حال الأمة في عالم يتغير -1-
العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته

تقرير سياسي تأسيسي يتواصل بتقرير شهري
 

العالم ليس سلعة والعرب ليسو للبيع

"العالم ليس سلعة والعرب ليسو للبيع"، هذا هو شعار العرب والعولمة. وهذه قناعتها، ولتأكيدها والإضاءة عليها كحقائق مادية أزلية، كانت انطلاقتها، وتستمر برغم بعض التعثر الذي واجهته.

لماذا العالم ليس سلعة؟ وكيف تأكدت هذه المقولة وصارت حقيقة معاشة؟ ولماذا العرب ليسوا للبيع؟ الحقيقة الثانية التي صارت حاكمة في تطورات المنطقة والعالم بأجمعه.

هذا ما سيحاول التقرير التأسيسي عن حال الأمة في عالم يتغير، إثباته، والتأسيس عبره لتقرير شهري، وبعده أسبوعي يشرح حال الأمة، ويرصد تطور دورها في قلب الأحداث الجارية، ويتنبأ بآليات تشكل تطورات المستقبل ويرصدها بعين دقيقة، وبرؤية استباقية ما أمكن، مدركين أن المستقبل في مدى رؤيتنا وإن لم يكن في مطال يدنا. وما نفعله اليوم هو بالضبط كتابة تاريخ المستقبل وصياغة عناصره المادية الفاعلة.

منهجية التقرير بحث وتقصٍ وربط وجمع وحذف وتثبيت وتركيز للإحداث والتطورات الجارية في ساحاتنا، وبلادنا العربية وعالمنا الإسلامي، امتداد إلى العالم باتجاهاته الأربعة. والمقصود بالربط والتركيز النظر إلى الأحداث على أنها متصلة ومتشابكة، تؤثر وتتأثر على نحو بالغ الإحكام. والمقصود أيضاً العمل على ضبط حركة هذه الأحداث، لمعرفة ما سيكون عليه الغد وما بعده. والقاعدة الذهبية التي اجمع عليها المنظرون الكبار، في الرأسمالية وفي الاشتراكية العلمية، أن القيادة والتفكير العلمي والفاعلية الراغبة بتصنيع المستقبل تتحقق عندما تتقن معرفة الجاري اليوم، وما قد يكون الحاصل غداً، فالتدخل الواعي ضروري ليكون الغد في صالح ما نؤمن به ونعمل عليه.

ويعتمد المنهج التحليل الملموس للواقع الملموس، واقتراح برامج وخطط ملموسة لمعالجته، والتعامل معه بقصد توفير فرص النجاح في انجاز ما هو مطلوب.

 

ثوابت التقرير ومنطلقاته

1-       أن العرب امة كانت ذات شأن في ما مضى، وهي كذلك اليوم، وستكون على شأن مستقبلاً.
2-   أن العرب يعيشون على ارض هي من أغنى بلاد العالم، ومن أهمها موقعا جغرافيا حاكما وحاسما في مجريات القضايا العالمية، وهذا ما أكدته التطورات العالمية ومستجداتها، بما في ذلك الثورات العلمية والتقنية، وفروع الاقتصاد الجديد ولم تنفها قط.
3-    أن العرب في مرحلة مخاض شديدة العسر، لكنها ستنتج مولودا ما ذكرا، أم أنثى، أو تموت الحامل وولدها، فالقديم قد تآكل واهترأ، ولم يعد قادراً على تجديد نفسه ومد ذاته بأي من أسباب الحياة والاستمرار. فالحمل طال، والولادة صارت واجبه وضرورة تاريخية حاسمة.
4-    أن العرب هم، بين الأمم القليلة في العالم، الأمة التي لم تنجز ثورتها التحررية الديمقراطية ولم تقم دولتها الوطنية بعد. والسمات الحاكمة لمسارات أحداث القرن الواحد والعشرين قطعت بأن الإنسانية دخلت طور العالمية، وقاعدتها الوحدات القومية والاتحادات ما فوق القومية والقارية، واشترطت لانخراط إحدى الأمم في هذه السمة أن تتحد وتتحرر على حدا "لكي يقوم اتحاد طوعي وواع بين الأمم لابد أن تحرر كل أمة على حدا".
5-    إن العرب، بناءً على الجغرافية والبنية الأنترويولوجية والنفط والمناخ والمال وعولمة الاقتصاد العالمي قد وضعوا في قائمة الأمم المهيأة لتصبح مركزا اقتصاديا قويا وجاذبا. ولأنهم هكذا تستهدفهم أشرس حملة يتوحد فيها الغرب وتتفعل أدواته، وتستخدم أعتى الأسلحة واهم التطورات التقنية والعلمية لكسر شوكتهم وإنهائهم بتفتيتهم، والعبث بكياناتهم وبناها الجغرافية والاجتماعية، واحتلال أوطانهم الأكثر أهمية، وفرض إدارات احتلالية عليها، وتطويقهم من كل جانب، وإلغاء سماتهم المشتركة، وتحويلهم إلى "هنود حمر" كشرط لازم لإعادة صياغة موازين القوى العالمية وتوفيرا لأسباب إضافية لخروج الاقتصاد العالمي الليبرالي من أزماته البنيوية القاتلة.
6-    إن العرب، في المرحلة التاريخية الجارية، ولأنهم ساحة الاشتباك الوحيدة والأكثر دموية يتشكلون كعنصر فاعل في تقرير مستقبل أقاليمهم والعالم.

تلك ثوابت استنادية لتقارير سياسية تتعرف إلى حال الأمة. وتصفها بواقعية كما هي عليه، لا كما يجب أو كما نرغب أن تكون. ومن الواجب التعرف على حال الأمة الراهنة، والمتغيرة في عالم يتغير بسرعة البرق، وقد انمحت المسافات، وتقلص الزمن... وهذه مقدمات لا بد من تكريسها لتوفير البيئة الحاضنة لإنتاج وعي جديد، يقوم على المحاكمات العقلانية، ورصد ومعالجة ما يجري بقصد تحديد ما نحن عليه اليوم، وما الذي قد نكون عليه غدا، لنتدخل تدخلا واعيا لجعله في صالح أمتنا.

 

العالم يتغير، والعرب في قلب معادلة وأسباب المتغيرات

خمسة عشر عاما مدة قصيرة هي التي استغرقتها الهيمنة الإمبراطورية الأمريكية على العالم، فصارت اقصر ولاية لإمبراطورية عالمية، هذا ما اجمع عليه الكتاب الكبار، ومنهم صقور من صقور واشنطن وعلى رأسهم ريتشارد هاس الذي نعى السيطرة الأمريكية على الشرق الأوسط، وتوقع أن تختل التوازنات الإقليمية والدولية، وهذا ما أقرت به رايس في محاضرتها عن سياسة خارجية في عالم متغير نعت فيها الهيمنة الأمريكية على العالم وأقرت بولادة نظام متعدد القطبية، وبصعود الإقليمية الجديدة، والجميع يعترف أن هذه المتغيرات لم تتولد إلا بفاعلية الممانعات والمقاومات العربية والإسلامية والشواهد لا تحصى.

 

صورة الحال العالمية في عام 2007 صارت على النحو الآتي

-     الغرب عموما، دخل طور أزمة بنيوية مؤشراتها قاتلة، وإرهاصاتها علامات على دنو مرحلة انهيار إمبراطوريات وزوال حقبة سيطرة أوروبا وخليفتها أمريكا" الانكلو ساكسون" في أول عناصرها العجز البيولوجي" الشيخوخة" وفقدان السيطرة على التفوق الكتولوجي، والعجز عن تخديم الطموحات الإمبراطورية، وتلبية حاجات النخب الحاكمة والمالكة لاستعادة قرون الاستعمار القديم ووسائطه، فقد تحولت الأمم بمنظوماتها الفكرية والاجتماعية وحاجاتها، ومعرفتها من أن تكون إمبراطورية عدوانية إلى سلامية تبحث عن تقاطع المصالح كما في درس الاتحاد الأوروبي وتشكله، وكما في الانعطافة الحادة والسريعة للرأي العام الأمريكي من مؤيد للحروب إلى رافض لاستراتيجياتها واكلافها ومن مؤيد للصقور إلى عقابي لهم وللوبيات وعلى رأسها اللوبيا الصهيونية وتأثيراتها المدمرة على الغرب وشعوبه وإدارته.

-         أمريكا لم تعد قائدة مهيمنة في العالم، ولا باستطاعتها أن تكون بعد الآن.

-         العالم لم يعد بحاجة إلى أمريكا بل صارت عبئا ثقيلا عليه" ما خلص إليه ايمانويل طود في كتابه ما بعد الإمبراطورية" وتتثبت صحته مع كل تطور، وبسبب عدوانيتها وعجرفتها، وتراجع دورها الاقتصادي وتحولها دائنة تعتاش على نهب الأمم والشعوب، واستهلاك ثرواتها وتبديدها والتسبب بالتغييرات المناخية المدمرة.

-     أمريكا في المرحلة التاريخية الانتقالية، وفي ظرف قاتل، هذه الحقيقة كرستها الانتخابات النصفية، والاختلاف الجوهري بين الإدارة المتصدعة والمنتهية الصلاحية بأزماتها المفتوحة وتساقطات أوراقها الصفراء وتمردات الصقور وعتاتهم، مع المؤسسة الحاكمة وقواها النافذة" الكونغرس والبنتاغون، والتقارب بين الحزبين بما خص الحرب على العراق، والحرب على إيران، وإلزام بوش بتقرير بيكر هاملتون"، ومع الرأي العام الأمريكي الناهض للتو يستعيد بعض دوره وحضوره، ويصارع لاستعادة حقوقه الاجتماعية وحريته الفردية والجماعية.

-     إجماع واشنطن يتهاوى، وتتعمق أزماته، وإيديولوجيا الليبرالية تنحسر بسرعة وتضعف قبضتها على الاقتصاد العالمي في دول المركز والاطراف، مع عودة روسيا لاقتصاد السوق الاجتماعي، وتقدم الصين ونموذجها العالمي، وانحياز الهند لذات القواعد التنموية الاجتماعية، ويسارية أمريكا اللاتينية، واتساع دائرة التمرد على توصيات صندوق النقد الدولي، وانعطاب منظمة التجارة العالمية، وظهور انكفائية في أمريكا وأوروبا، والأسواق القارية، وضعف الدولار، وصعود عملات دولية منافسة، ودخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة تنذر باحتمال أزمة ركود شبيه بأزمة 1929 وانسداد الآفاق أمام تهريب الأزمة عبر الحروب التي صارت مكلفة جدا، وسببا إضافيا في تسارع عناصر الانهيار مع الاختلالات الفلكية في أرقام الكلية للاقتصاد الأمريكي" عجز الموازنة يناهز 600 مليار دولار، عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات بما يفوق التريليون دولار، المديونية العامة تربو على 40 ترليون دولار، وحاجة أمريكا يوميا لاستدانة 2 مليار دولار ما أعطى آسيا وبلاد النفط والفوائض المالية سلاحا فتاكا يمكنها باستخدامه حينما تضطر أو تقرر إسقاط الاقتصاد الأمريكي بالضربة القاضية وتفجير أمريكا نفسها.

-     يجري تصحيح الخلل البنيوي في ظاهرة العولمة" العالمية" التي صارت سمة إنسانية تفرض نفسها وتتقدم ، وتتساقط القدرة على أمركتها أو لبرتها، وتنفتح أفاق جديدة، تفترض وجود إدارة عالمية من طابع مختلف لا يكون الاحتكار والامتياز فيها للخمسة الكبار فحسب، ولا تكون بأي حال أمريكا مهيمنة وقحة، وبلطجية، فقد ولت تلك الظروف التي منحت الإدارة الأمريكية القدرة على تهميش المنظمة الدولية الصدئة والمترهلة، وإلحاقها واستخدمها كجهاز تفصيلي ثانوي في وزارة الخارجية والحرب الأمريكية، والشواهد كثيرة ليست قضية مينمار، وتمردات الدول على قرارات مجلس الأمن المنحازة والعدوانية سوى الإرهاص والاختبار الأولي.

-     أمريكا اللاتينية والكاريبي تمردت، وأطلقت ثوراتها الاجتماعية بطابعها اليساري وساعية إلى بناء إقليمية متحدة، قادرة على التشكل كقطب قاطر، مع البرازيل الدولة الثامنة صناعيا في العالم، وفنزويلا الوافرة الثروة النفطية والغاز، و450 مليون إنسان، وما يفوق 10 ملايين كليومتر مربع في جغرافية ممتدة، وهي ساعية ومساهمة إلى إسقاط الهيمنة الأمريكية بصياغاتها ووسائلها المتعددة، وقد كانت الحديقة الخلفية للبيت الأبيض، وأول خطوات الرأسمالية الأمريكية للتحول إلى الامبريالية مع مبدأ منرو والهيمنة القسرية على هذه القارة واستثمارها بطريقة جشعة، وأول تجارب الليبرالية وأوحشها اختبرت فيها وقد تمردت الشعوب عليها وبدأت رحلتها باتجاه وبخيارات جديدة، وفي أول مؤشراتها الدعم والتضامن مع الأمم الممانعة والمتمردة وحركات المقاومة خاصة العربية والإسلامية.

-     آسيا، ونموذجها التنموي والتفاعلي مع أمم وشعوب أخرى على قاعدة تقاطع واحترام المصالح والخصائص تتحول إلى مصنع العالم، والقوة الاقتصادية القاطرة، وتمسك بمفاتيح الاقتصاد التقليدي المنتج، وترتقي في الاقتصاد الافتراضي واقتصاد المعرفة والتكنولوجيا كمنافس عالمي يتقدم بسرعة إلى القيادة على حساب الهيمنة الأمريكية والأوروبية.

-     آسيا تتحد في آليات ومنظومات اقتصادية وسياسية وعسكرية ما فوق قومية، وتتسارع الخطى لتطوير وتعميق منظمة شنغهاي وتحويلها إلى حلف منافس وقطب وازن حاكم في اتجاهات التطورات والسياسات الدولية، ومع صعود الصين الاقتصادي وتهديدها للمصالح الأمريكية والأوروبية في آسيا، وإفريقيا وتمددها إلى أمريكا اللاتينية، وكندا، واستراليا، تستعجل الاشتباك مع الغرب الامبريالي، وتتحول تباعا إلى عنصر محرك للتطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، وروسية الساعية إلى استعادت دورها بعد خروجها من مرحلة الانهيار وبدء رحلة صعودها الاقتصادي وتقدم دورها وسعيها لتقليم أظافر الغرب الذي حاول وسعى لإسقاطها والعبث باستقرارها صارت قوة محركة في توازن دولي جديد سمته التعددية القطبية التنافسية، وبذلك عادت تظهر عوارض حرب باردة جديدة محورها الدرع الصاروخي الأمريكي في أوروبا الشرقية، وعلى تخوم روسيا والصين، وسباق التسلح، وسباق الهيمنة على الموارد وجغرافيتها وطرقها، وخطوط نقلها " أنابيب الغاز والنفط الآسيوية التي عادت تمر من روسيا بغير رغبة أمريكا وأوروبا" فآسيا مع روسيا، والصين، والهند تتحول بسرعة برقية إلى قطب صاعد اقتصاديا على حساب أمريكا وشراكتها مع أوروبا ونخبها الرأسمالية ذات النزوع الإمبراطوري الاستعماري.

-     أوروبا وإدارتها دخلت ذات الطور الأمريكي، وبعضها يدفع فاتورة هيمنة أمريكا على اقتصادها وإدارتها، وتعيش نفس طبيعة المرحلة القاتلة، فالاتحاد متصدع ومأزوم، وقد أسقطت فرنسا وهولندا الشعبية الدستور بسبب ليبراليته، وأسقطت حرب العراق ازنار، وبيرلسكوني، وبلبر، وغيرت من توازنات فرنسا الداخلية، وصارت التطورات تفعل فعلها وأزمات المجتمع الأوروبي تصعد الى السطح مع مشكلات الضواحي الفرنسية، وإسقاط العمال والطلاب لقانون العمل الشيراكي، وصار التوازن السياسي الداخلي في كل من البلدان الأوروبية متوازن بصورة قلقة ورجراجة، كما أفادت انتخابات ألمانيا، والانتخابات الفرنسية، الحالة التي تنتج إدارات عاجزة ودفاعية وغير قادرة على حمل وتطبيق مشروعها بهجومية سافرة، وهي الحالة ذاتها التي تفيد بعدم وجود قوة اجتماعية صاعدة قادرة على تلبية الاحتياجات التاريخية والنهوض بالمهام الجديدة، فعجز فرنسا وألمانيا الدولتان القائدتان في أوروبا القديمة وصاحبتي مشروع الوحدة الأوروبية، ينعكس في انكفائية الاتحاد ودوره، ويعطي فسحة اكبر للدول الثانوية كاسبانيا، وايطاليا المتجهتان مع اليونان إلى اليسار الاجتماعي والسياسي.

 

العالم يتغير بسرعة مذهلة، والسمات القوانين الحاكمة للمتغيرات، والمتفاعلة معها والناتجة عنها تفيد بجديد تاريخي غير مسبوق كمثل

-     لم تعد دول المركز الصناعي والقوة العسكرية والاقتصادية هي المؤثر الوحيد وباتجاه واحد في العالم بل صارت الأطراف تمتلك قدرة التأثير الفاعلة والنوعية في خيارات المركز نفسه وفي سياساته، وفي تقرير إداراته والتزاماتها، هكذا تحولت الحرب على العراق بمساراتها وآثارها ونتائجها وفلسطين، وأفغانستان، والموقف من ترويج الليبرالية، سببا مباشرا في تغيير ولاءات وخيارات المجتمعات الأوروبية، والأمريكية والعالمية، فغدت العناصر المشكلة لبرامج وحراك القوى السياسية والتزاماتها والمسبب بسقوط أو نجاح هذه أو تلك من الإدارات وتمكنها.

-     العولمة، وطبيعة الاقتصاد العالمي، وفروعه الجديدة، قاربت بين أهمية وتأثير المركز والأطراف، ولم تعد معها الدولة الصناعية هي المركز المقرر في الحركة الاقتصادية العالمية واتجاهاتها وجعلت من الأطراف قادرة في الشبكة الاقتصادية العنكبوتية أن تتشكل كمراكز فعل وتأثير، فغدت دول الموارد صاحبة قدرة، كدول الأسواق، ودول الأموال، ودول الموقع الجغرافي الحاكم، وتحولت إمارة كقطر لتصبح قوة إعلامية عملاقة، وإمارة كدبي لقوة مالية، وتجاربه متقدمة عالميا، وصارت السعودية بنفطها ومالها وسوقها قوة مؤثرة وقادرة على التمرد، والانحياز والاتفاق بحرية اكبر مع هذه الدولة القطبية أو تلك ولم تعد محكومة بولاء أعمى للإدارة الأمريكية ومشاريعها وقراراتها الهمايونية، ونجحت ماليزيا بكسر عصا الطاعة لإجماع واشنطن وضغوط دول المركز.

-     عادت الشعوب، وحركاتها، ومقاوماتها، وخياراتها لتعلب دورا حاكما ومؤثرا في مسارات الأحداث واتجاهاتها عالميا وفي كل قارة وفي كل دولة، فالحركة العالمية التي أطلقتها الطبقات الوسطى الأوروبية، والأمريكية في مقاومة الأمركة المعولمة، وحفزت شعوب وأمم العالم الثالث تحت مسمى حركة مقاومة العولمة والعدوان، تشكلت بتياراتها وبناها، وكتلها وتحولت في مسار نضالاتها إلى قوى ذات فعل نوعي في تقرير الإدارات، وخياراتها، وأخذت تتحول إلى نظم كما في أمريكا اللاتينية والكاريبي، أو مؤثرة في سياسات الإدارات والنظم كما في فلسطين ولبنان، والعراق.

-     صار خيار المقاومة وخاصة المقاومة المسلحة "العربية والإسلامية" الذي كان خيار حفنة، مؤمنة، معزولة، وورؤية لهذه أو تلك من الدول المستهدفة ظلما، صار خيارا شعبيا اثبت جدواه وقدرته الكبيرة، وصار خيار لنظم ودول، واخذ طريقه السريع للتحول إلى ظاهرة عالمية، قادرة في أفعالها وخياراتها وأسلحتها، وامتداد ساحاتها وتحولها إلى قوة وظاهرة مرافقة للعالمية، ومستفيدة منها، وتقدمت قدرتها على الاستثمار واستخدام التكنولوجيا والعلوم ووسائطها، وتعززت تأثيرها الجوهري على خيارات الأمم والإدارات، وفي سياساتها لاسيما بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية والأوروبية وتفاهماتها، خسارة الحرب العالمية الرابعة على الإرهاب، وتفككت قدرة التحالف الدولي ودوله المحورية على خوض الحرب استباقا، أو التحاقا، ونجحت قوى المقاومة والممانعة والحركة الشعبية في توليد إطاراتها وتوسيع قاعدتها، وتجديد قيادتها، وتحديث وسائلها الكفاحية، وفتح جبهات إضافية، وفي غالب الأحيان كانت تسبق القوى الاستعمارية أو تلاقيها في الساحات ذات الطبيعة الإستراتيجية امتدادا من أفغانستان، إلى الصومال وشمال إفريقيا، مرورا ببغداد، وبيروت، وفلسطين، وتصل يد المقاومات إلى قلب المجتمعات والمصالح الأمريكية والأوروبية والدول الملحقة، بينما تتهيأ دول وساحات جديدة كاليمن، والمغرب العربي وإفريقيا، ومصر والأردن لتدخل طور الأزمات المفتوحة وربما الاشتباك المسلح.

هذه حقائق، واقعية، ومعاشة، تحققت وتكرست وتتحول إلى قوانين وعناصر سمات في الحراك العالمي، وفي المتغيرات الجارية والتي ستجري تحت تأثيرها المترابط مع عناصر وتطورات أخرى عديدة، متشكلة أو في طور التشكل.

كان العرب شركاء في توليد تلك الظاهرات وتكريسها حقائق، ولعبوا على علاتهم وهم بحالتهم ذاتها دور القابلة المولدة للمتغيرات العالمية.

 أما الإشكالية فتتجسد بان القابلة وهي تسهم في توليد الجديد العالمي، تعيش حالة مخاض وتتعسر ولادتها فكيف الحال؟ وبأي اتجاهات تنساق التطورات وانعكاس المتغيرات العالمية على العرب وبيئتهم الإسلامية والإقليمية، وكيف يتفاعلون معها والى أين يسيرون بها؟.

=============================================

يتبع:

حال الأمة في واقع إقليمي متغير.

حال الأمة الراهن، وأزماتها.

حال الأمة في البيئة الإستراتيجية للصراع العربي الصهيوني المتغيرة.

حال الأمة في نظامها الرسمي وجغرافيتها القطرية ومستقبلها.

حال الأمة في الأقطار المأزومة، وخطر الحروب والتفت، وأزمة المقاومات واتجاهات التطورات المستقبلية.

خلاصات، دروس وعبر، واقتراحات وتوصيات برنامجيه على الصعد المختلفة.

هذه صيغة أولية مطروحة للنقاش العام، قابلة للتشذيب، والتعديل، والتطوير، والحذف.

مطروحة للنقاش والتعليق، والمشاركة مطلوبة من الجميع أفراد ومجموعات وأحزاب

المسار المرجو، بلوغ مرحلة نستطيع عبر الحوار الفاعل والتفاعلي أن نقف على الحال وان نبحث معا الوصفات والمهام المطلوبة والمناسبة، وان يجري توزيع التقرير التأسيسي والتقارير الشهرية،ولاحقا الأسبوعية على أوسع نطاق إسهاما في توفير بيئة الحوار التفاعلي المطلوب بين قوى وأطياف الأمة الحية.

للمساهمة، والمشاركة، والاقتراحات والتعليقات ، والتصويب، والردود:

awlamat@dm.net.lb
ABNOUR@SCS-NET.ORG
yaragroup@hotmail.com
yaragroup2000@yahoo.com
general@kassioun.org