تركيا... أجندة قلقة

رشيد كركر
محام ، لبنان


هي الجغرافيا. الخوف منها وعليها يرسم جيوبوليتك الدولة ويحصر الأهداف الإستراتيجية بتراتبية تحددها درجة القلق ووجهته.
وقصة تركيا الحديثة مع الجغرافيا بدأت بانتصار القائد التركي الشجاع كمال أتاتورك حين نجحت مناوراته القتالية والسياسية في المحافظة على وحدة الحيز الجغرافي للدولة الحديثة. وكان هذا النجاح هو المكون الحقيقي لدور الجيش في بنية الدولة وبنائها وتوجهاتها المستقبلية .
أما التعريف السياسي لهذا الدور فكان المحافظة على "علمانية" أرادتها "الكمالية" هوية دولة وثقافة مجتمع، فنجحت في الأولى إلى حين وأخفقت في الثانية. فالعلمانية التي شاءها أتاتورك رسالة اطمئنان للجار الأوروبي ونعي جدي لأحلام التوسع الإمبراطوري، لم تستطع أن تشكل نسقاً اجتماعيا ولم تبلور محتوى ثقافي للأتراك تلغي حنينهم لهوية دينية كانت تمثل في وجدانهم المبرر الوحيد لامتداد هذا الحيز الجغرافي وتماسكه.
 

قلق الهوية
إن التحقيب لعلاقة الدولة الكمالية مع المجتمع التركي يرصد بوضوح درجة القلق التي تنتاب هذا الأخير حيال الوافد الثقافي التي أرادته الأولى هوية جديدة لمجتمع ومرحلة جديدين. ويكشف أن هذه الهوية الجديدة لم تكن سوى هوية مفتعلة عجزت عن التفاعل الكلي مع حركية المجتمع. ولا يرد على ذلك بالقول أنها لقيت تجاوباً من فئات اجتماعية أساسية كالطائفة العلوية، لأن هذا التلاقي كان على مستوى رغبة هذه الطائفة في رفع الحيف الاجتماعي التي أنتابها طيلة الحقبة العثمانية وتوجهها نحو تأكيد الذات وحجز دور في إطار علاقة تبادليه مكشوفة مع السلطة القائمة.
لقد واجه مؤسس الدولة التركية الحديثة ثورات العشرينات بسبب توجهاته العلمانية. ثم لم يلبث الحزب الحاكم بعد وفاة المؤسس وتحديداً في العام 1947 أن تراجع عن موقفه حيال دور الدين في الحياة الاجتماعية واعتبر في مؤتمره العام الذي انعقد في السنة أعلاه أن "... الدين هو غذاء روحي للمجتمع..." وسمح بإقامة دورات للأئمة والوعاظ ورخص بإنشاء كلية الإلهيات في جامعة أنقرة، كما أجاز إدخال الدين كمادة تدريسية اختيارية لتلامذة المرحلة الابتدائية وقرر إجراءات لتسهيل الحج وفتح المقابر أمام زيارات الراغبين بذلك.
وفي الخمسينات وبعد فوز حزب عدنان مندريس تعززت الإصلاحات وأجيز رفع الأذان باللغة العربية وألغي الحظر على البرامج الدينية وشرعت معاهد تخريج الأئمة والخطباء، كما تم بناء 1500 مسجد وصارت مادة الدين تدرس لتلامذة المرحلة المتوسطة.
قيل أن سياسة مندريس كانت وراء الانقلاب الذي وقع في العام 1960، إلا أن السلطة المدنية التي استلمت الحكم بعد الانقلاب استمرت في النهج الاستيعابي عينه. وهنا يذكر الأستاذ محمد نور الدين في كتابه "قبعة وعمامة" أن هذه الفترة عرفت هجرة الريف إلى المدينة وما صاحب ذلك من تعزيز لثقافة الأرياف المحافظة في المدن وهي ثقافة دينية.
وفي مرحل سخونة الحرب الباردة بين النظام العالمي السائد آنذاك اضطرت السلطات التركية وتحت وطأة الحاجة إلى التقرب من العالمين العربي الإسلامي الترخيص بمزيد من التسهيلات للحالات الدينية في تركيا.
وجاء الدستور التركي الأخير ليقرأ في نصوصه حالات التموضع الثقافي داخل المجتمع التركي. فكما أن المادة /118/ منه شرعت دور الجيش حارس العلمانية في صياغة قرار الدولة من خلال مؤسسة مجلس الأمن القومي. جاءت المادة /24/ لتقر وبصورة نهائية دور الدين في المجتمع حين كرست إلزامية تدريس الدين في المدارس الابتدائية والمتوسطة.
وهذا التكريس الدستوري الذي جاء إثر انقلاب عسكري تزامن مع مساهمة وجوه إسلامية معتدلة في تأسيس حزب الوطن الأم الذي استلم السلطة بعد الانقلاب. هذا الحزب الذي سمحت سياسة الانفتاح الاقتصادي التي انتهجها للبرجوازية الإسلامية في تأسيس شركات كبيرة كان لها الدور الحاسم في النهضة الاقتصادية، والى حد ما في تعديل الأولويات الإستراتيجية للسياسة التركية بعد النجاحات التي حققتها استثماراتها في أسواق العالمين العربي والإسلامي وانعكاس ذلك الإيجابي على الوضع الاقتصادي في تركيا.
من هنا نستطيع أن نلتقط أن حضور الإسلام السياسي في الحياة السياسية التركية بدأ يستمد شرعيته ليس فقط من رافد الهوية، بل من خلال المساهمة الفعالة في النهضة الاقتصادية التي توجها نجم الدين أربكان بإطلاق المنظمة الاقتصادية للدولة الإسلامية.
إلا أن تمادي أربكان في ذلك وعدم إدراكه لدقة التوازنات الداخلية والمتغير الدولي وتحديداً على الضفة الإيرانية، الذي وصل إلى حد قيام السفير الإيراني في أنقرة في المشاركة باحتفال في يوم القدس العالمي وقوله أن "... من وقع اتفاقا مع إسرائيل سوف تحاسبه الشعوب..."، رفع من درجة حساسية الجيش والولايات المتحدة الأميركية حيال سياسته ومواقفه، التي أمنت الغطاء الدولي لانقلاب العام 1997، ولعل الولايات المتحدة لم تكن متحمسة لتغطية الانقلاب، بل ربما كانت تشجع هذا النموذج من الحكم الإسلامي.
 
إن الوقائع التي سجلها الإسلام السياسي في الحياة السياسية والاجتماعية التركية عجز الانقلاب العسكري عن إلغائها. فضلاً عن أن السلطة المدنية التي استلمت إثر الانقلاب كانت أشبه بحالة "أوليغارشيه" من كونها نظاماً سياسياً يعبر عن تطلعات الأمة التركية. وفي هذه المرحلة عرفت تركيا حالة انفصام بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني التي ساهمت نجاحات الإسلاميين الجدد الممسكين بها بعودة مظفرة لهم إلى السلطة وإمساكهم من خلال حزب العدالة بمقاليد الحكم منفردين للمرة الأولى.
إلا أن هذه النجاحات المستجدة وتلك القديمة على صعيد الاقتصاد الوطني لم تكن الفاعل الوحيد، إذ لا بد من الإشارة إلى المراجعة النقدية التي أجراها حزب العدالة لعلاقته مع التوازنات الدقيقة لمراكز القوى داخل النظام السياسي. والتي يمكن إيجازها بالرؤية الجديدة التي تبناها الحزب لعلاقة الدين بالدولة من خلال ممارسته العملانية لمفهوم "مشروع الدولة المدنية بمرجعية إسلامية". وهي تدشين لمرحلة ما بعد الرؤية النمطية للإسلام السياسي لمشروع الدولة واختصارها المكثف بمرحلة "ما بعد الإخوانية" على حد تعبير رئيس وزراء السودان الأسبق الصادق المهدي.


قلق الجغرافيا
استحوذت تركيا على اهتمام الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية بسبب مجاورتها للإتحاد السوفيتي وبسبب الصلات الإتنية التي تربطها بالشعوب الإسلامية التابعة له.
ونستطيع القول وبتلخيص شديد أن الهدف الإستراتيجي الوحيد الموضوع على الأجندة التركية حينها، نظير الدور المطلوب دولياً، هو الانضمام إلى جنة الإتحاد الأوروبي. إلا أن انهيار الإتحاد السوفييتي وتداعيات هذا الانهيار جعل الجيوبوليتك التركي يتسع، وبدأت الأسئلة الملحة تطرح نفسها على الأجندة التركية. وأبرزها هل أن انهيار نظام الثنائية القطبية واستحالة تكريس نظام الأحادية واتجاه هذا النظام إلى التعددية القطبية، يبقي خيار الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي هو الخيار الإستراتيجي الوحيد؟ سيما وأن رحلة الانضمام تعوقها معضلات حضارية من الجانب الأوروبي الذي يعكر مزاجه انضمام 70 مليون مسلم إلى الحاضرة المسيحية وحالة الإسلاموفوبيا التي تسيطر على العقل الأوروبي حيال الهجرة الإسلامية. ولعل انتخاب ساركوزي مؤخراً جاء أصدق تعبير عن هذا الهاجس.
ويكفي أن نشير إلى أن بريطانيا التي استطاعت حين ترؤسها الإتحاد الأوروبي فرض قرار على شركائها ببدء عملية مفاوضات انضمام تركيا إلى الإتحاد، رفض 55% شملهم استطلاع الرأي داخلها انضمام تركيا إلى الإتحاد. هذا فضلاً عن عدم رغبة الأوروبيين الإنفاق من حساب أجيالهم القادمة لاستنهاض اقتصاد يحتاج إلى الكثير من الدعم والتأهيل برأيهم لمجاراة اقتصاد دول الإتحاد. ويبدو أن الأوروبيين يفضلون إنفاقها لأسباب ما على شعوب دول الإتحاد الجديدة، كذلك يبدو أن تركيا مكتفية الآن بأن تحتل رتبة الشريك الثاني الاقتصادي للإتحاد الأوروبي.
المعضلات السالفة إضافة إلى ما أنتجه انهيار الإتحاد السوفييتي من إعادة انفتاح للمجال الجوي التركي باتجاه جمهوريات آسيا الوسطى، والقلاقل التي يتسبب بها الغزو الأميركي للعراق، وسعي إيران إلى امتلاك السلاح النووي... كونت بمجملها مستجدات طوارئ على العقل الإستراتيجي التركي– ومشروع حزب العدالة والتنمية جزء منه– جعله يتطلع للتفكير بإمكانية حيازة دور فيما يسمى "منطقة الفراغ الإستراتيجي".
وانطلاقا من ذلك وخشية أن يأتي توزيع الأدوار القادم على دورها في المنطقة، سارعت الحكومة التركية إلى إذابة الجليد المكون في علاقتها مع الولايات المتحدة إثر موقفها من غزو العراق. فوافقت فوراً على فكرة انضمامها لقوات حفظ السلام التي كان يزمع إرسالها إلى العراق، وطورت صيغة انتشارها أثر الاعتراض الكردي على مشاركتها بحيث اقترحت تمركز قواتها من شمال غرب العراق إلى بغداد. على أن يشمل هذا الانتشار الموصل وكركوك والسليمانية أي منطقة النفط الغنية. علماً أن هذا الانتشار اللاتصادمي يضع الإقليم الكردي بين فكي كماشة. وخطة الانتشار المقترحة آنذاك كانت تومئ، إضافة إلى معطيات أخرى بانحراف المعالجة التركية للمسألة الكردية عن نمطها التقليدي. ولعل الذي ساعد على ذلك هو قناعه أكراد العراق باستحالة تحقيق مشروعهم التاريخي في ظل سيادة المعطيات القائمة وأن ما توصلوا إليه يعتبر أفضل الممكن.
فالحكومة التركية لا زالت تحكمها هواجس القلق من المشروع الكردي إلا أنها بدأت باستعمال وسائل معالجة محاذية للأعمال العسكرية فرضتها المتغيرات الإستراتيجية التي تحول دون سيادة النمط التقليدي للمعالجة. ومن هذه الوسائل الانفتاح على القضية الكردية والتخفيف من احتقاناتها الداخلية والذي تمثل بإلغاء مادة من قانون الإرهاب تتضمن الملاحقة الجنائية للسياسيين والمعارضين بتهمة الانفصالية والسماح باستخدام اللغة الكردية في محطات التلفزة والسماح بتدريسها في عدد من المدارس.
ومن المفيد هنا الإشارة إلى أن ما أملى هذا التعديل ذا الطبيعة الاستيعابية للمسألة الكردية هو القلق التركي من أن يخطف العراق الدور الإستراتيجي لتركيا في السياسة الأميركية سيما وأن القيادة التركية فوجئت بالخيارات البديلة المتوفرة للولايات المتحدة بعد رفضها السماح باستخدام قواعدها لبدء الهجوم على العراق.


لقد أدركت تركيا أن أي تسوية عراقية ستكون مؤشراً على طبيعة النظام العالمي والنظام الإقليمي الذي سيسود في المرحلة المقبلة، لذلك فإنها سارعت لإطفاء سلبيات عدم تدخلها العسكري في العراق والالتفاف عليها  من خلال الآتي:
أ‌-       استعدادها لاستيعاب المسألة الكردية بنمطية جديدة من خلال ما تقدم وكذلك من خلال الاستعداد التركي ليكون الإقليم الكردي في شمال العراق بوابة عبور النفط والتجارة إليها شريطة وأد الأحلام التاريخية، وبعبارة أخرى استعدادها لمعالجة هواجسها بطريقة لا تشكل مصدر توتر جديد للمشروع الأميركي في العراق وبما يحفظ دور لها في المستقبل.
ب‌-           إصرارها على المشاركة في قوات اليونيفيل التي أرسلت إلى جنوب لبنان، في إشارة رمزية ذات دلالة مكثفة على جدية خيارها الشرق أوسطي.
ج- التخفيف من حدة التوتر التي كانت قائمة في العلاقة مع سوريا.
ومحاولة لعب دور ما– وهو بالتأكيد ليس الضغط- في الأزمة اللبنانية السورية.
د- المشاركة الملفتة لرئيس وزرائها في القمة العربية التي عقدت مؤخراً في السعودية.
أما على صعيد العلاقة مع إيران فلقد بقي يحكمها معطى أساسي وهو عدم رغبة أنقرة في إزعاج الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن هذه العلاقة خرجت من ثنائية الأصولية– الانفصالية.
فتركيا لم تعد تخشى تمدد النموذج الإيراني كما أنها رضيت بموقف إيران من الحركات الانفصالية التركية. لكن يبقى أن مشتركاً لا يمكن التغاضي عنه في الموقف الأميركي التركي وهو عدم رغبتهما في رؤية إيران تمتلك السلاح النووي. هذا دون أن ننسى الصراع الصامت على النفوذ في جمهوريات آسيا الوسطى.


ونختم القول في هذا المقام أن أسلوباً تركياً يمكن تلمسه في مقاربة تلك الملفات، وهو عدم مجاراة الولايات المتحدة الأميركية الحالية في أسلوب تعاطيها مع ملفات المنطقة. وتلمس طريق آخر لحيازة دور مرتقب في هذا الشرق الأوسط قوامه الحضور الاقتصادي الفاعل والتخفيف من الاحتقانات، واعتماد سياسة الحوار الدائم مع الجيران دون إسقاط دور القوة العسكرية في لعبة تستهدف التوازنات الداخلية. وربما يكون ذلك بمثابة ملاقاة مبكرة للسياسة الآتية للإدارة الأميركية الجديدة أو ربما تعبيراً عن الشخصية الحضارية لتركيا التي دفعت برئيس أركان جيشها في وقت ما أن يعارض إقرار اتفاقية الكويز الاقتصادية لأنها تسمح لرئيس الولايات المتحدة أن يلغيها متى يشاء وأن يحدد المناطق الصناعية التي تستفيد منها داخل الأراضي التركية الأمر الذي اعتبره تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لتركيا.


الجيش، الحكومة... قلق النظام
لقد أعادت الأزمة الأخيرة بين الحكومة والجيش مسألة دور هذا الأخير في الحياة السياسية التركية إلى الواجهة.
والحديث عن دور المؤسسة العسكرية التركية لا يعوزه الكثير من التأكيد. لكن ما بات يحتاج إلى ترقب هو انحسار هذا الدور وأسباب هذا التراجع.
صحيح أن دور الجيش ومهامه متصل بجغرافيا الدولة وصحيح أن الجغرافيا لا تتحرك. ولكن الصحيح أيضاً هو أن الوقائع الداخلية والخارجية هي التي تتغير وتتبدل.
فمعدلات النمو التي وصلت إلى 7،6% غير متحمسة لحروب العسكر إضافة إلى سائر الأرقام الذهبية التي حققها الاقتصاد التركي في ظل حكومة رجب طيب أردوغان. ومنها أن معدل التضخم انخفض إلى 7،6% في العام 2005 مقابل 70% في العام 2001، وأن متوسط دخل الفرد بلغ 5000 $ في العام 2005 مقابل 2181 $ في العام 2001 كما أن الصـادرات التركية بلـغت في العـام 2005 73 مليار دولار مقابل عجز في العام 2001 بلغ أكثر من 26%.
أضف إلى ذلك ما سبق وأشرنا إليه وهو تراجع سياسة الحسم العسكري لمسألة الإقليم الكردي في شمال العراق لمصلحة السياسة الاستيعابية دون أن نسقط نجاح سياسة سحب فتيل الأزمة في العلاقة التركية– السورية.
هذه المعطيات إذا ما استجمعت وأضيف إليها التزام حزب العدالة والتنمية بعدم ضرب التوازنات السياسية الداخلية القائمة بل إفراغها من محتواها، يضع أي محاولة من قبل الجيش إلى إعادة الاعتبار لدوره الآخذ بالتراجع عبر انقلاب عسكري مغامرة غير محسوبة، خاصة وأنه بات واضحاً بعد الموقف الأميركي الأخير أن لا غطاء دولياً سوف يعطى لها ويشرعها.


لقد شاء القدر أن تكون جغرافيا تركيا الآن سبباً لقلق دائم. قلق على الهوية، وقلق على الموقع والدور، وقلق ينتاب النظام السياسي. وهي الجغرافيا عينها التي كانت المسهل تاريخياً لإقامة إمبراطورية كبيرة. والسؤال هل ستبقى الجغرافيا سبباً للقلاقل؟ أم ستعيد إنتاج الإمبراطورية بنمطية "ولايات- شركات" تضخ أموالها إلى الباب العالي و"ولاة" هم رعايا من نوع العمال وصغار الكسبة؟


طرابلس، 24-5-2007