تقرير سياسي تأسيسي يتواصل بتقرير شهري

حال الأمة في عالم يتغير - 3 -

العرب والعولمة

حال الأمة الآن:

حال الأمة في المستوى السياسي والخيارات الوطنية:

 العرب عربان، والصراع يحتدم بينهم ومع الآخرين:

الأمة أمتان، هذه الحالة المستدامة وغير المختصرة في العرب، تتجسد بقوة وعنف أعلى من أية مرحلة أخرى في بيئة العرب المتغيرة، وانعكاس المتغيرات العالمية عليها، وهم على المفترق الحاسم.

-           عرب الكمبرادور، من النخب الحاكمة، والمالكة، والمتحكمة بمسارات الأوضاع الاقتصادية والسياسية لدولها، هم عرب التسويات، والقطريات،  واللهاث خلف الغرب، والتصالح مع إسرائيل، والولاء لها، والعداء لكل ما هو ممانع، ومقاوم، وشعبي، وساع إلى حقوق الأمة ووحدتها، وتحررها، العرب المتحالفون بسفور مع أعداء الأمة، والمتشكلون أحلاف رباعية، وسباعية، وأمنية، معتدلون في قضايا العرب ومصالحهم منحازون للعدوان على الأمة ومقاوماتها، وراديكاليون في تبني مشاريع الغرب ساعون إلى إخراج أمريكا وإسرائيل من مأزقها التاريخي، والدفاع عنها بتوفير بيئات احتراب الأمة وافتعال الحروب الأهلية في وجه المقاومات ودول مساندتها، وفتح جبهات جانبية، لتخديم المصالح الغربية في مواجهة الأمم والشعوب الأخرى، واستعداء إيران، وشركاء العرب في الجغرافية والمياه، والتاريخ والثقافة، والاقتصاد والأهداف والمصالح المشتركة.

عرب الهزائم، والاقتتال الأهلي، المدافعون بالأموال والرجال عن السيطرة الغربية في المنطقة، عملوا بصورة منهجية ودائمة على إخراج المشروع وأدواته من كل مأزق وقع فيه، فاسقطوا المقاومة الفلسطينية في الأردن بعد معركة الكرامة المشرفة، وأسقطوها في لبنان بعد حرب تشرين، وغذوا الحرب الأهلية المديدة، وشاركوا بتفجير أزمات داخلية في سورية، حاصروا ليبيا، وشاركوا في توريط العراق بالحرب على إيران، ثم بعاصفة الصحراء و الحصار على العراق، وتجويعه، وهرولوا إلى إسرائيل والتطبيع وسعوا لتمرير الشرق الأوسط الجديد، متشكلون في نظم قطرية وكيانات وظيفتها تأمين السيطرة الامبريالية على العرب، ومدها بأسباب الديمومة. حاكمون بدكتاتوريات همجية، تخنق الأنفاس، يستبدلون الجامعات والمدارس بالسجون، استبدادهم يكتم الأفواه، ويحول دون تمكن الشعوب من إدارة مجتمعاتها أو التأثير في إداراتها، منتظمون في إدارات ونظم محمية ومدعومة من الغرب الامبريالي الذي أنجز تقسيم الأمة، وكرس قسمتها وتخلفها بإقامة الكيان الصهيوني الغاصب، وعبر الهيمنة والإلحاق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والدبلوماسي والأمني، عبر وكلائه المحليين،  للسيطرة على الثروات ونهبها، والسيطرة على الجغرافية والممرات وإقامة القواعد والأساطيل والجيوش في بلاد العرب وعلى أرضهم وباتفاق مع الحكومات والنخب الحاكمة، ومشاركتها، وجرها لتغطية احتلال العراق، وغزو أفغانستان، وغزو الصومال، والتأمر على السودان، ومحاصرة سورية والضغط عليها، وتمويل وتدريب المخربين، والقوى والمجموعات المذهبية، وتفويض أجهزة الأمن المتعاونة مع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية لإقصاء المقاومات، وتفكيك دول الممانعة، وخوض الحرب بالوكالة عن أمريكا وغربها، وكسر وحدة الأمة والتفافها المحقق نوعيا حول المقاومات وفي أولها المقاومة اللبنانية التي سجلت انتصارات معهودة، وجاءت نتائج حرب تموز على يدها بمثابة التطور النوعي الاستراتيجي الأبرز منذ أربعة قرون ونيف.

هؤلاء العرب يكشرون الان عن الأنياب، وينخرطون بسفور وعلنية في المشروع الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي"بل في مشاريع الإدارات المتصدعة والمنتهية الصلاحية في دولها" لتصفية المقاومات، وكسر نموذجها وتمويل الانقلابات عليها كما في بيروت وظاهرة 14 شباط وحكومتها ومشاريعها، كذلك في التجربة الفلسطينية مع سلطة عباس وانخراطه في المشروع الإسرائيلي وسعيه لقطع الطريق على المقاومة لتحقيق بعض طموحات وآمال الشعب الفلسطيني من ثورته المستمرة منذ قرن ونيف، إلى انتظامهم في حلف علني مع إسرائيل لإخراج اولمرت وجيشه وحكومته من أزمته الزلزالية التي يعيشها تحت تأثير نتائج هزيمة حرب تموز" زيارة عبد الله الثاني لإسرائيل، ولقاء ليفني مع حسني مبارك والتحضير لقمة ثلاثية أردنية مصرية إسرائيلية".

في الأمة عرب خيانة، وسفور، وانخراط في المشروعات الغربية لإذلالها وقطع الطريق عليها ومنعها من إكمال إستراتيجيتها بالمقاومة إلى إستراتيجية النهوض والبناء، فعرب الخيانة يتعاملون مع عرب المقاومات والشعوب على أنهم العدو رقم واحد" تصريحات عبدالله الثاني أن أعداء إسرائيل هم أعدائه" ويستعدون ويستحضرون كل عناصر القوة للبطش بهم، رابطين مصيرهم بمصير الكيان الصهيوني وقيادته والإدارة الأمريكية ومستقبلها، وبذلك تتبدى حقائق معاشة لابد من كشفها وإماطة اللثام عنها والتوقف عن التعامل مع العرب كأنهم منسجمون ومتحدون ومتفقون في الخيارات والرؤية والأداء، وكأن نظم عرب التسويات هم العرب وخياراتهم .

عرب الاستسلام، والخيانة، وبروز دورهم التآمري ليس بجديد في الأمة العربية، ولا هي خاصة تمتاز بها لوحدها بل هي الحقائق التاريخية منذ وجدت الإنسانية وهي حال العرب منذ كانت الهجمات الخارجية عليهم ومنذ استهدفوا في جغرافيتهم وثرواتهم ومقدساتهم ومصالحهم والفارق الجديد أن الإعلان بات سافرا، والأدوار صارت أكثر انكشافا مع التطورات الحاصلة في العالم ومتغيراته، وفي المنطقة العربية وتوازن قواها الداخلية ومع أعدائها فانتظم عرب التفريط والخيانة في صف أعداء الأمة باعتبارهم أدوات وعناصر متقدمة في العدوان، وفي ذلك مظهر وإرهاص عن مدى عمق وعنف أزمة السيطرة الغربية على المنطقة ومدى حساسية النظم والنخب الموالية لها للمتغيرات الجارية.

في الجانب الآخر من الصورة، عرب المقاومات، والممانعة، وحركات الشعوب، وهي أيضا ليست منتجا عابرا أو لقيطا، أو جديدا غير مسبوق، فتاريخ الأمة العربية هو تاريخ المقاومة، وثقافتها ثقافة المقاومة، وعقيدتها عقيدة إشهار الممانعة والمقاومة وطلب الحق وإقراره، وما المقاومات وما أنجزته سوى امتدادا وتعبيرا دقيقا عن طبيعة الأمة بأكثريتها الساحقة وبقاعدتها الاجتماعية والثقافية والعقيدية، وشهادة على حيويتها وتمسكها بهويتها، وسعيها الدائم لتحقيق مصالحها وحقوقها التاريخية.

عرب المقاومات والممانعة في طور جديد، وأمام مهام من طابع مختلف:

خلال السنوات السبع الأخيرة، جرت متغيرات نوعية في البيئة العربية، وبين كتل العرب وتياراتهم، فتحقق عمليا ما يلي:

-           تغير دور وموقع المقاومة وخيارها ونهجها وصار يحقق إجماعا شعبيا، وتأكد أن المقاومة هي خيار استراتيجي وطريق وحيدة تجدي في التعامل مع المحتل، ومغتصب الأرض والإرادة، فسجلت المقاومة اللبنانية نصرا مؤزرا عام 2000، وأسقطت أهداف الاحتلال، وألزمت العدو الصهيوني وهو وحلفائه في عز القوة الانسحاب من لبنان دون قيد أو شرط وتحت النار، وبذلك قررت أن احد عناصر قوة الكيان الصهيوني الإستراتيجية قد كسرت واضمحلت ما نقصده هو قدرة إسرائيل على احتلال ارض العرب وفرض شروطها، وتأكد هذا المنحى بقدرة المقاومة الفلسطينية التي أطلقتها الانتفاضة، معززة بنصر لبنان 2000، على فرض الانسحاب وتفكيك المستوطنات من غزة، وهي جزء من ارض الميعاد، ونجاح المقاومة الفلسطينية بتحويل غزة إلى قاعدة استمرار للعمل المقاوم، واستنزاف العدو الصهيوني وتحويل جنوب فلسطين إلى منطقة خطرة، تتقاطع مع شمالها التي حولتها المقاومة اللبنانية إلى ساحة حرب مفتوحة تسقط فيها وحدة وتماسك المجتمع الصهيوني وقوة الردع للجيش.

-           صار خيار المقاومة، خيار الأمة، وعدتها لانجاز استقلالها، وتثبتت حقيقتها هذه بتكرار التجربة بعد بيروت، في القدس، ومعهما في بغداد وأفغانستان والصومال، وخماسية المقاومة العربية في مناطق الاشتباك والمواقع الإستراتيجية الحاسمة تحقق انتصارات وتحول الساحات إلى ساحات نزف حاد للمشروع الامبريالي بجميع أطيافه وقواه وأدواته، فصار خيار المقاومة قانونا تاريخيا حاكما ومؤسسا في التطورات والأحداث كعنصر حاسم وفاعل يتقدم على دور النظم، والنظام الرسمي العربي والقوة الاقتصادية التي لم تستخدم بل أهديت لأعداء الأمة.

-           المقاومات تنتصر، هذه حقيقة معاشة، لا يستطيع احد نفيها، أو التطاول عليها، وهذا ما اعترفت به أمريكا بمؤسستها الحاكمة، وما قررته نتائج الانتخابات النصفية، وما جاء في تقرير بيكر هامتلون، وصار خيار المقاومة خيار الأمة، وقد اعتمدته نظم وأعلنته كما في السودان كذلك في سورية، وإيران.

-           كما كانت تجربة المقاومة اللبنانية تجربة قاطرة ونموذجا للمقاومات العربية والإسلامية كذلك نجحت بخوض حرب دفاعية حاسمة، في وجه عدون عالمي توحدت فيه قوى الشر مع النظم العربية الموالية، والقوى اللبنانية التابعة، والاتحاد الأوروبي في ظل صمت وحياد روسيا والصين، وانكفائهما، فجاءت وقائع حرب تموز، ومساراتها، وما انتهت إليه بمثابة تطور نوعي استراتيجي عاصف يحدث زلزالا في البيئة المحلية، والإقليمية والدولية وتمتد مفاعيله إلى ما هو ابعد، لتلامس دورا أساسيا في إسقاط مشروع الشرق الأوسط الكبير والواسع، وفي إسقاط آخر عناصر قوة إسرائيل الإستراتيجية وتكسر قدرتها الردعية، وتدخلها في زلزال شديد الوطأة يلامس بدوره إسقاط وإنهاء الدور الوظيفي للكيان الصهيوني ويجعل قاعدته الاجتماعية في شك من أمرها، ويضع إسرائيل ومكوناتها في حالة اللايقين بجدوى وقدرة الكيان على الاستمرار، وكان لإدارة المقاومة حرب تموز أن حققت وقدمت نموذجا نوعيا مكتملا يشكل واحد من إرهاصات مشروع النهضة القومية العربية الموعودة، فإلى النصر العسكري في حرب عصابات، وحرب نظامية، وامتلاك القدرة والمبادرة، والتنظيم هائل الدقة، قدمت المقاومة نموذجا عصريا لعلاقة السياسي بالعسكري وبالاجتماعي وتفردت في قيادة الجبهة الداخلية بانتظام وتماسك قل نظيره بما في ذلك إعادة إسكان عشرات آلاف العائلات واحتواء اثأر التدمير الهائل الذي افتعلته آلة القتل والتدمير الإسرائيلية مستخدمة أكثر التكنولوجيات العسكرية تطورا. على ذات المنوال نجحت في إبراز قدرتها الإعلامية ودور الإعلام في المعركة العسكرية والسياسية وأنشأت ظاهرات نوعية تشير بالاجتماع مع أخريات على امتداد الساحات العربية من الظاهرات النوعية لتحسم بأن الأمة العربية كانت ذات شأن وهي الآن ذات شأن وسيكون شأنها عظيما في القريب الأتي .

-           شكلت سورية، ظاهرة نوعية، بوحدتها، وتماسكها، وبقوتها العسكرية التي أصبحت مرهوبة، وشاركت في حرب الدفاع عن المقاومات وحمايتها، وخاصة في حرب تموز 2006، وبصدق رؤية قيادتها وحنكتها وذكائها على ما قالته الصحف الأمريكية الكبرى، وفي قدرتها الأسطورية على مواجه الحرب المفتوحة عليها من كل جوانبها بعد سقوط ميمنتها بغداد، وسقوط ميسرتها بيروت، وائتلاف عرب التسويات والتفريط مع أعدائها، وفرضهم حصارا عليها، وبعد أن اتحدت اعتى إمبراطوريتين في التاريخ ضدها، واستجارت بمجلس الأمن، وقراراته، ولجانه للتحقيق والمحاكمة، وبرغم ما بذل من سعي عالمي هائل الكلفة لتفكيك سورية وإسقاطها أو تغيير مسلكها، واستهدفت باتصال على مدى عامين في سلسلة من الحروب والضغوط والحصارات، فخرجت منها جميعا مرفوعة الهامة، متمسكة بثوابتها القيم، ومضيفة عليها، وقد صارت أقوى كثيرا مما كانت من قبل فانتزعت اعترافا علنيا بقوتها من المؤسسة الحاكمة الأمريكية ثم من الإدارة المتصدعة وبكونها مفتاح المنطقة وتطوراتها، وما حققته سورية ليس منقطعا، ولا صدفيا، ولا بفعل عناصر وعوامل خارجية أو بسبب تحولات طارئة، بل بفعل التزاماتها الوطنية والقومية وعدم التفريط بها وجاهزيتها لتسديد الأثمان المطلوبة، وبقوة رؤيتها الثاقبة للأمور ومواقفها الوطنية والقومية الحاسمة من احتلال العراق، ومن أحداث لبنان، وفلسطين، وقرارها الصمود والانتقال إلى إستراتيجية مقاومة الدولة التي أعلنها الرئيس بشار الأسد من على مدرج جامعة دمشق في كلمة صارت الحدث، وغيرت من معطيات الواقع نفسه، وتحولت لتكون بذاتها نصف حرب وبنتائجها حرب منتصرة.

-           عرب المقاومة والممانعة، كانوا وهم على تحالف مع إيران الجمهورية الإسلامية التي تشترك معهم بألف رابط، ومصلحة، وقد أعلنت الثورة الإسلامية منذ يومها الأول التزامها بقضايا العرب ووقوفها إلى جانبهم ومعهم لتحقيق مطالبهم في فلسطين ولبنان، وفي مواجهة الهيمنة والاستعباد، شريكا في التأسيس لمرحلة جديدة ولعالم مختلف وبيئة إقليمية في غير صالح المشروعات الغربية والهيمنة الخارجية، وكما استثمرت سورية في المقاومات، وفي مأزق النظم الرسمية العربية، وانهيار مشروع التسوية والتفريط وشاركت في صناعة البدائل والخيارات الإستراتيجية الأخرى، استثمرت إيران وعلى توافق استراتيجي مع سورية، ونجحت في التحول إلى قوة إقليمية وازنة ومرهوبة، وامتلكت عناصر التأثير الحاسمة من التصنيع العسكري، والتقني، إلى تقنية الفضاء وتقنية الصناعة النووية التي خاضت معركتها بنجاح باهر وبادارة حكيمة أوصلتها إلى ما صارت عليه قوة إقليمية قطبية صاعدة يحسب حسابها، وشريك قادر في تقرير مسارات المنطقة وطبيعتها، وفي المسارات والخيارات السياسية لتطورات المستقبل.

-             الظاهرات والتمردات الشعبية التي حفزتها المقاومات وما بلغته، عززت عزلة النظم، وتأزمها بسبب التحاقها بالمشروع الغربي، وتحولها إلى أدوات واستطالات له، فتحت البلاد العربية ومحيطها الإسلامي على متغيرات نوعية تتمظهر علاماتها في الكثير من الظاهرات المؤسسة، فباكستان في قلب مرحلة مخاض وفي أزمة مفتوحة تستنزف نخبتها الحاكم وتعجزها عن الإحاطة بالأزمات بسبب تحالفها مع العدوان الأطلسي على أفغانستان وتحولها إلى قاعدة له، ودول شمال إفريقيا تضربها عناصر أزمات متناسلة ذات طابع وطني، اقتصادي وسياسي واجتماعي، وتعبر عن نفسها وعمقها بانفجارات أمنية وعسكرية تتحول معها الجزائر، وتونس، والمغرب العربي إلى مناطق وبيئات لتوليد القوى العاملة على إلحاق الهزيمة بالمشروع الغربي وأدواته المحلية، امتدادا إلى السودان وأزماته التي دفعت بقيادته الرسمية للتمرد على قرارات مجلس الأمن واعتماد خيار المقاومة والمصالحات في مواجهة الضغوطات والمشروعات الساعية إلى تفتيت السودان، والسيطرة على ثرواته وتقسيمه، في حين تتحول الصومال إلى ساحة اشتباك لا تقل أهمية عن الجاري في أفغانستان والعراق، وفلسطين، وتستوعب المقاومة فيها وتستنفذ الاحتياط الإقليمي من دول موالية لأمريكا كإثيوبيا، وامتدادا تنفجر اليمين بحرب أهلية مديدة تتصاعد عناصرها ونذرها وتمتد رقعتها وتأثيراتها بسبب انعطافة الإدارة اليمنية وتشبيكها مع المشروع الأمريكي لمقاومة الإرهاب واعتماد اليمن قاعدة للأسطول والقوات الأمريكي الأمر الذي يرجح دخول اليمن في أزمة مفتوحة وتحولها إلى ساحة متفجرة من ساحات الاشتباك العسكري مع الغرب وأدواته.

-           الموقف الشعبي العربي الحاسم والاكثري في التفاعل مع المقاومات والتضامن معها، وفي رفض العدوان الأمريكي والأوروبي، وظاهرات المقاطعة، والانتخابات المقوننة التي أنتجت في أكثر من بلد صعود لقوى الحركة الشعبية، وصعود موجة الراديكالية الشعبية في كل مكان دليل قطعي على تحول المقاومات والشعب العربي إلى احد أهم العناصر المكونة للتطورات الراهنة وفي المستقبل وصياغته.

-           العراق، والمواجهات الدائرة فيه، وما أوقعته المقاومة من خسائر مهولة، بشريا، واقتصاديا، وعسكريا وحجم الاكلاف الفلكية التي تكبدتها أمريكا في الحرب على العراق، وعجزها المحقق، وقرارها تنظيم الانسحاب وتكبد الهزيمة التاريخية، تحول العراق إلى بيئة صالحة لتكون بوتقة لصهر مصالح وعلاقات الأمم الأربعة المتجاورة  والمتشاركة، وذات المصالح التاريخية مع وفي العراق ويبقى احتمال تحولها إلى بؤرة اشتباك وفتيل فتنة بين الأمم وبين تكويناتها في حرب مذهبية ضروس تحتاج إليها الإدارات الغربية لإعادة تعويم وهيكلة مشروعها وتجديد عناصره لتأمين استمرار السيطرة على العرب والمسلمين، بيد أن العراق صار بحق الكمين التاريخي والسبب المباشر في دفع الإمبراطورية الأمريكية إلى الانهيار بعد إعادة هيكلة سيطرتها عن المنطقة العربية والشرق الأوسط وتاليا في العالم وفي أمريكا نفسها على حد قول ايمانوي فاليرشتاين وكثيرون آخرون.

هذه صورة من حال الأمة، واختصارها اتساع الوهدة بين عرب المقاومة والشعوب، وعرب النظم المدعومة والمتحالفة مع القوى الخارجية.

يشتد الصراع بين العربين، وينفتح على احتمالات شتى بينها الاشتباك العاصف أو المنخفض الوتيرة، ويتخذ شكل الاشتباك الأهلي لكنه في حقيقته استمرار للمعركة الوطنية ومعركة التحرر القومي.

النظام الرسمي العربي في حال انعدام الوزن، بسبب طبيعته، وانقساماته، وغياب الكتلة القوية القادرة على تمثيل الشعب والمقاومات، وفرض منطقها ومصالحها في القمم ومؤسسات الجامعة العربية، والحال الرسمية تنذر باحتمال تكريس وتعمق الخلافات ما يؤدي إلى انهيار منظومة العمل المشترك وتأزمها بانتظار ما ستؤول إليه المتغيرات في النظم والمجتمعات.

حال الأمة في المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية :

ما زالت آثار الانتكاسات التي منيت بها الأمة منذ مطلع القرن الماضي، ضاربة مفاعيلها عميقا، وقد كرسها الاستعمار بأشكاله وأدواته المختلفة، بالتضامن مع  الشرائح الاجتماعية التي تسلطت بمساعدته، فحولها إلى أقاليم وأقطار ومشيخات، متصادمة، تعتمد عليه، ملتحقة بالمفرق بالمشروع الامبريالي وعناصره، التحاقا اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، وسياسيا، وهذا جل ما سعت إليه القوى الاستعمارية، فتكرست التجزئة، وتشكلت كبيئات حاضنة للتخلف والقطرية، والتبعية وقبلت غالبية النظم تفويض الكيان الصهيوني بادرة المنطقة وحماية قطرياتها ومصالح الشرائح الرقيقة المتنفذة والمهيمنة على السلطات وعلى الحركة الاقتصادية، وتحققت الحلقات الخطيرة على هذا النحو، بعد انعطافة مصر السادات، وعلى اثر انهيار الاتحاد السوفيتي، وانحسار حركة التحرر الوطنية بصيغها وعقائدها القومية واليسارية، وعلى اثر انطلاق مفاوضات التسوية بعد مؤتمر مدريد وتوقيع منظمة التحرير لاتفاق أوسلو، والأردن لاتفاق وادي عربة، وإطلاق عربة التطبيع وإقامة العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الكيان الصهيوني وفك العزلة عنه.

تكرست هيمنة وتسلط فئات بعينها على الأمة وأقطارها، وفرضت نظمها، وإداراتها، فصادرت الحريات السياسية والاجتماعية وقننتها بالطرق والآليات التي تفرض إعادة إنتاجها على النحو الذي يحقق للغرب مصالحه، وشرعتها على الالتحاق بالاقتصاديات الامبريالية كمناطق نفوذ وسيطرة مباشرة، ونهب للثروات وتبديدها، وحولتها إلى أسواق استهلاكية، ووضعت المقدرات الاقتصادية العربية الهائلة بيد القوى الخارجية تنهبها بالشراكة مع النظم والإدارات، وتحجبها عن الأمة وفئاتها الاجتماعية الدنيا والوسطى، ويمنع العرب من استخدامها في تحصيل حقوقهم، وفي تنمية بلدانهم وشعوبها.

الإنفاق على الحروب العبثية، حرب إيران العراق، وحرب اليمين، والحرب الأهلية اللبنانية، وتبني ودعم حروب الأمريكيين على الاتحاد السوفيتي في إفريقيا، وأمريكا اللاتينية وأفغانستان إلى تمويل الجيوش الأجنبية وتغطية إنفاق قواعدها وأساطيلها التي تحتل بلاد العرب وتخضعها، بذريعة توفير الحماية للنظم وآبار النفط وخطوط النقل" تدفع السعودية سنويا 8مليار دولار لشركات الأمن الأمريكية لحماية النفط وتنفق 9% من ناتجها على شراء الأسلحة وصفقاتها لتمويل مصانع الأسلحة الأمريكية والأوروبية بموازنة عسكرية تجاوز 24 مليار دولار سنويا" وتستقدم دول الخليج ملايين العاملين من أصقاع الأرض باستثناء العرب منهم، تخديما للمصالح الغربية، وتبدد مئات مليارات الدولارات التي تتعرض للنهب الدوري في سندات الخزانة الأمريكية، وفي تمويل عجوزات موازنتها، كما ألتزمت إعادة هيكلة الدول النفطية والعربية على أسس وصفات إجماع واشنطن الأمر الذي حول الاقتصاديات العربية وفوائضها هبة للشركات المتعددة الجنسية، ولمضاربي البورصة الكبار حيث خسرت البورصات العربية ما يفوق ترليون دولار ذهبت سدا وأضعفت المدخرات وأصابت الطبقات الوسطى بأزمات كارثية.

تفيد التقارير المتخصصة عن حالة اجتماعية كارثية، إذ يجاوز عدد الأميين ال70 مليونا، وما يوازي نصف المجتمع العربي يعيش تحت خط الفقر وخط الفقر المدقع، وتزداد نسب الأمية بين النساء والأطفال، وتزداد نسب التسرب من التعليم في المرحلة التأسيسية والمراحل التالية.

نسبة البطالة تتراوح بين 10 و50% بين الخريجين، وطالبي فرص العمل، بينما تجري عمليات التدمير المنهجي للقطاعات الإنتاجية، وللثروات الباطنية، والطبيعية، وتغزى أسواق العرب ويجري فتحها بلا قيود وعبر الشراكات، والأسواق المفتوحة، ومناطق التجارة الحرة، وجميعها تنفتح على الخارج بينما تمنع على العرب وبينهم ومع المسلمين، والاقتصاديات الأسيوية الناشئة.

زاد من كارثة الالتحاق بالغرب والتبعية له، قبول الإدارات والدول، لاسيما التي كانت تعتمد الاقتصاديات الموجه، والاجتماعية، تطبيق وصفات صندوق النقد وثلاثي واشنطن، والتي سارعت بذريعة التطوير الاقتصادي إلى قبول النموذج والإيديولوجية الليبرالية، ففرطت بالفرص والإمكانات، وقلصت القاعدة الاجتماعية، وأضعفت الطبقات الوسطى، ففتحت بلادها على توترات اجتماعية وإداراتها على المزيد من الالتحاق بالمشروعات الغربية ومصالحها، ولم تنجوا سورية من الفيروس الفتاك وهي قاعدة المقاومة ومرشدها فقد ضربها الوباء أخيرا، وبدأ يأكل من رصيدها الاجتماعي ويفتحها على مخاطر جمة ما لم تنتبه القيادة السياسية وتعيد ضبط الأمور على قاعدة إنتاج اقتصاد سوق اجتماعي تبتنه في المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الذي مازال بحسب نصوص الدستور، والواقع الحزب القائد للدولة والمجتمع، برغم أن قوى السوق في واقع الأمر تبدو الأقدر على اخذ سورية إلى وصفاتها تحت بند الشروط التنفيذية، والإدارية، وخطط التطوير والتحديث.

هجرت الكفاءات والخريجين الذين يربوا تعدادهم عن المليون من المبدعين وأصحاب الاختصاصات العلمية العالية، واستوطنت بلاد الغرب، وحيث توفرت ليها بيئات حاضنة، بينما البيئة العربية مولدة وطاردة، غير عابئة بهذه الثروة وأهميتها برغم الحديث المتمادي لدى النظم ونخبها عن اقتصاد المعرفة ومواكبته.

ظلت القرارات العربية لتطوير العلاقات البينية بين العرب، ولبناء سوق اقتصادية عربية واحدة، حبرا على ورق ما خلى منها ما يفيد الشركات المتعددة الجنسية، وتوابعها، والتطبيع مع اسرائيل برغم اشتداد الحاجة إليها، وبما يعاكس السمة العصرية للاقتصاديات الإقليمية والدولية في الانفتاح والتعاقدات، والأسواق الواسعة بدءا بالأقرب جغرافيا والأكثر تكاملا وانسجاما، ومنعت حركة الانسياب الطبيعية وحاجات الأسواق المفتوحة وما يسمى باقتصاد السوق وقوانينه بقرار وبقدرة قادر.

حجزت الحريات، ومنعت الديمقراطية، وحرمت آلياتها، فكرست نظم وقوانين لإنتاج إدارات بعينها لطبيعتها، ووظيفتها المطلوبة منها، وعندما جربت الإدارات الدولية مشروعها للإصلاح والديمقراطية، في سياق خطة إعادة هيكلة المنطقة بعد غزو بغداد، وإعلان الحرب على الإرهاب ومنظماته التي افترض انها عربية وإسلامية وجرت محاولات لاختبار الديمقراطية والحق الحر بالترشيح والانتخاب، وكان هدف الغرب منها محاولة إنتاج  إدارات جديدة بمشروعيات اجتماعية لتفوض بمواجهة المقاومة وتنفيس حالات الاحتقان الشعبي جاءت النتائج في غير صالحها فسارعت مع النظم إلى تطويقها وعزلها والسعي لاسقاطها كما جرى في الانتخابات الجزائرية، والمصرية، وفي التعامل مع الحكومة الفلسطينية الناتجة عن انتخابات فوضت المقاومة وحركاتها بإدارة المناطق الفلسطينية، وسرعان ما تراجعت الدول الغربية عن مشروع فرض الديمقراطية وتحفيزها، وصارت تعمل على تمتين حلف المعتدلين من النظم الاستبدادية في دلالات إضافية على طبيعة النظم والإدارات العربية التي توالي الغرب وتتشكل كوكلاء لمصالحه.

الأرقام والوقائع على المستويات الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية تبدو مخيفة، لتخلفها، وعجزها، بالمقارنة مع نواتج الثروات العربية الطبيعة، ومستوى الثروة البشرية، ومقدرتها، وبالمقارنة مع دول أخرى ليس لها ما للعرب من موقع وثروات وقدرات.

في الخلاصة، تتأكد حقيقة أن التبعية والتجزئة، وانخراط نظم وإدارات عربية في المشروعات الغربية كملاحق، وكأدوات، تشكل السبب الأبرز في واقع حال الأمة على هذا الصعيد.

وليس من خلاص حقيقي، وفعال، وليس من مكانة للأمة تحت شمس الأمم، ما لم تتحرر، وتنتج إداراتها الوطنية والقومية، وتسيطر على ثرواتها وجغرافيتها، وتوظفها في صالح الأمة وأبناءها، وهنا دور أساس لفاعلية المقاومات وقوى دعمها والتضامن معها، وهنا تكمن مشكلة وإلحاحية مهمة إنتاج مشروع للتحرر والنهضة عصري، وإنساني، يستند إلى إستراتيجية المقاومة التي بدأت تؤتي ثمارها .

الأمة في بيئتها المتغيرة والمتفاعلة مع المتغيرات، على المفترق الحاسم :

تنعكس المتغيرات الدولية، والإقليمية، والسمات العصرية، وطبيعة الحقبة التاريخية، وصيرورتها على الأمة العربية أكثر ما تنعكس على سواها لجميع الأسباب، وفي أولها وأهمها أنها البيئة والمساحة التي تستهدفها الحروب، وتجري على أرضها ومعها بعكس ما كان في حقب تاريخية شبيه إلى حد ما عندما التهبت الحرب العالمية الأولى بين الضواري الامبريالية الأوروبية في أوروبا فمن خرج منتصرا وضع يده على مستعمرات المهزوم وبينهم العرب والمسلمين، وبغير ما كانت عليه الحرب العالمية الثانية التي أيضا جرت بين ضواري امبريالية أوروبية وفي أوربا بينما خرجت أوروبا مهزومة ومستعمرة أمريكية وهيمنت أمريكا الصاعدة إمبراطوريا والاتحاد السوفيتي المتشكل بقانون تاريخي واجتماعي موسوم بثورة أكتوبر الاشتراكية.

الحرب اليوم تجري مع العرب، وعلى أرضهم، وبدمائهم وتضحياتهم تسقط الضواري الامبريالية بعد أن أسقطت سواها، وتحكمت وتفردت لعقد ونصف.

حالة الفراغ المتشكلة جراء انهيار وتداعي السيطرة الغربية عموما والأمريكية بصورة خاصة على اثر الهزيمة في العراق، وأفغانستان، والأزمة الاستنزافية في لبنان وفلسطين، وبعد سقوط الدور الوظيفي للكيان الصهيوني وتحوله عبئا سياسيا، واقتصاديا، وأخلاقيا، وعسكريا وامنيا على الغرب، وانحسار نفوذ وقدرة النظم العربية الموالية للغرب وتأزمها، حالة الفراغ تلك تفتح العرب والإقليم على تطورات، وفرص، وتحديات جمة في أول مهاما نهوض العرب واخذ مكانتهم للمشاركة في إملاء حالة الفراغ وشرطها التحرر، والتوحد، والتقدم إلى الإمام بامتلاك مشروع النهضة والقيام الذي صار واجب ومهمة لا تقبل التأجيل.

العرب على المفترق الخطر، وأمام مهام النهوض بعد أن أنجزت مقاوماتهم وحققت تقدما هاما في استراتجيات الممانعة والمقاومة فأرهقت قوى الاحتلال واستنزفتها وأقعدتها عن تحقيق مشروعاتها ومنعتها من فرض السيطرة وإعادة هيكلة المنطقة على ما بدأته إستراتيجية بوش والصقور وما أعلنته عشية اجتياح العراق من خطة لتفكيك الدول العربية وإسقاط نظمها وإقامة بدائل على شاكلة القبائل والطوائف والمذاهب المحتربة والمتصارعة.

العرب المستهدفون بالمشروع الأمريكي بين إستراتيجيتين:

-           إستراتيجية الفوضى الخلاقة، والهدف منها إعادة تشكيل المشروع الغربي وأدواته، والنفاذ من خلال الصراعات العربية وشقوقها والاستثمار بالأقليات وبإرث الصراعات المذهبية والاثنية وتصعيدها لفرض احتراب الجهاديتين العربيتين الإسلاميتين بطابعهما المذهبي لأنهما تحولتا إلى قوة وازنة فاعلة في تدمير المشروع الغربي، وهدف استنزافهما بالاحتراب فيما بينهم هو الشرط اللازم لإعادة هيكلة المشروع وأدواته وتكريس هيمنته على المنطقة والخطر أن يحصل الاحتراب المطلوب بين العرب والعرب والمسلمين بعد أن سقطت أدوات الغزو والاحتلال وعجزت، والقوى المفوضة بهذه الإستراتيجية هي ذات طابع عربي وعلى رأسها أجهزة الأمن" حلف الأجهزة الأمنية الخمسة بقيادة رايس، وحلف المعتدلين العرب، وحلف إسلام أباد" والذريعة الخوف من إيران النووية، ومن القاعدة والمقاومات العربية والإسلامية الناشطة، بينما الهدف تأبيد السيطرة الأمريكية وتقسيم المقسم من الجغرافية العربية ونظمها لإلحاقها وحدات صغيرة ليست ذات شأن وليس لها من قوة سوى الاستقواء بإسرائيل وبالجيوش والأجهزة الأمنية الغربية وشراء أسلحتها وخبرائها وتسليم النفط والثروات والجغرافية. هذه ما تسعى إليه خطة بوش.

-           إستراتيجية الاحتواء عبر: التفاوض ، التطبيع، بناء الشرق الأوسط الواسع، اطلسة المنطقة العربية بدءا من اطلسة إسرائيل والمغرب العربي ومصر: ما تعرف بخطة ببكر هاملتون.

يستهول الكثير من الكتاب والمنظرين، والقادة، والجمع الغفير من المواطنين قبول حقيقة أن أمريكا ومشروعاتها والغرب معها وأدواته في المنطقة دخلوا مرحلة التداعي والانهيار، ويصر الكثيرون على القول أن أمريكا لن ولا تهزم، وأنها كلما غيرت إستراتيجية كلما أصرت أكثر على إخضاع المنطقة، والقول بأن الديمقراطيين كالجمهوريين، وان بيكر هاملتون كبوش ... .

غير أن هذا القول غير صحيح تاريخيا وراهنا، فأمريكا والغرب، وأدواتها، ليست قوة قدرية لا يمكن إلحاق الهزيمة بها، والوقائع تشير إلى أنها اعترفت بالهزيمة وباتت تبحث عن استراتيجيات خروج لقطب الجراح النازفة.

القول الصحيح، أن أمريكا وحلفها في طور الهزيمة، وقد جرت متغيرات عالمية وإقليمية وعربية نوعية تفيد بذلك وتنتج عنه، بيد أن أمريكا بجميع أطياف إداراتها وكذلك الغرب لن يسلم بالهزيمة طوعا، ولن يستسهل الانحسار عن المنطقة لأهميتها ما فوق الإستراتيجية، وسيحاول دائما ترميم عناصر القوة المثلومة، وسيسعى إلى إعادة هيكلة المشروع وأدواته وتكييفها مع الجديد في سعي دائم ودأب لإبقاء السيطرة على المنطقة، فانحسار السيطرة تعني انحسار الهيمنة الأمريكية على العالم وتعني إعادة هيكلة أمريكا نفسها كما توقع ايمانويل فاليرشتاين وكما قال برجنسكي، وكما تبدو عليه الحال مع الاشتباك بين المؤسسة الحاكمة والإدارة المنتهية الصلاحية والمتصدعة.

هل من أفق لإستراتيجية بوش؟ المؤشرات والوقائع تنفي ذلك فقد اختبر بوش إستراتيجيته البديلة عن بيكر هاملتون وسقطت. ففي بغداد لم تنجح الخطة الأمنية ولا العملية السياسية وازدادت مناسيب الخسائر الأمريكية، وانقلب جيش المهدي وصار جزءا أصيلا في المقاومة العراقية، وبذلك اكتمل عقدها شمالا وجنوبا سنة وشيعة وكردا، وخطته في قطع رأس حماس في فلسطين وإسقاطها أنتجت اتفاق مكة، وخطته في لبنان لتفويض 14 شباط انقلبت أزمات مفتوحة واستنزافية.

عادت إدارة بوش لتلتزم  تطبيق خطة بيكر هاملتون وانعقاد مؤتمر بغداد، ومؤتمر شرم الشيخ بحضور السوريين والإيرانيين وزيارات المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين لسورية وبدء المفاوضات معها وإيران تقطع بان بوش هزم وخطته سقطت وبدأ يخضع للمؤسسة الحاكمة وإستراتيجيتها.

خطة بيكر هاملتون هي استراتيجيه الديمقراطيين في العقد الأخير من القرن الماضي التي قادها كلينتون وكانت تقتضي: انجاز تسوية سياسية للصراع العربي الصهيوني، واحتواء إيران والعراق وسورية وليبيا، وتمرير التطبيع والشرق الأوسط الجديد، وفرض الحصارات والتطويق والعبث باستقرار الدول والمجتمعات التي لا تنسجم، وقد سقطت تلك الإستراتيجية وباتت بعد ما أنجزته من كامب ديفيد، ووادي عربه، وأوسلو، وتطبيع ، ومؤتمرات شرق أوسط جديد في خبر كان الأمر الذي سرع من وصول الصقور إلى البيت الأبيض وإحكام الليكوديين السيطرة على الإدارة الأمريكية والتحكم بها واستدراجها إلى أفغانستان، والعراق، والى استراتجيات الضربة الاستباقية والحرب على الإرهاب، وإعلان الحرب العالمية الرابعة، والسعي لإسقاط سورية وإيران وتغيير مسلكهما، وكانت النتيجة ما بات معروفا ومحققا.

السؤال، هل من قدرة لأمريكا والغرب أن يحققوا بالقوة اللينة ما عجزوا عن تحقيقه أولا بالدبلوماسية ووسائلها اللينة، ثم بالحروب والاحتلالات وقد استخدموا كل ما لديهم من قوة وعزم وحلفاء بما في ذلك العرب في إعلان الانحياز لإسرائيل في حربها ضد المقاومة في تموز 2006، وهل يكون نصرا  بالعودة إلى الدبلوماسية ذاتها، ووسائلها اللينة؟؟

الجواب العلمي، والمنطقي، وبحسب قوانين التاريخ ومساراته، ودور القوة اللينة ودور القوة الصلبة، من رابع المستحيلات فما عجزت عن تحقيقه القوة، والمزيد من القوة لا تحققه القفازات، وهنا بيت القصيد وهنا القول الحاسم والصح أن أمريكا والغرب هزموا بالقوة وبالمواجهة العسكرية وشعار العرب ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وهذه هي القوة العربية تؤتي أكلها، وان كانت قوة المقاومة والصمود"الحرب المتناظرة" لكنها قوة بالفعل والممارسة، وعسكرية فليس من قيمة للقول بأن إستراتيجية بيكر هاملتون ستعيد تلميع المشروع الغربي وتخرجه من أزماته ومن انهياراته وتعيد ضبط المنطقة وتوازناتها على قياس المصالح الغربية.

الأزمات وطبيعتها:

في واقع الأمة المعاش، تتفجر أزمات جلها من طابع جديد، وخطورتها أنها غير مسبوقة الأسباب، والظروف، وجميعها تحمل دلالات أن المنطقة والعرب مفتوحون على مرحلة جديدة نوعيا غير التي كانت واستمرت قرنا ونيف.

-           في العراق أزمة وحدة وطنية، وأزمة مشروع نهضوي يرث الاحتلال ويغير من الواقع والعلاقات، ويبني على أسس جديدة، فتتبدى الأزمة باحتراب أهلي، وبين صفوف وقوى وكتل المقاومة وتشرع العراق على خطر التقسيم واندلاع اقتتال عاصف بين الأطياف والاثنيات، وتتقدم مشكلة كركوك والكونفدرالية وتقسيم الثروات والسلطة كقضايا خلافية وأسباب لانفجار عنف عاصف، أسس له الاحتلال ويستكمل ما بدأه من تدمير منهجي وإبادة جماعية، هكذا تنفتح المقاومة العراقية على أزمة تكوينية، وهي تحقق انجاز النصر السلبي بطردها المحتل ومنعه من تحقيق أهدافه،وتتبدى الأزمة أعمق من أزمة وحدة وطنية إلى أزمة وطن، وقدرته على إنتاج البديل الوطني القومي والاجتماعي.

-           في فلسطين أزمة وحدة وطنية، وأزمة ثقة وعجز مقيم عن إنتاج مشروع وطني إجماعي لإدارة الصراع وإدارة المناطق المحررة، واحتراب فصائلي يهدد بإسقاط انجازات المقاومة وإشغالها عن قتال العدو وعن مهمتها في حماية شعبها وكادراتها، وتنفجر اشتباكات دامية وتتعطل التسويات والوساطات العربية ويفسح بالمجال أمام أعداء الأمة لتغذية الاحتراب وتمويله وتسليح أطراف وفصائل فيه، مدعومة بتوافق إسرائيلي أردني مصري، وتراجع الحضور السعودي وانكفاء الحضور السوري في المعالجات، وهكذا أيضا تنفتح المقاومة الفلسطينية وهي تنتصر على أزماتها التكوينية، وتكشف عن أزمة الوطن الصغير والمحتل وعجزه عن إنتاج حراك وطني قومي اجتماعي.

-           في لبنان أزمة استعصاء، فالمقاومة التي سجلت نصرا هائلا في مداه، وأبعاده، وآثاره تعجز عن وضع حد للازمة الداخلية، وتتمنع عن قيادة المعارضة الوطنية لأخذ السلطة السياسية وتوليد برنامج اقتصادي اجتماعي يحاكي مصالح أغلبية اللبنانيين وإحداث التغييرات المطلوبة بإلحاح في بنية النظام ووظائف الكيان، وفي تعزيز الوحدة الوطنية وإنتاج نظام المواطنة بدل نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية المختصر بمحاصات عائلية تتوارث النفوذ والسطوة والتسلط" 16 أسرة حكمت وتحكم لبنان منذ قيامه ككيان" وهي أيضا تقدم نموذجا فريدا متقاطعا مع شقيقاتها المقاومات وهي تنتصر تنفتح على أزمات تكوينية وتعجز عن إدارة المعركة الدستورية والاقتصادية الاجتماعية ومع أزماتها تفتح البلاد بسبب إصرار فريق 14 شباط على التدويل، واستقدام القوات الدولية للاستقواء بها على المقاومة وعلى المعارضة والمجتمع وبهذا الخيار تأخذ البلاد على احتمالات الفوضى والتحلل واستمرار الأزمة لزمن طويل كفيل بان يأكل انجازات المقاومة وانتصاراتها وان يأخذ لبنان إلى حالة مختلفة جدا قد تنتفي معها شروط وأساسات ووظائف الكيان واستمراره، فتتبدى أزمة وطن وكيان عاجز عن توليد بدائل وطنية قومية اجتماعية.

-           سورية في حالة التباسية، بينما شكلت الدولة القاعدة القائدة لإستراتيجية المقاومات وتشريعها ودعمها وحمايتها وحملت المسؤولية بثبات وعزيمة وخرجت من حملات استهدافها أقوى مما كانت، تبدو مرتبكة في إدارة شؤونها الداخلية ولاسيما خياراتها الاقتصادية والاجتماعية المنسجمة مع طبيعتها ومع خاصياتها والتزاماتها ودورها المطلوب في ترشيد المقاومات وتوحيدها، وإنتاج مشروع النهضة والتحرر، وتنفتح اقتصاديا وتغزوها إجراءات الليبرالية ومصالحها، وتستعجل التحول إلى الاقتصاد الريعي، والاستهلاكي، على حساب قطاعات الاقتصاد الإنتاجي وعلى حساب خطة التنمية الوطنية الاجتماعية الشاملة، ويعاد هيكلتها الاقتصادية على وصايا إجماع واشنطن تمهيدا لإعادة هيكلتها الاجتماعية والسياسية بما ينسجم مع قواعد هيمنة مراكز القوة الاقتصادية الليبرالية على الاقتصاد السوري وفروعه، كما تبدو مترددة ومرتبكة في الانتقال من إستراتيجية المقاومة إلى إستراتيجية بناء البديل القومي وترشيد المقاومات وأوطانها للانتقال إلى حقبة البناء وإدارة المجتمعات والنظم  .

-           العربية السعودية في حالة ارتباك، فمن جهة يلعب بعض رموزها وقواها الحاكمة دورا هجوميا ومحوريا في التأسيس للفتنة الكبرى، وتجري عبره عمليات تمويل، وتدريب لجماعات التخريب في لبنان، وفلسطين، وسورية، والعراق، يحاول الملك عبدالله وفريقه إشهار مواقف وممارسات تبدو مؤشرات على انفكاك سعودي عن الإدارة الأمريكية، وابتعادها مسافة عن المشروع الغربي عموما والأمريكي خصوصا، علما أن الكثير من المعطيات تفيد بأن السعودية دولة نفطية وسوق، وفائض مالي، يمكنها أن تكون مركز قوة، ويضاف إليها رسوخ أسرتها الحاكمة، وتوفر القدرة بفعل موقعها ومصالحها على تجاوز حال التبعية والارتهان خاصة وان الإدارة الأمريكية معطوبة وفي المرحلة القاتلة، والمشروع الغربي يهزم وينحسر عن العرب والمسلمين، وهي شروط مناسبة لتتحرر السعودية وتتخذ مسافة بعيدة عن املاءات الإدارة الأمريكية أو من المؤسسة الحاكمة، اقله خلال السنوات الثلاث القادمة حيث الارتباك والأزمة الأمريكية الداخلية والتوازن على أشده، فعلى موقف وخيارات السعودية وحسمها يتوقف الكثير من مسارات الأزمات العربية وفي جميع الساحات بما في ذلك النظام الرسمي العربي وطبيعته والياته، وعلى العلاقة مع الأمم المجاورة، وفيما بين العرب وقواهم الحاسمة.

-           في النظم العربية الموالية، والعاجزة، والمستمرة بفعل الدعم والتبني الغربي والأمريكي لها خاصة مصر، والأردن، ودول المغرب العربي فالحال ليس مأمولا به والمستقبل مرهون بمستقبل المشروع الغربي، وبتواتر أزمات تلك الإدارات وعجزها عن الإحاطة بالتطورات ونذر العاصفة تؤكد أنها ضاربة فيها، وان المنطقة برمتها دخلت سنوات الغليان التي تشبه الحالة التي أعقبت هزيمة الحلف الثلاثي في حرب السويس وكانت الشاهد على انحسار الإمبراطورية الفرنسية والبريطانية وإفساحها المجال أمام حركة التحرر العربية وتقاسم النفوذ بين المعسكرين حيث أصاب المنطقة العربية وقضاياها وقيد حركتها وتطورها.

-        مؤسسات النظام الرسمي العربي وفي أولها القمة:

 أعطت قمة الرياض مؤشرات قوية على حجم تأثرها بالتطورات والتغييرات في العالم وفي البيئة الإقليمية وفي العرب، فصارت القمة العربية الأولى، وقمة التضامن والمصالحات، ووجد فيها البعض أنها قمة التأسيس لمنظومة امن قومي عربي من طابع جديد تتناسب مع جديد المنطقة وحاجاتها، بيد أنها لم تخطوا  الخطوات العملية الجادة التي تفيد بأنها بدأت تتحول من ظاهرة صوتية إلى بيئة تفاعل العرب وتقرير مستقبلهم والمساهمة بانتزاع مصالحهم وفرضه كقوة بحجم ما يملكون وما يمثلون، والأمر مازال مفتوحا على الاتجاهين اتجاه الانهيار والتأزم واتجاه التشكل كقوة منظمة في حدها الأدنى جامعة للعرب ومؤلفة بين قلوبهم، والأمر مرتبط باستقرار العلاقات السورية السعودية على منحى ما، فإذا كان تصادميا يمكن القول أن التضامن العربي صار في خبر كان، وإذا صار ايجابيا يمكن القول بأن قاعدة التضامن وبيئته التاريخية قد ائتلفت وتاليا يمكن الرهان على تطورات ايجابية منسجمة مع حاجات المرحلة وضروراتها، وصورتها العربية.

عبر ودروس مما هو جار في حال الأمة الآن:

-           في الساحات الاشتباكية وحيث تنتصر المقاومات تنفجر الكيانات والنظم وتعجز عن الإحاطة بالمهام التاريخية الواجبة ما يفيد بانتفاء الحاجة التاريخية لتقسيمات سايكس بيكو، وانهيار عناصر دعمها وحمايتها مع انحسار النفوذ الغربي ، وانتفاء الدور الوظيفي للكيان الصهيوني، والمنطقي أن يأخذ معه انتفاء الدور الوظيفي للكيانات التي نشأت لتخديمه على انه قاعدة متقدمة للمصالح الغربي وفي أولها تفتيت الأمة وتخلفها وعجزها.

-           المقاومات العربية، وتيارات الأمة الحية، وقواها الصاعدة، في حالة هجينة، تعبر من مرحلة تاريخية كانت فيها عملا نوعيا وصائبا تعبر إلى مرحلة جديدة فتحتاج إلى تطوير وتكيف في بنيتها وبرامجها وبيئتها الثقافية والعقيدية، وتحتاج إلى فعل لتوحيدها، ولترشيدها ولجمعها، ولرعاية حوار تفاعلي بين أطيافها وقواها، أساسه العمل المشترك لإنتاج رؤية ومشروع نهضة وقيام قومي عصري تحرري، وبدون ذلك فاحترابها واكلها لنفسها آمر ممكن الحدوث والوقوع ونحن فيه على ما هو جار في فلسطين والعراق، ولبنان.

-           المقاومات والحركات الشعبية التي تلعب دورا هاما وخطيرا، تعجز بحكم الطبيعة، والواقع، والشروط الموضوعية، وكيانيتها القطرية، عن إنتاج برامج ورؤية للخروج من الأزمات إلى بناء المشروع القومي وهي بكل الأحوال مهمة يجب أن تتقدم لها منفردة، ومجتمعة، وان تلعب سورية باعتبارها دولة وازنة مستقرة مجربة ومختبرة، وتمتلك عناصر القوة  واستمرت في خياراتها لوطنية والقومية وفي التزاماتها وتحملت أثمان ذلك، وتتشكل كدولة قاعدة قائدة للمقاومات وباتت مطالبة اليوم أكثر من أي يوم مضى بان تلعب الدور المطلوب منها تاريخيا كقاعدة احتواء وترشيد وتفاعل بين المقاومات وأطياف الأمة الحية والتقدم في انجاز المشروع التحرري، ووضعه قيد البحث الجدي فقد دقت ساعته.

-           لا يعيب بلاد الشام والرافدين أن تتشكل كقوة حاضنة لمشروع النهضة، وان تتقدم باتجاه إسقاط تقسيمات سايكس بيكو بعد أن أسقطت قوى تصنيعه وحمايته وأدت مقاومات ساحاتها إلى انحسار الهيمنة الغربية عن المنطقة بل يمكن لبلاد الشام والرافدين امتدادا إلى الحجاز من أن تلعب هذا الدور الذي لعبته تاريخيا عند كل محطة نوعية كالتي تقوم اليوم، ونجاح المنطقة بمهمتها من شأنها أن تحفز مصر، وتقطرها، وتعيدها إلى الحاضنة العربية ومشروعها، وان تحفز المغرب العربي وشتى الأصقاع بما في ذلك دول الأطراف التي تشضت وسارعت إلى انتداب نفسها من القوات الأجنبية .

-                     بيئة بلاد الشام والحجاز، كما هي بيئة الاشتباك مع المشروع الغربي، ومنطقة النفوذ التي يتقاتل عليها الجميع هي أيضا البيئة القادرة على تشكيل قوة دافعة لمحور عربي إسلامي يتشكل على الطريقة الأوروبية في الاتحاد أو الأمريكية اللاتينية أو الآسيوية أو تنتج جديدا خاصا بها، وأنها الجوار المباشر لإيران، وتركيا وامتدادا للعالم الإسلامي وقوى آسيا الصاعدة، وهذا بكل الأحوال أمر راهن بحجم راهنيه توليف المصالح القطرية لبلاد الشام واحتضان مقاوماتها وشعوبها وإنتاج مشروع توحيدي على أسس عصرية مناسبة ومتقاطعة مع الظروف ومعالجة الترسبات لها بهدوء وحكمة.

 

 يتبع:

السودان وأزمة دار فور، مصر، اليمن، إمارات الخليج ومشيخاته- امن الخليج ومستقبل الوجود الأجنبي.

سبق طرح الجزء الأول تحت عنوان، حال الأمة في عالم يتغير، والجزء الثاني تحت عنوان: حال الأمة في بيئة إقليمية متغيرة.

يطرح لاحقا أجزاء أخرى:

حال الأمة في البيئة الإستراتيجية للصراع العربي الصهيوني المتغيرة/ مستقبل الصراع.

الظاهرات النوعية في تقرير مستقبل الأمة واستعجال وحدتها.

خلاصات، دروس وعبر، واقتراحات وتوصيات برنامجيه على الصعد المختلفة.

هذه صيغة أولية مطروحة للنقاش العام، قابلة للتشذيب، والتعديل، والتطوير، والحذف.

مطروحة للنقاش والتعليق، والمشاركة مطلوبة من الجميع أفراد ومجموعات وأحزاب

المسار المرجو: بلوغ مرحلة نستطيع عبر الحوار الفاعل والتفاعلي أن نقف على الحال وان نبحث معا الوصفات والمهام المطلوبة والمناسبة، وان يجري توزيع التقرير التأسيسي والتقارير الشهرية، ولاحقا الأسبوعية على أوسع نطاق إسهاما في توفير بيئة الحوار التفاعلي المطلوب بين قوى وأطياف الأمة الحية.

للمساهمة، والمشاركة، والاقتراحات والتعليقات ، والتصويب، والردود، وطلب الأجزاء السابقة المطروحة:

awlamat@dm.net.lb
ABNOUR@SCS-NET.ORG
yaragroup@hotmail.com
yaragroup2000@yahoo.com
general@kassioun.org