لماذا العودة الأميركية إلى الأمم المتحدة بعد سقوطها؟

 

 

نشرت جريدة "فيغارو" الفرنسية، في 13-3-2003، مقالاً كتبه ريتشارد بيرل بعنوان "سقوط الأمم المتحدة". لم يكن بيرل هذا، المعروف باسم "أمير الظلام" من أكثر المقربين إلى وزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد، فحسب، بل كان رئيس "مجلس السياسة الدفاعية" في الولايات المتحدة.

بمناسبة العودة المتكررة للإدارة الأميركية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وآخرها بمناسبة استصدار القرار 1559، من المفيد استعادة بعض نصوص المقال الذي قال فيه "أمير الظلام"، تحت عنوان لا لبس فيه، "سقوط الأمم المتحدة"، الآتي من المقاطع.

 

"انهار نظام صدام حسين المرعب. ومن سخرية القدر أن هذا الحكم البعثي أخذ معه في انهياره منظمة الأمم المتحدة. ربما لن تختفي منظمة الأمم المتحدة بكاملها. بل ستبقى منها أجهزتها المخصصة "للأعمال الخيرية" (المكاتب المعنية بحفظ السلم غير المهدَّد كثيراً أو مكافحة السيدا والماليريا أو الدفاع عن حقوق الأطفال). وستستمر بالنحيب هذه المؤسسة الثرثارة القائمة... إن تردد مجلس الأمن في تشريع اللجوء إلى القوة لتطبيق قراراته (؟) حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل قضى على هذا الوهم المستمر من عدة عقود والقائل بأن منظمة الأمم المتحدة هي التي تضع أسس النظام العالمي...

"علينا أن لا ننسى من دعم هذه الحرب ومن لم يدعمها من أمثال الذين أكدوا أن سلطة المؤسسات الدولية الأخلاقية تكمن في المرافعات الهادفة إلى الحصول على فرص إضافية لمفتشي الأمم المتحدة...

"إن الملايين من الأشخاص اللائقين والمتعقلين والمتخمين بالمبادئ الذين تظاهروا ضد قرار محاسبة العراق كانوا مدفوعين بفكرة أن مجلس الأمن لوحده يتمتع بالصلاحية اللازمة لاستعمال القوة... وهم يعتبرون أن لجوء بلد أو محالفة من البلدان- خارج مجلس الأمن- إلى استعمال القوة، ولو كملاذ أخير، يعني أن "الفوضى"، لا القانون الدولي، هي التي ستنتصر...

"هذا الاعتقاد خاطئ لدرجة غاية في الخطورة، وهو يؤدي إلى تبرير معنوي لقرارات سياسية-عسكرية تتخذها بلدان مثل سوريا والكاميرون وأنغولا وروسيا والصين. وإذا كانت سياسة ما عادلة متى قررها مجلس الأمن، كيف تصبح ظالمة لمجرد أن الصين الشيوعية وروسيا وفرنسا أو بضعة ديكتاتوريات صغيرة ترفض الموافقة عليها؟...

فهل يمثل مجلس الأمن المؤسسة الأكثر أهلية لضمان النظام وحمايتنا من الفوضى؟ إن التاريخ يتثبت لنا العكس."

 

هل من حاجة إلى التعليق بعد العودة الأميركية (الفرنسية) إلى الأمم المتحدة؟

بالطبع، ولكنه تعليق يكشف عجز الإمبريالية الأميركية ومحالفتها عن تحقيق نصر في العراق، غير تدميره وتشريد من لم يستشهد من شعبه. وهي اليوم تبحث عن محالفة أوسع لتجد "تخريجة" لهزيمتها في العراق، فعادت إلى إحياء الأمم المتحدة. سبحان محيي العظام وهي رميم!