بين ثقافة الحياة وثقافة الاستشهاد |
محمد عمّار
طالب
يلفتك في الآونة الأخيرة وأنت تطالع، أو تستمع لخطابات القطب التابع لأمريكا وحلفائها، جملة أو قولاً بات من المصطلحات الكثيرة الاستعمال لتوجيه الاتهامات لمقاومتنا الباسلة: "ناشرو ثقافة الموت".
للوهلة الأولى يمكن لقول كهذا إقناع أو استمالة بعض العقول التي تتأثر بالعواطف والخطابات الرنانة، لكن
لنراجع هذا القول مراجعة موضوعية وعقلانية.
كيف يكون من يدافع عن أرضه وشعبه ناشراً لثقافة يحاول هو ردها ومجابهتها بكل السبل؟ فذاك المجاهد الذي يواجه الدبابات والطائرات بسلاحه المتواضع، يحاول بكل ما أوتي من قوة الدفاع عن أهله وناسه وإبعاد شبح القتل الوحشي عنهم.
أما من يرى في استشهادهم موتاً ومحاولةً لنشر ما يراه هو "ثقافة الموت"، فهو مخطئ، ولم يقترب حتى من محاولة توصيف الاستشهاد بما له من معان وعبر. فالشهادة حياة. وكيف لا؟ كيف لا تكون الشهادة حياة عندما تكون في سبيل صون كرامة وحرية شعب ووطن وأمة وتاريخ؟ كيف لا تكون حياتاً حين تعلم أن استشهادك سيتيح لوطنك الحياة؟ والأهم كيف لا يكون استشهاد مجاهد حياتاً حينما يكون استشهاده منح ابنك وابني الحياة؟
لسنا نحن من ينشر "ثقافة الموت". ولستم أنتم وحدكم من يحب الحياة. لكن نحن اخترنا حب الحياة الكريمة والحرة، اخترنا تمجيد شهدائنا لا بيعهم مقابل كرسي أو حفنة من الدولارات. نعم نحن من نُعتنا بالمغامرين ونحن من خرج من المغامرة منتصراً. نحن من روينا بدمائنا تراب قانا، وأنتم من استسلم في مرجعيون، هل هذه الحياة التي تنشدون؟ حياة مقدمي القهوة والشاي؟ إن كانت هذه هي الحياة التي بها تعِدون، مباركاً عليكم ذُلكم، وهنيئاً لنا نصرنا.