------------ الافتتاحية ------------ |
خطر ”الهلال الشيعي“ المزعوم لصرف الانتباه عن الخطر الحقيقي
المتمثل بنجمة داود ونجوم الولايات المتحدة
العرب والعولمة
اقترب الغزو الأميركي للعراق من نهاية عامه الثاني، في ظل تصاعد عمليات المقاومة
العراقية في إنزال الخسائر الكبيرة بقوات الاحتلال وأتباعها، لدرجة أجبرت العديد من
المراجع الأميركية والعالمية، ومنها المؤيدة للغزو، على الاعتراف بفشل الأميركيين
وأعوانهم في السيطرة على العراق.
وعلى قاعدة تصاعد هذه المقاومة بالذات وإعطابها الجدي للمشروع الأميركي في الهيمنة
على العالم انطلاقاً من غزو العراق، ضاقت مساحة الخلافات بين الدوائر الإمبريالية
العالمية (”أوروبا القديمة“ والولايات المتحدة) واقتربت نحو بحثها المشترك عن وسيلة
لتقاسم السيطرة على الوطن العربي والعالم الثالث ومحاصرة روسيا...
ولقد تبين بجلاء عمق المأزق الذي دخله الكيان الصهيوني وقد أصبح عاجزاً عن تصفية
الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية، بدون مساهمة عملية من بعض الأنظمة العربية (مصر
والأردن) التي يسعى إلى استدراجها في حماية أمنه بعد أن اضطر إلى الانسحاب من غزة
لارتفاع كلفة احتلالها (وهل تحرير الأرض هو غير جعل احتلالها أكثر كلفة على المحتل
مما يحتمل؟).
في هذه الظروف المحيطة بمأزق الغزو الأميركي للعراق ومأزق الكيان الصهيوني، ترتفع
بعض الأصوات العربية الرسمية، مرددة صدى دوائر الإدارة الأميركية العدوانية، في
التحذير من ”الخطر الشيعي“.
ملك الأردن كرر، في أكثر من مناسبة ومكان، تحذيره مما يسميه ”خطر الهلال الشيعي“،
ولم يتورع عن الادعاء بأنه يمتلك أدلة على ذلك. وبعض أعضاء الحكومة العراقية
المعينة من الغزاة الأميركيين يصرح بأنه لن يسمح بنشوء ”دولة صفوية“ في العراق!
وكان سبق لبعض دوائر المخابرات الأميركية، وعبر مؤسسات الدراسة والتخطيط التابعة
لها، أن روجت لمثل هذه التحذيرات التخويفية من الشيعة.
غريب أمر ”المخوفين“ من الشيعة! مع بدايات الغزو الأميركي للعراق، وفي سياق التحضير
له، كانوا يصورون الغزو انتصاراً للشيعة المقهورين من نظام صدام، وهم الأكثرية
المقموعة... فلماذا باتوا اليوم يصورون الشيعة مصدر الخطر؟!
يصورون المقاومة بوصفها المقاومة السنية، ”المثلث السني“ (طبعاً المقامة العراقية
عراقية وحسب، مهما كانت الصفة المذهبية للقائمين بها، وهي مع ذلك لم تقتصر على مذهب
واحد، فماذا نسمي مثلاً مقاومة الحركة الصدرية، وقد قدمت المئات من الشهداء ولا
تزال تقاوم بأشكال مختلفة؟ وماذا نسمي ممانعة الغالبية الشيعية؟) ثم يخوفون من
”الخطر الشيعي“! فما المقصود؟ النفخ في نيران الحرب الأهلية العراقية؟ أم العراقية
والعربية عامة؟
ولكن، من هم التخويفيون من الخطر الشيعي؟ وهل هم حريصون على السنة مثلاً؟ لقد خبر
شعبنا العربي (خاصة في فلسطين والعراق مدى حرص المملكة الأردنية على سنة العراق
وفلسطين، ففي فلسطين يستميت الملك الأردني بكل قدراته لحماية الكيان الصهيوني
والقضاء على الساعين لتحرير الأقصى وسائر المقدسات الإسلامية! لقد خبر شعبنا درجة
العمالة المطلقة من قبل هذا النظام للكيان الصهيوني ولحركة الاستعمار الأميركي. فمن
أين جاءته نخوة التحذير من خطر شيعي سيأتي، بينما تنقصه النخوة لأبسط أسباب مواجهة
الخطر الجاثم احتلالاً إجرامياً في فلسطين والعراق؟
وأذناب الغزو الأميركي للعراق المتربعون في الحكومة المعينة يحذرون من ”الخطر
الشيعي الصفوي“ ويشاركون المستعمر الأميركي في دك مناطق السنة بأشد أسلحة الدمار
قتلاً وفتكاً بالبشر والحجر، والفلوجة لن تكون الشاهد الأخير!
المحذرون من ”الخطر الشيعي والصفوي“ المزعوم ينفخون بنار التحريض على الحرب الأهلية
المذهبية، حماية للمحتل المأزوم والغزاة المعطوبين، لا دفاعاً عن السنة ولا عن
العروبة. يبذلون الجهود لتضليل الناس وصرف انتباه العرب عن الخطر الحقيقي الجاثم
على صدورهم: الكيان الصهيوني والغزو الأميركي. لقد باع هؤلاء من زمن بعيد العروبة
والإسلام والمسلمين، سنة وشيعة، وهم على خيانة كاملة للوطن والمواطنين، وعلى عمالة
مطلقة للغزاة الصهاينة والأميركيين، ولن يرجو منهم أحد خيراً. ولا هم عليه قادرون.
إن شعبنا علمته جراحه وتضحياته كيف يحمي وحدته، وهو يدرك أن الخطر الفعلي يكمن في
بقاء الكيان الصهيوني وعدم مقاومة الغزو الأميركي ودحره، كما يكمن في نشاط أعوان
الصهاينة والغزاة. يعرف شعبنا أن ”الخطر الشيعي“ مزعوم ولا أساس له، وأن الترويج
لهذا الخطر المزعوم غرضه صرف الانتباه عن الخطر الحقيقي المتمثل بنجمة داود ونجوم
الولايات المتحدة.
إن المستظلين بنجمة داود ونجوم الولايات المتحدة، والمدافعون عن الخطر الحقيقي
والمروجون له، يخوفون الناس من خطر مزعوم في ”الهلال الشيعي!
العرب والعولمة