اليمن والسعودية

أزمات عابرة أم مقدمات لتغييرات هيكلية؟

 

ميخائيل عوض

بيروت 19-7-2004

yaragroup@hotmail.com

 

طابخ السم آكله، بهذا المثل يمكن توصيف الجاري في كل من السعودية واليمن، على مستوى الأحداث الأمنية وطبيعة القوى والمجموعات التي تنفذها. النظم والبيئة الاجتماعية التي تشكلت على مدى عقود كأرضية خصبة لنمو السلفية والوهابية والقوى الإسلامية المجاهدة، بدأت تقطف ثمار ما زرعت عندما انقلبت عليه. فالنظامان يظهران بانقلابهما بصورة سافرة وعارية، مما يؤدي إلى إطلاق ردود فعل فورية وعفوية وفي أحيان كثيرة فردية ومتسرعة، تستمد مشروعياتها من واقع الحال ومن تأثيرات السياق التاريخي الناشئ في المنطقة والعالم.

 

المناخ السعودي

فالسعودية بتأكيد مجموع الوثائق والوقائع لعبت الدور الأكثر محورية في إنتاج منظمة القاعدة وثقافتها (كما في الجماعات السلفية والوهابية) ومولت مشاريعها وجهودها طيلة سنوات الحرب على الاتحاد السوفييتي والحركة الوطنية التحررية العربية والعالمية، من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، على حد رواية محمد حسنين هيكل وغيره، كتمويل الحرب على أفغانستان، ومجموعة سفاري لإفريقيا، والكونترا في نيغارغوا.

والسعودية لعبت وتلعب الدور الأبرز في إنقاذ الاقتصاد الأمريكي كلما لاحت بوادر أزمات عاصفة، وتوظف نفسها ونفطها (وتأثيرها على أوبك وسوق النفط) وأموالها في صالح تعزيز الصناعات العسكرية الأمريكية، وتمويل حملات الانتخابات الرئاسية.

ولعبت الدور الأبرز والأكثر خطرا في توريط وتمويل صدام حسين في حربه على إيران التي استهلكت إمكانيات الخليج المالية وقدرات العراق الاقتصادية والبشرية. وكانت الجهة التي شرعت دخول القوات الأجنبية إلى الخليج منذ فترة باكرة (استقدام قوات حماية النفط والأنابيب، وعندما استخدمت الكومندوس الفرنسي في إجهاض الحركة المسلحة في الحرمين عام 1979) وتعاقداتها لإقامة القواعد العسكرية الأمريكية على أرضها وشراء الأسلحة الأمريكية التي لم تستخدم ولا تجدي نفعا سوى في تطوير سوق وصناعة السلاح الأمريكي.

والأسرة الحاكمة في سعيها لتبرير سيطرتها وسطوتها على السعودية وثرواتها والحؤول دون أي تطوير في البنى الاجتماعية والثقافية والتعليمية والخدمية والدستورية وإنماء المناطق الشرقية والفقيرة... استخدمت الدين على نطاق واسع، وبحسب عرفها الوهابي، بما في ذلك النصوص والأحاديث عن اليهود والنصارى والإلحاد والعلمانية والديمقراطية، وفي التزام موقف معاد لإسرائيل تساوقا مع الثقافة التي تنشرها بتكلفة مالية باهظة، تعدت حدود السعودية إلى مختلف مناطق الانتشار الإسلامي في العالم.

بدأت هذه وتلك من الممارسات والسياسات والثقافة تشكل عناصر ممانعة حادة لانقلاب الأسرة الحاكمة عليها، والانسياق في مشروعات المتشددين في الإدارة الأمريكية لإعادة تكييف البنى والثقافات والتعليم عامة والتعليم الديني بالذات (إعادة تثقيف ومراقبة الخطب وفتاوى رجال الدين، 1200 منهم اخضعوا لدورات تأهيل) بما يخدم مشروعات السيطرة الأمريكية على المنطقة وإعادة هيكلتها.

 

كما في السعودية كذلك في اليمن

والقيادة اليمنية ابتليت بما تبتلي به الأسرة الحاكمة في السعودية، فمن نظام تأسلم لتأمين الحماية لنفسه ولإسقاط النظام العلماني في الجنوب، وزاود في قضايا العرب (التحالف مع النظام العراقي، تبرير غزو الكويت، المطالبة بمنطقة حدودية مع الكيان الصهيوني لإعلان الحرب عليه) إلى نظام يتطوع للانخراط في الحرب الأمريكية على العرب والمسلمين تحت ذريعة مقاومة الإرهاب واجتثاث جذوره وثقافته وتمويله، والانقلاب على الإسلام والجماعات الإسلامية الرسمية (المؤتمر الوطني الشريك الثاني في النظام)، وإعلان الحرب على الجماعات الوهابية والسلفية المعادية من موقع الإسلام لأمريكا وإسرائيل، إلى استهداف البنية القبلية والعشائرية التي عمل طويلا على تنميتها والاستناد إليها في تمكين سلطته وسيطرته.

 

انقلاب النظامين

هكذا وبسرعة، واستجابة لضغوط واملاءات أمريكا وإسرائيل انقلب النظامان على ما كانا عليه لحقب زمنية طويلة، انقلابا حديا وبلا مقدمات كافية أو مبررات مقنعة، وبلا جهود تبرر هذا الانقلاب على مدى زمني طويل يكفي لتصفية المراحل الماضية وقيمها وثقافاتها الراسخة التي تحولت إلى عناصر مادية في حركة الأغلبية الشعبية.

النظامان يظهران بانقلابهما بصورة سافرة وعارية، مما يؤدي إلى إطلاق ردود فعل فورية وعفوية وفي أحيان كثيرة فردية ومتسرعة، تستمد مشروعياتها من واقع الحال ومن تأثيرات السياق التاريخي الناشئ في المنطقة والعالم. فالمقاومات في العراق وفلسطين ولبنان تنتصر والقوى والنظم العربية التي تعاند وترفض الاملاءات يزداد حضورها وفاعليتها وتترسخ وحداتها الوطنية وصلابتها، وتفرض حضورها من موقع رؤيتها على التبدلات الإقليمية والدولية التي تستولدها أزمة المشاريع الأمريكية الإسرائيلية، بينما البيئة الثقافية والاجتماعية في كل من السعودية واليمين تشكل أرضيات خصبة لأفكار المقاومة وتتلقى النخب والمجاميع الرافضة للتحولات أثارها ونماذجها وتتفاعل معها، بالتقاطع مع الجاري من تحولات في الرأي العام العالمي والأمريكي ذاته بخصوص رفض المشروع الإمبراطوري والعجز عن دفع كلفته وتحمل أثاره الدرامية.

النظم والبيئة الاجتماعية التي تشكلت على مدى عقود كأرضية خصبة لنمو السلفية والوهابية والقوى الإسلامية "المجاهدة"، بدأت تقطف ثمار ما زرعت عندما انقلبت عليه.

هذه هي الأرضية الفكرية والثقافية والاجتماعية والبيئة المحيطة لنمو القوى المسلحة المعارضة للنظام في البلدين، لكنها ليست العناصر الوحيدة التي تفسر ما يجري، فالجاري هو بكل تأكيد إرهاصات ومقدمات راسخة لحروب أهلية، تبدأ بأعمال "فردية" ثم تتحول تحت ضغط الحاجة، وتحولات المواجهة إلى حركات تتسع باطراد وتحوز على تأييد قطاعات واسعة من الجمهور، وتعيد بنفسها صياغة خطابها ووسائلها الكفاحية بحيث تتقاطع مع الحاجات والإمكانيات والشروط الواجبة لإحداث التغيير المنشود (التغييرات المشهودة في خطب بن لادن وقادة القاعدة).

 

بيئة محلية وإقليمية حاضنة

يتفاعل مع الحال القائمة عناصر محفزة، وتتخلق بيئة محلية وإقليمية حاضنة لتصاعد أعمال العنف ولعجز السلطات وأجهزتها ووسائلها عن ضبط الاوضاع وإجهاضها، على سبيل المثال:

الحدث العراقي يشكل تحفيزا قويا لتصاعد المعارضة للسلطتين السعودية واليمينية، لجهة عنف وانتظام وتطور المقاومة وأدائها أو لجهة عجز أمريكا وأدواتها عن إدارة الأمر.

الهزيمة الأمريكية وانكسار الموجة، وتراجع القدرات الصهيونية على التعامل مع الانتفاضة واضطرار المجتمع الصهيوني وقياداته على تقديم التنازلات وسلوك خط الهزيمة في مواجهة المقاومة (في غالب قواها الفاعلة إسلامية تنتمي لذات الثقافة والبيئة التي تنتمي إليها المجموعات المسلحة في السعودية واليمن)، فضعف المشروعين ينعكس بالضرورة على حلفائمها والموالين والمنتظمين في المخطط والمشروع.

ثبات خط الممانعة العربية وتطوره، وانفتاحه على البيئة الإسلامية (منظمة المؤتمر الإسلامي) وعلى التكتلات الدولية والإقليمية، ونجاحه في مواجهة الضغوط والاملاءات دون تقديم تنازلات، وتحمل السعودية واليمن ومصر مسؤولية انهيار النظام الرسمي العربي والتخلي عن الشعب الفلسطيني والعراقي وعن الحقوق التاريخية الوطنية والقومية، مع تراجع وزن وحضور السعودية واليمن في الحدث العربي  يشكل روافع موضوعية للقوى المعارضة للأنظمة التي انسجمت مع المشروع الأمريكي باستعجال.

اضطرار مخططي وإداريي المشروع الإمبراطوري تحت ضغط التراجع وخطر الهزيمة للعب الأوراق دفعة واحدة ما يحرقها بسرعة ويؤلب الرأي العام عليها ويسرع من أزماتها كما في السعودية واليمن وكذلك في مصر والأردن.

تحول السودان وأفريقيا إلى مستنقع تنفرط فيه السلطات المركزية والى ساحة لعمل واختباء القوى المعارضة للنظم القريبة وسهولة الاتصال والوصول.

 

عناصر مساعدة

يضاف إلى هذه البيئة الإقليمية والدولية، وتلك القاعدة الثقافية، جملة من العناصر الموضوعية المنشطة على التمرد وتوسيع قاعدة القوى الاجتماعية التي تنخرط تباعا في السعي لتغييرات هيكلية في النظم وأدواتها وفي المجتمعات وخياراتها نذكر على سبيل المثال:

البيئة الإعلامية، وتنوع وسائل الاتصال وسهولة الحصول على المعرفة وتلقي الأخبار والتعرف إلى الأحداث والتطورات التي انفتحت على نقد لاذع وكاشف للحقائق التي كانت مخفية أو مضلله.

التصادم بين النظم وممارساتها مع القيم الثقافية والدينية لعموم الجمهور وأوسعه، وسفور الاستجابة للاملاءات بما يتعارض مع ابسط قيم السيادة والاستقلال.

انحسار القاعدة الاجتماعية للنظم وحسم الصراع داخلها لصالح الأقلية الموالية للأمريكي، وتصاعد خطاب الولاء للخارج والتكيف مع مشاريعه دون الأخذ بعين الاعتبار لحقائق الواقع ومصالح الشرائح الأوسع .

العجز الاقتصادي، والنهب المكشوف، والبذخ في إنفاق الأسر الحاكمة، وتبديد الثروات الوطنية لأهداف ومصالح غير وطنية استجابة لحاجات المشاريع الأمريكية.

ارتفاع نسب البطالة، في السعودية من 15 إلى 20 بالمئة، وانخفاض مستوى الدخل من 28600 دولار سنويا لعام 1991 إلى 8690 دولار لعام 2003 (بحسب الصحيفة الفرنسية لوفيغارو، راجع المقال المترجم في مكان لاحق)، ونسبة الشباب تحت عمر 29 سنة 73 بالمئة، وفي اليمن تتجاوز البطالة 25 بالمئة وارتفاع نسبة الفقر في السعودية 20 بالمئة وفي اليمن تتجاوز 50 بالمئة.

تصاعد التعارضات، الطائفية في السعودية (سنة وشيعة)، وفي اليمن (العشائرية، والثقافية، علماني متأمرك مقابل إسلامي أصولي وجهادي).

ضعف الدول المركزية، واعتماد السعودية تاريخيا على قوى أمنية مستعارة، واليمن على ولاء العشائر والقوى الإسلامية.

وجود نخب متنورة، إسلامية وقومية تتسع قاعدتها الاجتماعية وتحوز على تأييد قطاعات أوسع مع طرح مشاريع الإصلاح والحراك السلمي الهادف إلى تحقيق إصلاحات هيكلية في النظم الاجتماعية والسلطات والديمقراطية، والمطالبة بتداول السلطة، وفرض الانتخابات (البلديات في السعودية لأول مرة في التاريخ) والمطالبة بإصلاح شؤون المرأة والعائلة، وتحقيق مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية، واضطرار الأسرة الحاكمة إلى محاورة البعض، وإقامة مؤتمرات وندوات حول الإصلاح والمشاركة (1991 اعتقل عدد من رجال الدين لإدانة موقف السعودية المؤيد لأمريكا في حرب عاصفة الصحراء، 104 من المثقفين وقادة الرأي الإسلاميين والعلمانيين وقعوا وثيقة إصلاح عام 2003، وفي حزيران 2004 عقد في المدينة مؤتمر عن حقوق المرأة، وفي آذار 2004 تم اعتقال عدد من الإصلاحيين).

تنازلات، اضطرار السلطات لتقديم تنازلات في قضايا كانت مرفوضة بالمطلق (حق المرأة ومشاركتها، الانتخابات البلدية والتشريعية، الحوار مع المعارضين، منظمات حقوق الإنسان، الانفتاح على المنظمات الدولية)، وأثار الضغوط الأمريكية والدولية لتحقيق "الإصلاحات والتكيف"... وتبدو الاستجابات على محدوديتها مكاسب للحركة المعارضة بشقيها العسكري والسياسي، الراديكالي والإصلاحي، مما يعزز من مناخات الاعتراض ويرسم مؤشرات لإمكانية تحقيق مكاسب عملية.

النجاحات التي حققتها قوى المعارضة المسلحة في السعودية تدلل على أنها تمتلك قاعدة قوية وقدرة على التكيف والحركة، واستعدادات لتوفير الشروط العملانية لاستمرارها. وتشير وقائع قدرة منظمة القاعدة على الضرب في كل مكان تريده وتعلن عنه، وتغيير تكتيكاتها واستهدافاتها (الوجود العسكري الأمريكي، الوجود المدني، شركات النفط، التصدي لرجال الأمن واستهداف قياداتهم ومجمعاتهم)، واستخدام تكتيكات حرب عصابات المدن، والهجمات المنسقة، والعمليات الانتحارية، وعلميات خطف الأجانب، والاشتباك مع القوات الأمنية وتنظيم الانسحاب والاختباء)، وتشكل الحدود المفتوحة والمستحيل السيطرة عليها مع الأردن، والسودان والعراق واليمن عناصر مساعدة للتسليح والتسلل والاختفاء والتدريب والتنظيم.

تاريخ العمل العسكري، لجوء قوى سعودية إلى العمل العسكري ضد النظام منذ فترة مبكرة جدا تعود إلى1979 (حركة جهيمان العتيبي الذي تحصن بالحرم المكي مع ثلاثة ألاف مقاتل لمدة 22 يوما ما اضطر السلطات للاستعانة بالوحدات الخاصة الفرنسية للسيطرة على الموقف)، وبدأت القاعدة إعمالها المسلحة مع عملية الرياض التي نفذت يوم 13 تشرين الثاني 1995 ضد مبنى من ثلاثة طوابق يستخدم كمركز للتدريب العسكري ويتولى خبراء أميركيون تدريب الحرس السعودي فيه. ثم تلت هذه العمليات عملية الخبر بمنطقة الظهران والتي قتل فيها 19 أميركيا (كتائب الحرمين).

وفي اليمن، كما في السعودية كذلك في اليمن تبدو القاعدة والجماعات الأصولية المعارضة للوجود الأمريكي ذات جذور وطنية وحضور كثيف في الكثير من المناطق والعشائر، وتمتلك الكثير من حرية الحركة والعمل، ولديها آليات عمل منظمة، فمن هجوم على المدمرة كول إلى استهداف السفارات ورجال الأمن والمسئولين، إلى تنظيم مواجهات مكشوفة ونظامية في جبال صعدة (الحوثي) إلى عجز الجيش اليمني عن تحقيق مكاسب ميدانية حقيقية في المواجهات المفتوحة التي بدأت تتحول إلى حرب أهلية وتنظيم مناطق تحت سيطرة القوى المعارضة وفرض المواجهات المستمرة لاستنزاف الجيش والنظام والتفاعل مع حالة الغليان والتغييرات البنيوية الجارية في المشروع الأمريكي وقدراته بدءا من العراق إلى عموم منطقة الخليج والبيئة الإقليمية والدولية.

عجز الدعاية، ساذجة الدعاية الإعلامية التي تمارسها الدولتان في اتهام القوى المعارضة بأنها "إرهابية" معزولة، ولن تفيد محاولات شرائها بالعفو. فالحوثي ومجموعاته يعلن أهدافه ومبررات اشتباكه مع النظام، وأهداف القاعدة "في طرد النفوذ الأمريكي من السعودية" معلن على الملأ لا يغير في حقيقة موقف الشارع منها الحملات الإعلامية التشويهيه المضللة "او فرض الارتداد على رجال دين وتغيير الفتاوى".

العجز، النظامان عاجزان عن الخروج من دائرة التبعية للمشروع الأمريكي، وعاجزان بسبب نقص التمويل وطبيعة النظم الاقتصادية عن إنجاز عملية تنمية شاملة متوازنة سريعة تغري قطاعات شعبية واسعة وتحيدها من المعركة، فالنظامان باتا يعانيان من أزمات مركبة: أزمة دستورية، وأزمة مشروعية، وأزمة على المستويات الوطنية والقومية، وأزمات اجتماعية واقتصادية، وحال العجز هي السائدة واللجوء إلى العنف الرسمي يغذي العنف الشعبي والمنظم ويزيد من مبررات المعارضات المسلحة في استخدام السلاح.

 

 الخلاصة

إنها بلا أدنى شكل إرهاصات لحروب أهلية، هدفها ومآلها إنجاز تغييرات هيكلية في البنى والنظم والتشكيلات الاجتماعية والسياسية السائدة التي فقدت مشروعياتها التاريخية وإمكانياتها على التجديد أو الإصلاح وفرصها لتفتح الباب على صراع مفتوح يتجذر ويتعمق يوما بيوم، ويتغذى من عجز وسقوط المشروع الأمريكي الإسرائيلي ومن التحولات الاستراتيجية الجارية في البيئة الإقليمية والدولية. والمعارضات المسلحة التي مازالت في طور الطفولية (ردود فعل عفوية لم يكتمل تشكلها ووعيها) بدأت تشب وتتعقلن في خطابها وفي نوعية أعمالها واستهدافاتها وفي مشاريعها السياسية والتعبوية. والحسم طويل الأجل، فلا النظم قادرة على الحسم بالقوة والاستيعاب، ولا المعارضة بلغت مقدرة على حسم الصراع. لكن الشروط التاريخية لحصول التغيير قد دنت وتعبر عن نفسها بهذه الإرهاصات.

 

 ميخائيل عوض

بيروت 19-7-2004