لماذا جامعة بيروت العربية |
طارق عمار
منذ تأسيسها في ستينيات القرن الماضي، لم تشهد جامعة بيروت العربية أحداثاً كتلك
التي حصلت في هذين العامين. هذه الجامعة كانت ولا زالت لكل اللبنانيين ولكل العرب،
ولم يستطع أي طرف أن يجيرها لحسابه على مدى نصف قرن.
أما اليوم فهل صدر قرار بمصادرة الجامعة العربية، وجعلها محسوبة على طرف سياسي في
البلد دون باقي الأطراف؟
على ما يبدو أن إدارة الجامعة بعيدة عن هذه الشبهة، ولكن لا يخفى على أحد أن لدى
فريق المستقبل أطماع في السيطرة على هذا الصرح التعليمي!
ما حصل في الجامعة ليس مجرد مشّادة كلامية بين شابين ينتميان إلى نهجين متناقضين،
لأن الأمر توقف عند هذا الحد داخل الجامعة. فما الذي دفع أنصار المستقبل إلى تطويق
الجامعة والاعتداء على الطلاب في داخلها وخارجها؟ الإشكال الطلابي يبدأ وينتهي داخل
أسوار الجامعة. أما الآن فلماذا ابتدأ في الجامعة؟ ولماذا انتهى في خارجها؟
إن معظم الجامعات وفروعها في المناطق المختلفة، وخاصة المجمع الجامعي في الحدث، قد
حسمت هويتها السياسية لصالح المعارضة في انتخابات مجالس الفروع في العام الماضي، ما
انعكس سلباً على السلطة التي يتبجح أركانها بأنهم هم الأكثرية الشعبية وراحت تخطط
لأمرين.
الأمر الأول أن تمنع انتخابات مجالس الفروع في الجامعة اللبنانية ومجالس الطلاب في
الجامعات الخاصة حتى لا تصاب بنكسة طلابية تنعكس على الأوساط الشعبية في ظل الضغط
الذي تمارسه المعارضة عليها.
الأمر الثاني أن تفرض هي سيطرتها على بعض الجامعات، خاصة في الجامعة العربية حيث لا
انتخابات لمجالس طلابية، للإيحاء بأن الرأي العام يقف إلى جانبها.
ولتحقيق هذين الأمرين لجأت قوى السلطة إلى افتعال أحداث الخميس في جامعة بيروت
العربية. أما لماذا تم اختيار هذه الجامعة، فذلك يعود لسببين:
الأول جغرافي، حيث تقع الجامعة في أطراف الطريق الجديدة- على الرغم أن هذه المنطقة
تتنوع فيها الاتجاهات السياسية- التي يسيطر عليها تيار المستقبل بالترهيب.
والثاني ديموغرافي حيث يستطيع هذا التيار عبر التجييش المذهبي أن يحشد المئات من
الشباب في محيط الجامعة، وهذا الأمر يصعب عليه في الجامعات الأخرى.
إذن الهدف مما حصل لا يقف عند أسوار الجامعة العربية، بل يتعداه ليشمل كافة
الجامعات والكليات والمعاهد، عبر الترويج لمنطق الميليشيات الذي باعتقادهم يكفل لهم
انحسار شعبية المعارضة وإرهاب جمهورها والحد من تحركها. هذا بعدما فشلوا في الإيقاع
بين أطرافها. لجأت قوى 14 شباط إذن إلى الأسلوب الميليشيوي لإضعاف القوى الوطنية،
لأنها غير قادرة على جذب طبقات الشعب بأكثريتها. فمشروعها لا يتلاءم مع هذه
الأكثرية الشعبية، لا على الصعيد السياسي ولا الاقتصادي ولا الاجتماعي، بل على
العكس فان مشاريعها تسحق الشعب وتذله.
طارق عمار