كلمة الداعية الدكتور فتحي يكن
في مؤتمر جماعة العلماء المسلمين في العراق

د. فتحي يكن

 


على خلفية المؤامرة غير المسبوقة، والحرب المشرعة التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على الدول الرافضة للهيمنة، وبكل أنواع الأسلحة العسكرية والإقتصادية والنفسية...
وعلى خلفية المشهد العراقي الدامي الذي يعتصر النفوس ويدمي القلوب...
وعلى وقع ضربات المقاومة العراقية الباسلة التي أفقدت العدو الغاصب صوابه وأنهكت أعصابه...
وحيال حمأة الشحن الطائفي والمذهبي كسلاح فتاك أنتجته الأدمغة الأمروصهيونية الشيطانية، ليفت في عضد العراقيين بعد أن فشلت أسلحة الدمار الشامل في تحقيق أغراض واشنطن وتل أبيب...
بعد كل هذا وذاك وغيره يأتي انعقاد مؤتمركم العلمائي هذا ليضعكم أمام مسؤوليات تاريخية جسام، أولها: سحب فتائل التفجير المذهبي من الساحة العراقية، وثانيها: العمل على إعادة العراق إلى سابق وحدته بكل مكوناته وأطيافه وعرقياته وقومياته، وثالثها: إنصهار كل فصائل المقاومة ضمن مشروع واحد.


إن جمعكم الكريم هذا وانطلاقتكم  المباركة مدعوة لأن تجعل في مقدم أولوياتها القضاء على الفتنة المذهبية في العراق، ليس بتجاهلها أو بتقديم مسكنات مؤقتة لتخفبف حدتها، بل لمعالجة جذورها التاريخية ومفاعيلها التدميرية...


أجد من واجبي في هذه العجالة أن أشير إلى عدد من الأسباب التي لا بد من معالجتها معالجة جذرية، مع كل ما يحتاجه ذلك من جرأة لدى المرجعيات الشيعية والسنية لإعادة النظر في عموم المخلفات والتراكمات التي كانت بمثابة وقود للشحن المذهبي والفتن الداخلية على امتداد التاريخ من ذلك:

 

1-      صدور فتوى من المرجعيات الشيعية المركزية في العالم والإيرانية منها بشكل خاص تقضي بتحريم سباب الصحابة الكرام، وأن مكانتهم عند الله ورسوله لم تكن اقل من مكانة أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه قرأ قوله تعالى في وصف أهل الجنة: (ونزعنا ما في صدورهم في غل إخوانا على سرر متقابلين) الحجر: فقال: أرجوا أن أكون أنا وطلحة والزبير من هؤلاء! فأنكر بعض أصحابه من الحاضرين ذلك، فزجره علي رضي الله عنه، وقال: إذا لم أكن انا وطلحة والزبير من هؤلاء فمن يكونون؟!

ويقول الشيخ حسن البنا – رحمه الله-:
"كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعاً، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع، والخوض في معاني الآيات القرآنية التي لم يصل إليها العلم بعد، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم فيما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته، وجزاء صحبته وجزاء نيته، وفي التأول مندوحة" إنتهى.

وفي العقيدة الطحاوية: "(ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم. ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بالخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان). إنتهى.
والتطبيق العملي من السلف في ذلك يضعه عمر بن عبد العزيز لما سئل عمر بن عبد العزيز عما وقع بين الصحابة من حروب، قال كلمته الشهيرة: تلك دماء طهر الله منها أيدينا، فلنطهر منها ألسنتنا!


2-      إعتبار أن يوم استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما هو يوم حزن لدى كل المسلمين سنة وشيعة، وأن من ارتكب الجريمة هو عاص لله ورسوله ومعتد على حرمات ودماء أهل بيت رسول الله رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.


3-      مطالبة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عقد إتفاق دفاع مشترك مع الدول الخليجية رداً على الحملة الأميركية الجديدة التي من شأنها تسعير الفتنة المذهبية على خلفية الزعم بأن السلاح النووي الإيراني يستهدف دول المنطقة والخليجية منها على وجه الخصوص، والتي بدأ من أجلها نائب الرئيس الأميركي "تشيني" جولته الشرق أوسطية.