سنديانة عتيقة

 

كلمتي لكَ، أيها الأب أغسطينوس


سنديانةٌ عتيقةٌ تشبّثت بأرض الجمال والحبّ، بأرض العطاء والخير، وشَمخَت عاليةً ليعانق رأسها قبّة السما فتنظر من علو إلى البعيد تدعوه ليتفيّأ في ظلّها الكرمليّ.


سنديانةٌ عتيقةٌ، شُلوحُها امتدّ ت من أعالي الأرز في بشرّي وكرم شباط حتّى زيتون الجتسمانية، آخذةً من هنا صَلابةً الإيمان ،عنفوان الشباب ومحبّة الإنسان كلّ الإنسان، ومن هناكَ، قوّة الصلاة، نعمةَ تحمّل الألم الشديد ورجاءً باللهِ لا يخيب أو ينكسر حتّى عند المصائبِ العظام.


هذا هو أنت أبتي ..... أرادَ الألمُ أن يُرديكَ قتيلاً باليأس والدموع، فخذلته بالتأمّل المصلّي والبسمة ؛ تجرّأ أن يَضَعَ الأصفادَ في يديك ورجليك، فهزمته وسخرت منه بفروضك لمريم، عذراءَ الكرمل رفيقتك، فلم يبقَ لديه سوى أن يُماشيك لعلّه يسيطر عليك لينقضّ محبطاً ثباتك، فضحِك لسذاجته قلبك إذ روّضه ليصبح مُلكُكَ وبأمرتك.

 
يا لِعِظم إيمانك أيّها الكاهن الأمين ، يا لتواضع قلبك الكبير أيّها الأبُ الرشيد......


أعرفك حقّ المعرفة ، أعرف عنادك ولكم من المرّات ِأخفى عن الناظرين وجهك الحقيقي .


كم من مرّةٍ رأيتُ في عينيك دموع الحنان والحبّ على إنسان ٍ، أفقيراً بالروح ِ كان، بالمادّة أم بالرفقة أو على تائهِ ، متحجّرَ قلب أو مُثقلٍ بالخطايا فكنتَ له خيرَ مرشدٍ ومعزي ،


كم من مرّة انحنيت على مريض ٍ مصلّياً فيُشفى وأنت الشيخ الذي طالما جرّ جسده المتعب ناقلاَ خطواته بتأنّ حتّى القربان ِليخشع. كم من مرّةٍ أعطت يدك دون أن تدري جيبك لأنها سرعان ما كانت تمتلىْ من جديد بنعمةِ الآب ِ السرمدي – وهذه شهادة - .


عندك الكثير من ال "كم " تحملها بين يديك لأبيك ، هي تقريرٌ قُدسيٌ كرمليّ بامتياز عن حياتك، وهو ، الملك الحبيب ، سيدخلك الى عرسه السماوي ويضع ثمارك على مائدته المقدّسة فتفرح السماء وتهلّل الأرض:
قد ربحنا شفاعة ً جديدةً في المُلك الأبدي.

 

05 حزيران 2007

جميلة ضاهر موسى
jamileh.daher@hotmail.com

Ref: Jamileh Daher Moussa