مسودة وثيقة للنقاش (5)
لبنان وضرورات التغيير
البدائل الاقتصادية والاجتماعية في قطاع الطاقة
يشكل هذا النص (المكمل للنص المنشور في الأعداد الأربعة السابقة) القسم الخامس لوثيقة تعمل على بلورتها مجموعة من المهتمين بغية الوصول إلى تصور لمشروع التغيير المطلوب في لبنان، على ضوء المستجدات العالمية والعربية وانعكاساتها اللبنانية. وعليه هذا النص مجرد مسودة للنقاش، نأمل من كل المعنيين المساهمة فيه، على صفحات مجلتنا أو خارجها.
العرب والعولمة
(تعتمد هذه الحلقة إلى حد بعيد على الحلقات الدراسية التي حصلت في مصرف لبنان سنة 1999، والوثائق والدراسات التي قدمها المشاركون الأساسيون وهم: منير يحي (أستاذ مادة الطاقة في الجامعة الأميركية في بيروت)، رياض شديد (أستاذ مادة الطاقة في الجامعة الأميركية في بيروت)، موسى نعمة (أستاذ مادة فيزياء التربة والري في الجامعة الأميركية في بيروت)، عدنان الشهال (رئيس دائرة المحروقات في وزارة الاقتصاد سابقاً، ورئيس مصلحة الشؤون الاقتصادية والمالية للمديرية العامة للنفط)، غالب علي أحمد (مهندس بترولي)، كما اشترك عن مصرف لبنان كل من غالب أبو مصلح وفوزي أبو دياب، ورولى حمادة.)
غالب أبو مصلح
خبير اقتصادي ومالي
تشكل الطاقة، على اختلاف مصادرها، شرايين الحياة في جميع دول العالم، وخاصة في الدول الصناعية. وتتعدد أنواع الطاقة المستعملة ومدى استهلاك الفرد منها بين الشعوب والدول، فيبلغ معدل استهلاك الفرد من الطاقة في الدول الصناعية، والتي لا يتجاوز عدد سكانها 1.3 بليون نسمة، عشرين ضعف معدل استهلاك الفرد في الدول الأقل نمواً، والبالغ عدد سكانها حوالي 2.2 بليون نسمة. أما معدل استهلاك الفرد في الدول الصناعية من الطاقة الكهربائية فيبلغ 35 ضعف معدل استهلاك الفرد في الدول الأقل نمواً من هذا النوع من الطاقة(1). ويمكن اتخاذ معدل استهلاك الفرد من الطاقة مقياساً للتطور الاقتصادي بين الدول، وخاصة استهلاك الطاقة الكهربائية في الصناعة والقطاع المنزلي، كما في قطاعات الخدمات. فالمجتمعات الصناعية المتقدمة تعتمد في جميع نواحي نشاطها الاقتصادي وغير الاقتصادي على الطاقة بجميع أنواعها ومصادرها.
فقد نشأت سوق عالمية للطاقة منذ زمن بعيد، وخاصة بعد اختراع المولدات ذات الاحتراق الداخلي. فقد أصبح سعي الدول إلى تأمين النفط جزءًا أساسياً من أمنها القومي، وأصبح النفط والغاز المصاحب من أهم مصادر الطاقة لجميع دول العالم. وتم بذلك تجاوز عصر الفحم الحجري كمصدر أساسي للطاقة. ففي عام 1999، مثل استهلاك النفط 59% من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة في العالم، ومثل استهلاك الغاز الطبيعي 26%، تليهما الطاقة الكهربائية التي مثلت 14% ثم الفحم الحجري الذي مثل واحد في المئة لا غير(2). واشتدت المنافسة بين الدول الكبرى للسيطرة على مكامن النفط وطرق إمداده ، وشكل ذلك أحد الأهداف الاستراتيجية للدول المتحاربة إبان الحرب العالمية الثانية، وخلال الحرب الباردة. وتشكل السيطرة على مكامن النفط وخطوط نقله أحد ركائز السياسة الامبريالية الأميركية. فقد شدد "تقرير تشيني"، نائب الرئيس بوش، على العلاقة بين "الأمن القومي الأميركي" وبين "أمن الطاقة"، وطالب بوش بإعطاء "أمن الطاقة" أولوية في رسم السياسات الخارجية الأميركية(3).
بسبب النفط ارتفعت أهمية الشرق الأوسط، ومنها بشكل أساسي منطقة المشرق العربي، كمنطقة إستراتيجية وحيوية بالنسبة لأميركا، وخاصة بعد أزمة النفط في السبعينات من القرن الماضي، ونتيجة استعمال النفط كسلاح سياسي ضاغط على أميركا والدول الأكثر تحالفًا مع إسرائيل.
ففي سنة 2001 شكل الاحتياطي المؤكد من النفط لدى الدول العربية 61.1 في المئة من احتياطي النفط العالمي، وشكل الغاز 25.5 في المئة من الاحتياطي العالمي المؤكد من الغاز الطبيعي (4).
وما حرب أفغانستان وما حرب الخليج الثانية ثم اجتياح العراق وتدميره، إلا من أجل استكمال السيطرة على مكامن النفط الأهم في العالم والممتدة من شواطئ عُمان على مداخل الخليج العربي، وحتى بحر قزوين، والسيطرة على خطوط الأمداد البرية والبحرية للنفط والغاز الطبيعي. إن السيطرة على هذه المكامن النفطية وطرق الأمداد تعطي الامبريالية الأميركية قدرات سيطرة وتحكم باقتصادات العديد من دول العالم، في زمن السلم، وتتضاعف أهمية هذه السيطرة في اوقات الحرب، وتعوض هذه السيطرة الأميركية الاستراتيجية عن الكثير من التردي الأميركي على الصعيد الاقتصادي، بالنسبة لمراكز اقتصادية ضخمة ناشئة، في أوروبا واليابان والصين، تهدد القطبية الآحادية في العالم، والتي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. فضمان تدفق النفط للدول كافة، وللدول الصناعية بشكل خاص، يعد جزءًا أساسياً من أمنها القومي.
إن الاستعمال المتزايد للطاقة المواكِب لنمو الإنتاجية العالمية، يطرح العديد من التحديات. فمعدلات نمو الطلب على الطاقة أعلى بكثير من معدلات نمو الناتج العالمي كما تدل الإحصاءات وتفاوت معدلات استهلاك الفرد للطاقة بين الدول الصناعية والدول النامية وتنمية العديد من دول العالم الثالث، مثل الصين والهند وبعض دول جنوب شرقي آسيا، يرفع معدلات تزايد الطلب على الطاقة، وخاصة النفط. فقد سبب ارتفاع الطلب الصيني على النفط خلال عام 2004 أزمة عالمية كبيرة. فقد رفع هذا الطلب الصيني المتزايد بمعدلات غير متوقعة أسعار النفط إلى حوالي الخمسين دولارًا للبرميل الواحد، وأطاح بالقدرات الاحتياطية لإنتاج النفط في دول "أوبك". مما رفع كثيرًا من مخاطر عدم الاستقرار في نيجيريا وفنزويلا والعراق، على إمدادات النفط العالمية. كما تتوقع "وكالة الطاقة الأميركية" ازدياد الطلب على النفط بمقدار 60 في المئة بين عامي 1997 و 2020 وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن كلفة تطوير حقول وآبار النفط في منطقة الخليج حتى سنة 2030 ستبلغ حوالي 500 بليون دولار أميركي(5).
(1) جريدة الحياة 24/1/2000
(2) التقرير الاقتصادي العربي الموحد، أيلول 2002
(3) جريدة الحياة 3/2/2003
(4) التقرير الاقتصادي العربي الموحد، المرجع السابق.
(5) جريدة الحياة في 28/9/2004
فالنفط طاقة غير متجددة وقابلة للنفاذ ولو بعد سنوات طوال، وزيادة الاحتياطات المؤكدة منه كما استخراجه ونقله بحاجة إلى توظيفات ضخمة جدًا.
وانعكس الاستهلاك الكثيف المتزايد للنفط ومشتقاته بشكل سلبي جدًا على البيئة، بسبب انبعاث الغازات التي تهدد طبقة الأوزون، وتلحق أشد الأضرار بالصحة العامة، وبتغيرات مناخية يمكن أن تسبب الكثير من المآسي. إن انبعاث غازات الكاربون يتجاوز 600 مليون طن متري سنويًا، في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، ويشكل هذا التلوث 36.1 في المئة من انبعاثات الكاربون في العالم. كما تشكل انبعاثات الكاربون في الاتحاد الأوروبي لسنة 200 وقبل توسعه 24.2 في المئة من الانبعاثات العالمية (6). وترفض أميركا أن توقع على معاهدة "كيوتو" لخفض هذا التلوث الخطر الذي يهدد مستقبل الحياة على الكرة الأرضية، ويسبب العديد من الأمراض. إن 800 ألف شخص يموتون في العالم بسبب الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء الخارجي سنويًا حسب دراسة منظمة الصحة العالمية (7).
كما أن دولاً أخرى مثل استراليا وكندا واليابان تفضل الاستغناء عن خفض الانبعاثات الغازية، مقابل زراعة مساحات من الغابات فوق أراضيها أو في البلدان النامية، وعلى أساس أن يؤدي كل ألف هكتار من الغابات المزروعة، بكلفة تقارب المليون دولار، إلى خفض موازٍ للانبعاثات الغازية بمقدار 43 ألف طن سنويًا(8).
إن إجراءات الحد من التلوث تشكل تحديًا أمام دول العالم جمعاء. ورفض أميركا للتقيد بالاجراءات المطلوبة حسب معاهدة "كيوتو" يعود إلى الانعكاسات السلبية لهذا التقيد على القدرة التنافسية لقطاعات الاقتصاد الأميركي، والتي يمكن أن تنعكس سلبًا على القدرات الامبريالية العدوانية الأميركية، كما على قدرات الاستهلاك للفرد الأميركي، وعلى "نمط الحياة" الأميركية.
وبما أن أسعار النفط في المستقبل ستزداد ارتفاعًا، ولو مع تذببات كبيرة، نتيجة ارتفاع الطلب على الطاقة، والذي يتزايد باسرع من تزايد عدد السكان ومعدلات النمو الاقتصادي العالمية، وبما أن النفط في العالم قابل للنفاذ، وكذلك الغاز الطبيعي، فإن العديد من دول العالم المتقدم تنفق الكثير من الأموال على البحوث العلمية، لإيجاد بدائل للنفط، مزاحمة له من حيث الكلفة، وتكون في الوقت ذاته أقل تلويثًا للبيئة. ويتركز العديد من البحوث في إطار استعمال الطاقة المتجددة، مثل مساقط المياه والرياح والطاقة الشمسية، كما في مجالات الطاقة الذرية والاستعمال الأكفأ للنفط والغاز الطبيعي عبر الوقود لانتاج الطاقة الكهربائية. إن ارتفاع أسعار النفط مستقبليًا وتقدم البحوث العلمية الهادفة إلى رفع كفاءة استعمال الطاقة المتجددة من التوربينات الهوائية والخلايا الشمسية، سيرفع من نسبة استعمال هذه الطاقات المتجددة، والتي لا تلوث البيئة على الإطلاق، وجعلها أكثر قدرة على المنافسة في سوق الطاقة العالمي.
كما أن تمدد شبكات الربط الكهربائي العالية الكفاءة في نقل الطاقة عبر مسافات شاسعة، سيرفع كثيرًا من الاستفادة من الطاقات الكهربائية. فالطاقة الكهربائية الممكن استخراجها في العالم تقدر بنحو 14 ألف تريليون وات سنة، ولا يتجاوز حجم المنتج منها في الوقت الراهن 2.600 تريليون واط سنة، أي أنه بالإمكان مضاعفة الطاقة الكهربائية في العالم حوالي 5.4 أضعاف انتاجها الراهن، وكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية تقل كثيرًا عن كلفة إنتاج المعامل الحرارية، حيث لا يتجاوز كلفة الكيلووات سنتًا واحدًا. وكذلك الطاقة الكهربائية المولدة بالتوربينات الهوائية، فقد تقدمت تقنياتها كثيرًا. فكلفة التوظيفات الأولية او الأساسية ما زالت مرتفعة فيها. وتبلغ ضعف كلفة مولدات الديزل للطاقة ذاتها. غير أن الكلفة التشغيلية تقارب الصفر، وبالتالي فإن الفترة الزمنية القادرة على استرداد الفرق في التوظيفات الأساسية، تعتمد على عوامل عدة أهمها كلفة الطاقة البديلة، أي الديزل أويل، وفترات هبوب الرياح الملائمة لتوليد الطاقة، ومعدلات الفائدة السائدة.
أما بالنسبة للطاقة الشمسية فإنها تستخدم الآن بكفاءة عالية لتسخين المياه، أما استعمالها على نطاق تجاري لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الخلايا الشمسية فتحتاج إلى بعض الوقت، وتجري بحوث مكثفة في العديد من دول العالم لزيادة كفاءة ألواح الخلايا الشمسية، وخفض كلفة انتاجها، لتصبح مزاحمة للمصادر الأخرى من الطاقة.
باختصار شديد، إن قطاع الطاقة تحكمه التطورات العالمية السياسية والاقتصادية والتقنية، كما الهموم البيئية، ويجري التخطيط له عبر الدول والقارات، حيث تربط الناقلات النفطية العملاقة، أنابيب النفط والغاز بين القارات والدول. ويتم بناء شبكات نقل الطاقة الكهربائية عبر العديد من القارات والدول مثل الربط الكهربائي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط، هذه الشبكة التي تسعى لمدّ أذرعها إلى قلب القارة الأفريقية، بحيرة فيكتوريا، لبناء محطات توليد كهرمائية كبيرة، وربما إلى أجزاء من شبه الجزيرة حيث توحد هذه الشبكة العملاقة سوق الطاقة الكهربائية، وتفتح المجال للتنافس في توليد الطاقة وضخها على الشبكة. ففي آبار النفط كميات كبيرة من الغاز المصاحب، الذي يعاد ضخ بعضه في المكامن النفطية، ويحرق بعضه الآخر هباء. (6)Financial Tines. 29 sept.2000
(7)جريدة السفير 18/3/2003
(8)جريدة الحياة في 24/11/2000
وقد بلغت كمية الغاز الطبيعي الذي يتم حرقه في الآبار حوالي 3 في المئة من كمية الغاز المنتج في العالم لسنة 2000، والمقدرة بحوالي 96.6 مليار متر مكعب(9) . ويمكن انتاج كميات هائلة من الطاقة الكهربائية باستعمال هذا الغاز المصاحب، وضخها لمسافات طويلة عبر خطوط نقل الطاقة.
ويقع لبنان في هذه المنطقة الأغنى بالنفط والغاز في العالم. فقد بلغ الاحتياط المؤكد من النفط في الدول العربية سنة 2001 650.7 مليار برميل، أي أكثر من 61 في المئة من الاحتياطات المؤكدة في العالم. كما بلغ الاحتياط المؤكد من الغاز في السنة ذاتها 40.7 تريليون متر مكعب، وحوالي 25.5 في المئة من الاحتياطي(10) العالمي المؤكد، وهذه النسب قابلة للارتفاع، وترتفع سنويًا مع الاكتشافات الجديدة. وتمتد أنابيب النفط من دولتين عربيتين، تملكان أول وثاني احتياطي مؤكد من النفط في العالم، المملكة العربية السعودية والعراق، إلى شواطئه في الزهراني وطرابلس. كما أن سورية المجاورة تملك من الاحتياطات المؤكدة من الغاز (لسنة 2000) 371 مليار متر مكعب، ومن النفط 26 مليار برميل، مما يضمن امداد لبنان بأقصى حاجاته من الطاقة لعشرات بل مئات السنين المقبلة.
شارك لبنان في الماضي بهذه الثروات عبر خطوط الأنابيب كما عبر مصافي النفط في الزهراني وطرابلس، ولكن تطورات الداخل كما بعض تطورات المحيط عطلت هذه الاستفادة كليًا، وأصبح لبنان يستورد المشتقات النفطية على اختلاف أنواعها بالناقلات، وبكلفة جد مرتفعة كما سنرى فيما بعد.
الأهداف النهائية لسياسة الطاقة في لبنان
على ضوء ما تقدم يمكن تحديد الأهداف النهائية في وضع سياسة للطاقة في لبنان وحسب الأولويات التالية:
أولاً: تحقيق الأمن الوطني في الطاقة. أي أن يؤمن لبنان، عبر اتفاقات طويلة المدى، وعبر ترابط اقتصادي وخطوط امداد مع الجوار العربي، مصادر دائمة للطاقة بجميع أشكالها، وفي جميع الظروف في المستقبل، وذلك لتلافي انقطاع الطاقة بأشكالها المتوفرة عنه. إذ إن أي أزمة أو انقطاع لمصادر الطاقة ينعكس سلبًا على صعيد جميع قطاعات الاقتصاد كما على القطاع المنزلي، والحياة اليومية للمواطنين، ولجميع اللبنانيين تجارب طويلة في هذا الحقل، ومازال بعضها قائمًا حتى اليوم بالنسبة للطاقة الكهربائية.
ثانيًا: إن تتوفر الطاقة بجميع أشكالها، لقطاعات الاقتصاد كافة كما للقطاع المنزلي بأسعار متدنية قدر المستطاع وخارج تذبذبات الأسعار العالمية. فكلفة الطاقة تشكل جزءًا أساسيًا من كلفة الانتاج السلعي والخدماتي. وتبلغ مدخلات الطاقة في بعض الصناعات نسبًا عالية جدًا من كلفة الانتاج. مثل صناعة الورق مثلاً حيث تبلغ مدخلات الطاقة الكهربائية حوالي 35 في المئة من كلفة الانتاج. وبالتالي فان سعر الطاقة ينعكس بشكل حاد على القدرة التنافسية لقطاعات الانتاج كافة وتذبذب الأسعار يربك قطاعات الاقتصاد كما القطاع المنزلي، وتعمد قطاعات الإنتاج، بغية تلافي الخسائر، لتسعير إنتاجها حسب ذروة الأسعار المتوقعة للطاقة، مما يخفض كثيرًا من قدراتها التنافسية، ويفسح المجال في الوقت ذاته للوسطاء التجاريين في حجب السلع في بعض الأحيان وتخزينها انتظارًا لارتفاع أسعارها، مما يربك الاقتصاد ويعيقه.
ثالثًا:خفض فاتورة الطاقة قدر المستطاع دون التأثير في قدرات الانتاج ومستوى الرفاهية لدى المواطنين. إن فاتورة الطاقة تشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، على ميزان المدفوعات، وميزان الحساب الجاري، إذ إن لبنان يستورد نسبة مرتفعة جدًا من الطاقة المستهلكة، ولا يملك بدائل مقبولة للنفط ومشتقاته. ان تقليص الفاتورة في استيراد الطاقة يبقى هدفًا اساسيًا للسياسات الاقتصادية اللبنانية. ويتم تخفيض فاتورة الطاقة عبر استعمال أكفأ لمصادر الطاقة في قطاعات النقل، وخاصة في تسخين المياه والإنارة والتبريد وفي توليد الطاقة الكهربائية.
(9)التقرير الاقتصادي العربي الموحد، المرجع السابق.
(10)نفس المصدر.
رابعًا:خفض التلوث عبر خفض انبعاث غازات الكاربون، الناتجة عن استعمال الوقود النفطي وغير النفطي، والتقليل من الضجيج في المدن خاصة والملوث للبيئة، وعبر تطوير وتنمية مصادر الطاقة المتجددة غير الملوثة للبيئة. كذلك عبر زيادة المساحات الخضراء في لبنان، وفي المدن خاصة، وعبر حماية الثروة الحرجية وتنميتها للمساعدة في امتصاص الانبعاثات الكاربونية.
خامسًا:الاستفادة من موقع لبنان الجغرافي قرب أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم، للاستفادة الاقتصادية القصوى من هذه الثروة، عبر النقل والتكرير، وعبر إنشاء صناعات مرتبطة بالنفط، مثل بعض الصناعات البتروكيماوية.
استهلاك المشتقات النفطية
تمثل المشتقات النفطية المصدر الأساسي والأهم للطاقة في لبنان. وتتفاوت تقديرات نسبة هذه المشتقات النفطية في مجمل الطاقة التي يتم استهلاكها. فالإحصاءات غير متوفرة بشكل تفصيلي، كما أن تهريب بعض المشتقات أو استيرادها من قبل المستهلكين، وبكميات صغيرة، عبر الحدود اللبنانية السورية، تبقى غير معروفة ومن الصعب تقديرها، إذ إنها ترتبط بنمو الفروقات في الأسعار بين البلدين. ومن الصعب كذلك تقدير حجم مصادر الطاقة الأخرى المنتجة محليًا أو المستوردة مثل الفحم الحجري، والذي يستخدم أساسًا في مصانع الأسمنت، وفحم الحطب المنتج محليًا رغم القوانين التي تمنع انتاجه للحفاظ على الثروة الحرجية، والطاقة الكهربائية المستوردة من سورية، والطاقة الشمسية المستعملة في تسخين المياه. لكل ذلك تتفاوت تقديرات الطاقة المستهلكة في لبنان، ونسبة المشتقات النفطية منها. وتتراوح التقديرات لنسبة الطاقة النفطية من مجمل الطاقة المستعملة بين
95 % و 97%، والأرجح أن الرقم الأول هو الأقرب للصحة.
أما استيراد لبنان للمشتقات النفطية، وبعد تعطيل مصفاتي طرابلس والزهراني عن العمل، كما ورد سابقاً، فليس معروفًا بالتفاصيل، إذ إن المسؤولين في وزارة الصناعة والنفط يتحفظون كثيرًا في الكشف عن الأرقام التي تتوفر لديهم على الأرجح، ويتحفظون كذلك على طريقة احتساب أو تسعير المشتقات النفطية لإبقاء هوامش الربح الحقيقي، والاحتكاري بمعظمه، غير معروف، ولتبقى الكلفة الحقيقية لهذه المشتقات وبالتالي للقيمة الحقيقية للفاتورة النفطية غير معروفة، والأسعار المعلنة للإستيراد ربما تخفي نسبًا مرتفعة من العمولات والأرباح غير القانونية للشركات المستوردة للمشتقات النفطية. لذلك لا بد للباحث من أن يلجأ إلى التقدير في احتساب الفاتورة النفطية وتفاصيلها، وبالتالي في حجمها الحقيقي وعبئها على الاقتصاد الوطني.
تظهر جداول استيراد المشتقات النفطية المتوفرة، تفاوتًا كبيرًا في حجم الاستيراد بين سنة وأخرى، ولا يعود هذا التفاوت لتذبذبات استهلاك المشتقات بشكل أساسي، بل يعود في أكثره إلى تذبذبات كميات النفط التي تمّ تخزينها بسبب تباعد أوقات استيراد معظم هذه المشتقات. إن ذلك لا ينفي حصول متغيرات في معدلات الاستهلاك ان في محطات توليد الطاقة الكهربائية من قبل مؤسسات كهرباء لبنان بسبب الأعطال المتكررة أو التوقف المتعمد والمبرمج عن التوليد والذي يؤدي إلى متغيرات في استهلاك المشتقات النفطية من قبل مؤسسات القطاع الخاص والقطاع المنزلي، لتوليد الطاقة الكهربائية بمولدات أقل كفاءة بمعدلات كبيرة عن كفاءة محطات التوليد الكبيرة. وهناك أيضًا متغيرات في استهلاك قطاع النقل للمشتقات ولأكثر من سبب، فقد تحول عدد كبير من وسائط النقل الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى المازوت لعدة سنوات، ثم منع استعمال المازوت الأكثر كفاءة من البنزين في هذه السيارات فعادت لاستعمال البنزين، مما يرفع مجمل حجم الاستيراد ويخفض استيراد المازوت وزيادة استيراد البنزين. كما أن الطلب على بعض المشتقات من قبل القطاع المنزلي وقطاع الأعمال، يتمتع بنسبة من المرونة على المديين المتوسط والطويل. فارتفاع أسعار البنزين الذي تلازم مع انخفاض الدخل الحقيقي أو المتاح لمعظم اللبنانيين، أدى إلى ارتفاع معدلات استعمال وسائط النقل العام من ناحية، وإلى زيادة نسبة السيارات الصغيرة الحجم، وبالتالي إلى انخفاض معدلات استهلاك البنزين كما بين الجدول رقم (1).
جدول رقم (1)
استيراد المشتقات النفطية (ألف طن متري). تقدير التفصيل بين غاز أويل وفيول أويل.
لسنوات 2001 و2002 و2003.
النوع/السنة |
1993 |
1994 |
1995 |
1996 |
1997 |
1998 |
1999 |
2000 |
2001 |
2002 |
2003 |
غاز سائل |
130 |
146 |
122 |
124 |
144 |
100 |
85 |
165 |
158 |
161 |
161 |
البنزين |
1205 |
1243 |
1347 |
1424 |
1320 |
1412 |
1364 |
1264 |
1179 |
1180 |
1260 |
غازاميل |
662 |
188 |
1010 |
930 |
1375 |
1325 |
1738 |
1316 |
1533 |
1816 |
1733 |
كاز طيران |
120 |
146 |
110 |
107 |
108 |
107 |
127 |
124 |
128 |
127 |
124 |
فيول اويل |
1164 |
1411 |
1432 |
1624 |
1805 |
1588 |
1507 |
1508 |
1739 |
1586 |
1586 |
اسفلت |
51 |
67 |
68 |
109 |
88 |
110 |
90 |
92 |
108 |
112 |
84 |
مشتقات أخرى |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
- |
المجموع |
3334 |
3832 |
4089 |
4318 |
4838 |
4741 |
4911 |
4469 |
4845 |
4982 |
4948 |
المصدر: مصادر مختلفة: نشرات مصرف لبنان، تقديرات وزارة الصناعة والنفط، ومصادر أخرى.
تقدير الفاتورة النفطية للبنان (ملايين الدولارات الأميركية) جدول (رقم 2)
السنة |
1993 |
1994 |
1995 |
1996 |
1997 |
1998 |
1999 |
2000 |
2001 |
2002 |
2003 |
المبلغ$ |
501 |
543 |
630 |
769 |
841 |
624 |
805 |
1135 |
1008 |
1090 |
1205 |
المصدر: تقارير سنوية لمصرف لبنان، جريدة السفير، مصادر أخرى.
الفاتورة النفطية
يعد استهلاك لبنان من الطاقة جد مرتفع، وذلك بالنسبة للناتج المحلي القائم. والعلاقة بين استهلاك الطاقة للفرد ومستوى الدخل الفردي متينة. بل أن معدل ارتفاع استهلاك الفرد للطاقة أعلى بكثير من معدل ارتفاع الدخل المتاح للفرد. فقد ارتفع استهلاك لبنان من الطاقة بين سنتي 1993 و1997، أي خلال أربع سنوات، بمعدل 45.11 في المئة، وبنسبة حوالي 15 في المئة سنويا. واكب هذا الارتفاع في استهلاك الطاقة مرحلة نمو الناتج المحلي ولو بنسب متواصلة ومتناقصة. ولكن مع تعثر الاقتصاد ودخوله في مرحلة الركود، وفي التراجع في بعض السنوات، نجد أن معدل نمو استهلاك الطاقة قد تراجع كثيرا. فبين سنتي 1997 و2003، أي خلال ست سنوات، نما استهلاك الطاقة بحوالي 2.3 في المئة، وبنسبة أقل من 0.4 في المئة سنويا. إن هذا التراجع الكبير في معدلات نمو استهلاك الطاقة، لم يكن نتيجة سياسات توفير الطاقة النفطية بمصادر متجددة ونظيفة، بل كان نتيجة إفقار الأكثرية الساحقة من الجماهير والذي أدى إلى تراجع معدل استهلاك الطاقة النفطية للفرد. فمعدل النمو السكاني في لبنان كان أعلى من معدل زيادة استهلاك الطاقة.
أما الفاتورة النفطية فتتعلق أساسا بمتغيرين أساسيين، كمية الاستيراد وسعر البرميل من النفط فقد ارتفعت الفاتورة النفطية بين سنتي 1993 و1997 بحوالي 68 في المئة وبمعدل سنوي يبلغ 13.5 في المئة. وارتفعت هذه الفاتورة بين سنتي 1997 و2002، بحوالي 29.6 في المئة وبما يقارب 5.2 في المئة سنويا. ويمكن لهذه الفاتورة أن تتجاوز 1800 مليون دولار في سنة 2004، إلى أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي القائم. إن هذه النسبة آخذة في الارتفاع في المدى المنظور، نتيجة عدم وجود احتياطي في الانتاج لدى دول أوبك، ونتيجة تدني إنتاج بعض الدول الأخرى في العالم، وازدياد الطلب العالمي بوتائرة تجاوزت التقديرات السابقة. لذلك لا بد من سياسات جديدة للطاقة في لبنان، تؤمن مصادر ثابتة وآمنة للطاقة من ناحية، وتخفيض الفاتورة النفطية من ناحية أخرى.
يتوزع استهلاك المشتقات النفطية بين القطاعين العام والخاص. أما حصة القطاع العام فيذهب معظمها إلى مؤسسة كهرباء لبنان، والتي تستهلك حوالي 48 في المئة من الفاتورة النفطية. كما يتسهلك قطاع المواصلات حوالي 33 في المئة على أقل تقدير من هذه الفاتورة، ويتوزع الباقي على القطاع الصناعي والقطاعي المنزلي والتجاري والزراعي.
وبالتالي فإن تخفيض فاتورة الطاقة يعتمد على سياسات جديدة للطاقة بجميع أشكالها وفي أنماط إعدادها واستهلاكها. ومن الضروري أن تكون هذه السياسة بعيدة عن سيطرة القطاع الخاص، المتناقضة في معظم الأحيان مع المصالح الوطنية. وبالتالي فإن أول الأولويات تتمثل في استعادة هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي من القطاع الخاص، وخاصة على صعيدي الاستيراد والتكرير.
تكرير المشتقات النفطية
منذ سنة 1992 بدأت عملية خصخصة قطاع النفط وتدمير المصافي في طرابلس والزهراني، وإعطاء شركات النفط الخاصة والتي كان دورها محصورا في توزيع المشتقات النفطية وإدارة محطات الوقود، مهمة استيراد المشتقات النفطية. وكانت جميع الحكومات المتعاقبة تقريبا منذ سنة 1992 تبحث مشكلة محطات تكرير النفط وتخرج بتوصيات لمصلحة الشركات النفطية وتنمية دورها وفقا لمبادئ اللبرالية الجديدة. وإبعاد القطاع العام عن دائرة الإنتاج، وحصر دوره في دائرة الرقابة. فقد قدم الوزير طرابلسي تقريرا حول قطاع النفط في سنة 1999، يقترح فيه إبقاء الوضع في هذا القطاع على ما هو عليه "بحيث يخصص حصرا للدولة تأمين (أي استيراد) بعض المواد، وللشركات الخاصة بعضها الآخر" ويقول أن لهذا الطرح حسنتين أساسيتين:
أولا: لا يحمل الدولة العبء الإداري التشغيلي بالرغم من وجود جيش من الموظفين يتقاضون أجورهم دون القيام بأي عمل.
ثانيا: "يؤمن ديمومة الشركات الخاصة في نظام اقتصادي حر" أي أن الهدف الأساسي هو تأمين مصالح الشركات الخاصة. ولو على حساب مصلحة الخزينة ومصلحة قطاعات الاقتصاد المستهلكة للمشتقات النفطية.
ويتذرع التقرير بأن هناك عجز في موازنة المصافي النفطية، بلغ عام 1998 حوالي ثمانية مليار دولار. ويعلق السيد عدنان الشهال، رئيس دائرة المحروقات سابقا فيقول: "ولا بد هنا من التفكير بأن توقف المصفاتين عن الإنتاج يعود أساسا إلى تمنع الوزارة منذ سنوات عن تزويدهما بالنفط الخام بدءا من عام 1991، 1992 و1993. حتى أن مصفاة طرابلس عملت في إحدى هذه السنوات بطاقة منخفضة جدا، واقتصر العمل الفعلي على 45 يوما فقط".
"أما بالنسبة لمصفاة الزهراني فإن التجربة التي أجريت فيها لمدة شهر وانتهت بتعطل وحدة التقطير (في عهد الوزير الأسبق الدكتور سعد رزق) ليعلن بعدها عدم صلاحية هذه المصفاة بصورة نهائية. هذه التجربة استخدم فيها كمية من النفط كانت متبقية في أحدى الخزانات وتحتوي على نسبة عالية من المياه والرواسب، فكان لا بد من تعطل الوحدة المذكورة. يقول أحد المهندسين المختصين في عمليات التكرير أنه كان من الواجب معالجة هذه الكمية وتحضيرها قبل تلقيم الوحدة بها. ويقول المهندس المذكور أن الخلل ظهر في بداية التشغيل، وكان من الواجب إيقاف الوحدة وعدم الاستمرار في التشغيل تفاديا لتعطيلها. إلا أن ما حدث كان عكس الأصول الفنية. لذلك يمكن القول أن الاستنتاج، استنادا إلى العجز في موازنة المصافي لعدم صلاحيتهما وبالتالي إلغائهما، لم يكن استنتاجا محقا".[1]
ويقول تقرير الوزير طرابلسي، أن من سيئات الوضع الراهن أنه:
أولا: يحرم الدولة من أرباح تقدر بخمسين مليون دولار.
ثانيا: يترك حرية التحكم بالسوق إلى شركات احتكارية كبيرة.
ويعلق عدنان الشهال على ذلك، فيقول: "... إن قيام الدولة باستيراد المشتقات النفطية يؤمن لها أرباحا طائلة... وفي هذا المجال نذكر أن الوزير السابق شاهي برسوميان صرح في ندوة تلفزيونية أن هذه الأرباح تبلغ في السنة 120 مليون دولار"[2]
إن السياسات التي اعتمدتها الحكومات المتتالية قلصت من دور وزارة النفط في قطاع الطاقة. لمصلحة الاحتكارات النفطية التي يملك بعضها كبار قادة الطوائف في السلطة. فقد تقلصت صلاحيات وزارة النفط، والتي ضمت أخيرا لوزارة الصناعة لمراقبة وتحديد الأسعار أسبوعيا حسب معادلة سرية لا يتم الكشف عنها. وما تبقى من ممتلكات مصافي النفط الصالحة لإعادة التأهيل، هي الخزانات وخط الأنابيب الذي يربط لبنان بالسعودية في الزهراني، والخزانات والأنابيب التي تربط حقول النفط في العراق بالشاطئ اللبناني في طرابلس، وكذلك تربط حقول إنتاج النفط السوري في حمص كما بعض المنشآت التي يمكن إعادة تأهيلها.
وقد قدم العديد من الخبراء دراسات جدوى اقتصادية تظهر ربحية إنشاء مصفاة للنفط في لبنان تغطي حاجة السوق المحلية للمشتقات، وتستطيع التصدير بإرباح مرتفعة نسبيا. ولكن هذه الدراسات تتناقض في نتائجها مع مصالح الشركات النفطية الاحتكارية، بالتالي فهي مهملة وغير قابلة للنقاش من قبل السلطات اللبنانية.
وسنعتمد إحدى هذه الدراسات التي وضعها الدكتور محمد بدوي[3] لتبيان أهمية بناء مصفاة للنفط أو أكثر في لبنان وجدوى هذا المشروع على الصعيد الاقتصادي، بجانب تحقيقه الأمن على صعيد الطاقة، وهو جزء أساسي من الأمن الوطني. تظهر الدراسة أن تكرير النفط في لبنان كبديل عن استيراد المنشآت النفطية يوفر مبالغ كبيرة على الاقتصاد اللبناني كما على المستهلك إذا قارنا تكلفة التكرير في لبنان مع كلفته في الولايات المتحدة مثلا أو أوروبا، تظهر لنا مقدار الوفر المادي في عملية التكرير، وحسب المراحل التالية[4]:
أ ـ نقل النفط بواسطة الأنابيب يحقق وفرا في البرميل الواحد قدره 0.74 دولار.
ب ـ التسويق يحقق وفرا في البرميل الواحد قدره 1.63 دولار.
ج ـ كلفة الطاقة اللازمة للتكرير تحقق وفرا في البرميل الواحد قدره 0.08 دولار.
تبلغ كلفة التكرير في الولايات المتحدة 3.63 دولار للبرميل، ولا تكلف في لبنان سوى 1.68 دولار وفقا لأسعار النفط في سنة 1995، وعلى أساس تكرير 200 ألف برميل يوميا.
وبالاعتماد على الأسعار المرتكزة على PLATTS، والتي يعتمدها لبنان في تحديد أسعار المشتقات النفطية، فإن أرباح التكرير في لبنان تبلغ 2.21 دولار، أي 13.7 في المئة من سعر البرميل الخام FOB .
واعتمادا على أسعار المصافي المتداولة في الأسواق العالمية، غإن كلفة شراء وتركيب وحدات تكرير مستعملة وبحالة جيدة، تتراوح بين 1200 و2000 دولار أميركي للبرميل الواحد. أما في لبنان، فإذا استثنينا ثمن الأراضي وما هو موجود في البنية التحتية، فيصبح ثمن شراء وحدات تكرير إضافية مستعملة، ولكن بحالة جيدة جدا، حوالي 850 دولارا للبرميل الواحد. وتبلغ تكاليف تلك الوحدات من أرضها (في الولايات المتحدة) ونقلها إلى لبنان، وإعادة تركيبها وتشغيلها ما يعادل 350 دولار أميركي للبرميل الواحد، فيصبح مجموع الكلفة 1200 دولار، إلى حوالي 200 مليون دولار أميركي لرفع الطاقة التكريرية 160 ألف برميل إضافي في اليوم.
فتكون كلفة التطوير والتأهيل 230 مليون دولار يضاف إليها 20 مليون دولار كإحتياطي، فتصبح كلفة التطوير والتأهيل حوالي 250 مليون دولار أميركي.
ويتبين لنا بالتالي أن المصفاة قادرة بعد تطويرها على إيفاء الرأسمال الثابت، مع الفوائد القانونية المترتبة عليه، خلال عام واحد تقريبا على تشغيلها. ويستنتج الدكتور بدوي الخلاصة التالية:
1- يمكن للدولة، مع تحديد أرباح التكرير بخمس دولارات للبرميل الواحد، تحقيق أرباح سنوية قدرها 335 مليون دولار.
2- يمكنها تخفيض أسعار المشتقات النفطية بنسب تقريبية تبلغ 40 في المئة للغاز، 14 في المئة للبنزين، 6 في المئة للكاز، 4 في المئة للمازوت مع إبقاء كل الرسوم والجعالات كما هي.
3- توفير أكثر من ألف فرصة عمل جديدة بشكل مباشر، وحوالي خمسة آلاف فرصة عمل بشكل غير مباشر.
4- تغطية كلفة التكرير، وفي ضمنها خاصة رواتب وأعباء الموظفين والصيانة التي تدفع الآن دون مردود.
وإذا ما اعتمدة الأسعار المعمول بها، فإن الخزينة اللبنانية ترفع دخلها من النفط بقيمة 475 مليون دولار سنويا، عبر التكرير المحلي للنفط، وتوفر على ميزان المدفوعات مبالغ لا تقل عن 400 مليون دولار سنويا. هذا على أساس سعر برميل النفط بحدود 23 دولار للبرميل، وتتجه هذه الأرقام نحو الارتفاع، مع ارتفاع أسعار النفط الخام.
الطاقة وقطاع النقل
يستهلك قطاع النقل في لبنان حوالي 35 في المئة من مجمل المشتقات النفطية المستوردة كما ورد سابقا. وعدد السارات العاملة في لبنان غير معروف. أما السيارات المسجلة لدى دوائر "الميكانيك" فترتفع سنويا، ولا تحسم منها السيارات الهالكة والموضوعة فعليا خارج السير، إذ لا يصار عادة للتبليغ عنها.
وبحجة تلويث البيئة منعت القوانين اللبنانية استعمال محركات الديزل في السيارات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بالرغم من أن محركات الديزل أقل تلويثا للبيئة من المحركات العاملة على البنزين فكميات الوقود المستهلكة لقطع مسافة محددة هي أقل بكثير لدى محركات الديزل مما هي لدى المحركات العاملة على البنزين، وانبعاث الغازات بالتالي إلى ما يقارب النصف.
وترتفع في الدول الأوروبية، ذات معدل الدخل المرتفع جدا، نسبة السيارات الصغيرة والمتوسطة، وحتى السيارات الفخمة منها، العاملة على الديزل.
ففي سنة 1999 أدخلت شركتا BMW ومرسيدس محركات ديزل على سياراتها الفخمة، وتحاول شركة "جاكوار" اللحاق بهما. "إن التطورات الحديثة في تقنيات محركات الديزل قد قضت على الفروقات في القدرة على التسارع والسرعة القصوى التي يمكن الوصول إليها، بين محركات الديزل ومحركات البنزين. بينما تقدم محركات الديزل وفرا كبيرا في الوقود". وتقدم BMW سيارات الخمسة ركاب، بمحرك ثلاث ليترات، تصل سرعتها إلى 140 ميل في الساعة (حوالي 230 كلم)، وأن تصل سرعة السيارة في الانطلاق إلى 60 ميل في الساعة خلال ثمانية ثوان، وتسير لمسافة 40 ميل في الغالون الواحد.[5] (أي 230 كلم في صفيحة المازوت) ولم تشعر أي دولة أوروبية أن استعمال محركات الديزل يلوث البيئة أكثر من محركات البنزين. فقد بلغ معدل السيارات العاملة على الديزل في فرنسا 40 في المئة من عدد السيارات، في سنة 1999، وهذا المعدل آخذ دوما في الارتفاع.
فلماذا لجأت الحكومة اللبنانية إلى منع استعمال محركات الديزل في السيارات الصغيرة والمتوسطة الحجم؟ هل "حرصا على البيئة" نتيجة الجهل، أم حرصا على مصالح الشركات المستوردة للمشتقات النفطية، إذ أن استعمال محركات الديزل يخفص من استهلاك الوقود، ويؤدي إلى انخفاض ربحيتها كما يخفض عائدات الخزينة من الضرائب والرسوم؟ فالضرائب والرسوم على البنزين تبلغ حوالي عشرة أضعاف الضرائب والرسوم على "المازوت".
إن خفض الفاتورة النفطية في قطاع النقل يفرض اتخاذ اجراءات عديدة على أكثر من مستوى. ويمكن إيجاز أهم الإجراءات المطلوبة بالتالي:
أولا: السماح باستخدام السيارات الصغيرة والمتوسطة الحجم ذات محركات الديزل الحديثة والتي تساعد على تخفيض الفاتورة النفطية، ولا تلوث البيئة فتخفض كلفة النقل، أي ترفع من القدرات التنافسية لكافة قطاعات الاقتصاد.
ثانيا: رفع الضرائب بنسب متصاعدة على السيارات الفخمة وذات المحركات الكبيرة عالية الاستهلاك للوقود، وخفض الجمارك والرسوم على السيارات الصغيرة المقتصدة للطاقة.
ثالثا: تحسين وتوسيع شبكة النقل العام وتطويرها، ربما باستعمال قاطرات الأنفاق داخل بيروت والربط بين المدن الساحلية على الأقل بالقطارات الكهربائية أو العاملة على الديزل.
رابعا: تسهيل السير في المدن، وخاصة مدينة بيروت، حيث تحتل السيارات المتوقفة على جانبي الطرقات وعلى الأرصفة، ثلثي مساحات الشوارع. إن إيقاف الطرقات على جانبي الطرقات، يحول الشوارع إلى زواريب يصعب المرور فيها، ويعيق حركة السير. وزحمة السير أو توقفه المتقطع يهدر وقت المواطنين ويضاعف استهلاك الوقود، وكلاهما ثمين ومكلف. المطلوب تحرير الطرقات من السيارات المتوقفة على جانبيها وعلى الأرصفة، عبر إنشاء مواقف حديثة للسيارات من قبل البلديات، والتي تؤمن مداخيل لها كبيرة، وعدم السماح لمن لا يملك موقفا لسيارة من سكان المدن باقتناء سيارة، كما هو الحال في العديد من المدن الكبيرة في الدول المتقدمة.
إن هذه السياسات تقلص عدد السيارات الخاصة، وتخفض فاتورة استيرادها وتيسر السير، وتخفض الفاتورة النفطية، وتشجع المواطنين على الانتقال سيرا على الأقدام لمسافات متوسطة بدل استعمال السيارات، وتخفف التلوث في المدن.
وحسب دراسة لمنظمة الصحة العالمية، إن أكثر من 70 بالمئة من تلوث الهواء في المدن في الدول النامية ناجم عن قطاع النقل. وإن 800 ألف شخص يموتون في العالم سنويا بسبب الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء الخارجي وذلك في سنة 2003. ويقدر حجم الإنفاق على الخدمات الصحية الناشئة عن تلوث البيئة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحوالي 14 بالمئة من تكاليف الخدمات الصحية عموما.[6] وبالتالي فإن إجراءات تخفيض الفاتورة النفطية وتقليل التلوث توفر مبالغ طائلة على الاقتصاد الوطني. إن الفاتورة النفطية يمكن تقليصها بأكثر من 15 في المئة سنويا مما يحقق وفرا يتجاوز 270 مليون دولار من فاتورة الوقود، ووفرا يتجاوز مبلغ 150 مليون دولار على صعيد الإنفاق الصحي، وذلك في قطاع النقل فقط.
قطاع الصناعة
ويمكن خفض فاتورة الطاقة بنسبة عالية أيضا في قطاع الصناعة. يستهلك قطاع الصناعة كميات كبيرة من الطاقة على اختلاف أنواعها. إن 42 في المئة من المازوت المستعمل في الصناعة يذهب لتوليد الطاقة الكهربائية وحسب دراسات أجريت في سنة 1994، فإن المولدات الخاصة في الصناعة قديمة جدا. يبلغ معدل حوالي 15 سنة، وهي منخفضة الكفاءة، إذ تبلغ كفاءتها حوالي 20 بالمئة من الطاقة الحرارية للوقود المستعمل، مقارنة مع محطات توليد الطاقة الحديثة والتي تفوق كفاءتها الأربعين في المئة. وتستعمل 70 في المئة من الطاقة الكهربائية في قطاع الصناعة في تشغيل المحركات الكهربائية، وأكثر هذه المحركات قديم جدا ومنخفض الكفاءة.
إن الغلايات والأفران المستعملة في الصناعة قديمة جدا أيضا ومنخفضة الكفاءة. وإبدالها بأدوات حديثة تعمل على الغاز بدل المازوت، يرفع من كفاءتها ويخفض التلوث، ويوفر حوالي 40 في المئة من الطاقة المستعملة كما أنه يمكن الاستفادة من عوادم الأفران والغلايات وعوادم المولدات في تسخين المياه وما إلى ذلك فيستعاد جزء من الطاقة المهدورة.[7]
إن تحديث الصناعة اللبنانية، واستعمال تقنيات جديدة وحديثة في صناعة الإسمنت والزجاج مثلا واستعمال أفران وغلايات حديثة، ومحركات كهربائية حديثة وعالية الكفاءة، يرفع من القدرة التنافسية لدى قطاع الصناعة، ويخفض الفاتورة النفطية. وهذ يستلزم كما أسلفنا عند بحث قطاع الصناعة، سياسة صناعية جديدة تفتح المجال لهذه التطورات المطلوبة.
الطاقة الكهربائية
يمكن تتبع إنتاج واستهلاك الطاقة الكهربائية التي يتم ضخها على شبكة كهرباء لبنان، والتي لا تظهر الاستهلاك الفعلي الكامل للطاقة مع العلم أن إنتاج المؤسسة يمثل معظم الطاقة المنتجة والمستهلكة.
فخلال سنوات الحرب الأهلية تم بناء طاقة إنتاجية كبيرة في "الجية" و"ذوق مكايل". فقد اكتمل بناء معمل الجية الحراري في سنة 1981 بقدرة إنتاجية تبلغ 347 ميغاوات، وتم بناء مصنع "الذوق" في سنة 1988 بقدرة إنتاجية تبلغ 643 ميغاوات. إن زيادة الطاقة الإنتاجية لدى مؤسسة كهرباء لبنان تم في ظروف غير طبيعية من نواحي الإنتاج والنقل والتوزيع، ومن ثم قراء العدادات والفوترة والجباية. كما أن ظروف الحرب أعاقت عمليات الصيانة الدورية والضرورية للمصانع، مما ألحق بها أضرارا كبيرة وخفض كفاءتها وإنتاجيتها، ورفع كلفة إعادة صيانتها بعد انتهاء الحرب. فبعض الوحدات – مثل وحدات "توشبا" في الجية – عملت لمدة 40 ألف ساعة دون صيانة. إن نمو استهلاك الطاقة في الثمانينات لم يكن له علاقة بنمو الناتج المحلي القائم، أو بنمو معدل الدخل الفردي الحقيقي، كما هو الحال في جميع دول العالم. فقد تدنى الناتج المحلي القائم بشكل سريع أبان سنوات الحرب، وهبط بين سنتي 1982 و 1992 بحوالي 75 في المئة بالسعر الثابت، أي أن الدخل الحقيقي قد انخفض إلى ربع ما كان عليه عند بداية القرن، ولكن استهلاك الطاقة الكهربائية على شبكة كهرباء لبنان يظهر نموا في الاستهلاك بحوالي 68 في المئة. وإذا ما افترضنا أن عدد السكان لم يرتفع خلال هذه الفترة بسبب الحرب والهجرة من لبنان، فإن معدل استهلاك الطاقة كنسبة من معدل الدخل الفردي قد ازداد 6.7 مرات وهذه طبعا زيادة غير طبيعية على الإطلاق.
إن ازدياد استهلاك الطاقة الكهربائية خلال هذه الفترة يعود إلى أسباب عديدة أهمها:
أولا: إن سعر الطاقة لم يرتفع تلقائيا -بالليرة اللبنانية- مع انهيار سعر صرفها، مما جعل السعر الحقيقي للطاقة الكهربائية يتدنى بسرعة إلى ما دون كلفة إنتاجها. أصبحت الطاقة الكهربائية بديلا رخيصا لأشكال الطاقة الأخرى مثل المازوت والغاز المنزلي وحتى الحطب والفحم.
ثانيا: إن غياب السلطة وأجهزتها القمعية أدى إلى توسيع نطاق سرقة الطاقة عبر تعطيل العدادات أو التعليق المباشر على الشبكة. إلى أن الطاقة الكهربائية أصبحت طاقة مجانية لأكثرية المستهلكين.
ثالثا: إن عملية قراءة العدادت وإصدار الفواتير وجبايتها كانت متعذرة عمليا في معظم المناطق اللبنانية، أوأن الميليشيات المحلية قامت بعملية الجباية بمبالغ مقطوعة للمستهلكين، ولمصحتها.
رابعا: إن ظروف الحرب قد خلقت فوضى عارمة في البنية الإدارية والفنية للمؤسسة وشلت عملها إلى حدود بعيدة، وأصبح معظم الموظفين متغيبين عن العمل.
خامسا: إن مرونة الطلب على الطاقة الكهربائية مرتفعة جدا، وبإمكانها أي الطاقة الكهربائية أن تحل مكان معظم أشكال الطاقة الأخرى في الاستعمالات المنزلية والحرفية والصناعية كما في الإدارات والمؤسسات العامة.
لذلك، إن ظروف الحرب الأهلية خلقت أنماطا من السلوك ومن أنماط استهلاك الطاقة يصعب التراجع عنها. وخاصة أن بعضها تم التوظيف فيه بأوات استهلاك معمرة يصعب استبدالها من قبل الكثيرين في ظل الإفقار وتدني الدخل الحقيقي لمعظم اللبنانيين. مثل على ذلك كلقة السخانات الكهربائية للمياه ومعدات التدفئة الكهربائية، والغسالات الأوتوماتيكية، والأفران الكهربائية وغيرها من الأدوات المنزلية.
أما في الفترة الثانية (من سنة 1993 وحتى 2003) فإن العديد من العوامل السلبية التي حكمت فترة الحرب بقيت قائمة في مرحلة السلم.
فقد تم رفع ثمن الطاقة الكهربائية بشكل حاد جدا، ودون إقامة أي اعتبار لقدرة المواطنين على دفع هذه الفاتورة، وانعكاس هذه الكلفة المرتفعة على قطاعات الإنتاج وقدراتها التنافسية. فأصبح ثمن ك.و. ساعة من الطاقة في لبنان يوازي 4.5 أضعاف ثمنه في سوريا ومصر، و1.8 أضعاف ثمنه في الأردن. ولكن أنماط استهلاك الطاقة لم تتغير كثيرا بالنسبة للقطاع العام، والزعامات السياسية، وبالنسبة لأكثرية المستهلكين الذين لا يدفعون ثمن الطاقة، كما سنرى في ما بعد. فقد ارتفع إنتاج الطاقة وشراؤها، وخاصة في سوريا، وتوزيعها على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان من 4870 مليون ك.و.س. في سنة 1993 إلى 10548 مليون ك.و.س. في سنة 2003. أي أن إنتاج الطاقة وشراءها قد ارتفع بنسبة 116.6 في المئة خلال عشر سنوات، (إنظر الجدول رقم 3). لكن نمو ضخ الطاقة كان أعلى في السنوات الخمس الأولى، منه في السنوات الخمس التالية. ففي المرحلة الأولى نما ضخ الطاقة بنسبة 85 في المئة، وبمعدل سنوي قدره 13.5 في المئة. أما في المرحلة الثانية فكان مجمل النمو 17 في المئة وبمعدل 3.2 في المئة سنويا.
وربما يعود تدني معدل النمو إلى عدة أسباب أهمها:
أولا: أن العرض حتى الآن لا يوازي الطلب على الطاقة، بسبب تقنين الطاقة في جميع أنحاء لبنان في بعض الأحيان، وفي بعض أنحاء في كل الأحيان. وعدم التوازن بين العرض والطلب ليس جديدا كما يظهر الجدول رقم (6).
جدول رقم 6:
عرض وطلب الطاقة الكهربائية لبعض السنوات في لبنان (ميغاوات)
السنة |
1994 |
1995 |
1996 |
1997 |
الاستهلاك عند الذروة-ميغاوات |
1300 |
1400 |
1485 |
1570 |
الطاقة الإنتاجية المبينة |
1078 |
1134 |
1294 |
2053 |
الطلب والعرض (جيغاوات ساعة)
الطلب (جيغاوات ساعة) |
7350 |
7990 |
8630 |
9450 |
الطاقة التي تم إيصالها |
3748 |
4580 |
6346 |
7051 |
الطاقة التي تم إرسالها |
4571 |
5420 |
7492 |
8325 |
إن الطاقة الإنتاجية لدى مؤسسة كهرباء لبنان هي غير الطاقة المرسلة والطاقة المرسلة هي دائما دون الطلب على الطاقة. فقد كانت الطاقة الأنتاجية تقل عن الطلب في ساعات الذروة حتى سنة 1996. ولكن بعد ذلك أصبحت الطاقة الإنتاجية المبينة أعلى بكثير من الطلب عند ساعات الذروة. ولكن الطاقة المرسلة استمرت طيلة الفترة وحتى الآن دون الطلب على الطاقة كما يظهر الجدول أعلاه. وبالتالي فإن نمو الاستهلاك على الشبكة يحدده مقدار الطاقة التي تم إرسالها.
ثانيا: إن فترة الخمس سنوات الأولى شهدت معدلات نمو اقتصادي مرتفعة نسبيا، في الناتج المحلي القائم، مما رفع الطلب الفعلي على الطاقة ، مقارنة بمعدلات نمو جد متواضعة، بل سلبية في بعض سنوات المرحلة الثانية.
ثالثا: إن الأوضاع الإدارية لمؤسسة كهرباء لبنان لم تتحسن، ولم تتحسن معدلات الجباية بالتالي في المرحلة الأولى. ولكن نتيجة تنامي عجز المؤسسة المواكب لنمو المشكلة أو المأزق في المالية العامة، ونمو معدلات العجز في الموازنة والدين العام اشتدت الضغوطات على مؤسسة كهرباء لبنان مما أدى إلى تحسن معدلات الجباية حسب بعض الأرقام غير الموثوقة والمتضاربة في أكثر الأحيان، كما سنرى في ما بعد. فقد نمت الطاقة المسروقة خلال السنوات الخمس الأولى بنسبة 153 في المئة بينما تقلصت في المرحلة الثانية بنسبة 7.7 في المئة حسب مؤسسة الكهرباء (جدول رقم 3).
ويتوزع استهلاك الطاقة الكهربائية، حسب دراسات أجريت عند نهاية القرن الماضي بين القطاع المنزلي 48 في المئة، وقطاع الصناعة 20 في المئة، والمؤسسات والأبنية الحكومية 12 في المئة[8].
مؤسسة كهرباء لبنان
أصبح وضع قطاع الطاقة الكهربائية شاغل الناس والسلطة. يقول محمد قباني، رئيس لجنة الأشغال والطاقة في مجلس النواب، "إن هذا القطاع أصبح في حجم كارثة وطنية والصورة قاتمة الآن وفي المستقبل ولا رؤية مستقبلية واضحة."[9] وقال أن الإنفاق على قطاع الكهرباء كلف الخزينة حتى اليوم أكثر من عشرة ملايين دولار، دون أن يعطي أية تفصيلات عن هذه الكلفة. إن هذا الرقم فيه الكثير من المبالغة غير المبررة. إذ أن التوظيفات الثابتة منذ سنة 1992 لم تتجاوز الملياري دولار. أما العجز السنوي للمؤسسة خلال التسعينات فكان متواضعا جدا كما بين الجدول (رقم 7)، إذ تراوح العجز السنوي بين سنوات 1994 و1997 بين 33 و63 مليون سنويا، أما في القرن الحالي فتقدر مؤسسة كهرباء لبنان خسارتها من سنوات 2000 إلى سنوات 2004 بحوالي مليار دولار يمكن تحصيل 500 مليون دولار منها[10] فتكون الخسارة حوالي 500 مليون دولار. وبالتالي فإن كل ما أنفق من قبل الخزينة ومجلس الانماء والاعمار على قطاع الكهرباء لا يصل إلى حدود 3.5 مليار دولار. ربما كان تضخيم الرقم بهذا الشكل لاستنفار الرأي العام والسلطة لمعالجة مشاكل ها القطاع، أو ربما كان دعما لمطالب تخصيص القطاع بحجة رفع عبئه عن الخزينة.
فمنذ بداية التسعينات بدأت ضغوطات كبيرة خارجية وداخلية، تمارس من أجل خصخصة هذا القطاع الاستراتيجي. فقد "أقر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة (أيار 2000) مشروع قانون تنظيم قطاع الكهرباء في لبنان تمهيدا لخصخصة المؤسسة أو بعض قطاعاتها لا سيما قطاع الإنتاج وقطاع التوزيع ... ويأتي المشروع بعدما هدد البنك الدولي بتعليق قروضه المقررة، واتخاذ الإجراءات القانونية، ما لم يقر مشروع قانون يسمح بخصخصة الكهرباء وتأمين توازنها المالي بحلول العام 2002[11]. ويضغط البنك الدولي، وكذلك صندوق النقد الدولي لرفع سعر الطاقة الكهربائية[12] بالرغم من أن التعرفة اللبنانية هي الأكثر ارتفاعا في العالم، والتي انعكست سلبا على أداء كافة قطاعات الاقتصاد كما على القدرة على الجباية من المواطنين محدودي الدخل. واندفعت حكومات الرئيس الحريري على هذه الطريق ولكن أدبيات البنك الدولي الأخيرة تقول كلاما آخر، ففي تقرير التنمية لسنة 2004 يقول تقرير البنك الدولي: "إن الخدمات العامة تعاني من المشاكل بشكل منظم في الدول النامية، لكنه من الخطأ الاستنتاج بأن على الحكومات ترك كل شيء للقكاع الخاص" وشدد تقرير البنك الدولي على أن مشاركة القطاع الخاص في خدمات الرعاية الصحية والتعليم ومشاريع البنية التحتية ليست من دون مشاكل، سيما عندما يتعلق الأمر بإيصال الخدمات للفقراء... ويقول التقرير "إن الأعوام الأخيرة شهدت حماسا غير عقلاني إزاء المنافع المحتملة التي يمكن أن يؤمنها التخصيص". وقال التقرير أن مؤسسات الخدمات العامة التي تم تخصيصها لا تتمتع بقدر كبير من الصدقية في كثير من الدول النامية مشيرا إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت في الأرجنتين والبيرو في الآونة الأخيرة كشفت أن نسبة عدم الرضى عن هذه المؤسسات بين الناس تزيد عن 80 في المئة[13].
إن المشاكل التي تعاني منها مؤسسة كهرباء لبنان أصبحت معروفة، والحلول لهذه المشاكل مطروحة منذ سنوات طويلة، والذي تفتقده هو إرادة الإصلاح. إن إرادة الاصلاح مرتبطة بمصالح بعض أبناء الطبقة الحاكمة، من حيث المنافع المادية نتيجة التلزيمات وما تتضمنه من عمولات، ونتيجة الصفقات لإرضاء وتنفيع الأسياد في الخارج كما الأزلام والأتباع في الداخل، وبغية شراء مؤسسات القطاع العام بأزهد الأثمان بعد دفعها إلى الإفلاس. إن المشاكل التي تعاني منها مؤسسة الكهرباء وسبل الخروج السريع منها قد اختصرها المهندس الدكتور منير يحيى (أستاذ مادة الطاقة في الجامعة الأميركية، رئيس قسم الهندسة الكهربائية سابقا، عضو سابق في مجلس إدارة كهرباء لبنان) في دراسة موجزة قدمها لوزير المالية – الدكتور جورج قرم في سنة 1999، حيث إعادة المؤسسة إلى الربحية كان يحتاج إلى بعض القرارات، والمدة الزمنية لتنفيذها. وفيما يأتي نص التوصيات
الجدول رقم (3)
تقرير الطاقة المنتجة والموزعة والمفوترة من سنة 1982 وحتى سنة 1992(ملايين ك و س)
السنة |
1982 |
1983 |
1984 |
1985 |
1986 |
1987 |
1988 |
1989 |
1990 |
1991 |
1992 |
مجموع الإنتاج |
2405 |
2826 |
2718 |
3286 |
3629 |
4014 |
4197 |
2617 |
1531 |
3016 |
4045 |
الطاقة الموزعة |
2044 |
2402 |
2310 |
2793 |
3085 |
3412 |
3567 |
2224 |
1301 |
2564 |
3438 |
الطاقة المقدرة |
634 |
948 |
1083 |
1462 |
1633 |
1604 |
1777 |
1546 |
480 |
1212 |
1481 |
الطاقة المفوترة |
1401 |
1454 |
1227 |
1331 |
1452 |
1808 |
1790 |
678 |
821 |
1352 |
1957 |
الجدول رقم (4)
إنتاج الطاقة الكهربائية حسب مصادر الطاقة (مليون ك و س) من سنة 1993 وحتى سنة 2003
السنة |
1993 |
1994 |
1995 |
1996 |
1997 |
1998 |
1999 |
2000 |
2001 |
2002 |
2003 |
كهرباء لبنان |
4169 |
4629 |
4874 |
6265 |
7263 |
7890 |
7800 |
7467 |
7685 |
|
|
شراء من سوريا |
|
|
292 |
683 |
608 |
654 |
846 |
1767 |
2082 |
|
|
شركة قاديشا |
|
413 |
254 |
544 |
454 |
466 |
385 |
|
|
|
|
الترابة اللبنانية |
|
146 |
153 |
156 |
143 |
|
|
|
|
|
|
المجموع |
4870 |
5184 |
5573 |
7648 |
8468 |
9010 |
9032 |
9232 |
9437 |
10190 |
10548 |
الجدول (رقم 5)
تطور إنتاج الطاقة على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان من سنة 1982 حتى سنة 1992 (%)
السنة |
1983 |
1984 |
1985 |
1986 |
1987 |
1988 |
1989 |
1990 |
1991 |
1992 |
معدل نمو الإنتاج |
17.5 |
-3.8 |
21.1 |
10.4 |
10.6 |
4.7 |
-37.6 |
-41.5 |
97 |
34.1 |
تابع الجدول (رقم 5)
تطور إنتاج الطاقة على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان من سنة 1993 حتى سنة 2003 (%)
السنة |
1993 |
1994 |
1995 |
1996 |
1997 |
1998 |
1999 |
2000 |
2001 |
2002 |
2003 |
معدل نمو الإنتاج |
20.4 |
6.4 |
7.5 |
37.2 |
10.7 |
6.4 |
0.2 |
2.2 |
2.2 |
8 |
3.5 |
أهداف البرنامج
يهدف هذا التقرير إلى إيجاز التحديات الأساسية التي تواجه قطاع الكهرباء في لبنان من الناحية الاقتصادية- التقنية كما يلخص أسس برنامج إنقاذي وعملاني لتحسين جذري في كلفة الخدمات الكهربائية ونوعيتها وتخفيف الأعباء المالية المترتبة عنها.
الباب الأول: واقع القطاع الكهربائي، حقائق وأرقام
1، لا يزال مجمل الطاقة غير المجباة في مؤسسة كهرباء لبنان يزيد عن 45 بالمئة من الطاقة المنتجة. إن الخلل الأساسي يتمحور في عدم الربط بين الطاقة المجباة والطاقة الموزعة من جهة، والطاقة المنتجة من جهة أخرى. إن تفعيل الجباية عبر تقدير الفواتير المجباة يشكل الثغرة الأساسية في استمرار العجز السنوي لمؤسسة كهرباء لبنان والذي ساهم في تراكم ما يزيد عن 575 مليون دولار بين أعوام 1994 حتى 1997، دون احتساب الفوائد المترتبة عن هذا العجز.
2، إن الأعباء المالية المترتبة من قطاع الكهرباء على الخزينة اللبنانية يعود لسببين أساسيين: العجز في الموازنة السنوية ومدفوعات الدين وفوائده. وعلى سبيل المثال، شكلت، عام 1997، مداخيل مؤسسة كهرباء لبنان 359 مليون دولار فيما شملت مدفوعاتها 454 مليون دولار، وقد بلغ عجز موازنتها 100 مليون دولار. كما بلغ النقص في الجباية، عام 1997، 144 مليون دولار على قاعدة الطاقة الموزعة. إذاً كانت مؤسسة كهرباء لبنان قادرة على تسديد العجز السنوي والمساهمة في تسديد الديون المترتبة من الاستثمارات الجديدة والتي لم تبلغ عام 1997 أكثر من 70 مليون دولار أميركي.
3، إن تفعيل الجباية يؤدي إلى مساهمة فعالة في تسديد المديونية السنوية، ولكن لا يسمح بتحمل الأعباء الكاملة لهذه المديونية التي تصل ذروتها بين 1998 و2001 حيث تبلغ قيمة الديون الفوائد المترتبة 80 مليون دولار عام 1998، وتصل إلى 122 مليون دولار عام 2001، وتشكل فوائد الديون حوالي 40 بالمئة من هذه المبالغ.
إن معالجة فورية وعملانية تسمح بتخفيف حجم الخسارة التقنية السنوية والتي تصل في لبنان إلى 18 بالمئة، فيما المعدل الوسطي في دول آسيا 8.8 بالمئة. إن القيمة التقديرية لواحد بالمئة من خسارة الطاقة عام 1998 تبلغ من 6 إلى 7 مليون دولار. إن تخفيف 5 بالمئة فقط يساهم في تأمين مدخول إضافي يصل إلى 35 مليون دولار.
4، بلغت القيمة المقدرة لعام 1998 في الصيانة 40 مليون دولار، كما فاقت قيمة التجهيزات والمنشآت مبلغ 80مليون دولار. إن ذلك يتم في ظل فقدان كامل لواقع المخازن وضوابط سياسة المشتريات وفقدان مراقبة كاملة للتلزيمات على مستوى التوتر المتوسط والمنخفض (يلزم المشروع اسمياً لأكثر من مرة). إن الحد الأدنى المفروض في تخفيض هذه البنود يراوح ما بين 20 إلى 40 مليون دولار سنوياً في ظل مؤسسة مؤهلة حديثاً وتمتلك أكثر من 50 بالمئة من التجهيزات الحديثة.
5، بلغ مجمل الاستثمارات في القطاع الكهربائي 1600 مليون دولار أميركي والذي أدى إلى مشروع تجهيز معملين كهربائيين وشبكة من خطوط محطات ما يفوق عن 50 بالمئة من الشبكة الحالية دون التمكن من تأمين استقرار واستمرار التغذية. إن استمرار التأخير في تنفيذ أجزاء المشروع وبروز مكامن الخلل الهامة في المخطط التوجيهي سيعرض حركة الطاقة والتغذية الكهربائية إلى هزات مستمرة في السنوات القادمة مع انعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني عموماً حيث تعمل كافة المؤسسات لتأمين مصادر كهربائية خاصة إضافية.
6، إن الإيجاز في التقرير لا يسمح بالتطرق بإسهاب إلى مكامن الخلل المالي في المؤسسة حيث يمكن أن تتم مناقشة شفافة وموثقة ويمكن تلخيصه بأن الاستثمارات الكبرى في المنشآت والمعدات لم تترافق مطلقاً مع تغيير في أسلوب الإدارة والمراقبة حيث للمعلوماتية دور أساسي، كما إنها اعتمدت على المساهمة البشرية الأجنبية الباهظة الثمن والتي لم تتمكن من تقديم مساهمة مباشرة في المؤسسة.
الباب الثاني: منطلقات برنامج اقتصادي للقطاع الكهربائي في لبنان
تعتمد الاقتراحات المطروحة على المرونة المتوفرة في قوانين المؤسسة المالية والتي تسمح بالتعاقد مع الخدمات الهندسية والاستشارية الوطنية مباشرة كما تنطلق من تفعيل عدد من الانجازات المتوافرة حالياً لدى المؤسسة وذلك في إطار تحقيق مردودية اقتصادية عالية لهذه الخطوات مع تطوير الأداء التقني والخدماتي لمؤسسة كهرباء لبنان.
1، البدء بتنفيذ الجباية الممكنة في مدينة بيروت على قاعدة نظم المعلومات الجغرافية والمتوفرة حالياً لدى مؤسسة كهرباء لبنان.
أ، الفترة التحضيرية: مباشرة.
ب، المردودية المتوقعة: زيادة الجباية العائدة لمنطقة بيروت بقيمة 40 مليون دولار كحد أدنى ويمكن أن تصل إلى 75 مليون دولار.
ج، الأسباب التبريرية: جهوزية قاعدة المعلومات الجغرافية، جهوزية التطبيقات المعلوماتية، توافر كافة العناصر التقنية والبشرية لذلك.
2، إدارة عقود الجباية الحالية وجباية الامتيازات للانتقال إلى جباية فاعلة
أ، الفترة التحضيرية: شهران.
ب، المردودية المتوقعة: زيادة الجباية في المناطق بقيمة 80 مليون دولار كحد أدنى.
ج، الأسباب التبريرية: اعتماد العقود الحالية على قاعدة الفواتير المجباة وعدم ربطها بالطاقة الموزعة في المناطق، التلاعب القائم من المتعهدين في تسديد الجباية لمؤسسة كهرباء لبنان، الفساد القائم في تنفيذ عقود الجباية في ضواحي بيروت رغم إدارتها من شركة أجنبية في ظل غياب ضوابط التنفيذ (مليون دولار كلفة خمسة مهندسين أجانب من مجمل عقد قيمته 2.5 مليون دولار).
3، تجهيز نظام إدارة تحكم ومراقبة حركة الطاقة على قاعدة نظام معهد الأبحاث الدولية للطاقة الكهربائية EPRI والمعتمد في معظم المؤسسات الكهربائية العامة والخاصة.
أ، الفترة التحضيرية: شهر واحد.
ب، المردودية المتوقعة: تخفيض الخسارة التقنية بما يعادل 7 مليون دولار في السنة الأولى وترتفع إلى 35 مليون دولار. كما أن للمشروع مردودية غير مباشرة منها الاستفادة القصوى من المعامل الجاهزة والمنشآت التي يتم تجهيزها تدريجياً دون انتظار تكاملها، كذلك ربط الطاقة المنتجة مع الطاقة الموزعة.
ج، الأسباب التبريرية: غياب مركز التحكم الآلي وعدم إمكانية جهوزيته قبل ثلاث سنوات، فقدان أي تحاليل هندسية لحركة الطاقة في كهرباء لبنان، كثافة الأعطال الكهربائية وفقدان استقرارية التيار.
4، تحديث التشغيل والتحكم لقطاع التوزيع
أ، الفترة التحضيرية: مباشرة.
ب، المردودية المتوقعة: زيادة الاستفادة من الكابلات والمحولات والمنشآت القائمة وتخفيف الاستثمارات الإضافية في تلبية نمو الطلب الكهربائي ومتابعة الأعطال.
ج، الأسباب التبريرية: جهوزية القواعد المعلوماتية لمدينة بيروت، جهوزية بعض التطبيقات التقنية، واعتماد السياسة العفوية في تأمين المستلزمات المطلوبة (كابلات، حمولات، عدادات...).
5، اعتماد أسس معلوماتية لأنظمة المخازن والمشتريات
أ، الفترة التحضيرية: مباشرة.
ب، المردودية المتوقعة: وقف هدر المشتريات على صعيد تقييم الحاجات الفعلية للمخازن والتي لا تقل عن 20 مليون دولار في المرحلة الأولى وتصل إلى 40 مليون دولار لاحقاً.
ج، الأسباب التبريرية: كثافة المشتريات في المحولات والكابلات، فقدان تحديد مواقع الاستهلاك وأسبابها، انخفاض مستوى إنتاجية الأداء البشري.
6، اعتماد المراقبة الفنية والمالية المدققة للمشاريع الملزمة
أ، الفترة التحضيرية: مباشرة.
ب، المردودية المتوقعة: تخفيض حجم أعمال الحفريات والأعمدة والأسلاك والكابلات بمعدل 30 بالمئة في المرحلة الأولى بما يعادل 10 مليون دولار لتصل إلى النصف لاحقاً.
ج، الأسباب التبريرية: كثافة هذه الأعمال وعدم ارتباطها المباشر بنمو الحاجة على الطلب الكهربائي وتردد Variation order على معظمها.
7، اعتماد مبدأ الوحدات الحسابية لكافة مكونات القطاع الكهربائي: الإنتاج والنقل والتوزيع
أ، الفترة التحضيرية: شهران.
ب، المردودية المتوقعة: تحديد التوازن بين الإنتاجية والتكلفة لمكونات القطاع الكهربائي.
ج، الأسباب التبريرية: اعتبار موازنة مؤسسة كهرباء لبنان صندوق عام من الإيرادات ضمن مدفوعات متعددة وغير مرتبطة بدراسات الجدوى وإنتاجية الوحدات المتعددة في المؤسسة.
8، إجراء تقييم شامل للأرقام التقنية والمالية والبشرية في مؤسسة كهرباء لبنان
أ، الفترة التحضيرية: شهران.
ب، المردودية المتوقعة: إعطاء قيمة إضافية لموجودات القطاع الكهربائي في إطار تحضير إعادة الهيكلية.
ج، الأسباب التبريرية: "الغابة" اللاواقعية من تعدد الأرقام وعدم دقتها والعائدة لدراسات متعددة من البنك الدولي والسوق الأوروبية المشتركة والوحدات المختلفة في المؤسسة.
خلاصة
أخيراً إن العنوانين والمعطيات المطروحة في هذا البرنامج تشكل جزءاً من رؤية أكثر شمولية للقطاع الكهربائي في لبنان مرتكزة على دراسات تقنية واقتصادية واعتمدت منهجية واقعية يمكن ترجمتها إلى برنامج عمل متكامل ومحدد في جدولة زمنية لا تتجاوز السنة الواحدة وبكلفة لا تتراوح بين واحد واثنين في المئة من معظم الاستثمار في هذا القطاع وضمن مردودية تتجاوز 30 بالمئة من إيرادات المؤسسة المالية.
هذا البرنامج يعتمد على الإمكانيات المتوفرة للعنصر البشري في المؤسسة مع دور فاعل لخبرات محلية ومؤسسات استشارية أثبتت إمكانياتها في القطاع الخاص وفي الخدمات المتشابهة محلياً وعربياً ودولياً. كل ذلك يسمح بإطلاق حركة عصرنة كاملة للقطاع الكهربائي على قاعدة التقنيات الحديثة دون الانجراف في مصالح الشركات الأجنبية المحكمة سيطرتها على المؤسسة وأقسامها.
(إعداد د. منير يحيى: أستاذ مادة الطاقة في الجامعة الأميركية في بيروت، رئيس قسم الهندسة الكهربائية سابقاً، عضو سابق في مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، رئيس المؤتمر الأول لتطبيق المعلوماتية والأتمتة في المؤسسات الكهربائية في الدول العربية، في روما 1995، استشاري في تحديث وإعادة هيكلة القطاعات الكهربائية، مؤلف لما يزيد عن 25 مقال علمي في مجلات ومؤتمرات دولية، مشارك فاعل في الحلقات الدولية حول الطاقة والتخصصية، مؤتمرات أوروبية أميركية) الموضوع بتاريخ 5 شباط 1999.
لا ريب في أن المشاكل في مؤسسة كهرباء لبنان قد تفاقمت وتعددت منذ سنة 1999، ولكنها ما زالت قابلة للحل إذا ما توفرت الإرادة ومصلحة المعنيين لحلها.
تتوزع المسؤولية عن هدر الأموال ومنع المعالجة الصحيحة بين مجلس الوزراء ومجلس الإنماء والإعمار والهيئات الاستشارية العالية الكلفة (كهرباء فرنسا EDF وشركة أوجيه العالمية) والشركات المصنعة لمحطات التوليد الحرارية والشركات الملتزمة لخطوط النقل، وكذلك إدارة مؤسسة كهرباء لبنان وبعض أجهزة السلطة الأخرى. فمركز اتخاذ القرار غير معروف تماماً، وصلاحيات هذه الجهات غير محددة دائماً، وبالتالي تضيع المسؤولية وتنعدم المحاسبة. إن نظرة على تقرير التفتيش المركزي في هذا الخصوص ومطالعة المدعي العام المالي توضح أبعاد هذه المشاكل.
ورد في جريدة السفير (6-7-2004): "حمّل التقرير القضائي وزير النفط الأسبق شاهيه برصوميان مسؤولية ترتيب أعباء مالية إضافية على عاتق الدولة، برفضه تخصيص خط تفريغ بحري للمحروقات في مصفاتي الزهراني ودير عمار لمصلحة كهرباء لبنان". إن ذلك دفع إلى بناء خطوط تفريغ جديدة بجانب الخطوط الموجودة سابقاً، دون أي مبرر سوى إجراء تلزيمات جديدة وما ينتج عنها من عمولات. وتقول السفير "إن التأخير في استلام المجموعتين أدى (حسب مطالعة المدعي العام) إلى إلحاق خسائر مادية بالمؤسسة، كون تشغيل المجموعتين يحقق وفراً يوازي مليون دولار شهرياً". إن عدم استلام المجموعتين من قبل مؤسسة كهرباء لبنان كان بسبب ظهور عيوب واضحة فيهما مثل ارتجاجات بالتوربينات وتآكل في الريش، ونقص في التنفيذ.
إن الاستشاري، كهرباء فرنس وأوجيه العالمية، هما اللذان وضعا مواصفات المشاريع وشروط التلزيم. ولكن تم تعديل هذه المواصفات بعد التلزيم. ويقول المدعي العام في تقريره: "معظم الأوامر التعديلية جرى تنفيذها بالاتفاق بين الاستشاري كهرباء فرنسا والمتعهد، دون موافقة مسبقة من مجلس الإنماء والإعمار، ولكنها حصلت على موافقة لاحقة على سبيل التسوية... خلال عملية تجهيز المعملين كانت العلاقة مباشرة بين رب العمل، مجلس الإنماء والإعمار، والمتعهد "تحالف أنسالدو- سيمنز"، ولكن الإشراف يعود إلى كهرباء فرنسا والاستشاري أوجيه العالمية. ولم يكن هناك إشراف مباشر من كهرباء لبنان على التنفيذ. وحيث أن لجنة شكلت من قبل مجلس الإنماء والإعمار لاستلام المعامل ضمت ممثلين عن كهرباء لبنان، وقد تعذر إجراء تجارب الأداء وتشغيل الدارة المختلطة بالقدرات التصاعدية بسبب عدم وجود مخارج كهرباء كافية، بسبب عدم استكمال خط 220 فولت... اعتمد الاستشاري "كهرباء فرنسا" الاستلام المؤقت.
هنا يبرز السؤال: من المسؤول عن عدم التنسيق بين بناء المصانع واستكمال خطوط النقل؟ مجلس الإنماء والإعمار أم "كهرباء فرنسا" أم مؤسسة كهرباء لبنان؟
يقول المدعي العام المالي: "عند استلام المجموعة الثالثة البخارية في الزهراني والتي تم استلامها في 6-1-2000 ورفض ممثلو كهرباء لبنان توقيع محضر الاستلام بسبب موضوع التآكل الحاصل على الريش والارتجاجات ونواقص في الأشغال المنفذة. وحيث أن الاستشاري، كهرباء فرنسا، اعتبر التآكل "يحصل عادة في المجموعات البخارية وهو ضمن التسامحات المقبولة" ونصح كهرباء لبنان باستلام المجموعة وتشغيلها". السؤال الذي يطرح هو: هل تعمل "كهرباء فرنسا" لحماية المصالح اللبنانية، وهي مستشارة لصالح لبنان، أم للتغطية على المتنفذين في الشركات الأوروبية؟ أما المدعي العام اللبناني (طوني لطوف) فيحمل المدير العام، جورج معوض، مسؤولية عدم الاستلام، وكذلك صلاح الدين أبو الخدود، ويطالب بمعاقبتهما!
واتضح أنه في دير عمار، وبجانب التآكل في الريش حصل عطل في المكثف Condenser إضافة إلى وجود بند في العقد يقضي بتدريب فريق عمل تابع لمؤسسة كهرباء لبنان مهمته استلام المعامل وتشغيلها للاستغناء لاحقاً عن خدمات الملتزم، مقابل مبلغ مليون دولار. لم ينفذ هذا التعهد، واستمر تلزيم الصيانة لشركات أجنبية بمبالغ طائلة.
ويختم المدعي العام المالي مطالعته: "إن الأوامر التعديلية بلغت 30 مليون دولار في دير عمار و27 مليون دولار في الزهراني... وحيث أن ما ورد في تقرير التفتيش المركزي الأول حول وجود أخطاء وإهمال وتواطؤ خلال عملية التلزيم وتنفيذ المشروعين من قبل مجلس الإنماء والإعمار وأعضاء لجان الاستلام والاستشاري كهرباء فرنسا وأوجيه العالمية، أدت إلى إلحاق الضرر بالمال العام، واقع في غير محله، ولم يثبت خلال التحقيق وجود مثل هذا الأمر، ويعني بالتالي من غير سند قانوني".
عقود التشغيل والصيانة
اقترح مجلس إدارة كهرباء لبنان عقد اتفاق بالتراضي مع "أنسالدو" لتشغيل وصيانة المحطتين الجديدتين... وخلال استمرار مرحلة التفاوض، صدر قرار آخر عن مجلس الوزراء بالموافقة على توقيع عقد مع "أنسالدو" على أساس المبلغ المقترح منها، مستبقاً موافقة مجلس إدارة كهرباء لبنان. ويرى التفتيش المركزي أن العقد المذكور تسبب بإهدار الأموال العامة استناداً لكون العقود اللاحقة جاءت أسعارها اقل بحوالي 50 بالمئة مما تم التعاقد عليه (جرت مناقصة للتلزيم) وخلوه (أي عقد التلزيم بالتراضي) من أي بنود جزائية خلال الفترة التحضيرية على عاتق المتعهد، في حين ألزمت كهرباء لبنان بنص جزائي مما يجعل العقد غير متكافئ (المصدر نفسه). فمن يحاسب مجلس الوزراء؟
شراء المشتقات النفطية
يتم استيراد الفيول أويل والمازوت لمؤسسة كهرباء لبنان عبر الشركات المستوردة للبترول، بأسعار خيالية لا يمكن مقارنتها بالأسعار السائدة في منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط. فيزيد سعر طن الفيول أويل في لبنان عن مصر مثلاً بأكثر من 50 دولار حسب أسعار سنة 2001 (السفير، 12- 10 2001)، وتتسع الهوة مع ارتفاع الأسعار. ورفض لبنان عروضاً ليبية وكويتية وسعودية لتزويده بهذه المشتقات بأسعار أدنى بكثير من الأسعار المعمول بها، بحجة أن مواصفات الفيول والمازوت المستعملة في المعامل الحرارية لا تتلاءم والمواصفات المطلوبة للمصانع الحرارية حسب ادعاء شركات النفط المستوردة. فقد تلقى كل من رئيس مجلس الوزراء، الحريري، ونائبه مذكرة حول العقود النفطية اللبنانية لجهة المواصفات والشروط المحددة للاستيراد والاستلام والاستقدام (بعض المواصفات لا وجود لمختبرات لها في لبنان، السفير، 19-10-2004)، من قبل بعض المعنيين بالقطاع النفطي. وأشارت المذكرة إلى أن الفيول المستخدم في لبنان هو الأفضل والأعلى سعراً، وهو لا يتوافر في أسواق المنطقة، باعتباره وضع وفقاً لما يتلاءم والمجموعات العاملة في لبنان (السفير، 19-10-2004).
إذا كان ذلك صحيحاً، أي أن المواصفات الموضوعة للمشتقات النفطية مختلفة عن مواصفات المشتقات المتوفرة في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فذلك يدل على سوء تخطيط بل تواطؤ بين الشركات النفطية المستوردة وصانعي المعامل الحرارية. وتقع المسؤولية على عاتق الاستشاريين الجانب واللبنانيين. ولكن معمل الجية والذوق اللذان يستخدمان الفيول أويل تم تشغيلهما في الثمانينيات من القرن الماضي، ولم يذكر شيء في الماضي عن مواصفات الفيول أويل المستوردة، بل كان التذمر من أن المعملين يعملان على أسوأ وأرخص نوع من الفيول الأكثر تلوثاً للبيئة. وجميع أنواع الوقود المستخدمة في المعامل الحرارية لتسخين البخار وتحميصه في الغلايات Boilers ولا دخل له بالتوربينات ويمكن استبداله بأي نوع آخر من الوقود، كالفحم الحجري المطحون أو الغاز. وكل الكلام عن مواصفات الوقود هو لتبرير الاحتكارات ونهب المال العام ليس أكثر.
يقول الوزير صحناوي: " أن استعجال استخدام الغاز في معملين على الأقل يوفر 250 مليون دولار من أصل عجز قدره 350 مليون دولار"، في سنة 2004 (السفير، 13-12-2004). ولكن الذي أعاق إيصال الغاز إلى هذه المعامل قدّم خدمات كبيرة للشركات المستوردة للشركات النفطية. وكذلك الذي أخر إنجاز خطوط النقل 220 كيلو فولت، يريد أن تستمر خسائر مؤسسة كهرباء لبنان، ويريد تزايد النقمة الشعبية عليها وعلى التقنيين لتبرير تخصيص القطاع.
هدر أموال مؤسسة الكهرباء
يتم هدر أموال المؤسسة بأشكال شتى كما ظهر أعلاه. وتبقى بنود عديدة أخرى في نطاق الهدر المقصود أو المرفوض علاجه ومنه الأشكال الآتية.
أ، إن الخسائر التشغيلية وغير التشغيلية جد مرتفعة على الشبكة، وتتفاوت تقديراتها بين جهة وأخرى. فبينما تقدر مؤسسة كهرباء لبنان أن السرقات على الشبكة تدنت عند نهاية سنة 2004 إلى حدود 14 بالمئة (السفير، 13-12-2004) تقدر جهات أخرى عليمة أن السرقات بجانب الطاقة التي لا تتم فوترتها تصل إلى حدود أقلها 28 بالمئة من الطاقة التي يتم توليدها، وأن الهدر الفني يصل إلى أكثر من 15 بالمئة، وبعضهم يقدره بحوالي 18 بالمئة. أي أن مجمل الهدر يصل إلى 43 بالمئة من الطاقة. ويمكن تخفيض الهدر التشغيلي إلى المعدلات العالمية المقدرة بحوالي 8 بالمئة. أما الهدر غير التشغيلي فيحتاج إلى قرار سياسي وفني. إذ أن وضع أجهزة القياس الآلية مع المكننة يمكن الشركة من كشف أي سرقة على الشبكة وضبط السارقين، وذلك يحتاج إلى قرار سياسي. كما أن هناك نقص في تركيب العدادات ونقص في قراءتها وفي جباية الفواتير.
ب، عمدت مؤسسة كهرباء لبنان إلى تلزيم قراءة العدادات والجباية، كخطوة على طريق التخصيص. رسا الالتزام على شركة للجباية لقاء 2.9 بالمئة من قيمة الفواتير، وعلى شركة قراءة العدادات بنسبة 11 بالمئة. وعلق النائب محمد قباني على ذلك قائلاً: "من المؤكد أن الجباية أصعب من القراءة لأنها تتطلب زيارات عدة من قبل الجابي فيما القراءة تستلزم زيارة واحدة" (السفير، 4-8-2004). وكانت مؤسسة كهرباء لبنان قد رفضت مشروع القراءة الآلية للعدادات، وخاصة في المدن، والتي لا تكلف شيئاً يذكر، لمصلحة التلزيمات المرهقة مالياً للمؤسسة وغير الفاعلة أيضاً.
ج، هناك أربع التزامات خاصة للكهرباء في لبنان، نشتري الطاقة من مؤسسة الكهرباء ونبيعها للمشتركين. إن كلفة الكيلو وات ساعة لدى المؤسسة تحسب 107 ليرات لبنانية. وكانت تبيع الطاقة للمؤسسات الخاصة بسعر حوالي 70 ل ل. ولكن مجلس الوزراء السابق أقر تخفيض الثمن الواحد إلى حوالي 40 ل ل فقط للكيلو وات ساعة، وذلك بغية زيادة أرباح الشركات أصحاب الامتيازات وعلى حساب مؤسسة كهرباء لبنان، ولزيادة خسائرها.
د، هناك 110 وزارات ومؤسسات ورئاسات (بما فيها رئاسة الجمهورية ومجلس النواب) مدينة للكهرباء بمبلغ 353 مليار ليرة. حاول أحد الموظفين تنفيذ قرار مجلس الوزراء بقطع التيار عن المؤسسات التي لا تدفع فواتير الكهرباء فاستدعي للتحقيق لساعات (السفير، 19-10-2004). ولم يكرر المحاولة.
واضح مما تقدم أن المشكلة الأساسية بالنسبة لمؤسسة كهرباء لبنان هي سياسية. إذ أن الفساد الشامل والمتشابك على مختلف الصعد من أعلى القمة الإدارية والسياسية إلى أدنى المستويات أصبح متجذراً. وإفلاس المؤسسة هو هدف سياسي واقتصادي لدى بعض أركان الطبقة الحاكمة بغية تخصيصها. والمطالبة بزيادة التعرفة للطاقة الكهربائية عشية استكمال بناء محطات التوليد وخطوط النقل ومحطات التحويل، واستكمال بناء أنابيب الغاز من سورية، وعشية استكمال الربط السداسي الذي سيتيح للبنان استيراد الطاقة بأقل من نصف كلفة توليدها في لبنان في الوقت الحاضر، كل ذلك سيؤدي إلى خفض كلفة الطاقة إنتاجاً أو استيراداً، وبالتالي فإن تخصيص هذا الامتياز الإستراتيجي والذي يشكل جزءاً أساسياً من البنية التحتية، يصبح وليمة دسمة جداً للرأسمال الاحتكاري في لبنان.
[1] عدنان الشهال، (رسالة بخط اليد زودنا بها الكاتب).
[2] نفس المصدر.
[3] د. محمد بدوي. هو رئيس لجنة ومدير عام منشآت النفط في طرابلس سابقا، أستاذ في الجامعة اللبنانية/ كلية الهندسة، الفرع الأول.
[4] بدوي، محمد، مجلة العولمة، العدد2 حزيران 2002.
[5] Financial times oct.25 1999
[6] السفير، في 18/3/2004.
[7] Assessment of energy efficiency measures: The case of Lebanon
دراسة غير منشورة قام بها مجموعة من أساتذة كليات الهندسة بتمويل من إحدى مؤسسات الأمم المتحدة.
[8] Chedid, Riad; Energy efficiency of Lebanon, May 1999
دراسة قدمت للحلقة الدراسية حول الطاقة في مصرف لبنان
[9] الحياة، 28/9/2004.
[10] السفير، 28/7/2003.
[11] السفير، 15/7/2000.
[12] السفير، 29/10/2001.