![]() |
back to the Cultural Salon |
جلسة الصالون الثقافي في 2 أيار 2015
"وقف الهجرة من الريف المسيحي و/أو إعادة إعماره بين الاستحالة طائفياً والإمكان وطنياً".
عقد الصالون الثقافي جلسته الشهرية في الثاني من أيار
الجاري (في مطعم المونتي فردي في القبيات) لمناقشة الدراسة التي أعدها د. جوزف
عبدالله وهي بعنوان "وقف الهجرة من الريف المسيحي و/أو إعادة إعماره بين الاستحالة
طائفياً والإمكان وطنياً".
حضر الجلسة الوزير السابق فوزي حبيش والنائب هادي حبيش
والأب الكرملي ميشيل عبود (مسؤول كاريتاس في عكار) وعدد من الآباء والمخاتير
والفعاليات الثقافية والاجتماعية والطبية والتربوية...
قام د. جوزف عبدالله بعرض موجز وسريع لدراسته مؤكداً إن
غرض هذه الدراسة بالتحديد هو تحليل خطة وقف هجرة المسيحيين من الريف وإعادة إعماره
(تثبيت المسيحيين في أرضهم) كما طرحها مؤتمر "أرضي هويتي". فهل هي ناجعة في ما
طرحته من حلول؟ أم هي عاجزة؟ وما الأسباب؟ وما هو البديل؟ وتتساءل هل يمكن لطائفة
لوحدها أن تجد حلاً لأزمة هجرة أبنائها من الريف، وخطة لإعادة إعمار الريف حيث
يقطن، أو كان يقطن، أبناؤها أو يمتلكون الأرض؟ هل الحل الطائفي هنا ممكن أم مستحيل؟
وما البديل؟ وبتقدير الدراسة أن الحل الطائفي مستحيل، بينما الحل الممكن هو الحل
الوطني العابر للطوائف.
تركزت دراسة د. عبدالله على مناقشة توصيات مؤتمر "أرضي
هويتي" الذي عقدته الرابطة المارونية في 5 تموز 2014. وتوقف مطولاً أمام مقترح
إقامة "المنطقة الاقتصادية الحرة في البترون" التي وافق عليها مجلس الوزراء مؤخراً.
واقترحت الدراسة حلاً يستند إلى تجربة الاتحاد الأوروبي عموماً والنموذج الفرنسي
خصوصاً.
استعرض د. عبدالله أهم مواد قانون هذه المنطقة
الاقتصادية وأخذ عليه الكثير من المآخذ، أهمها: عدم خضوع هيئة إدارة المنطقة
الاقتصادية لرقابة كل من مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي (المادة 4)؛ حق
الهيئة بالترخيص بعمل الأجانب دونما اي مسؤولية لوزارة العمل (المادة 8)؛ مصادرة
الهيئة لصلاحيات جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات فيما يتعلق بمنح
التراخيص، ما يعني أن هذه المنطقة الاقتصادية "دولة ضمن الدولة" (المادة 9)؛ خصخصة
صريحة لقطاعات الماء والكهرباء والاتصالات في نطاق عمل الهيئة (المادة 12)؛ إلغاء
قواعد تحديد الأجور المعمول بها رسمياً وقاعدة عقد العمل الجماعي (المادة 28)؛
استثناء المنطقة الاقتصادية الحرة في البترون من أحكام الضمان الاجتماعي (المادة
31)؛ إعفاء مشاريع هذه المنطقة من الرسوم الجمركية ومن الضريبة على القيمة المضافة
ورسم الاستيراد والتصدير... (المادة 32)؛ تشغيل 50% من العمال الأجانب (المادة 33)؛
إعفاء الأبنية والإنشاءات العقارية من رسوم الترخيص (المادة 35)؛ إعفاء من شروط
وجود أشخاص لبنانيين في مجالس الإدارة (المادة 36)...
واختصر د. عبدالله مشروع "المنطقة الاقتصادية الخاصة في
البترون" بالصيغة الآتية: تفتقت عبقرية "الرابطة المارونية" فقدمت لحيتان المال
عرضاً قالت هذه الحيتان فيه: أعطونا كل الأسباب التي تجعلنا "دولة ضمن الدولة" في
لبنان، والتي تجعلنا نحصل على الأرباح التي لا يمكننا الحصول عليها في أي مكان آخر
في العالم، دونما أن نتحمل أي مسؤولية تجاه خزينة الدولة اللبنانية، ودونما أن يكون
هناك أي رقيب علينا في ما نقوم به من أعمال شرعية أو غير شرعية... وخذوا منّا محبة
للبنان ولمسيحييه بأن نشغلهم بأدنى الأجور وبأقل ضمانات الحماية الاجتماعية المعمول
بها في البلد. ومقابل كل عامل لبناني سنأتي بعامل أجنبي لتكون المنافسة مع العمالة
الأجنبية وسيلتنا لابتزاز الجميع. وسنقوم بإسكان العمال الأجانب "الغرباء" في منطقة
كفرحي الأثرية والتراثية والمقدسة. وكفوا أيها القادة المسيحيون عن الصراخ ضد
العمالة الأجنبية. ألستم أنتم من وقع مشروع القانون وتقدم به إلى مجلس النواب؟
فعلام زعيقكم ضد العمالة الأجنبية؟
وعرض د. عبدالله تجربة الدول الغربية، لا سيما الاتحاد
الأوروبي، لمواجهة الهجرة من الريف إلى المدينة، وهي تجربة قائمة، في فرنسا مثلاً،
على "السياسة الزراعية المشتركة" و"برنامج التنمية الريفية". وفي ذلك تتدخل الدولة
في: أولاً، (1) حماية على الحدود من خلال الجمارك، تنظيم الاستيراد؛ (2) دعم مالي
مباشر وغير مباشر للمزارعين (كأشخاص طبيعيين أو معنويين)؛ (3) دعم مدخلات الإنتاج
وعوامل الإنتاج...؛ (4) دعم بدفع تعويض للمزارعين عن الخسائر الناجمة عن الكوارث
الطبيعية (المناخية وغيرها)... فضلاً عن سياسات الحماية الصحية والاجتماعية المتبعة
في تلك البلدان.
وللخروج من هذه الدوامة الكامنة في تراجع العمل الزراعي
وارتفاع وتيرة الهجرة من الريف إلى المدينة، لا بد من قيام الدولة بوضع سياسة
زراعية وبرامج التنمية الريفية. وإذا كانت القيادة المسيحية حريصة على استمرار
الانتشار المسيحي في الريف، وحريصة على بقاء أرض المسيحيين ملكاً لهم، فمن طليعة
واجباتها العمل على أن تصبح الدولة اللبنانية دولة رعاية للعمل الزراعي وتنميته. هل
تستطيع القيادة المسيحية فعل ذلك؟ نعم إذا كانت جادة في فعله. فالمسيحيون يتمثلون
بنصف عدد النواب وبنصف مقاعد الوزراء. ومتى رغب القادة المسيحيون بطرح القوانين
الداعمة للزراعة وبإقرار السياسة الملائمة لحماية الريفيين في أرضهم، استطاعوا ذلك،
لأنهم سيلاقون بالضرورة عدداً من النواب والوزراء المسلمين الذين سيشاركونهم الرأي
والموقف.
وعلى افتراض أن قيادة الطوائف الأخرى كانت معارضة لهذا
المشروع السياسي التنموي، فباستطاعة القيادة المسيحية طرح الموضع على القواعد
الشعبية من كل الطوائف، وباستطاعتها بالتالي تأمين الحشد الجماهيري والشعبي الكفيل
بالضغط على الدولة، بالأساليب الديمقراطية، وإقرار التشريعات والقوانين اللازمة.
ويجب أن يكون حاضراً في الذهن أن الهجرة من الريف ستتزايد باستمرار. وهذا سيكون
اتجاهاً عاماً لكل اللبنانيين، ولن يتوقف على المسيحيين. ربما يتقدم المسيحيون على
المسلمين في الهجرة بضع سنوات، ولكن المسلمين الريفيين سيلقون نفس المصير.
وفي هذه الحال، تكون القيادة المسيحية أولاً، أثبتت
حرصها الفعلي على بقاء المسيحيين في أرضهم وحرصها على مصلحتهم؛ ثانياً، عملت على
بناء وحدة وطنية فعلية بين شتى العائلات اللبنانية. فالوحدة الوطنية ليست قصيدة
غنائية، بل هي سعي لصهر الجميع (بصرف النظر عن الانتماء الطائفي والمذهبي) في
المشاريع الوطنية؛ وفي ذلك ثالثاً، أهم تحصين للحضور المسيحي بوجه الموجات
التكفيرية المدمرة لحامليها وللمجتمع على السواء.
واقترح د. عبدالله برنامجاً بديلاً إذا لم تذهب القيادة
"المسيحية" في هذا الاتجاه، ولعله من الأرجح أنها لن تفعل. شأنها في ذلك شأن حيتان
المال من باقي الطوائف.
وفي هذه الحال، لا بد لكل راغب في المحافظة على أرضه،
وفي العيش في ربوعها بكرامة وبشكل لائق، من أن يسعى لتغيير واقع الحال. يبدأ هذا
السعي بالشعور بمسؤولية كل فرد عن مصيره وبمساهمته في صنع هذا المصير. ويكون السعي
عموماً:
(1) بتحصيل المعرفة بمقتضيات التنمية الريفية كما هو
معمول بها في البلدان المتقدمة (وهي كما عرضناه بإيجاز في ما سبق)؛
(2) تحويل هذه المعرفة، بالتعاون مع أهل الاختصاص، إلى
"برنامج عمل مطلبي"؛
(3) نشر هذه المعرفة-البرنامج في وسطه الاجتماعي (من
العائلة إلى الجيرة إلى القرية إلى القرى المجاورة...)؛
(4) الضغط على القيادات السياسية التي يؤيدها زعيم محلي
(نائب) أو حزب أو تيار سياسي لتعبر عن مصالحه الفعلية في التنمية الزراعية
والريفية، وتبني "برنامج العمل المطلبي"، ومحاسبتها عند الضرورة؛
(5) تشكيل مجموعة ضغط، لوبي، بين أنصار زعيمه المحلي
(النائب) أو داخل حزبه غرضها الترويج في هذه الأوساط والضغط على الزعيم أو القيادة
الحزبية لطرح "برنامج العمل المطلبي" في مؤسسات الدولة (مجلس النواب والحكومة)؛
(6) تشكيل لجان متابعة في كل قرية وبين مجموعة القرى
التي تنتمي إلى إطار جغرافي متماسك؛
(7) التواصل مع جميع المعنيين الذين يحملون نفس البرنامج
أو برنامج قريب لتنسيق الجهود وتوحيدها في حركة مطلبية واسعة؛
(8) التواصل مع النقابات والأحزاب ومؤسسات المجتمع
المدني الموثوقة وغير المرتهنة لحيتان المال، بغية توسيع مروحة الحملة المطلبية؛
(9) تنظيم حملة إعلامية عبر شتى وسائل الإعلام؛
(10) عقد المؤتمرات المتخصصة بالزراعة وبالتنمية الريفية
والاستفادة من رجال الاختصاص؛
(11) اللجوء إلى الاعتصامات والتظاهرات تحت سقف القوانين
المرعية الإجراء.
وفي الخلاصة يقرر دز عبدالله: يستحيل على أي طائفة مهما
كانت إمكانيات قياداتها الروحية والسياسية والمالية (هذا إن كان كانت جادة وصادقة)
أن تقدم حلاً لأزمة الهجرة من الريف إلى المدينة ولمسألة المحافظة على الأرض. إن
هذه القضية تستلزم مقادير مالية كبيرة، ورأسماليو الطوائف، كما تدل كل التجارب،
ليسوا أبداً على استعداد لتقديم الكثير من أموالهم لإنقاذ أبناء طوائفهم. وفي هذا
يتساوى رأسماليو كل الطوائف والمذاهب، حيث يغلب عليهم "مذهب المال"، ويشكل طائفتهم
الأهم، وهم بذلك عابرون للطوائف. ولو افترضنا، وهذا محال، أن كبار رأسماليي
المسيحيين قدموا ما شئنا من الدعم المادي لأهل الريف، فهم يعجزون بالضرورة عن
التحكم بالسوق، لأن التحكم بالسوق من شأن الدولة. ولا بد بالتالي من تعاون قيادات
جميع الطوائف لإيجاد حل وطني لهذه المشكلة (الهجرة من الريف) التي هي مشكلة وطنية
أيضاً لأنها تطال جميع فئات الشعب اللبناني. ولهذا نقول باستحالة الحل الطائفي
وإمكان الحل الوطني.
وإذا كانت الحركة الشعبية المطلبية هي التي تخوض نضالاً
لمعالجة مسألة التنمية الزراعية والتنمية الريفية والمحلية، فإن هذا السعي يكون
بالضرورة سعياً وطنياً أيضاً، لأنه يقوم على قاعدة وحدة وطنية تنبني في سياق الحراك
المطلبي. مرة أخرى تأكيد على استحالة الحل الطائفي وإمكان الحل الوطني.
فلنحزم أمرنا. وإذا بقينا مستكينين ولا مبالين، فالأمر
من سيئ إلى أسوأ. فلنحزم أمرنا، إذ ليس أمامنا غير التضامن الوطني بين أصحاب
المصلحة الموضوعية في برنامج مطلبي من أجل سياسة زراعة محمية ومدعومة ومن أجل
برنامج التنمية الريفية والمحلية.
وتلا ذلك مداخلات ومناقشة استهلها الوزير السابق فوزي
حبيش الذي أثنى على نشاط الصالون الثقافي واقترح رفع الدراسة التي أعدها د. جوزف
عبدالله والتي كانت محور النقاش إلى البطريرك صفير. واعقبه النائب هادي حبيش الذي
أبدى استعداده لدعم تنفيذ الدراسات التنموية التي يعدها الصالون. وقدم الأب ميشيل
عبود مداخلة دافع فيها "مؤتمر أرضي هويتي" وعن الشخصيات التي شاركت فيه، ودعا إلى
القيام بخطوات عملية. وتحدث الخوري نسيم قسطون وعرض بدوره لبداية الخطوات التي تقوم
بها المرجعية الروحية كالمجالس الاقتصادية، مع موافقته على أهمية دور الدولة في
التنمية. ورأى د. إيلي الزريبي أن التباكي على وضع مسيحي عكار في غير موضعه، واعتبر
المؤتمرات المسيحية تغذية للتنافر الطائفي، وتصور الحل بالعمل لتوفير اللامركزية
الإدارية وتوسيع صلاحيات البلديات... واقترح رئيس تعاونية القبيات طوني رعد الشروع
بورشة عمل للتفكير بكيفية التنمية وبالمشاريع المحلية ودعا إلى إنشاء شركتين واحدة
عقارية لتثبيت هوية الأرض وأخرى للاستيراد والتصدير...
مداخلة الأب ميشيل عبود الكرملي: |
بدايةً، أثني على نشاط الصالون الثقافي، وعلى اتّخاذ هذا الموضوع، موضوع الإنماء ضمن أفكاره ونشاطاته.
أوّلًا، وتعليقًا على ما قدّمه
الدكتور جوزيف عبدالله، في نقده على مؤتمر أرضي هويّتي، أؤيده. ولكن لا بد من
الإشارة، إن بعض المتكلمين في هذا المؤتمر، هم أشخاص يفكّرون ويضحّون من أجل
الإنماء، وهذا ما تدل عليه أعمالهم وإهتماماتهم. والبعض يتكلّم من ناحية فراغ
الوقت، كأنه يعطي ما تبقّى (ما فَضُل) من وقت لديه من أجل التفكير بالآخرين .
أمّا من ناحية الإنماء في الأطراف، وخصوصا في عكار، كا
نقدمه هو بعض الافكار الصغيرة والمختصرة، والتي بحاجة لدراسة عميقة وواضحة.
هناك أمور أيجابية إن كانت في عكار او في القبيات
خصوصًا، ويجب ألّا نهملها، أن لا نبكي ونتباكى، لدينا قدرات هائلة، لدينا
استثمارات، لدينا طاقات شبابية.
ثانيًا، ماذا يُفعل من أجل الإنماء؟
هناك عدة عناوين: وجود، انماء، تثبيت، استمرارية.....
شخصيًا، نعمل وعملنا على الإنماء الروحي، لأنه نحن
موجودون هنا بفضل إيمان أجدادنا، الذين آمنوا وصلوا، وعلامة هذا الإيمان والثبّت
به، بقيُوا في الأرض وبنوا الكنائس، ونحن ما زلنا مستمرين، وذلك بقوة الله. فعلينا
أن نغذّي روح الإيمان في قلوب أبنائنا، لأنّ البعض منهم أصبح (فوفاش)، لا يتحمّل
أيّ مسؤوليّة، ليس لديه روح التضحية، لا يقدر أن يثابر ويصمد ويصبر الى المنتهى.
يذهبون إلى الجامعات، ولا يقدرون على متابعتها إكمالها، يحاولون بناء بعض المشاريع
دون إكمالها وإنهائها، إلى ما هنالك. الى جانب شباب قادر، ثابت، مستمرّ في عمله،
والشباب ثابت في إيمانه، لذلك يجب أن يكون هناك أيضًا تفكير بالإنماء الإيماني،
وذلك من خلال كل الدورات التدريبيّة، التنشئة الروحيّة الّتي نقوم بها.
ثالثًا، من ناحية الإنماء
الإعماري والأرض، والتثبّت بها وغيرها... ، في الآونة الأخيرة أتت بعض المحطات
التلفزيونيّة العربية، وقامت بمقابلات معي، وكان سؤال واحد مشترك بين الجميع: هل
أنتم خائفون؟ هل ستبقون في هذه المنطقة؟ هل ستستمرّون؟
كان الجواب: إذهبوا وانظروا، ستجدون كم من المشاريع
السكنية قيد الإنشاء.
إذهبوا واسألوا المصارف، كم من الشباب يأخذون القروض.
هناك عدة جمعيات تقرض لمدة عشر وعشرين سنة، هل هذه علامة الهروب! هل من يقترض
ويشتري منزلا من الآن، ويقوم بتقسيطه لمدة ثلاثين سنة، هل هو مستعدّ للهروب!
كلّها علامات أننا ثابتون في أرضنا.
رابعًا، هناك بعض المحاولات
الّتي يجب أن نسطّر عليها: منها مؤسسة كفالات ومديرها العام الدكتور خاطر بو حبيب
يعطي لعكار أهمية كبرى، حيث هناك:
- قروض بمليارات الليرات اللبنانيّة أعطيت لعكار، لأشخاص
يستفيدون منها وهذه علامة إنماء.
- هناك الجمعية التعاونية اللبنانيّة للإنماء، الّتي
أعطت عكار من سنة 2010 حتّى 2014 خلال 4 سنوات ما يقارب مليونين وستمئة الف دولار،
قروض بقيمة 20 الى 25 الف دولار، تدفع على خمس سنوات، ويتم رهن الأرض وذلك علامة
لثبيت هذه الأرض والمحافظة عليها، كي لا تباع أقلّه لفترة زمنية، وهناك تسهيلات من
هذه الجمعيّة .
- هناك بنك بيروت الّذي يعمل مع كاريتاس لبنان بإعطاء
قيمة قروض لمدّة ثلاث سنوات، قروض صغيرة.
- هناك ايضا الكثير من يستفيدون الى جانب محاولات أخرى
تعمل على مساعدة الشباب للبقاء في أرضهم والاستفادة من طاقاتهم.
خامسًا، البعض يسأل: ماذا فعلت
الكنيسة؟ والكنيسة مقصّرة، والكنيسة يجب أن تفعل!.
يجب الدلالة على ما يلي: كل ما نراه من مدارس وجامعات
ومؤسسات استشفائية، كلّها تابعة للكنيسة، وقد أتت بها الكنيسة، في وقت لم يكن لأي
مؤسسة أخرى ولا الدولة القيام بأي شيء، فعملت على إنعاش الأرياف وعلى تثبيت الناس
في أراضيهم، وديرنا دير مار ضوميط للآباء الكرمليين هو خير دليل على إنعاش القبيات
من ناحية العلم. وإنما هناك بعض الأخطاء على الصعيد الفردي يرتكبها بعض المسؤولين
فرديًّا، لا يعني انه خطأ الكنيسة. وإنما وإذا كان هناك ما يسمّى بغلاء الأقساط في
الجامعات وغيرها، كان منّي شخصيًّا، إقتراح على السفير البابوي بإغلاق كلّ الجامعات
المسيحيّة وتسليمها إلى علمانيين، اسوة بالجامعات أخرى، حتّى لا يكون هناك صراع بين
من يدّعوا مساعدة الفقراء ومن يطلبوا القسط. وأن هذا الصراع يبقى قائمًا، فينصرف
الأشخاص المعنيون إلى رسالتهم.
انخراط ابن الريف في مؤسسات الدولة لا يعني تهجيرا له،
لانه لم يعد الامر مثل القديم، حيث هناك الواصلات الخاصة المتوفرة.
يجب ان يكون هناك ورشة عمل تتضمن دراسة لواقع الارض،
وللقدرات المتوفرة على كل الاصعدة، والمثابرة بصبر كبير، وبمخطط واضح.
مداخلة السيدة الأستاذة ريتا وهبه: |
كلفة سكن الطالب الشهرية في
الجامعة اللبنانية 75 ألف ل ل زائد 25 ألف ل ل كطوارئ سكن بدل السرير الواحد. هذه
المؤسسة لا تبغي الربح.
مباني سكن الطلاب التابعة لمؤسسة كاريتاس 400 ألف ل ل.
نسبة ربح كبيرة لا تراعي أوضاع الطلبة الفقراء القادمين من القرى النائية.
لنقارن. نترك التعليق للناس!
مداخلة الخوري نسيم قسطون: |
مقدّمة:
بدايةً، لا بدّ من التنويه بطرح هذا الموضوع في توقيتٍ
تعتبر فيه هذه المسألة من أهمّ ما يجب أن يتوقّف عليه السعي الجديّ لإيجاد حلولٍ
بنّاءة وعدم الاكتفاء بتحليل الأسباب لأنّ النزيف لا يوقفه تضميدٌ إن كان الدم
يعاني من فائض السّيلان!
الموضوع واسعٌ ومتشعّب ولذلك سأحصر مداخلتي في ملاحظات
واستنتاجات ممّا شعرت بأنّي على مقدرة لمناقشته كونه يتلاقى مع بعض المعطيات الّتي
لي علمٌ مباشر أو مبدئيّ حولها وهي النقاط التالية:
• موضوع البحث
• المداخلات التالية في مؤتمر أرضي هويّتي: د.عصام
خليفة، د. مطانيوس خليل الحلبي، الأب أنطوان وديع خضرة.
• هل تستطيع القيادة المسيحية فعل ذلك؟
• برنامج بديل لا بد منه.
• استحالة الحل الطائفي وإمكان الحل الوطني.
موضوع البحث
في إطار موضوع البحث، أؤيّد
فكرة تحليل كلّ ما طُرِح ولا سيّما على ضوء ما ود في الحاشية رقم (4) حيث أُشير إلى
ضرورة إيجاد تعريفٍ واضح لكلمة الرّيف وهو ما أؤيّده بحكم كون البعض:
• يلبسها مفهومًا سياسيّاً بمعنى المناطق البعيدة عن
مركز القرار.
• آخرون يلبسونها مفهوماً اقتصادياً بمعنى المناطق الّتي
تحتاج إلى إنماء.
• وآخرون يلبسونها فقط مفهوماً جغرافياً أي المناطق
البعيدة عن السّاحل أو الجبليّة.
• وقد تجتمع لدى البعض المفاهيم الثلاثة في الكلمة.
مؤتمر "أرضي هويتي"
تمّ إيراد الكثير من المداخلات في إطار هذا الموضوع ولكنّنا سنحصر الكلام في مناقشة ما ورد حول مداخلات:
• د. عصام خليفة
أشار د. عصام خليفة إلى "دور الأوقاف في التنمية المستدامة" وعلّق د.جوزيف بما يلي: "على من تقرأ مزاميرك يا داود؟ فالمراجع الدينية مأخوذة بالليبرالية الاقتصادية، وبـ"المناطق الاقتصادية الحرة". فضلاً عن أن تطبيق كلّ هذه الأفكار والمقترحات يبقى ضعيف الفعالية ما لم تظلله عباءة مركزية بخطة تنموية شاملة لحماية السوق ودعم الإنتاج (فمن يصمد مثلاً في مواجهة المنافسة مع "هوا تشيكن" في إنتاج الطيور وتسويقها؟) كما سنرى لاحقاً".
بالطبع، لن تتمكّن الكنيسة
لوحدها من حلّ كلّ المشاكل التي تحول دون نزف الجهرة...
ولكن، بدأت الأبرشيّات بمعظمها وكذلك الرهبانيّات في
العمل بتوصيات المجمع ولا سيّما في المناطق البعيدة عن المدن بالمعنى الجغرافيّ
ومنها ما بدأ بذلك قبل المجمع حتّى.
كأبرشيّات، قامت معظمها بتنشيط المجالس الاقتصادية
الّتي تبقى آليةً للاقتراحات أكثر منها وسيلةً لإيجاد الحلول أو الحركة وخاصّةً حين
لا يلتزم أعضاؤها التزاماً كاملاً بالبحث الجديّ عن توظيفٍ اقتصاديّ وتنمويّ
للأوقاف!
بالنسبة للجان الأوقاف، تمّ تحقيق تطوّر ملفت عبر
الانتقال من مفهوم "وكيل الوقف" المنفرد إلى لجنة الوقف الّتي، على الأقلّ في
أبرشيّتنا، أضحت ملزمةً بتأمين جدول اقتصاديّ سنويّ بموجوداتها وحركتها الاقتصاديّة
والاجتماعيّة (25% موضوعة بتصرّف المحتاجين) وهنا أشير إلى مسألتين:
o في هذا العام تمّ طلب جرداتٍ كاملة للموجودات ومن
ضمنها العقارات ضمن إطار المجمع الأبرشيّ الخاص بأبرشيّة طرابلس المارونيّة (الّذي
هو الآن في مرحلته التحضيريّة وأنا من اللجنة التحضيريّة له) ليكون بمقدور
الأبرشيّة إحصاء ما يمكن استخدامه في الإطار الاستثماريّ.
وقد سبق للأبرشيّة أن قامت باستثمارات عديدة لأراضٍ
تابعةٍ لها في كرمسدّة مثلاً أو قامت بوضع عدّة عقارات في تصرّ ف بناء مساكن للشباب
في أرده وفي القبيّات.
o على المستوى الشّخصيّ، أورد ثلاثة أمور:
لقد كنت أوّل من قدّم جرداتٍ دوريّة عن موجودات
الأوقاف الّتي تولّيت إدارتها وما كنّا نقوم به من حركة اقتصاديّة أو اجتماعيّة.
في إطار مار جرجس شويتا، قمنا بتصنيع خيم للإيجار،
ساهمت في زيادة مدخول الدّير ومكّنتنا من دعم عدّة مشاريع ذات طابع اجتماعيّ.
قمنا بجردة كاملة للعقارات التّابعة للوقف ونحن بصدد
تنظيم وضعها القانوني تمهيدًا للقيام باستثمار ما يمكن استثماره منها وفقًا لموقعه
الجغرافيّ وإمكانيّاتها كأراضٍ زراعيّة.
وقد قامت أبرشيّات أو رهبانيّات عديدة بتأسيس مشاريع مشابهة لما ذكره د.خليفة ولكن الحركة تبقى خجولة نسبيّاً ويواجهها بشكلٍ أساسيّ صعوبة إيجاد يد عاملة مسيحيّة بكون معظم المسيحيّين يتوجّهون إلى وظائف أكثر دخلاً أو أكثر راحةً وهو ما يقودنا إلى مداخلتي د.حلبي والأب خضرة.
• د. مطانيوس حلبيّ والأب أنطوان خضرة
تناولت المداخلتان "التشجيع في
الانخراط في الإدارات والمؤسسات الرسمية في لبنان" و "العودة إلى الوظيفة العامة".
يشكّل هذا الموضوع همّاً من هموم المؤسّسات ذات البعد
الكنسيّ فهو بحدّه الأدنى يؤمّن نوعاً من الاستقرار الماديّ للعائلات ويؤمّن
ضماناتٍ محدّدة كالطبابة أو الاستشفاء أو التعليم ولو كانت إلى تدنٍّ وفق المطروح
في الكثير من الخطط الاقتصاديّة منذ "باريس واحد" وحتّى اليوم.
ولكن، أؤيّد تحليل د.عبدالله فالانخراط في الوظيفة
العامّة أو في الأسلاك العسكريّة لا يعني حكماً تأمين تواجد النّاس في الأرياف
فمعظم من انخرطوا فيها في الماضي هجروا الأرياف واستقرّوا في أقرب النقاط إلى مراكز
العمل...
ومعظمهم حرص على تأمين العلوم العالية لأولادهم
والدراسات الجامعيّة و وجّههم نحو مجالات أخرى، أكثر استقلاليّة كالطبابة والهندسة.
ولكن لا بدّ من ذكر التّالي:
التوظيف العام حتّى الآن ضمن منطق الدوامات المحدودة
(5 ساعات فعليّة ربما) أدّى إلى نوع من الكسل لدى النّاس فأضحوا يرفضون فرص عمل
أكثر مدخولاً لمجرّد أن دواماتها أطول.
التوظيف العام لا يخضع دائماً لمعايير الكفاءة
فالتوزيع المذهبيّ والطائفيّ له دوره وكذلك المحسوبيّات السياسيّة فالمرضي عنه قد
يعيّن في مركز قريب إلى مركز سكنه في الرّيف وأمّا المغضوب عليه فبعيد وهذا يقوده
إلى البحث، مع الوقت، عن سكنٍ آخر.
ورد أنّ الموظّف في القطاع العام سيستخدم مدخوله
ويوظّفه في أرضه وهو قد يكون صحيحاً لجهة أن يكون له منزل في الرّيف ولكن الاغلبيّة
يستفيدون من خدمات التسليف لتأمين منزل في المدن من أجل أولادهم وتحصيلهم العلميّ
لاحقاً. وقليلون من يوظّفون مداخيلهم في عمليّات الاستثمار.
التوظيف العام سيقود إلى خلق نمطيّة حياة لدى الموظّف
لا تبقي لديه وقتاً كثيراً للعمل في أرضه أو الاهتمام بها... ربّما سابقاً كان
الأستاذ مثلاً يأتي إلى المنزل، يأكل ويأخذ قيلولة ثمّ يهتمّ بأرضه، أمّا حالياً
فلدى الأغلبيّة اهتمامات أخرى أو بحثٌ عن مصادر إضافية لتمويل متطلّباتهم المالية
وإن كان قسمٌ كبيرٌ منها متأتّي عن نمط حياة يتجاوز إمكانيّاتهم ولا سيّما في
البلدات الكبرى (كلّ ولد يملك خليوياً وحاسوباً وغرفةً...).
التوظيف في الأسلاك العسكريّة وإمكانيّة التقاعد
المبكّر خلقت أيضاً حالة من الخمول لدى شباب أضحوا متقاعدين وغير راغبين في
"التّعب" فلا يهتمّون بالأرض ولا بسواها ولا سيّما بعد إغراء انضوائهم للمجالس
البلديّة او للوظائف الاختياريّة!
عدم المساواة داخل القطاعات العامّة ففي بعض الوظائف
الدّوام يوميّ وفي سواها أسبوعيّ وحتّى داخل الأسلاك العسكريّة هناك دوامٌ يوميّ
وهناك خدمات متفاوتة (4 أيّام خدمة و2 خدمة وبعضها العكس!)...
كلّ ما سبق يهدف إلى القول بأنّ الوظيفة في القطاع العام مهمّة ولكنّها ليست ضمانة للثبات في الأرياف.
هل تستطيع القيادة المسيحية فعل ذلك؟
أؤيّد محتوى ما ورد في هذا
المقطع ولا سيّما ختامه ولكن لديّ اعتراضٌ مبدئيّ على توصيف القيادة بكلمة
"مسيحيّة" فهي هنا توصيفٌ اجتماعيّ بمعنى الإشارة إلى المسيحيّة بحكم الولادة وليس
التطبيق بالضرورة.
لا بدّ هنا من مناقشة ما يلي:
• النّظام الطائفيّ أعطى الأولويّة للانتماء بحكم
الولادة وليس بحكم التطبيق الفعليّ لأحكام الانتماء إلى الطائفة.
من جهة هذه المفارقة إيجابيّة إن كان هذا لا يقود إلى
التعصّب والانغلاق. ولكن، من جهة أخرى، قد يقود هذا إلى استغناء القيادة عن خدمات
النّاخبين إن كان وصولهم غير مقترن برضاهم وفقاً للتوزيع المعتمد حتّى الآن.
وهذا طبعاً يجعل المرجعيّة الفعليّة تعود إلى من يضمن
الوصول وليس إلى من يجدر بالقيادة تمثيلهم.
• معظم القيادات المسيحيّة الحالية انطلقت من إطارها
الطائفيّ الضيّق وشكّلت حالاتٍ عسكريّة طائفيّة ومناطقيّة أثناء الحرب. أمّا بعدها،
وانطلاقاً من تقييم الاحداث، حاولت أن تنفتح على الآخر، الشّريك في الوطن، وتبعاً
للظرّوف حاولت المهادنة في أمور والمواجهة في أخرى ولكنّها لم تتّفق بعد على ما
يشكّل حاجات تتجاوز الانقسامات او الاعتبارات الضيّقة لديها... فمن يتنازعون الحقّ
على تمثيلهم هم في تناقص وانحدار لا يتحمّل انتظار اتّفاقهم لاحقاً.
يضاف إلى ذلك أنّ كلّ حلقة تهتمّ حصراً بجماعتها وليس
بالمجموعة كلّها، ما خلا بعض الاستثناءات وهذا ينعكس على انحصار معظم الخدمات في
المناطق الأكثر اكتظاظاً بمن يشكّلون ثقلاً انتخابياً على حساب الأقلّ تأثيراً بشكل
عام.
• يضاف إلى هذا أنّ القيادات بذاتها غير متواجدة في
الأرياف وهذا ما يدفع إلى إقامة "طنّة ورنّة" عند زياراتها ومنهم من لا يملكون حتّى
منازل في قراهم!
من هنا التحفّظ على إمكانيّات قيادات سبق أن اختبرت في
كافّة الظروف على اتّخاذ القرار المناسب لما في فيه انتصار مفهوم الإنماء المتوازن!
برنامج بديل لا بد منه :
أؤيّده كاملاً وأضع نفسي
بالتصرّف.
استحالة الحل الطائفي وإمكان الحل الوطني :
أؤيّد ما ورد في هذا المقطع
الختاميّ لجهة أنّه "يستحيل على أي طائفة مهما كانت إمكانيات قياداتها الروحية
والسياسية والمالية (هذا إن كان كانت جادة وصادقة) أن تقدم حلاً لأزمة الهجرة من
الريف إلى المدينة ولمسألة المحافظة على الأرض. إن هذه القضية تستلزم مقادير مالية
كبيرة، ورأسماليو الطوائف، كما تدل كل التجارب، ليسوا أبداً على استعداد لتقديم
الكثير من أموالهم لإنقاذ أبناء طوائفهم. وفي هذا يتساوى رأسماليو كل الطوائف
والمذاهب، حيث يغلب عليهم "مذهب المال"، ويشكل طائفتهم الأهم، وهم بذلك عابرون
للطوائف".
وأختم من وحي الإنجيل ما كتبته منذ فترة (17 نيسان 2015)
وانطلاقاً من قناعاتي الرّوحيّة والإنسانيّة: "قيل: كل النّاس تطبّق وصيّة الربّ:
"لا تعبدوا ربّين: الله والمال" (متى 6: 24)... فمنهم من اختار الله (وخدمة الإنسان
الّذي هو صورة الله) والباقون اختاروا المال (وباقي الماديّات) كغاية!!!".
عكار: الصالون الثقافي يناقش مؤتمر "أرضي هويتي" السفير - 8-5-2015 "وقف الهجرة من الريف المسيحي أو
إعادة إعماره بين الاستحالة طائفياً والإمكان وطنيا". |
![]() |
back to the Cultural Salon |