Email: elie@kobayat.org

back to Mortality 2009

Che3lan Salim Miayki

شعلان سليم معيكي

Kobayat, Dahr, passed away on 05 October 2009

 

 

أٌستاذي الذي رَحَل
تحيّة الى شعلان معيكي

عمّي شعلان


تواعدنا أن نلتقي في عيد الميلاد في القبيات ، لماذا أخلفت؟ هل ناداك سمير وسعود…، أم استعجلك حنينك لسليم الشهيد ؟


كنت دائماً أفرح بالكتابة اليك، وتعلّمت كثيراً من ملاحظاتك، فأسمح لي اليوم أن أكتب عنك مدركاً صعوبة إيفائك حقك، لكن دعني أتمتع بشرف المحاولة.


طبَع الأستاذ شعلان محطات كثيرة من حياة أسرتي وحياتي بحضوره المميّز. فكان المعّلم والصديق والأخ وكنّا من كلّ قلبنا نناديه بـ"عمّي شعلان". تجوهرت صداقته لعائلتنا بشكل خاص بعد وفاة والدي، حيث جعل من محبته لنا إلتزاماً عميقاً بنا ، فأثبت يوماً بعد يوم أنه الصديق الوفي.


أتذكر اليوم عدّة محطات من مسيرتنا المشتركة معه ، علّها تكون مناسبة لإصدقائه الكثر ليتذكروا بعض لحظاتهم المميزة مع الأستاذ شعلان، فنخّط معاً كتاب وفاء لمعلِّم كبيرمن القبيات.


"أنا أهتم بتدريس مارون فقط، لإن شربل يتتلمذ على يدّ شعلان معيكي". هكذا أجاب والدي أحد سائليه حول مدى اهتمامه بتدريسي الأدب العربي.


حذّرني الأستاذ شعلان يوماً حين لم تعجبه كثيراً مسابقتي الشهرية قائلاً: ممنوع عليك الخطأ، قد أسامح إبنتي أميمة إن تراجع مستواها الدراسي، لكنني لن أتهاون معك إن فعلت.


نظّمت جمعية مار منصور في القبيات مسابقة للشباب حول حياة القديس منصور وأعمال مؤسساته الرهبانية والعلمانية. كان الأستاذ شعلان رئيساً الجمعية ، وأول المعنيين بقراءة إجابات المشتركين في تلك المباراة. أخبرني انه حين بدأ بقراءة أحدى الأوراق عَرف من الخط أنها لي ، فأدمعت عيناه تأثراً، ودفع بالورقة لغيره لتصحيحها ، كي لا تتغلب عليه عاطفته تجاهي ويظلم غيري من المشتركين.


حين فرغت من كتابة رسالة الماجستير سلّمتها لعمّي شعلان لتصحيحها وإبداء ملاحظاته عليها. رغم معارضة الأستاذ المُشرف الذي إعتبر أن الأطروحة، بعد موافقته عليها ، يجب أن ترسل فقط لإدارة الجامعة لبدء إجراءات المناقشة ،لإنه لا يجوز لإحد التدقيق بالرسالة بعد موافقة الأستاذ المُشرف عليها رسمياً.


بعد أسبوع واحد فقط من تسلّمه النص ، إتصل عمّي شعلان قائلاً أنه أنهى مهمته ودوّن لي ملاحظات تساعدني عند المناقشة أمام اللجنة الجامعية. فرحت لكن بحذر، متسائلاً كيف قرأ ودقق وصحح وكتب ملاحظاته خلال أسبوع واحد على رسالة جامعية يربو عدد صفحاتها على المئتين. وكم كانت دهشتي كبيرة، خلال مناقشة عملي معه في بيته، حين أدركت عمق إطلاعه بموضوع البحث رغم عدم تخصصه بالعلوم السياسية.ملاحظاته القيّمة كانت لي زاداً قيّماً أثناء المناقشة الرسمية للرسالة في بيروت.


حوّل الأستاذ شعلان محبته للمسيح إلتزاماً يومياً بالكنيسة والمؤمنين، وخاصة بالأكثر حاجة بينهم. فعمل بصدق ودقّة لسنين طويلة وحتى يومه الأخير في جمعية مار منصور متبعاً خطى السيّد المسيح بالحفاظ على كرامة الإنسان. واليوم حينما ينتقل من بيننا لملاقاة ربنا الذي أحبّ، أستعيد كلمات مار منصور لراهبة المحبة على لسان الفقير التي خدمته: يا رب، هذا هو شعلان معيكي الذي بطيبته ورأفته علّمني أنك طيّب ورؤوف.


شربل عبدالله أنطون
واشنطن في 5 تشرين الأول 2009