العراق بعد عملية نقل السلطة
التكتيك الأميركي الجديد ورد المقاومة
انشغلت الأوساط السياسية والصحافية في قراءة مستقبل الوضع في العراق بعد إتمام عملية نقل السلطة في أواخر شهر أيار الماضي إلى حكومة عراقية برئاسة أياد علاوي الوثيق الصلة بالاستخبارات الأميركية، سي أي إيه.
فمن المعروف أن الولايات المتحدة الأميركية أرادت من هذه العملية تغيير تكتيكاتها في العراق في مواجهة اشتداد المقاومة العراقية وارتفاع إعداد القتلى والجرحى في صفوف القوات الأميركية، ولهذا فهي رسمت إستراتيجية جديدة علها تؤدي إلى تخفيف النزف الأميركي وبالتالي تعيد خلط الأوراق في العراق بما يسمح لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش فرصة خوض الانتخابات الأميركية في ظل ظروف مواتية له لتحقيق الفوز فيها.
وفي هذا الإطار تطرح الأسئلة الآتية: ما هي هذه الاستراتيجية الأميركية؟ وهل تمكنت واشنطن من تحقيقها؟ أم أن الأمور ازدادت تعقيداً بالنسبة للولايات المتحدة؟
أولاً: الاستراتيجية الأميركية بعد نقل السلطة
استهدفت الإستراتيجية الأميركية في مرحلة ما بعد نقل السلطة تحقيق جملة أهداف أساسية.
الهدف الأول: خلق مناخات وآمال لدى الشعب العراقي بان هناك مؤشرات تدل على أن العراق يسير في طريق موصل إلى نهاية الاحتلال وبالتالي الاستفادة من هذا المناخ للحد من تأييد العراقيين الواسع للمقاومة ضد الاحتلال، وبالتالي إكساب الحكومة الجديدة تأييداً شعبياً يمكنها من القيام بمهمة مواجهة المقاومة.
الهدف الثاني: المراهنة على أياد علاوي وقدراته وخبراته لتحويل الصراع من صراع بين الشعب العراقي وقوات الاحتلال، إلى صراع عراقي عراقي بهدف أساسي هو الحد من النزف الذي تتعرض له القوات الأميركية بفعل علميات المقاومة، وهو ما أفصح عنه وزير الخارجية الأميركي كولن باول عندما قال: "أحسب أنه وبتسلم هذه الحكومة مهامها فسهام الفوضى السائدة بالبلاد لن تكون موجهة إلينا، حتى مع قابلية تعرض جنودنا للأذى، لأنها ستتوجه في أساسها إلى الحكومة الجديدة، وعندها سيتساءل الشارع العراقي ماذا يريد مثيرو الفوضى؟
الهدف الثالث: الاستناد إلى هذا المناخ الجديد خاصة بعد قرار مجلس الأمن بالاعتراف بالحكومة العراقية الجديدة، من اجل السعي إلى كسب التأييد والدعم الدوليين للمشاركة في القوات المتعددة الجنسيات وتحمل أعباء الاحتلال إلى جانب القوات الأميركية ماديا وبشرياً.
الهدف الرابع: إذا ما تحققت هذه الأهداف فأنها ستوفر فرصة كبيرة كي يستفيد منها الرئيس الأميركي جورج بوش في السعي إلى كسب تأييد الأميركيين لإعادة انتخابه مجدداً لدورة ثانية.
ثانياً: هل تمكنت واشنطن من تحقيق هذه الأهداف؟
أن المتتبع لما يحصل بعد قرابة الشهرين من عملية نقل السلطة يلحظ أن صورة الوضع في العراق لم تتبدل فالاحتلال لا يزال جاثماً بثقله على أرض العراق حيث يتواجد ما يناهز 141 ألف جندي أميركي يمارسون شتى أنواع القهر والاضطهاد ضد الشعب العراقي، ويوفرون الحماية لأكبر سفارة أميركية في العالم تتولى إدارة العراق من خلف حكومة أياد علاوي بعد رحيل الحاكم الأميركي بول بريمر، ويدعمون الحكومة الجديدة الوليدة من رحم الاحتلال لتثبيت أقدمها وتمكينها من تنفيذ الاستراتيجية الأميركية.
وكان واضحا أن قدرة حكومة علاوي على تبديل الصورة مرتبط إلى حد كبير بمدى قدرتها على الظهور بمظهر غير الخاضع للاحتلال، وفي ذات الوقت عدم اعتمادها على وجود القوات الأميركية لفرض سلطتها، لكن ذلك بدا مستحيلاً لأن الوجود الأميركي الكثيف ومحاولة علاوي الدفاع عن هذا الوجود ونزع صفة المحتل عنه، كشف زيف محاولات التمايز والاستقلالية، واظهر للعراقيين أن هذه الحكومة ليست سوى نسخة منقحة عن مجلس الحكم وهي مجرد استطالة للاحتلال تعمل لتنفيذ أهدافه، وبالطبع فان ذلك سرعان ما بدد كل الأجواء التي جرى تهيأتها عراقياً.
وفي المقابل فان حكومة علاوي فشلت في تحقيق المشروع الأميركي عبر قرار حل الميليشيات، بإستثناء قوات فيلق بدر والبشمركة التي جرى ضمها إلى الجيش الجديد الذي يجري بناؤه حيث جرت محاولة تجميع قوات عراقية واقحامها في مواجهة المقاومة، وإقصار مهمة الجيش الأميركي على توفير الغطاء لهذه القوات.
فالحكومة الجديدة واجهت منذ البداية مشكلة ضعف قدراتها في الحلول مكان القوات الأميركية للقضاء على المقاومة حيث اعترف علاوي بذلك عندما صرح بانه تقع عليه "المسؤولية المباشرة في حفظ الأمن الوطني" وإنه "سيعمل للقضاء على الأرهابيين" مع يقينه التام بانه لا يمكنه الاعتماد إلا على عدة وحدات من قوى الأمن والقوات الخاصة لمحاربة التمرد وحرب العصابات.
وعلقت جريدة لوموند الفرنسية على هذا الوضع قائلة: "الوضع الحالي في العراق ليس بمصلحة الحكومة أيضا، خاصة إذا أطلعنا على أساليبها في حفظ الأمن، نظرياً يمكن لعلاوي الاعتماد على 200 ألف جندي يشكلون الحرس الوطني والشرطة وحراس الحدود لكن عليه ألا يتجاهل أن القليل من هؤلاء مستعدون للموت في سبيل حكومة غير منتخبة أو من أجل راتب شهري قيمته 200 دولار، كما أن بعض العسكريين ورجال الشرطة لم يترددوا في أن يدعموا مرحلة التمرد والقتال بمدينتي الفلوجة وبعقوبة.. أو النجف ومدينة الصدر".
ثالثا: رد المقاومة
لم تعط المقاومة الفرصة للحكومة العراقية الجديدة كي تتمكن من بناء قوة عراقية لتنفيذ الخطة الأميركية، فعملت على زيادة التعقيدات في مواجهتها والرد باستراتيجية مدروسة أحبطت الاستراتيجية الأميركية في كل مفاصلها الأساسية من خلال:
1 ـ زيادة وتيرة العمليات (هجمات وكمائن) ضد القوات الأميركية وبالتالي ارتفاع أعداد القتلى والجرحى الذين يسقطون يومياً في صفوف الأميركيين حيث بات بمعدل 5 إلى 6 قتلى بعد أن كان قبل عملية نقل السلطة بين 3 إلى 4 قتلى قياسا لما يصرح عنه. أما عدد الهجمات فقد بلغ بين الخمسين أو الستين هجوماً كما قالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها من العراق. ويحصل ذلك على الرغم من أن القوات الأميركية قد لجئت إلى الحد من حركتها وزادت من اعتمادها على القوات العراقية الحكومية.
2 ـ توجيه ضربات قاسية وموجعة لقوات الأمن والحرص الوطني العراقي وكبار الموظفين الذين عينهم الحاكم الأميركي بريمر في المفاصل الاساسية لوزارات الدولة العراقية، حيث ذكرت صحيفة لوموند في مقال للكاتب ريمون أوردان: "خلال شهر من حكمه (علاوي) تعرضت حكومته إلى 20 محاولة اغتيال باستخدام سيارات مفخخة سقط فيها 200 قتيل و1000 جريح، مشيراً إلى أن موجة اغتيال حكام وموظفين كبار عراقيين ما تزال مستمرة".
ومنذ الإعلان عن حكومة علاوي لا يمر يوم إلا وتتعرض فيه مراكز أو مؤسسات الحكومة والشرطة إلى هجوم بسيارة مفخخة، حتى أن المنطقة الخضراء حيث تقع معظم المراكز الأساسية للحكومة باتت تسمى بالمنطقة الحمراء لكثرة الهجمات التي تتعرض لها بالسيارات المفخخة.
وفي هذا الإطار قال أحد قادة المقاومة في لقاء خاص مع مراسل لوموند في بغداد "كل عراقي أو أجنبي يعمل مع الاحتلال هو هدف، الوزراء والمرتزقة والمترجمون ورجال الأعمال والطباخون والخدم، لا يهم درجة التعاون. أن توقيع عقد مع المحتل توقيع شهادة وفاتك، عراقياً أو غير عراقي... هؤلاء خونة. لا تنسوا إننا في حالة حرب". وقد أدت وسائل المقاومة كما تقول اللوموند لإقناع الشعب بعدم التعاون، وإلى تقلص قائمة المرشحين في الوظائف والمناصب الرئيسية التي يعرضها الاحتلال.
3 ـ خطف الأجانب الذين يعملون في شركات تقوم بإيصال الإمدادات اللوجستية للقوات الأميركية من غذاء وماء ونفط، حيث أدت هذه العمليات إلى دفع العديد من الشركات العاملة في العراق إلى وقف عملياتها مقابل إطلاق سراح المختطفين.
وقد تحدث بعض قادة المقاومة عن موضوع خطف الأجانب لصحيفة لوموند قائلين: "إننا نعرف أن خطف الأجانب قد يشوه صورتنا ولكن حاولوا فهم الوضع إننا مضطرون إلى السيطرة على هوية الناس الذين يتجولون في مناطقنا، إذا توفر لدينا دليل على أنهم يعملون مع منظمات إنسانية أو صحفيون نطلق سراحهم، إذا كانوا جواسيس أو مرتزقة أو متعاونين نعدمهم، في هذه المسألة دعونا نكون واضحين: لسنا مسؤولين عن موت نيك بيرغ الأميركي الذي ذبح".
4 ـ استهداف منشآت وأنابيب النفط حيث تحصل هجمات تفجير متواترة أدت إلى وقف ضخ النفط الذي تحتاج إليه القوات الأميركية والحكومة الموالية لها الأمر الذي يزيد من الأعباء المالية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.
ويبدو واضحاً من خلال هذه الاستراتيجية التي اعتمدتها المقاومة أنها تمكنت من إجهاض الاستراتيجية الأميركية ووجهت لها ضربات موجعة في جميع نقاطها بحيث أدى ذلك إلى مضاعفة كلفة الاحتلال بشرياً ومادياً، وحال دون تمكن واشنطن من أن تكون بمنأى عن ضربات المقاومة، وتحويل الصراع ليصبح عراقياً عراقياً أو دفع الشعب العراقي لعدم مساندة المقاومة التي تظهر الوقائع أنها تلقى المزيد من التأييد والدعم الشعبي نتيجة ممارسات الاحتلال وأعوانه، حيث خلق الأميركان مشاعر العداء لدى السكان بشكل عام بعد الاعتداءات الوحشية على مدن الفلوجة والنجف وكربلاء وتصرفات الجنود الأميركيين خلال عمليات المداهمة والإذلال الجنسي للسجناء في سجن أبو غريب والازدراء بتقاليد وثقافة الشعب العراقي.... الخ.
وقد عكس قادة المقاومة مدى دعم وتأييد الشعب لهم بالقول: "إن المقاومة لا تقتصر على بضعة آلاف من النا شطين فخمسة وسبعين بالمائة من السكان يؤيدننا ويساعدننا بشكل مباشر وغير مباشر ويتطوعون بالمعلومات ويخبئون إفرادنا وأسلحتنا وكل ذلك رغم أن الكثير من المدنيين يسقطون وسط العمليات ضد الاحتلال أو المتعاونين معه".
أما رجال الشرطة العراقية فانهم انضموا في الفلوجة إلى جانب المقاومة في قتال الأميركيين الذين دربوهم كما ذكرت نيويورك تايمز الأميركية.
رابعاً: بحث أميركي عن حلول بديلة
انطلاقاً مما تقدم يبدو أن الأمور تزداد تعقيداً بالنسبة للولايات المتحدة الأمر الذي اربك خططها ودفعها إلى البحث عن خيارات جديدة للخروج من المأزق المتفاقم على أبواب الانتخابات الأميركية.
فما عجزت عنه القوة الأميركية الضخمة تكشف على نحو فاضح مع القوات العراقية الجديدة التي كان من الطبيعي أن تكون أكثر عجزاً، ومحاولات واشنطن إقناع الأصدقاء والحلفاء بالانضمام إلى القوات المتعددة الجنسية وتقديم الدعم المادي للعراق باءت هي الأخرى بالفشل، بل أن بعض الدول التي تشارك بقوات رمزية في العراق مسايرة لواشنطن عمدت إلى سحب قواتها من هناك (مثل الفلبين) بعد اختطاف أحد رعاياها.
أمام هذا الواقع اضطرت الإدارة الأميركية إلى تحريك عجلة الدبلوماسية من جديد باتجاه فتح آفاق لحل دولي وعربي، وظهرت مؤشرات ذلك من خلال:
ـ عودة نشاط مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي الذي كان قد تحدث عن تقاعده بعد إنجاز عملية نقل السلطة في العراق، فإذا به يزور سورية ويلتقي الرئيس الأسد بهدف البحث في سبل الحل للقضية العراقية.
ـ جولة رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي إلى عدد من الدول العربية ومطالبته بإرسال قوات عربية لحماية بعثة الأمم المتحدة بعد أن كان وزير خارجيته قد شن هجوماً على دول جوار العراق.
ـ زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى السعودية واقتراح مشروع إرسال قوات إسلامية إلى العراق لاقى موافقة السعودية.
وإذا كان المشروع الجديد لا يزال قيد الدراسة إلا أن جميع المؤشرات تظهر إنه واحد من علامات إقرار الإدارة الأميركية بسقوط إستراتيجيتها الجديدة وبالتالي فشل بوش في خلق مناخات مواتية لمعركته الانتخابية أمام منافسه جون كيري الذي سجلت آخر الاستطلاعات تقدمه على بوش.
على أن مستقبل السياسة الأميركية في العراق بعد أن قوض الاحتلال المبادئ الأربعة لسياسة بوش الخارجية بات ينتظر إتمام الانتخابات الأميركية، حيث ليس من مصلحة الإدارة الحالية الظهور بمظهر من خسر الحرب وفشل، ولهذا فان بوش، كما قال احد الكتاب الأميركيين، يعتمد هذه الأيام سياسة الصمود في العراق لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية.
بغض النظر عن الاحتمالات التي ستسلكها المواجهة في النجف والتي تترواح بين تكرار نموذج الفلوجة أو حصول إقتحام للمدينة وارتكاب قوات الاحتلال مجزرة داخلها وما قد تحدثه المعركة بكل ابعادها من تداعيات كبيرة، فان مثل هذه المواجهة إنما تندرج في المآل الأخير في إطار حرب المقاومة ضد الاحتلال وبالتالي هي جولة من جولات المواجهة، في كل الحالات سوف تؤدي على تعزيز خط المقاومة المسلحة والشعبية. ففي حال تكرار نموذج الفلوجة بتهيب قوات الاحتلال اقتحام المدينة خوفاً من الخسائر الكبيرة التي ستقع في صفوفها، ومن التداعيات التي ستحدثها عملية من هذه النوع والتي لن تخلو من وقوع خسائركبيرة في صفوف اهالي المدينة عدا عن تضرر مرقد الأمام علي وإحتمالات استشهاد السيد مقتدى الصدر، ففي مثل هذه الحالة فان قوات الاحتلال تكون قد أعلنت فشلها الثاني بعد الفلوجة مما سيؤدي إلى تصليب عود المقاومة وتعزيز تيار السيد مقتدى الصدر كقوة اساسية بما يشكل بداية العد العسكي لوجود الاحتلال.
أما في حالة إقتحام المدينة فان التداعيات ستؤدي إلى التفاف أوسع حول تيار الصدر وإزدياد راديكاليته وبالتالي إلى إتخاذ المواجهة اشكالا جديدة ستكون معركة النجف بمثابة جولة من جولاتها وليست نهاية المطاف، كما يعتقد الاحتلال الذي يريد من هذه المعركة ان تشكل كسبا معنويا له من اجل التاثير على حالة المقاومة في بقية المدن العراقية وبالتالي الاستقواء اكثر عليها. ولذلك فان كل الاحتمالات المفتوحة عليها معركة النجف هي احتمالات تصب في اتجاه تعزيز خط المقاومة ضد الاحتلال.
هذا من ناحية اما من ناحية ثانية فان مواجهة النجف والمقاومة التي جسدها تيار الصدر قد أدت إلى حماية الوحدة الوطنية العراقية واحداث فرز بين من يقف في صف الاحتلال ومن يقف في صف مقاومته ورفض السير في مشاريعه الأمر الذي أسقط جميع الأقنعة عن الحكومة العراقية المؤقتة المعينة من قبل الاحتلال لتشكل غطاءً لتنفيذ اهدافه.
وفي هذا السياق يجب النظر إلى حملة المساعدات والتبرعات التي قام بها أهالي مدن الفلوجة والرمادي وغيرها من مدن العراق وارسالها الى مدينتي النجف والصدر على أنها تجسيد لهذه الوحدة التي تتعزز على اسس مقاومة الاحتلال والدفاع عن ارض العراق وشعبه بما يسهم في قطع الطريق على مخططات الاحتلال، وفي ذات الوقت يخلق الاساس لبناءالعراق المستقبل المحرر من الاحتلال والمرتكز إلى وحدة شعبه على اسس وطنية صحيحة تحفظ سيادة العراق وثرواته وعروبته.
151 مليار دولار كلفة الحرب حتى نهاية السنة
كشف أول تقرير إحصائي أميركي أن نحو 11 ألف عراقي قتلوا وأصيب قرابة 40 ألفا آخرين بجروح منذ بدء الغزو الأميركي للعراق في العام الماضي.
وأفاد التقرير الذي أعلن عنه تحت اسم "دفع الثمن" بأن أجمالي عدد القتلى في صفوف الجيش العراقي والمقاومة قبل إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية في أول مايو (ايار) العام الماضي يتراوح بين 4895 و6370 وأن عدد القتلى بين صفوف المدنيين العراقيين يتراوح بين 9436 و 11317 في حين يصل عدد الجرحى المدنيين العراقيين إلى ما يقدر بـ 40 ألف عراقي.
وقال التقرير الصادر عن "انستيتيوت أوف بوليسي ستاديس"، وهو مؤسسة فكرية بحثية في واشنطن العاصمة، أن عدد القتلى الأميركيين وصل إلى 853 وأن باقي القتلى من قوات التحالف بلغ 99 جندياً حتى 18 يونيو (حزيران) الماضي. غير أن التقرير لاحظ أن معظم القتلى ماتوا بعد إعلان بوش انتهاء الجزء الأكبر من العمليات الحربية في أول مايو عام 2003 إذ بلغ ذلك العدد 693 من أجمالي 952.
وعن كلفة الحرب المالية قال التقرير: أنها ستصل إلى 151،1 مليار دولار مع نهاية هذا العام.
وأضاف أن الحرب سيكون لها أثر اقتصادي مباشر على عائلات القوات الأميركية المقاتلة في أفغانستان والعراق حيث تم استدعاء 364 ألفا من قوات الاحتياط وقوات الحرس الوطني في مدة خدمة تصل إلى 20 شهراً.
ومن الآثار والكلفة التي عددها التقرير على العراقيين أنفسهم كلفة "اليورانيوم المنضب" إذ قال (البنتاغون) أن القوات البريطانية والأميركية استخدمت ما بين 1100 إلى 2200 طن من الأسلحة المصنوعة من معادن مشعة أو سامة أثناء حملة القصف في مارس (آذار) 2003 فقط، وأستشهد التقرير بتقرير اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة قالت فيه أن القصف الأميركي والغزو فيما بعد أدى إلى تدمير 200 مدرسة وأن آلاف المدارس نهبت بعد الحرب إثناء الفوضى التي أعقبت سقوط صدام حسين ووصل الحضور في المدارس إلى مستويات اقل بكثير عما كان قبل الحرب.
وقال التقرير أيضا أن معدل البطالة قد تضاعف من نسبة 30 بالمئة تحت الحظر وفي أجواء الحرب إلى 60 بالمئة بعد الغزو الأميركي في صيف 2003، وإنه على الرغم من ادعاءات إدارة بوش أن البطالة قد انخفضت فإن الاحصائيات تقول أن واحدا في المئة فقط من قوة العمل العراقية البالغة 7 ملايين نسمة هي التي تشترك في عمليات وعقود إعادة البناء، وهي نسبة ضئيلة للغاية على حد وصف التقرير.