استراتيجية التغيير
رؤية للواقع مع اقتراح للحلول
زاهر الخطيب،
وزير سابق ونائب سابق
الأمين العام لرابطة الشغيلة
إن الولاية الرئاسية الثانية, توفر اليوم من جديد, في ضوء التجربة والواقع والتحولات الجديدة, فرصة نادرة قد لا تعوض لولوج لبنان مرحلة الإصلاح والتغيير. ولكن ذلك رهن باعتماد البرنامج الواضح, والخطوات التكتيكية التي تستدرك وتستوعب العوامل التي أدت إلى ضياع الفرصة السابقة وتشق الطريق واسعا أمام التغيير عبر دعاته والصادقين في إنجازه وعلى رأسهم الرئيس لحود. ونرى فيما سنعرض من تصور لخطوات نقترحها, استدراكاً لمسافات, وتعميقاً لاتجاه التغيير, وإمكانية واقعية مقدماتها في الأفق, لإنجاز ما ورد في خطاب القسم في الولاية الثانية.
إن البرنامج الرئاسي التغييري الذي عرضه فخامة الرئيس العماد أميل لحود في خطاب القسم قد جرى تعطيل الجزء الأساسي منه نتيجة عدة عوامل متضافرة أبرزها:
أولاً: المقاومة السياسية الشديدة التي أبدتها الطبقة السياسية ولا سيما جناحها المتضرر من التغيير.
ثانياً: الظروف الاستثنائية التي رافقت تسلم الرئيس لحود مسؤولياته الدستورية وبالأخص وفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد، وتسلم الرئيس بشار الأسد لمسؤولياته الرئاسية، وما رافق ويرافق ذلك عادة من معيقات في كل عملية انتقالية فجائية، نذكر المرحلة وأخطر ما توالى عليها من أحداث: هجمات11 أيلول عام 2000، احتلال أفغانستان، احتلال العراق وما ترتب عن ذلك كله من تداعيات، ولا سيما من تصعيد للضغوط من قبل التحالف الأمريكي الصهيوني، ومن انعكاسات على التطورات والمعادلات, وقد كان لبنان طرفا حاضرا فيها إن لم نقل انه كان في قلبها, الأمر الذي فرض تجميد, وتعليق الكثير من الخطوات الطموحة لصالح مقولة التهدئة، والحفاظ على الاستقرار مهما كانت الكلفة, ومهما كان الثمن.
ثالثاً: ضعف قوى التغيير في لبنان, وتشرذمها وتشتتها وعدم تناغمها وعدم انتظامها، الأمر الذي مكن الطبقة السياسية من استغلال الفرصة واستثمارها بتحالفات سياسية وطائفية ومذهبية ومالية وإعلامية للحفاظ على وضعيتها الهجومية ولفرض حالة دفاعية على قوى التغيير المشرذمة أصلاً, وعلى الرئاسة بالذات التي أحجمت بشكل أو بآخر عن بلورة وتعزيز فريق عملها التغييري الحامل الصادق لخطاب القسم.
رابعاً: غياب النهج التكتيكي المتدرج في خوض المعركة وحسمها مع قوى الطبقة السياسية, ولاسيما مع الجناح الخاص منها الداعم لسورية ولمواقفها الوطنية, الأمر الذي سبب خلطا في الأوراق والتباساً نموذجياً أتاح للجناح الأكثر سوءاً من الطبقة السياسية من استغلال الفرصة وتجنيد الكثير من هؤلاء الحلفاء لسورية الذين لا تستطيع التخلي عنهم لاعتبارات تمس مصالحها الوطنية والقومية, وقد جرى بالتالي الإخلال بموازين القوى لصالح الطبقة السياسية بوجه عام على حساب قوى التغيير.
بناءً على ما تقدم، فإن الولاية الرئاسية الثانية, توفر اليوم من جديد, في ضوء التجربة والواقع والتحولات الجديدة, فرصة نادرة قد لا تعوض لولوج لبنان مرحلة الإصلاح والتغيير. ولكن ذلك رهن باعتماد البرنامج الواضح, والخطوات التكتيكية التي تستدرك وتستوعب العوامل التي أدت إلى ضياع الفرصة السابقة وتشق الطريق واسعا أمام التغيير عبر دعاته والصادقين في إنجازه وعلى رأسهم الرئيس لحود. ونرى فيما سنعرض من تصور لخطوات نقترحها, استدراكاً لمسافات, وتعميقاً لاتجاه التغيير, وإمكانية واقعية مقدماتها في الأفق, لإنجاز ما ورد في خطاب القسم في الولاية الثانية.
القسم الأول
في الملف السياسي
أولاً: الإصلاحات السياسية
تقويم، واستكمال تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، ويتضمن ذلك:
1- صلاحيات رئيس الجمهورية، التي يمكن أن تعزّز وتكرّس ممارسة رئيس الجمهورية لدور الحكم، والمراقب لعمل المؤسسات، والساهر على احترام الدستور، فيما إذا جرى ربط أجهزة الرقابة برئاسة الجمهورية، بدءاً من ديوان المحاسبة، والتفتيش المركزي، والمجلس التأديبي، ومجلس الخدمة المدنية، إلى أي أجهزة رقابية أخرى موجودة أو ينبغي استحداثها.
إن هذه الصلاحيات لا تعيد انخراط رئيس الجمهورية في ممارسة الأشكال التفصيلية في السلطة التنفيذية ولكنها في الوقت عينه تضفي كل الجدية على دوره، كما عرّفه الدستور: "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور...".
2- معالجة الخلل الحاصل في تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، والتقصير في تنفيذ بعض البنود الواردة فيها، وما ترك ذلك من انعكاسات على مسيرة الوفاق الوطني، لا سيما بعد إحجام المجالس النيابية التي انتخبت على أساس اتفاق الطائف عن تشكيل الهيئة الوطنية كإطار دستوري وحيد، لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية، وفق خطة مرحلية، على أن يكون تشكيل الهيئة الوطنية برئاسة رئيس الجمهورية، وأن تضم هذه الهيئة رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية، أشار إليها اتفاق الطائف كالرؤساء السابقين للجمهورية وللمجالس النيابية وللحكومات، ولممثلي المرجعيات الروحية، ورؤساء الأحزاب الكبرى، وعدد من رجال الفكر والثقافة والخبراء.
وعندما تكون مهمة هذه الهيئة إعداد البلاد لإلغاء الطائفية، فهذا يعني أنها المرجعية الوحيدة دستورياً لوضع المعايير الوفاقية التي يجب أن يراعيها قانون الانتخابات، وقانون البلديات، واللامركزية الإدارية، وقانون الأحوال الشخصية، والتربية الوطنية، والإعلام، وعلاقة كل هذه المقولات بالطائفية، وسواها من المقومات التي تتشكل منها هوية الدولة والمجتمع، وتجري عملية الإلغاء بصورة متدرجة حتى انتخاب أول مجلس نيابي على أساس لا طائفي، وتأليف مجلس الشيوخ، الذي يراعي خصوصية لبنان، وتتخذ فيه القرارات المصيرية.
3- إعادة تشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي، وتفعيله لاسيما بعد أن انتهت ولايته وجرت محاولات تعطيله بشكل مقصود لقطع الطريق على السياسة المؤسساتية، ولإطلاق العنان للسياسات الفئوية الاستنسابية، والاعتباطية.
4- صون الحرية بمعناها الواسع في إطار تعزيز المؤسسات، أي صون حرية التعبير والرأي، وحرية تشكيل النقابات والأحزاب وسواها، التي كفل الدستور ممارستها ضمن إطار القوانين، ووفقاً للنص الصريح للدستور.
وهذا يوجب على الدولة أن تحترم القوانين التي ترعى الحريات، ولا تلقي على نفسها بشبهة الاستنساب السياسي، والعودة إلى القضاء باعتباره المرجع الصالح للنظر في هذا الشأن.
5- إصلاح القضاء، ووضع البنود التي جاءت في وثيقة الوفاق الوطني، في هذا المجال موضع التطبيق الفوري "لدعم استقلال القضاء..." مع التأكيد أن إصلاح القضاء إصلاحاً شاملاً يبقى المدخل لكل إصلاح، ولكل تغيير في لبنان.
6- عودة المهجرين تبقى أولوية الأولويات، لأنها الشاهد الوحيد على اندثار آخر مظهر للحرب، واندمال كل جروحها. ولكن هذه العودة عانت الكثير وباتت بازاراً سياسياً، ومصدراً للهدر والتبذير، وإن حل المشكلة لا تعترضه عقبات سياسية، وإنما المشكلة في إعادة الإعمار، وهذا يعني أنه لا بد من تغيير جذري في آلية إنجاز العودة، ويأتي في طليعة ذلك إلغاء صندوق المهجرين سيئ الصيت والسمعة، وإنشاء مؤسسة عامة تأخذ على عاتقها إنجاز العودة، ويتم حلها فور استكمال عملها، وتقوم هذه الهيئة تحت إشراف وزارة المهجرين بوضع برنامج للعودة موضع التنفيذ، وإعطائه الأولوية، وإنجازه في أسرع وقت ممكن.
ثانياً: الإصلاح الإداري
بات في حكم البديهي، أن نقطة الانطلاق في أي تغيير يلمسه المواطنون، ويشعرون بنتائجه، تبدأ في الإصلاح الإداري. والإصلاح الإداري المطلوب، قد نضجت ظروفه، وتوافرت شروطه الموضوعية، لاسيما بعد أن استفحل الفساد واستشرى، وزاد خطره، وتفاقمت آثاره، وقد بات الإصلاح الإداري حاجة راهنة خصوصاً، بعد أن انحاز الرأي العام انحيازاً كبيراً إلى جانب انتخاب الرئيس لحود تعبيراً عن رغبة اللبنانيين في إنجاز سريع لهذا الاستحقاق، ونظراً لما تمتع به الرئيس من نزاهة وكفاءة في تجربته على رأس المؤسسة العسكرية، وعلى رأس الجمهورية اللبنانية.
إن الخطوات العملية الضرورية التي لا تقبل التأجيل على طريق إنجاز إصلاح إداري شامل هي الخطوات التي تشعر المواطنين فوراً بالتغيير، وتكرّس الأمل لديهم باستكماله وأولها:
1- إطلاق يد مؤسسات الرقابة فوراً، وإخضاع جميع مؤسسات الدولة لسيطرتها، وإسقاط أي استثناءات موجودة.
2- رفض مبدأ المناقصات بالتراضي رفضاً مطلقاً، والتخلي عن كل الاستثناءات مهما كانت مبرراتها.
3- البدء بعملية تطهير إداري، من خلال مجالس الرقابة، وليس عبر الحكومة، وإطلاق يد مؤسسات الرقابة بعيداً عن أي تدخلات سياسية.
4- إسقاط كل أشكال الإدارات الموازية الصريحة منها أو المضمرة، والرديفة لإدارات الدولة.
5- التحسب للنتائج السياسية المترتبة على ذلك، ووضع الخطط الكفيلة بتطويق ردّات الفعل، بالشرح المستفيض للحيثيات، والمبررات أمام وسائل الإعلام، قبل وأثناء وبعد تنفيذ عمليات التطهير.
6- استحداث وزارة للتخطيط، وإلغاء مجلس الإنماء والإعمار الذي ينتفي وجوده بوجود هذه الوزارة لمنع إقامة إدارة رديفة تكون بمثابة حكومة موازية ورديفة للحكومة التي نص عليها الدستور.
ثالثاً: السياسة الخارجية
السياسة الخارجية باتت عاملاً مهماً ليس فقط لشرح القضايا المتفجرة التي تخص لبنان، أو ما تبقى من الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، مثل مزارع شبعا، تلال كفرشوبا، تلال كفر حمام الخ... وإنما أيضاً لأنها ضرورة اقتصادية في مناخ دولي يتسم بميل متزايد لنشوء المزيد من التكتلات الكبرى. إن السياسة الخارجية في لبنان، اتسمت في السنوات الماضية بتضارب، وتنافر الجهات التي تقوم بها رئاسة الحكومة، ووزارة الخارجية، واتسمت بالسلبية.
وللخروج من هذا الواقع، لا بد من توفير أقصى حدود التنسيق بين الجهات التي تقوم بها، كما هي الحال في كل دول العالم، فإذا قام رئيس الجمهورية بزيارات إلى الخارج ينبغي أن يكون إلى جانبه وزير الخارجية، والشيء نفسه بالنسبة لرئيس الحكومة كما أن وزارة الخارجية يجب أن تخرج عن نطاق التردد والسلبية التي تطبع نشاطها الحالي.
وكل ذلك لا بد أن يتجسد بخطوات فورية أبرزها:
1- إلزام مؤسسات الدولة بالنهج الذي أرساه الرئيس لحود بتجربته.
2- تبني سياسة هجومية بمبادرات دائمة، ومستمرة لشرح أبعاد قضية الاحتلال الإسرائيلي في المحافل العربية والدولية، والمبادرة إلى إعلان الموقف منها، والتخلي عن سياسة التلطي وراء سوريا التي تركت انعكاسات سلبية كثيرة بينها انطباعات بأن لبنان يضحي من أجل سوريا وليس من أجل تحرير أرضه.
3- توطيد التنسيق والتناغم في السياسة العربية والدولية بين لبنان وسوريا عبر سياسة هجومية ترسم إستراتيجيتها بلقاءات مشتركة دورياً، ويعهد بالتنفيذ إلى كل من وزارتي الخارجية في البلدين، لتنفيذها بصورة منفصلة على نحو يزيل الانطباعات عن تبعية ما، يغمز من قناتها.
رابعاً: الحركة العمالية والنقابية
لعبت الحركة العمالية والنقابية دوراً أساسياً في الحياة السياسية في لبنان، وإن أي تغيير محتمل لا يمكن إلا أن تكون الحركة العمالية والنقابية أحد محاوره الفاعلة. وكي تكون الحركة العمالية والنقابية رافعة أساسية من روافع التغيير ينبغي:
1- الإحاطة بالواقع السياسي القائم الذي هو نتاج لتدخلات سياسية وسلطوية عديدة، ونتيجة لقصور ذاتي أيضاً.
2- إصلاح هذا الواقع، لا يختلف عن الإصلاح لجوانب أخرى في مسيرة التغيير، كالإصلاح الإداري المنشود، ذلك أن الحركة النقابية كانت باستمرار محور استقطاب في الحياة السياسية.
3- عملية الإصلاح لا يجوز أن تكون بقرارات من السلطة، كما لا يجوز أن تترك لهمة مبادرات الحركة النقابية عينها، التي ليس لها مصلحة في إحداث التغيير.
4- يسعى العهد الجديد إلى تشكيل لجنة من الحركة النقابية، ومن الأحزاب السياسية، ومن المفكرين والاختصاصيين المعنيين بهذا الشأن، وتكلف اللجنة المذكورة بإعداد دراسة تحدد المشكلة، وتقترح الحلول لها. ويرمي العهد بثقله لإنجاز هذا الإصلاح الذي سينعكس إيجاباً على كل مسيرة التغيير.
خامساً: الحركة الشبابية والطلابية
تأطير الحركة الشبابية والطلابية وتعبئتها في منظمات وطنية دعماً لمسيرة التغيير.
سادساً: قضية الجنوب
(مزارع شبعا، تلال كفرشوبا، تلال كفرحمام، وسواها) وملف المياه
تأمين الصمود في مواجهة الاحتلال، فمن نافل القول أن المعركة مستمرة في الجنوب، وأن البلاد ستكون مهددة قبل أن يتم إجلاء آخر جندي صهيوني عن أرض لبنان، وإذا كانت الدولة لا تستطيع أن تدخل طرفاً مباشرا في حرب التحرير الدائرة هناك لأكثر من سبب واعتبار مفهوم، فإنها تستطيع، كما أثبتت القيام، بأعمال المساندة، و قد كان لها أفضل الآثار في تسريع تحقيق هدف التحرير الشامل، واختصار معاناة لبنان، وأبناء المناطق المحتلة. إن ذلك يتحقق من خلال إجراءات ملموسة أبرزها:
1- إيلاء أهمية خاصة خدماتياً، لسكان الشريط المحرر، وللقرى الواقعة على خط التماس، وتنفيذ جميع القرارات المتخذة على هذا الصعيد، واتخاذ خطوات خدماتية إضافية لتعزيز الصمود، وتبنّي ذوي الشهداء، كشهداء للوطن أسوة بشهداء الجيش اللبناني.
2- تشجيع المواطنين على إقامة "اقتصاد مقاومة" في المناطق المتاخمة، والمرشحة لأن تكون عرضة للاعتداءات الإسرائيلية.
3- نشر شبكة من التحصينات والملاجئ التي تؤمن صمود المواطنين، وتحول دون نزوحهم.
سابعاً: الإعلام
ربما كان الإعلام مسألة ثانوية في اهتمامات الدولة في معظم دول العالم، ولكن الإعلام في لبنان، ارتدى في السنوات الأخيرة دوراً بارزاً، نظراً لأبعاده السياسية والتجارية، ولا يمكن الحديث عن تغيير ما في الدولة من دون إعادة النظر بالوضع القائم على صعيد الإعلام، الذي كان واحداً من أبرز المحطات التي انكشفت من خلالها ثغرات وانحرافات كبيرة في الدولة. إن سياسة التصحيح والتغيير ينبغي أن تبدأ من المجالات التالية:
1- تقوية وإصلاح وتطوير تلفزيون الدولة (تلفزيون لبنان) وذلك عبر: تعيين مجلس إدارة جديد يعكس روح التغيير؛ تعيين مدير للأخبار يعبر عن خط التغيير؛ تعيين مدير للبرامج السياسية يعكس سياسة العهد الجديد؛ التحقق من مدى تطبيق القانون في منح تراخيص بث تلفزيونية وإذاعية.
2- التحقق من مدى تقيد المؤسسات التي نالت التراخيص بالشروط والقواعد القانونية.
3- تقييم إمكانية الفضاء اللبناني لاستيعاب محطات جديدة، واستكشاف إمكانية منح تراخيص إضافية.
4- مراجعة مبدأ المحاصصة الذي اعتمد في السابق.
5- تشكيل لجنة من الخبراء، وأصحاب الاختصاص لإنجاز عمليات التقييم هذه، على أن تكون اللجنة محصنة من إمكانية الطعن بحيادها وكفاءاتها ونزاهتها.
6- تطوير تجربة المجلس الوطني للإعلام، والارتقاء به إلى المستوى الذي هو في أفضل البلدان.
القسم الثاني
في الملف الاقتصادي
أولاً: الشأن الاقتصادي والمالي والاجتماعي
يرتدي هذا الملف أهمية استثنائية، وتتوقف مسيرة التغيير على كيفية التعاطي معه، فإما أن تتعثر وتفشل ويحصل الإحباط، وإما أن تنجح وتنطلق بعدها مسيرة الإنقاذ، ثمة أراء كثيرة، ودراسات أكثر بشأن الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، ولكن انطلاقة العهد إلى التغيير، تقتضي أن يصار إلى تشكيل لجنة من الخبراء، تدرس هذا الواقع، وترفع توصيات بشأنه، وهذه اللجنة ينبغي أن تضم جميع التيارات، وأن يصار إلى تنفيذ التوصيات التي تضعها0
ثانياً: العلاقات الاقتصادية اللبنانية السورية
بات في حكم المؤكد أن تطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة اللبنانية السورية، هو ضرورة حياتية للبلدين الشقيقين، في مناخ دولي يميل إلى تعزيز التكتلات الكبرى، انطلاقاً من العامل الجيو سياسي، إضافة إلى ما بين البلدين من روابط تاريخية سابقة، وبات في حكم المؤكد، أن لبنان وسوريا يواجهان استحقاقات عدة كمثل منطقة التجارة الحرة العربية. هذا بالإضافة إلى اقتراب استحقاقات مماثلة، إن على مستوى الشراكة الأورومتوسطية أو على مستوى الانخراط في منظمة "الغات".
إن هذه الاستحقاقات الداهمة، برهنت أن لبنان غير مستعد إطلاقاً، لها، وقد أبرز ذلك رد فعل جمعية الصناعيين على الاتفاق الجمركي الصناعي بين لبنان وسوريا، وعانت العلاقات اللبنانية السورية من إرباك بالنسبة للاتفاقات الموقعة في سياق معاهدة الأخوة. إن هذا الواقع بما ينطوي عليه من سلبيات كثيرة، وعجز عن مواجهة الاستحقاقات يتطلب عناية خاصة، وآليات فعالة، ووصولاً إلى ذلك: نقترح تشكيل هيئة مشتركة لبنانية سورية، خارج نطاق مؤسسات المجلس الأعلى أو التابعة لها، تتكون من ممثلين للقطاعين العام والخاص في لبنان وسوريا، تناط بها مهمة دراسة الواقع القائم واقتراح الحلول، وبلورة آليات التنفيذ السريعة.
القسم الثالث
في قوى التغيير
إن أخطر ما يواجه عملية التغيير هي مقاومة الطبقة السياسية التي تمفصلت مصالحها على تركيبة تجعلها في وضع مناهض ومعرقل للتغيير الحقيقي. ولا بد أن تستند استراتيجية التغيير على هذا الصعيد إلى ثلاث مسلمات:
الأولى: ضرورة تحديد فريق التغيير استناداً إلى أسس موضوعية، والنأي عن القوى التي تعتمد قاعدة "قم لأقعد مكانك".
الثانية: تحديد القوى التي يمكن كسبها، ولو مؤقتاً، أو تحييدها للحؤول دون ارتمائها في أحضان القوى المناهضة للتغيير.
الثالثة: الأحزاب والقوى والشخصيات التي يحتاج وضعها إلى دراسة.
الرابعة: حصر القوى المرشحة لمقاومة التغيير، ورصد تحركاتها وأساليبها، وتعطيل أعمالها الهادفة إلى إجهاض مسيرة الإصلاح والتغيير.