جورج بوش والمغامرة الامبريالية المنتظرة

غالب أبو مصلح

 22-2-2007

 

 

يبدو أن استشراف مسيرة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، من إيران إلى فلسطين وسورية ولبنان، صعب على أي محلل سياسي فجمود المساعي السلمية، تتسابق مع الحشود العسكرية، وصيحات القتال تختلط بدعوات القتل، ويقف على رأس القوة العالمية الكبرى، وهي صاحبة القول الفصل في هذا المجال، " رئيس حرب" كما يسمي نفسه، يفكر في الحرب في يقظته، ويحلم بها في سباته, رئيس فقد ثقته إلى درجة مهينة له ولحزبه، لا بسبب مغامراته الامبريالية، بل بسبب فشل هذه المغامرات وقد أفرزت الانتخابات النصفية للكونغرس أغلبية تعمل على منع مغامراته الخاسرة، رئيس حالم بالمجد والخلود" وما المجد إلا السيف والقنبلة".


رئيس يعتقد أن القدرة الإلهية قد اختارته لإنقاذ بلده من انحدارها التاريخي وهبوطها التدريجي من وحدانية القطبية العالمية، رئيس طرح من سنوات كأسلافه الكبار مبادئ سياسي ظن أنها ستكون ثابت يسترشدها إسلافه من الرؤساء للقرن الواحد والعشرين حيث ترسخ الامبريالية الأمريكية هيمنتها العالمية على شعوب العالم في مرحلة نهاية التاريخ،" الحرب الوقائية، الحرب الاستباقية، الفرادة الأمريكية، وتخطي أو إسقاط كل القوانين والمواثيق الدولية، حيث شاء ومتى شاء"


ولكن سرعان وما سقطت هذه المبادئ البوشية مع إغراق أمريكا في الوحول العراقية، فانتفضت أمريكا اللاتينية من براثنها وكذلك كوريا الشمالية من عدوانيتها وانحسرت اندفاعتها الامبريالية عن سورية وإيران، واو تعثرت حتى الآن .


أي تحليل عقلاني، أية قراءة موضوعية عسكرية واقتصادية وسياسية لحال الولايات المتحدة تقول باستحالة قيامها بمغامرات عسكرية جديدة في الوقت الراهن، فكلفة الحرب على العراق تخطت كلفة حرب فيتنام بالقيمة الحقيقة في الوقت الراهن فكلفة هذه الحرب جعلت الوضع الداخلي الأمريكي له الأولوية عما سواه، وقاربت المديونية الكلية 40 تريليون دولار وبلغ العجز السنوي في حساب المدفوعات الجاري الحقيقي قرابة تريلون دولار، والعجز التجاري 850 مليار دولار، ويتقزم الدولار ودوره العالمي تدريجيا مع تدني نصيب الولايات المتحدة من الناتج العالمي وضعف مقومات الاقتصاد الأمريكي الأساسي.


أليست كل هذه مؤشرات واضحة على المسيرة الانحدارية للامبريالية الأمريكية؟.


لكن بوش الرئيس الحالم يعتقد أن الله قد اختاره لإنقاذ أمريكا من مسيرتها الانحدارية عبر مغامرات عسكرية جديدة، فها هو يقارن عناده الانتحاري بعناد الرئيس الأول للولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطن" جزار السكان الأمريكيين الأصليين" الذي قاد ثورة الاستقلال عن بريطانيا فيقول: أن هذا عناد الجنرال " إذ أن جيشه الذي شمل 13 مستعمرة متحدة، كان مرات عديدة على مشارف الكارثة" لكن عناده قاده إلى النصر في النهاية" إن تكريم جورج واشنطن يحملنا على تذكر المصاعب العديدة التي تجاوزها، ومسيرة تاريخ الولايات المتحدة كان سيتغير لولا تمرده وتصميمه لكن في نهاية المطاف أدرك الجنرال واشنطن أن الثورة هي امتحان لإرادات عدوه وإرادته لن تقهر".


إن هذا الرئيس المهووس بالحروب يعتقد أن الخروج من المأزق التاريخي الذي ادخل بلده فيه يكمن في توسيع وتعميق المغامرات الامبريالية ذاتها، وهذا هو الغباء المطلب.


إن معارضة الإدارة الأمريكية لأي حل سلمي للصراع في لبنان وفلسطين وإيران، وإفشال كل وساطات الحلول كما طلب رفع الموازنة العسكرية الأمريكية بنسبة عالية جدا، كما تزويد إسرائيل بسرب من الطائرات الأحدث البعيدة المدى، وتدريبها على الطيران من الأرض المحتلة إلى جبل طارق ذهابا وإيابا دون توقف وتزويدها جوا بالوقود كما تزايد حشود الأساطيل الأمريكية في الخليج وبحر عمان، وانضمام حاملتي طائرات إلى الأسطول الأمريكي الخامس هناك كما حركات الدبلوماسية الأمريكية وخاصة كونداليزا رايس واجتماعاتها في عمان مع رؤساء الأجهزة الاستخباراتية السعودية والأردنية والمصرية والإماراتية إضافة إلى الأمير بندر بن سلطان الذي أوتي به من بطانة بوش في واشنطن إلى مصب الأمين العامل لمجلس الأمن القومي السعودي.


كل ذلك ينذر بشن عدوان امبريالي جديد ربما فاض عن إيران ليشمل المشرق العربي كله.
إن هذا العدوان الامبريالي المنتظر سيكون الضربة القاضية للامبريالية الأمريكية وسيضع شعب المنطقة على مشارف مستقبل حر مفتوح إلى آفاق جديدة رغم الأثمان الباهظة للعدوان على هذه الشعوب.


عين كسور
غالب أبو مصلح

 22-2-2007