إلى كلّ من قدّم ذاته قرباناً على مذبح الوطن. وصيّتي لك
... وتأتي وتكبر ، انت يا صغيري بعد رحيلي ! أراكَ في حُضن الحبيبة، تناغي وتلعب ناظراً عينيها : إنها تبكي بحرقةِ موتي وتبتسم بفرحة حِصّتي فيك. صغيري ستكبُر وتسأل : لماذا ؟ لما وحيد ٌ انا و أبي بغائب ؟ ستفهمُ وحدك " يا ابني " ... أخرج الى أرض وطني وانظر حولك فيكشفُ لك الورد سرَّ بقائه عَطِراً ، ويحكي لك الطيرُ قِصَّةَ حُبّي، أما الأ رزةُ سوفَ تحني غصنها الأخضر نحوك ، وهي الشموخُ والعزُّ الوفي الذي لا ينحني ولا ينكسر، فترفعك الى فوق ، الى حيث ترى الدنيا الوسيعة تحت أقدام الشجعان ، فتهمسُ في أذنك بافتخار : " سوف تبقى حياً يا ولدي كما أبيك ، فقد شربتُ من كأسه الخالدة لأحميك " . أُوصيك بالله عندها أن تجثو على ركبتيك بخشوع ، تُقَّبلُ أرضاً تقَدَست بابن الله وأمِّه ، وتغمر بكلتا يديك ترابها المجبول بدماءِ الفضيلة والحبِّ والإيمان . أوصيك أن ترى درب الجلجلة ، وتؤمن بالقِيامةِ في أرضك... شدَّ على ترابها وضمّه ذخيرةً الى قلبك واحمله بشرى فرح وسلام للعالم . لا تفرِّطَ فيه للجاهل وصاحب القلب المتحجّر لئلا يسخرمنك ويطردك من بيتك . أوصيك الاّن وأكثر من أيِّ وقت مضى أن تملأَ جعبتك بالفضيلة والصلاة ، بالكرامة والإقدام ، ببشرى الكلمة الحقّ ، وأجعل منها وسادتك . وإذا ما استيقظتَ مع شروق الشمس ، إجعلِ الشادي يغنّي والحديد يصرخ تحت مطرقةِ التزامك . إذهب الى "السليخ" وابحث عن البراعم المخبأة خوفاً من الحرِّ أوالصقيع ، داعب أعناقها المبلولة بخمير التضحية ، وافتح الأثلام بعرق الجبين إذ ان الوقت يكون قد حان كي تتفتّح وتُثمر . أوَليسَت نصيحة الراقدين بالله هي الأجدى ؟ اليوم إذ أناديك، ليس من صمت المقابر فلا تجزع. اناديك من لَدُنِ أبي السماوي حيث روحي محفوظة بعد ما نالت نارُ البغض والحقد من جسدي ، أناديك من فسحة الدار الأبدية حيث أُلبِستُ حُلةَ العرس السماوي ودُعيتُ إلى وليمة الحمل . إحفظ وصيتي يا " لبنانَ الغد " واضعاً يمينك على الكتاب ويسارك على قلبك واقفاً أمام الحبّ الأعظم وأدِّ القسم بأن تسلُكَ طُرُقَهُ وتحفظ وطنك سالماً أبدا . أُحبُكَ والِدُك الشهيد |
18 كانون الثاني 2008 |
جميلة ضاهر موسى |
Ref:
Jamileh Daher Moussa