|
قائد الجيش السابق العماد ابراهيم طنّوس في ذمّة الله
1929 - 26 Dec 2012
كلمة شكر
من عائلة الفقيد العماد ابراهيم طنوس
![]() ![]() |
|
من كلمة الاب ميشال عبود التي القيت في ساحة القبيات:
الجنرال طنوس، ليس بحاجة
لمديحنا والاطراءات من افواهنا،فتاريخه يتكلم عنه، والمكافأة يأخذها من
الرب على اعماله. ولكن لان القبيات من اهل الوفاء، لا بد ان نكون اوفياء
لمثل هكذا رجل مرَّ في تاريخ لبنان فطبع المؤسسة العسكريّة بطابع فريد. |
خسر لبنان والمؤسسة العسكرية أحد أهمّ قادة الجيش الذين مرّوا بتاريخ الوطن، العماد ابراهيم طنّوس عن عمر 83 عاما، وفي ما يلي نبذة عن سيرته الذاتية: وُلد في القبيات - عكار سنة 1929، وتطوّع في الجيش بصفة تلميذ ضابط والحق في المدرسة الحربية اعتباراً من 16/10/1952، ورُقي لرتبة عماد قائد للجيش اللبناني اعتباراً من 8/12/1982. متأهل وله 4 أولاد، ويُتقن اللغتين الفرنسية والإيطالية. - ترقيـاتـه: تطوع في الجيش بصفة تلميذ ضابط
والحق في المدرسة الحربية اعتباراً من 16/10/1952 - تشكيلاته : - الدورات في الداخل : - الدورات في الخارج : - الاوسمة والتناويه والتهاني : |
Armed Forces Commanders - Ibrahim Tannous
(from Lebanese Army Website) |
قصيدة القيت
في ذكرى الاربعين للعماد طنوس
القاها الضابط المتقاعد عبدالله انطونيوس نادر 6 شباط 2013 ![]() ![]() ![]() |
تحية إلى روح
قائد مميز يغيب الموت اليوم أحد أبرز قادة الجيش اللبناني: إنه العماد إبراهيم طنوس. الجندي الذي أثبت للأجيال العسكرية التي تلته، أن الشرف والتضحية والوفاء، هي فعل إيمان يومي قد تكلفه حياته في كل محطة. لم تكن أيام ابراهيم طنوس سهلة في الجندية ؛ لابل كانت الأكثر خطورة على ضابط . ففي عام 1958 فقد إحدى عينيه في إحدى معارك الشرف، دفاعاً عن سيادة الوطن وحرمته . لم تثنه هذه الإعاقة عن متابعة التضحية في سبيل الحفاظ على الوطن من الضياع، حين فقد خلال العمليات الحربية عام 1976 قسماً كبيراً من ذراعه ؛ دون أن تخفف الإعاقات الجسدية من اندفاعه وإصراره على خدمة جيشه وبلاده ؛ إلى أن استدعي في نهاية عام 1982 لاستلام قيادة الجيش، ويشكل ظاهرة عسكرية في هذا المنصب الذي تولاه لمدة عام ونصف فقط. في الستة أشهر الأولى من قيادتة طور ابراهيم طنوس تنظيم الجيش فرفع مستوى الوحدة الأساسية للقتال لأول مرة من مستوى كتيبة إلى مستوى لواء ؛ وقاتل بهذا الجيش لمدة عام قبل أن يحال إلى التقاعد ؛وبعد ثلاثين عاماً لايزال الجيش يحتفظ بنفس التنظيم الذي وضعه طنوس. الضباط أطلقوا على العماد طنوس لقب "البولدوزر"، نظراً لطاقته اللامحدودة على العمل. امتلك قلوب مرؤوسيه لشجاعته المميزة فكان القدوة لمرؤوسيه. كان يصل دائماً إلى خط المواجهة الأول في العمليات القتالية، أسوة بكبار القادة في التاريخ، لمشاركتهم قساوة المهمة وحجم الأخطار التي يعيشونها؛ الأمر الذي لم يطبقه الكثيرين من الضباط القادة.
مزايا الجنرال طنوس عديدة، نكتفي ببعضها: - منظم بارع - دينامية وطاقة للعمل لاتنضب - شجاعة لاحدود لها إلا التهور إنه القائد الأمثل الذي عرفه الجيش اللبناني طوال سنين. |
الى العماد طنوس
شربل انطوان جمعة
جريدة النهار
الأحد
30 كانون الأول 2012- السنة 80 - العدد 24950
جلست أخط على الورقة بضع كلمات، والدمعة محبوسة في عيني، والغصة تمنعني من
الرد على مكالمة هاتفية... أحدّق في صورة ذاك القائد الثمانيني، يقف شامخاً
امام ضرائح شهداء المقاومة اللبنانية في إيليج، في أيلول الماضي، والمقاومة
محفورة في عقله ووجدانه وروحه وجسده وعلى وجهه...
وأعود إحدى عشرة سنة الى الوراء، وأتذكر، يا عماد، يوم رأيتك متأثراً وأنت
تزور صديقك وأخاك، والدي السفير انطوان جمعة، وقد أقعدته جلطة دماغية، وهو
لا يزال حتى اليوم، يحمل صليبه بصمت وإيمان.
إن ما جمع بينكما، بالاضافة الى الصداقة، طبعاً، هو أنكما من طينة الرجال
الذين لم يرثوا أي شيء، وأنتما قد أورثتمانا كل شيء... ليس بالمعنى المادي،
بل بمعنى حب الوطن والتضحية في سبيل الواجب، في سبيل الانسان. ولم تكن
قضيتكما يوما، إلاّ قضية الإنسان... لم تغركما المناصب، وعندما تبوأتماها،
لم تغيّركما، ولم تفسدكما، فكنتما تجالسان الرؤساء وصانعي القرار، وبقيتما
تجالسان المزارع والجندي والطفل، بكل صدق وطيبة وبساطة. فما يميز الكبار
الكبار عن الوصوليين، صفة أصبحت نادرة في عصرنا ومجتمعنا، ألا وهي التواضع.
عرفتك، يا جنرال، منذ كنت طفلا. ومرت الأيام، وتعرّفت اليك اكثر من خلال
الكتب وروايات الذين عايشوك في ساحات الشرف على كل الجبهات، رجلا مؤمناً
بقضيته العادلة، وملتزماً واجبه الأخلاقي والوطني، مقاتلا شجاعاً، قائداً
يتقدم العسكريين، من معركة الفياضية، حيث برز إسمك مدافعاً عن معنويات
الجيش اللبناني وهيبته في وجه المحتل، الى عيون السيمان، يوم كانت زحلة
ترزح تحت حصار الدم والحديد والنار. ويروي احد الاصدقاء، وكان مقاتلا
يومها، كيف كبرت قلوب المقاومين واشتدت عزائمهم عندما ترجلت من السيارة
برفقة الرئيس الشهيد بشير الجميل. وعليه، فإن الكل يشهد، الصديق والعدو،
للنقلة النوعية التي شهدها الجيش اللبناني بقيادتك، والمستوى الذي وصل اليه
من حيث التجهيز والتدريب والقدرة القتالية.
دفعت ثمن خطايا الآخرين ورهاناتهم الخاطئة. ولكنك أكملت المسيرة بصمت
وثبات، وبقيت وفيا لقسمك العسكري، ولقضيتك الوطنية، ولدماء الذين بذلوا
حياتهم من أجل الوطن والانسان.
ويم تعرضت القبيات للخطر، عام 1988، وصمد شبابها في وجه المعتدين، لم
تتوانَ لحظة عن مواكبة هذا الصمود الميداني عبر انشاء خلية ضمت اليك وصديقك
انطوان، عددا من ابناء القبيات، فعملتم على تأمين المساندة اللوجستية
والغطاء السياسي والتغطية الاعلامية. وبفضل كل هذه الجهود الجبارة، أُنقذت
القبيات، وبقيت الهوية، وصمد الانسان، وقوي لبنان...
جنرال، كل الكلام، أسطراً وصفحات، لا يكفي... ولكن كفاك فخراً ان الرجالات
من امثالك، هي الأوسمة الحقيقية على صدور الأوطان.
والتاريخ قد شرّع البوابات الكبيرة لك، يا عماد. فاذا نسي البعض تاريخه او
تناساه، فإن الشعب لا ينسى، والتاريخ لا ينسى، والذاكرة لا تمحى.
ونحن نعاهدك، أنا والكثيرون غيري، أمام الله والتاريخ، بأن نمضي قدماً،
كما تعلمنا منكم، أنت ورفاق دربك، على نهج محبة وطننا لبنان، وبشكل خاص
"قبياتك – قبياتنا" الحبيبة، وبأن نستمر في العمل من أجل قضية الانسان في
مدينتنا وفي بلدنا، بصمت واخلاص وتواضع.
أما الآن، فإن الدمعة بدأت تتسلل من عيني وتشقّ طريقها على خدي... فلا أملك بعد إلاّ أن اقول لك: الى اللقاء أيها القائد. |
العماد ابراهيم طنوس قائدٌ فذّ قضيته لبنان ريشار داغر - عميد ركن متقاعد - مجلة المسيرة العدد 1403 مجلة المسيرة - January 5, 2013
لم اكن أعرف العماد الراحل قبل توليه قيادة الجيش في أواخر العام 1982، لكن اسم ابراهيم طنوس كان يتردد عالياً عند كل حديث عن الضباط الأشداء باساً ووطنية، وقد أثبت بعد وصوله الى سدة القيادة ان كل ما قيل عنه لم يفِ بما كان عليه القائد الجديد من صلابة ورؤية وبما حققه من إنجازات. كان العماد القادم الى اليرزة رجلاً م طينة
مختلفة عن كل من سبقه ومن أتى بعده، التاريخ يشهد بذلك وكل من عاصره من
عسكريين. ابراهيم طنوس كان ببساطة قائداً شجاعاً مقاتلاً خبرته ساحة الحروب
الشريفة مرات ومرات، وكان الى ذلك صاحب قضية كبيرة لم يتوانَ لحظة عن
المجاهرة بها، عن القتال في سبيلها، وعن دفع الأثمان الباهظة لحفاظ عليها،
كان لبنان القوي والسيد قضيته، بل القضية الوحيدة التي لم تنل منها إغراءات
الاحتفاظ بالموقع او الوصول الى قصر الرئاسة أو اي مشروع زعامة بديلة. وصوله الى موقع القيادة كان علامة فارقة في تاريخ الجيش ونقطة تحوّل لم يسبق ان عين مثلها. بين ليلة وضحاها تحولت المؤسسة خلية عمل متواصل، وورشة إعادة بناء لم تهدأ فترة إقامته القصيرة في اليرزة. أقفلت مرامح الفروسية وملاعب التنس لتحل محلها جولات المقاتل ومخيمات التدريب وهنغارات الدبابات ” أمامنا معركة تحرير لبنان وقيامة الدولة، ومعركتنا لا تحتمل التلّهي بالترفيه” هكذا كان يختصر الكلام ويرد على التأفف، والويل لمن لا يراصف نفسه مع بوصلة ” البلدوزر”. كان العماد طنوس يردد أمام الضباط” أنا بعين واحدة لكنني أرى جيداً” وكان بالعين الواحدة التي أبقتها له الحرب وبالبصيرة الثاقبة التي صنعتها التجارب يدرك ان لا مجال لخلاص لبنان الا من خلال إعادة بناء الجيش على قواعد مختلفة تسمح له بمواجهة أعداء الداخل والخارج. وكان مقتنعاً بأن إنهاء محنة اللبنانيين ومعاناتهم لا يمكن أن تتحقق الا من خلال إنقلاب جذري يطال المؤسسة العسكرية في ذهنيتها وروحها. في إمكاناتها واداءها. ومنذ اللحظة الاولى لدخوله اليرزة عقد ابراهيم طنوس العزم على أن يكون هو رجل الانقلاب الجذري الذي سيأخذ المؤسسة الوطنية الأم الى حيث يريدها اللبنانيون، وفي اتجاه ما يحقق غاية الغايات: إنقاذ لبنان. على إيقاع دفق السلاح والمدافع والعتاد كان العماد طنوس يصل نهاراته بالليالي متنقلاً من الاجتماعات التنظيمية في مقر القيادة الى المخيمات الصاخبة بضجيج الوحدات المتدربة الى الحواجز ومراكز القتال، وعلى لسانه عبارة واحدة لم يتعب من تردادها على الضباط والجنود” المؤامرة على لبنان كبيرة ونحن من سيحبطها”. على احد محاور سوق الغرب التقيته مرة في صيف
العام 1983، وكان القتال يدور بضراوة بالغة، كنت اقوم بجولتي الروتينية على
عناصر وحدتي المنتشرة على الجبهة، حين فوجئت به قادماً في سيارة جيب
“ويلليس” مع سائقه والضابط المرافق يرتدي سترة واقية للرصاص وخوذة حديدية،
لا اركان يرافقونه ولا سيارات سوداء،لا مظاهر ابهة ولا حراس شخصيون، كما
عودنا القادة. سألته بإستهجان وخوف أنسياني أصول التخاطب وواجب تأدية
التحية:” ماذا تفعل هنا يا سيدي العماد؟ المنطقة شديدة الخطورة” فما كان
منه الا أن بادرني بإبتسامة مطمئنة ليخفف من توتري:” ليش أنا احسن منكم يا
ابني؟ يسواني ما يسواكم، مش معي فرجيني على مراكزك”، وقبل ان أجيب طوّقني
بذراعه وجرّني في الاتجاه الذي يريد. اذهلني تصرف العماد يومذاك، أعترف
بأنها كانت المرة الوحيدة التي التقي فيها قائداً للجيش على جبهة قتال
مشتعلة، واجزم واثقاً بأن أحداً غيري لم يشاهد جنرالاً غير ابراهيم طنوس
عند خطوط النار. في غابة ارز الوفاء في سيدة ايليج لم يعمّر زمن ابراهيم طنوس في قيادة الجيش طويلاً، والمؤامرة التي طالما تحدّث عنها ووعد بإحباطها كانت أكبر منه الى حد النيل منه وإخراجه من اليرزة. مفارقة عجيبة أن يتفق على إبعاده عن قيادة الجيش حينذاك كل أطراف الداخل والخارج، الأعداء والأشقاء والأصدقاء على حدّ سواء، ولا عجب لقد كان مشروع ابراهيم طنوس للجيش خطيراً من شأنه أن ينهي عهود الجميع لمصلحة عهد الدولة. مشروع العماد أصبح عقبة أمام أمراء الحرب وأصحاب المشاريع في الداخل وأمام عواصم التآمر على وحدة لبنان وسيادته ومنعته ، من تل أبيب الى دمشق. إسرائيل قالتها بالأفعال وسوريا قالتها جهاراً: المطلوب إستبعاد ابراهيم طنوس عن قيادة الجيش. ثم كان ما كان مما اصاب العماد طنوس وأصاب الجيش ولبنان. أكبر الشواهد على ما نحن فيه. لقد إنتصرت المؤامرة.
قبل ثلاثة عقود خرج العماد ابراهيم طنوس من قيادة الجيش وخيبته من أهل البيت تفوق خيبته من أعداء لبنان. واليوم يرحل الى دنيا الحق وفي قلبه حسرة على أحوال وطن أحبّه حتى بذل العيون وإهداء الدماء.( أصيب في ثورة 1985 وحرب السنتين) . يرحل عن هذه الدنيا وهو يدرك جيداً أنه سيظل في ذاكرة الوطنيين الأنقياء منارة هداية لما يجب أن يكون عليه القادة والرجال، وأنه سيبقى في وجدان أصحاب القضية نبراساً يُقتدى به، هزمته المؤامرة ولم ينكسر. أبعدته عن قيادة الجيش وظل الجيش في ضميره خشبة الخلاص التي يعوّل عليها، حسبه أنه لم يساوم، لم يتراجع، لم يتاجر بمبادئه. حسب ابراهيم طنوس انه رحل مرفوع الراس شامخاً. أنه سيبقى هامة نادرة من هامات لبنان. ريشار داغر عميد ركن متقاعد مجلة المسيرة العدد 1403 7/1/2013 |