتيه من أجل تطواف عظمته، بغية إثارة الإعجاب. وصنعت من العظمة لإلاهي نابو، سيدي، ما لم يفعله ملك قبلي. ومن الموضع المسمى "إيشتاريت Ichtarit الذي يُسقط أعداءه" حتى "الباب البراق"، الجادة المعروفة باسم "الجن إيشتاريت حامية رجالها"، () السيد الكبير مردوخ، من الموضع المسمى "إيكيبشوناكار Ikkipchounakar" حتى مدخل نابو في هيكل شاكيل، الشارع المسمى "نابو قاضي رجاله" الـ()....... مسطح مغطى بالقار و.....

 

النقش بحروف اللغة البابلية الحديثة

القسم العلوي من العمود الأول

نص القسم العلوي العمود الأول مطابق لنص العمود الأول في نقش الحروف القديمة، وسبق أن عرضت ترجمته.

 

القسم العلوي من العمود الثاني

الترجمة: ................. هيكل زيدا، لهيكل شاكيل، محراب نابو في ()، في داخله، في اعتدال الربيع(؟) رأس السنة، يأتي نابو الأبن الجبار بموكب تطواف في عيد أكيت، منطلقاً من بورسيبا، وحيث يشاء. طليت بالذهب الأحمر ...... أطر أبوابه ونوافذه، و........ وسقفه، و..... (ص 14) المعبد ......... لنابو الإله المحبوب من مُلكي، وعملت على بهرجة لمعانه.

في السطر 13 يبدأ مقطع يتعلق بترميم هيكل هو على الأرجح ()[26]؛ النص بالغ التشويه فلا يمكن ترجمته.

 

القسم العلوي من العمود الثالث

الترجمة: طليت بالألوان الزاهية سطح القارب ()، ..... قاربه البراق، من الأمام والخلف معاً، أدواته الداخلية، و...............، و..............، وتماثيله الضخمة؛ وزينتها بالصوان وبـ(). وجعلته يلمع وسط أمواج الفرات، كما تلمع النجوم في السماء؛ من أجل إثارة إعجاب أفواج الرجال، لقد أشبعته روعة.

في الاعتدال(؟) مع حلول رأس السنة وضعت عليه مردوخ سيد الآلهة، وفي عيد التوالد(؟)، عيد أكيت السامي، كنت أجعل هذا الإله يطوف بكل أبهة على قارب () ........... مردوخ ....... الرعاة ......... أراخت Arakht .......... معبد[27] (). من أجل دخول سيد الآلهة الكبير، سيد الأسياد، من رصيف (ص 15) قارب () حتى هيكل () جولة السيد الكبير مردوخ ...................................

 

القسم السفلي من العمود الثالث

نص القسم السفلي من العمود الثالث هو نفس نص العمود السادس من نقش الحروف القديمة، اعتباراً من السطر 18، ولقد سبق وترجمناه.

 

القسم العلوي من العمود الرابع

الترجمة: إن ما لم يفعله أي ملك قبلي فعلته بضخامة من أجل سيدي نابو. ووسط صراخ الفرح والابتهالات أسكنت سيدَي، الإله نابو والإلاهة نانا Nana، في مقام يطيب لهما.

في السطر السادس يبدأ تعداد الأضحية والأطعمة التي كانت تقدم للآلهة. النص كثير التشويه فليس من الممكن ترجمته.

 

القسم السفلي من العمود الرابع

لم يبقَ هنا غير الكلمات الأولى من السطور الأخيرة. ويبدو أن الأمر يتعلق بالأعمال الأخيرة التي قام بها الملك.

 

القسم العلوي من العمود الخامس

الترجمة: أنا نبوخذنصر، ملك بابل، الذي يعتني بهياكل نابو ومردوخ أسياده، أنجزت إيمغور- بل Imgour-Bel ونيميت- بل Nimit-Bel، الأسوار الكبيرة لبابل، مدينة السيد الكبير مردوخ، مدينة أمجاده. ما لم يفعله أي ملك في السابق، على عتبة الباب الكبير ........... ثيران برونزية ...........................

 

القسم العلوي من العمود السادس

من أجل الإله شاماش Chamache، القاضي الأعلى في السماء وعلى الأرض، الذي وضع وصاياه المجيدة فتصلني بالوحي الذي يبعثه إليّ، بنيت هيكل[28] (ص 16) ()، هيكله القائم في بابل.

رممت في بابل ()[29]، هيكل الإلاهة ()، الواقع على ركن(؟) السور الخارجي، من أجل الإلاهة ()، السيدة الشهيرة التي تؤكد أعمالي الصالحة.

من أجل الإلاهة ....... السيدة الشهيرة التي تقيم في .......... التي تعطيني الصحة وتحفظ روحي، طليت بالذهب الأحمر قبة من خشب السنديان(؟)، الخشب الأبدي، ورصعته بالصوان وبـ () ونصبتها فوقها. وغطيت بالذهب الأصفر الطاولة ....... التي نضع عليها الطعام، وزينتها بالصوان وبـ() ووضعتها أمامها. ووضعت على شكل دائري(؟) أمام الأبواب العالية، كلبين من الذهب، وكلبين من الفضة، وكلبين من البرونز، أطرافها هائلة وهي ضخمة الحجم.

ورممت بالقار والآجر حافتي خندق "تاب- سوبورشو" Tab-soubourchou، سور بورسيبا، وأحطت المدينة بنطاق بغية الدفاع عنها.

ومن أجل الإله () الذي يحطم أسلحة من يتمرد عليّ، رممت معبد بورسيبا ..........

 

القسم السفلي من العمود السادس

تتعلق السطور الأخيرة من العمود السادس بأعمال سعى نبوخذنصر إلى تنفيذها في بابل والجوار. النص مع الأسف مفرط التشويه بحيث يصعب تعيين معناه العام. في السطور 13 و14 و15 بمضارب أبواب عمد الملك إلى طليها بالبرونز (ص 17) ووضعها على مداخل[30] بابل. وتتعلق السطور 16 و17 و18 و19 و20 و21 و22 و23 بحائط من الجص عمل نبوخذنصر على بنائه وبأعمال تحصين.

في السطر 24 تبدأ جملة هامة، ها هي ترجمتها: من ضفة دجلة حتى ضفة الفرات رفعت الأرض بطول 4(؟) كاشبو كاكار kachbou qaqqar. مياه غزيرة غزارة البحر على مدى 20 كاشبو كاكار........ من أجل في ......... رصيف ........ بنيت حائط دعم بالقار والآجر ....................................................

نرى نبوخذنصر يعين عدد كاشبو كاكار الكائنة بين دجلة والفرات، ولو أن هذا النص كان سليماً لكان أبلغنا عن الطول الدقيق لوحدة القياس المسماة كاشبو كاكار (كاشبو من الأرض)؛ ولكن الرقم في مطلع السطر 25 ممحي تقريباً وثمة شك كبير فيه، مع الأسف.

 

العمود السابع

الترجمة: أنا، نبوخذنصر، ملك بابل، الكاهن الأسمى، مرمم مدينة كبار الآلهة، أعتني بهياكل شاكيل وزيدا؛ وأهتم باستمرار بالأماكن المكرسة لمردوخ، السيد العظيم، خالقي، ولنابو، ابنه الجبار، الإله المحبب لملكي.

وفي أعيادهم المقدسة، في عيد أكيت المجيد، أستعرض أمامهم بالذهب، بالفضة، بالصوان، ............ ،بـ............ اللماع، بمنتج الجبال والسهل، ببواكير(؟) كل شيء طاهر(؟)، بالثيران الناضجة والسمينة والبهية، بالعجول(؟)، بالخراف(؟)، بالماعز، بـ()، بـ()، (ص 18) بسمك البحر، بطيور السماء، بـ()، بـ()، بـ()، بـ()، بـ() حمراء، بـ()، بالخضار الطازجة(؟)، بأفضل ما تنتجه الزراعة(؟)، بالثمار الناضجة(؟)، بمنتوج الحقول، بالبلح، بـ()، بزيت(؟) ()، بخمر ()، بـ() النقي، بالسمن، بـ()، بالحليب، بـ()، بالدسم، بـ() الداكن اللون، منتوج .....، بأفضل ما تنتجه السهول، بـ()، بـ() بلا حساب، وبخمر بكميات ضخمة كالماء، كل ذلك سنوياً، بوفرة وكثرة.

نبوخذنصر، ملك بابل، الراعي المخلص الذي يعتني ....................................

من السطر 34 حتى السطر 54 النص مشوه للغاية فلا يمكن تعيين معناه العام. ولعله كان يتعلق بالأشغال التي عمل الملك على انجازها في هيكل[31] ().

وها هي ترجمة السطرين 55 و56 وما يليهما: من أجل تحصين دفاعات ()، بنيت كما في السابق سقف هيكل () بكامله وسقف أبنيته القائمة أمام (). بنيت بالقار والآجر حافة خندق كوتا، ومن أجل الدفاع عن المدينة أحطتها بسور. من أجل شاماش سيدي ...................................

(ص 19) في السطور الأخيرة من العمود يتعلق الأمر بترميم الكثير من الهياكل، ومن ضمنها ()[32].

 

العمود الثامن

يضم العمود الثامن سرد ترميم الكثير من الهياكل، لا سيما هيكل () وهيكل ()[33]. () (ص 20) تتناول السطور الأخيرة موضوع القصر الذي بناه الملك في بابل لاستخدامه الشخصي.

 

العمود التاسع

نص العمود التاسع بحال سيئة للغاية، وما يشكل مدعاة الأسف الشديد كون هذا العمود يحتوي سرداً لوقائع غير مروية في أي نقش آخر لنبوخذنصر.

فبدل تعداد هياكل بابل التي رممها أو التفاخر بعبارات عامة بتقواه تجاه الآلهة، فهذا الأمير، الورع بقدر ما هو مضجر، يقدم بعكس عادته بعض المعلومات حول واحدة من حملاته وحول أعمال قام بها في لبنان. وها هي على العموم ترجمة حرفية لهذا المقطع:

السطر 22: متمرد غريب..........

السطر 23: استولى...........

السطر 24: هرب أهله و............

السطر 25: بقدرة نابو ومردوخ.......

السطر 26: نحو لبنان، نحو..........

السطر 27: كانوا يقاتلون(؟) (أو كنت أقاتل)(؟).......

السطر 28: أعداء(؟)ـه[34] في الجبل والسهل..........

السطر 29: شتّت وفي البلد................

السطر 30: أهله المشتتين.........

السطر 31: وأعدت إلى مواقعهم........

السطر 32: ما لم يفعله أي ملك سابق،

السطر 33: قطعت في الجبال العالية، و

السطر 34: أنا................... صخور الجبال و

السطر 35: فتحت طرقاً

السطر 36: فتحت طريقاً للسرو (حرفياً: طريق السرو)

السطر 37: بوجود الملك مردوخ

السطر 38: سرو صلب، مرتفع، ضخم،

السطر 39: قيمته ثمينة

السطر 40: وزنه(؟) هائل....................

السطر 41: منتوج لبنان...................

السطر 42: مثل ()..........

السطر 43: النهر....................

السطر 44: في .............................

السطر 45: .....................................

السطر 46: رجال في لبنان.......................

السطر 47: رتبت بهدوء......................

السطر 48: العدو لا...........................

السطر 49: من أجل أحدهم لا.......................

السطر 50: صورة ملكي.....................

يستحيل أن نعين بدقة ما رغب نبوخذنصر بقوله. أظنه تحدث بداية عن حملة قام بها في لبنان: على أثر تمرد أو غزو خارجي تفرق سكان لبنان؛ فقدم الملك بجيشه وقضى على الأعداء، وأعاد السكان الهاربين إلى مواطنهم. ومن ثم شقّ الطرق في الجبال ليتمكن من نقل الأشجار التي قطعها من الجبال إلى السهل وإرسالها إلى بابل؛ وصارت المنطقة هادئة تماماً وعاد إليها الازدهار. أخيراً، في السطور الأخيرة من هذا العمود والسطور الأولى من العمود العاشر، يروي الملك أنه عمل على نقش صورته.

 

العمود العاشر

إن تشويه العمود العاشر بليغ جداً بحيث يتعذر مجرد تقديم أي تحليل له. وهو ينتهي بصلاة شبيهة بتلك التي نصادفها في نهاية جميع نصوص نبوخذنصر تقريباً. يتمنى الملك، من بين ما يتمناه، أن يبلغ المجد (سطر 35)، وأن يسود ازدهاره الإنسانية إلى الأبد (سطر 39 و40).

 

نموذج من النقش بحروف قديمة في وادي بريصا

اللوحة الخامسة وفيها العمود الأول والثاني والثالث

 

نموذج من النقش بحروف حديثة في وادي بريصا

اللوحة التاسعة وفيها القسم العلوي من العمود الأول والثاني والثالث

 



[1] المرجع: Pognon, Henri: Les inscriptions babyloniennes du Wadi Brissa, F. Vieweg, Paris, 1887.

[2]  البلدة المتوالية في الأصل " village métuali"، المترجم.

[3]  في النص الفرنسي: " Tripoli de Syrie" طرابلس السورية، المترجم.

[4]  العبارة الفرنسية " Célé-Syrie"، المترجم.

[5]  بلدة الهرمل يقطنها المتاولة. وهي تقع على حدود متصرفية لبنان وعلى مقربة من ضفاف العاصي، وذلك في موقع مدينة رومانية لا استطيع تحديدها. وفيها نعثر في الحقيقة على أجزاء من تماثيل وتيجان الأعمدة وبقايا من كل أصناف الأبنية القديمة. وبالقرب من الهرمل على الضفة اليمنى للعاصي نرى على قمة تلة البناء الغريب والمعروف باسم نصب الهرمل.

[6] العبارة واردة في النص الفرنسي: ، (المترجم).

[7]  اشتبه رنان Renan بوجود نقوش وادي بريصا. ففي الصفحة 117، الحاشية 3، من مؤلفه Mission de Phénicie نقرأ :"أخبرني أحد العاملين في نحت الأحجار، في مشنقة، أنه شاهد في بريصا فوق الهرمل، نقوشاً كبيرة وتماثيل كبيرة لرجال ونساء. ما هي بريصا هذه؟".

[8]  راجع: Renan: Mission de Phénicie, pages 258, 259 et suivantes

[9]  هذه القلنسوة الفريدة الشكل تختلف تماماً عن القلنسوة الأشورية. فهي دقيقة الرأس وتنتهي بغطاء للرقبة يتدلى على قذال الرجل، وهي تشبه كثيراً التاج الحاد المقفل من الأعلى الذي يضعه الأساقفة اليوم.

[10]  () هي رمز لـ () تعني كبير (R., v. II, p. 13, 1. 22) و () وتُقرأ على الأرجح  بيتو غولاتو bitou goulatou. كان هذا الهيكل في بورسيبا Borsippa ومكرساً للإلاهة ()؛ بناه نبوخذنصر هو وهيكلين آخرين مكرسين لنفس الإلاهة (R., v. I, p. 55, col. Iv, 1, 52, 53, 54, 55, 56).

تكتب أسماء الهياكل (أسماء العلم) عادة رمزياً ولذا فقراءتها مشكوك بها على الدوام تقريباً، ولقد فضلت عدم ترجمتها. ومن المعترف به عموماً أن أسماء العلم هذه هي أسماء أكادية. وإني لأعترف صراحة، وأنا أغامر بالتعرض لسخرية جميع المشتغلين باللغة الأشورية، بعدم اقتناعي بوجود لغة أكادية. يضيق المجال هنا لأعرض الأسباب التي دفعتني أخيراً لتبني معظم آراء هاليفي Halévy؛ ولكني أكتفي بالقول بما أن عدد الكلمات الأشورية المشوهة عمداً والتي نصادفها في نصوص مشهورة أكادية كبير جداً وأشكال النحو التي غلب الظن باكتشافها هي فريدة للغاية، ففي ذلك ما يجعلني لا أستطيع الاقرار بأن مثل هذه اللغة كانت محكية في يوم ما.

[11] الذراع هنا ترجمة لكلمة "coudée" ما يعادل 50 سنتم (المترجم).

[12] اقترحت ضرورة ترميم مطلع السطر الرابع على الشكل الآتي: ()

[13] يقع بلد إيزال في أرمينيا، وربما على مسافة قريبة من منابع دجلة. يعلمنا أشور-ناصر-أبال Achour-nassir-abal أنه لما علم باندلاع ثورة جمع قواته وقصد منبع نهر سوبنات Soubnat، ويضيف أنه في ذلك الوقت جمع جزية بلد إيزال (،) المكونة من الثيران والخراف والخمور (R.,v. I, p. 19, 1. 105,106). من المعروف أن نهر سوبنات، المدعو اليوم باسم سوبينيه-سو Sebbeneh-sou، هو أول رافد لدجلة على ضفته اليسرى.

[14] أجهل موقع بلد تويم. يذكر تغلاتفلاصر الثاني Téglathphalasar بلدة تومين دون تحديد موقعها () حيث احتفظ بأسرى (R., v. III, p. 9, n° 3, 1.48).

[15] أجهل موقع بلد سيمين.

[16] يذكر حزقيال خمر هذا البلد الذي يسميه ()، ويخبرنا سترابون (Livre XV) أنه يقع في سورية.

[17] موقع هذا البلد مجهول.

[18] يقع بلد سوخ في وادي الفرات بالقرب من الرقة Rakkah وأناه Anah. راجع: H. POGNON, l’Inscription de Mérou-nérar 1er, roi d’Assyrie, pages 74 et 96.

[19] اجتاح سنحاريب في حملته الثانية بلاد الكاشيين Kaché والياسوبيكاليه Yassoubikallaï، واجتاز الجبال واستولى على مدن بيت- كيلامزاخ Bit-Kilamzakh وكارديبشي Khardichpi () وبيت- كوباتي Bit-Koubati ()، وجمع غنيمة كبيرة، وأنزل من الجبال الكاشيين والياسوبيكاليه الذين هربوا من أمامه وأسكنهم في كارديشبي وفي بيت- كوباتي، وعهد بحكم هاتين المدينتين إلى والي أرابخا Arrabkha (R., v. I, p. 37, 1. 63 et suiv.).

وكما قلت في بحثي حول نقوش ميرونيرار الأول (ص 73) أعطت مدينة أربخا اسمها إلى أراباشيتيس Arrapachitis. وبالتالي من المحتمل أن يكون موقع مدينة بيت- كوباتي وبلدها على مقربة إلى الشرق من هذه المقاطعة، أي غربي أو جنوبي بحيرة أورمية. يعني اسم العلم بيت- كوباتي "بيت شخص يُدعى كوبات Koubat"، هذا على الأقل ما اعتقده سنحاريب لأنه أملى اسمه على الشكل الآتي (). ومن المحتمل أن بلد بيت- كوباتي كان مأهولاً بشعوب سامية الأصل.

زعم يواكيم الحاج في مؤلفه ("عكار في التاريخ"، الجزء الثاني، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1999، ص 8 وما يليها) أن بيت- كوباتي هي بلدة القبيات، وأن كارديشبي هي كرم شباط، هذه المنطقة التي معظمها ملك القبيات. ولم يلتبس الأمر عليه، بل تقدم بكلامه من خلال عملية تزوير لنص بونيون، وعبر هلوسة دفعته إليها رغبته بتعظيم شأن بلدته (بلدتنا) القبيات، وبلغت به الجرأة في التهور أنه ادعى تصحيح قراءة بونيون للنصوص المسمارية!  ولقد فندنا بالتفصيل ترهاته هذه في مؤلفنا: تحقيقات في تاريخ عكار والقبيات، دار مكتبة السائح، طرابلس لبنان، 2000، ص 118- 123 (المترجم).

[20] لا أعرف موقع هذه المدينة التي يُكتب إسمها مرمزاً ()، كما أني لم أتوصل إلى قراءة هذه الرموز. في هذه المدينة انتصر قورش Cyrus على قوات نابو-نايد Nabou-naïd. Transactions of the Society of biblical archæology, vol. VII, part. I, 1880, p. 164, ligne 12.

إن خمر () غير وارد في اسطوانة نبوخذنصر.

[21] بلد بيتاتي غير مذكور على حد علمي في أي نص آخر.

[22] إن الهيكل المدعو باسم () قديم جداً على الأرجح، لأنه مذكور في قسم من نشيد عُثر عليه في مكتبة كويونجيك Koyoundjik (R.,v. IV, p. 29, n°1, 1. 24). إن أعمال الترميم التي عمل نبوخذنصر على انجازها في هذا الهيكل واردة في اسطوانة منشورة في مصنف نصوص المتحف البريطاني Brit. Muse.  (R., v. V, p. 34, col. II, 1.4, 5 et suiv).

[23] "مقابل ثلاثتهم". توقف بونيون، في الصفحة 37 من مؤلفه، في قسم "شروحات لغوية"، امام هذه العبارة: "في السطر 23 (من العمود الثالث من "النقش بحروف قديمة") يعطي نبوخذنصر للإله نابو صفة يستحيل عليّ ترجمتها بغير عبارة "مقابل ثلاثتهم". هذا اللقب فريد لدرجة دفعتني بداية إلى الظن بوجود خطأ ارتكبه النقاش. لكننا نعثر في نص آخر لنبوخذنصر على هذا اللقب بشكل يشبه عبارة "مقابل بعل"، وهذا لقب غالباً ما يطلقه القرطاجيون على الإلاهة تانيت Tanit... أغلب ظني أن عبارة "ثلاثتهم" كانت تعني ثلاثة آلهة عند الأشوريين، ولكنني لا أعرفهم.

[24] يعالج بونيون في القسم المخصص إلى "الشروحات اللغوية"، في الصفحة 85 وما يليها، معنى "الاعتدال" و"رأس السنة": "شهر نيسان... الشهر الأول... نحن نجهل متى يبدأ شهر نيسان عند الأشوريين. اعتمد السريان باكراً تقويم جوليان Julien، وفي العصور الوسطى كان شهر نيسان يطابق شهر ابريل avril. ولكن الأمر لم يكن كذلك في العصور القديمة... اعتمد تقويم السريان في الأصل الشهر القمري، وكانوا يضيفون كل سنتين أو ثلاثة شهراً إضافياً على السنة بحيث يحصل اعتدال الربيع دوماً في شهر نيسان. وكل ما نعرفه عن التقويم الأشوري أن السنة تبدأ في الأول من نيسان...".

[25] لا نعرف غير القليل جداً عن ديانة البابليين بحيث لا نستطيع أن نعرف بدقة ما هو "قارب نهر أسمو"، و"القارب ()" المذكور في العمود الثالث من نقش الحروف الحديثة. إن هذه القوارب المقدسة التي كانت تستعمل لتطواف نًصب الآلهة في بعض الأعياد هي بالتأكيد قديمة للغاية، ومن المرجح أنها كانت تلقى أكبر عناية، ويتم ترميمها باستمرار، كما كان يتم ترميم مركب بوصنتور  Bucentaur (الحيوان الخرافي) في البندقية. وفي الحقيقة فإن المركبين مذكورين في لائحة المراكب المقدسة الواردة في مكتبة كيونونجيك، وبالتالي هي أقدم بكثير من نبوخذنصر؛ وتفيدنا هذه الوثيقة أن "قارب نهر أسمو" كان مكرساً إلى نابو، و"قارب ()" إلى مردوخ (R., v. II, p. 62, no 2, 1. 41, 42).

ومن المحتمل أن هناك قوارب أخرى لتطواف تماثيل عدد كبير من الآلهة، ولكل من هذه القوارب اسمه الخاص به.

[26] هذا () كان هرماً بعدة طوابق () في بابل. تعرض هذا المبنى للتدمير في أيام سنحاريب Sennachérib أثناء نهب بابل، وأعاد أسرحدون Assarhaddon بناءه (R., v. I, p. 48, no 9)؛ ثم أكمله نبوخذنصر وزاد ارتفاعه (R., v. I, p. 51, no 1, col. I, 1. 23; v. I, p. 54, col. III, 1. 15, 16, 17; v. I, p. 65, col. I, 1. 39; v. V, p. 34, col. I, 1. 53 ).

[27] كان الاحتفال بعيد أكيت يتم في هيكل (). ففي الاسطوانة الكبيرة لنبوخذنصر نقرأ: "هيكل () أكيت السامي لسيد الآلهة مردوخ، موضوع صراخ الفرح والابتهاج من قبل جماعات إيغيغ Ighig وأنوناك Anounnak (R., v. I, p. 55,col. iv, 1,7,8,9).

[28] ترميم هذا الهيكل مذكور في اسطوانة نبوخذنصر الكبيرة (R., v. I, p. 55, col. iv, 1. 31).

[29] ترميم هذا الهيكل وارد في نصين آخرين لنبوخذنصر (R., v. I, p. 55, col. iv, 1. 46; R., v. V, p. 34, col. ii, 1. 9).

[30] في النص () كلمة () لا أعرفها. أفترض أنه هكذا كانت تسمى الأبواب المحصنة للمدن.

[31] هذا المعبد الوارد أيضاً في نص آخر لنبوخذنصر، كان يقع على الأرجح في كوتا Cutha، وكان مكرساً إلى نيرغال Nergal والإله لاس Las. (R., v. I, p. 65, col. ii, 1. 37).

[32] وجد في بابل هيكلان باسم ()، يقع أحدهما في سيبارا Sippara والآخر في لارسا Larsa.

الأول مكرس إلى شاماش و() بناه منذ أكثر من 3700 ق.م. نارام سن Naram-Sin بن سرجون Sargon. تعرض للتخريب والتدمير الجزئي من جانب قوم سوتيه Souté في زمن يصعب تحديده،؛ أعاد الملك سيماشيخو Simmachikhou العبادة إليه، لتتوقف الاحتفالات الدينية فيه في عهد كاشوناديناخو () Kchou-nadin-akhou خلفه الثاني، وبقيت على هذه الحال حتى عهد (). كان نابوباليدين Nabou-pal-iddin المعاصر لأشورناصربال Achour-nassir-abal ولشلمناصر Salmanasar محسناً كبيراً لهذا الهيكل وقدم له عطايا عظيمة (R., v. V, p. 60 et 61). كان في حال الخراب في عهد أشوربانابال Achour-ban-abal الذي أعاد بناءه (R., v. V, p. 62, no 1, 1. 16) ولا بد أنه تعرض للتدمير بعد قليل من الزمن، لأن نبوخذنصر رممه أيضاً (R., v. I, p. 65, col. ii, 1. 40; R., v. V, p. 34, col. ii, 1. 28 ). بعد 45 عاماً رمم نابو نيد Nabou-naïd سطحه لأنه كان بحال سيئة، فجدده وجمله واكتشف اسطوانة نارام سن التي بحث عنها نبوخذنصر بلا طائل (R., v. V, p. 63, col. i, 1. 25; R., v. V, p. 64, col. ii, 1. 48; R., v. V, p. 65, col. i, 1. 16; R., v. I, p. 69, col. iii, 1. 27).

نجهل مؤسس هيكل لارسا (). ولقد كان هذا الهيكل خرباً منذ زمن طويل على عهد بورنابورياش Pournapouriache الذي أعاد بناءه (R., v. I, p. 4, no 13). ورممه نبوخذنصر (R., v. I, p. 65, no 2, col. i, 1.11; R., v. I, p. 65, col. ii, 1. 42)، ومن بعده نابونيد (R., v. I, p. 69, col. i, 1. 55).

[33] إن اسم العلم هذا كان يُكتب بدون ضبط، فيأتي على الشكل ()، أو بحروف نينوية (حروف مدينة نينوى) () (R.,v. IV, p. 9, 1. 11)،  و() و(). من المعروف أن الشكل النينوي للرمز () هو (). ومن الواضح أنه مكون من ثلاث كلمات:

1-     (

2-     ()، مكتوبة أيضاً () و (

3-     () مكتوبة أيضاً ().

الكلمة الأولى تقرأ بيتو bitou "منزل، هيكل"، والثالثة هي بالتأكيد غالو gallou "كبير"، وذلك لأن الرمز (الحرف) () يمكن قراءته غال gal (R., v. V, p. 38, 1. 53). أما الكلمة الثانية فقراءتها موضع شك: إن الشكل البديل () عن الشكل () يبدو أنه يُثبت أن الشكلين ليسا من نوع الرمز، ويجب أن تلفظا كيشنو kichnou أو غيشنو ghichnou. ومن جهة أخرى، فإن الرمز () يُمكن قراءته () نور (R., v. V, p. 11, 1. 37)، وبالتالي إني لأميل كثيراً إلى الظن بأن في الأشورية توجد كلمة كيشنو أو غيشنو، كمرادف لـ (). وبالتالي قد يُقرأ اسم العلم الذي يعنينا بيت كيشنو غالو bit kichnou gallou (بيت النور العظيم)، وذلك لأن الأشوريين لا يعيّنون حركة آخر الكلمات التي يحرفونها قصداً ليجعلوا منها رمزاً. استعجل لأضيف أني لم أعثر في أي مكان على كلمة غيشنو أو كيشنو، وأن القراءة التي اقترحتها موضع شك كبير.

ثمة هيكلان باسم بيت كيشني غالي bit kichni galli وُجدا في بابل. الأول في أور Our ومكرس إلى سن Sin، كان مغرق القِدم ورممه نبوخذنصر (R., v. I, p. 8, no 4, 1. 4; R., v. I, p. 65, col. ii, 1. 44; R., v. V, p. 34, col. ii, 1. 35). بنى نابونيد في نطاق هذا الهيكل محرابين لكل منهما اسم يختلف عن الآخر، وإعاد فيه بناء هرمه المتعدد الطوابق والذي سبق وصار إلى خراب (R., v. I, p. 68, no 6,; R., v. I, p. 68, no 1, col. i, 1. 6).

ووُجد الثاني في بابل ومكرس أيضاً إلى سن، ويبدو أن بانيه هو نبوخذنصر (R., v. I, p. 55, col. iv, 1. 27).

[34] يبدو أن النص فيه ()، ولكن الحرف الأخير ممحيٌ جزئياً وموضع شك كبير.

 

د. جوزف عبدالله

back to Book