الأيقونة من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة

زمن الصليب
عيد الصليب
(14 أيلول 2012)

 

::: مقدّمة :::

• مع عيد الصليب، نفتتح زمنًا طقسيًّا جديدًا، يتمحور حول عبور الإنسان من الحياة الأرضيّة إلى الحياة السماويّة ولذا ندعوه بزمن النهيويّات.
• نتساءل مع الرّسالة حول نظرتنا إلى الصليب...
• ونتساءل مع الإنجيل حول كيفيّة عيشنا للأعياد وهل نحن نثمر في حياتنا الرّوحيّة؟
عيد الصليب يذكّرنا بان الصليب هو جسر عبور من الموت إلى الحياة فهلمّ نغرف العبر من الصلوات والقراءات.

::: صــلاة :::

أيّها الآب السماوي، يا نبع المحبّة، يا من فدانا إبنك بالصليب كي نضحي من أهل القيامة، هب لنا اليوم نعمة الرّوح القدس كي ينير لنا الدروب فنتخطّى نظرتنا السلبيّة إلى الصليب ونؤمن بأنّه جسرٌ يقودنا إلى الحياة الحقيقيّة، أنت يا من تحيا وتملك إلى الأبد، آمين.

::: الرســالة :::

18 إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الـهَالِكِينَ حَمَاقَة، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الـمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله؛
19 لأَنَّهُ مَكْتُوب: "سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الـحُكَمَاء، وأَرْذُلُ فَهْمَ الفُهَمَاء!".
20 فَأَيْنَ الـحَكِيم؟ وأَيْنَ عَالِمُ الشَّرِيعَة؟ وأَيْنَ البَاحِثُ في أُمُورِ هـذَا الدَّهْر؟ أَمَا جَعَلَ اللهُ حِكْمَةَ هـذَا العَالَمِ حَمَاقَة؟
21 فَبِمَا أَنَّ العَالَمَ بِحِكْمَتِهِ مَا عَرَفَ اللهَ بِحَسَبِ حِكْمَةِ الله، رَضِيَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ بِحَمَاقَةِ البِشَارَةِ الَّذِينَ يُؤْمِنُون؛
22 لأَنَّ اليَهُودَ يَطْلُبُونَ الآيَات، واليُونَانِيِّينَ يَلْتَمِسُونَ الـحِكْمَة.
23 أَمَّا نَحْنُ فَنُنَادِي بِمَسِيحٍ مَصْلُوب، هُوَ عِثَارٌ لِليَهُودِ وحَمَاقَةٌ لِلأُمَم.
24 وأَمَّا لِلمَدْعُوِّينَ أَنْفُسِهِم، مِنَ اليَهُودِ واليُونَانِيِّين، فَهُوَ مَسِيحٌ، قُوَّةُ اللهِ وَحِكْمَةُ الله؛
25 فَمَا يَبْدُو أَنَّهُ حَمَاقَةٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَحْكَمُ مِنَ النَّاس، ومَا يَبْدُو أَنَّهُ ضُعْفٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَقْوَى مِنَ النَّاس.

(الرّسالة الأولى إلى أهل قورنتوس – الفصل الأوّل - الآيات 18 إلى ٢٥)

::: أفكار من وحي الرسالة :::

في رسالة اليوم، عيد الصليب المقدّس، يدعونا مار بولس إلى التأمّل في الصّليب وفي معانيه وإلى إعادة الاندهاش أمام عظمة تضحية مخلّصنا وإلهنا، ربّنا يسوع المسيح، له المجد إلى الأبد،آمين.
جوهر هذه الرّسالة يتلخّص في مطلعها: "إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الـهَالِكِينَ حَمَاقَة، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الـمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله".
مع الأسف، في أيّامنا، وحتّى في الماضي، اعتاد الكثير من المسيحيّين على النّظر إلى الصليب بنفس منطق "الهالكين" أي:

• الصليب رمزٌ للعذاب والالم: أليس هذا ما يُقال أمام المصائب أو الامراض أو الضيقات؟!
• الصليب رمزٌ للقهرٌ: فكلّما اشتدّت العواصف في حياتهم قالوا: "هذا صليب"!
• الصليب رمزٌ للموت: فهو بالنسبة إليهم عبءٌ وحملٌ ثقيل كالموت.

ولكن تختلف النظرة لدى "المخلّصين" الّذين ينظرون إلى الصّليب بأسلوبٍ معاكس تمامًا:

• الصليب رمزٌ لقوّة الله: لم ينتقم الله من الصّالبين بل أظهر لهم أنّ قوّة الغفران أعظم من كلّ قوّة أخرى لأنّها تجسّد قوّة المحبّة التي تذهب حتى أقصى الحدود، أي الموت.
• الصليب رمزٌ للكرامة: لم يعد الصليب بعد الفداء علامةً للقهر بل علامة للانتصار على الذّات أوّلًا و على كلّ ما يبعدنا عن الله ثانيًا و على صعوبات الدنيا ثالثًا.
• الصليب رمزٌ للحياة: كلّما نظر المسيحي أو غير المسيحي إلى الصليب عليه أن يتذكّر بأنّ هذا الصليب يختصر أهمّ مفهومٍ في إيماننا المسيحيّ وهو أنّ المسيح قام، حقًّا قام!

في دروب الحياة، غالبًا ما نصادف أناسًا يخافون الصليب أو يمقتونه... في هذا العيد، نحن مدعوّون كمسيحيّين لإعادة الاعتبار إلى العلامة الأولى لانتمائنا المسيحيّ كي لا تبقى مجرّد قلادة أو شعار فارغين من المضمون الّذي يُختَصَر بالتالي: الصليب هو انعكاسٌ لقوّة الله الّتي فينا وهو أساس كرامتنا وجسر عبورنا إلى الحياة الأبديّة، آمين.

::: الإنجيل :::

20 وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.
21 فَدَنَا هـؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الـجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين:"يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع".
22 فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.
23 فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: "لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَان.
24 أَلـحَقَّ الـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الـحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.
25 مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هـذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.
26 مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.
27 نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هـذِهِ السَّاعَة؟ ولـكِنْ مِنْ أَجْلِ هـذَا بَلَغْتُ إِلى هـذِهِ السَّاعَة!
28 يَا أَبَتِ، مَجِّدِ اسْمَكَ". فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: "قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد".
29 وسَمِعَ الـجَمْعُ الـحَاضِرُ فَقَالُوا: "إِنَّهُ رَعد". وقَالَ آخَرُون: "إِنَّ مَلاكًا خَاطَبَهُ".
30 أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: "مَا كَانَ هـذَا الصَّوْتُ مِنْ أَجْلِي، بَلْ مِنْ أَجْلِكُم.
31 هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا.
32 وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع".

(إنجيل يوحنّا - الفصل الثاني عشر - الآيات 20 إلى 32)

::: أفـكار من وحـي الإنجيـل :::

ملفتٌ مطلع هذا الإنجيل: "وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين".
ملفتٌ لأنّه يستفزّنا حول مدى تعاملنا مع الأعياد بمنطقٍ روحانيّ لا إجتماعيّ فحسب:

• ففي عيد الميلاد، تتزيّن بيوتٌ كثيرة ولكن قلوب الكثيرين تبقى كما هي...
• وفي عيد الفصح، نزور السبع كنائس ونشيّع المسيح إلى مثواه الأخير ليبقى فيه دون قيامة بالنسبة للعديدين منّا، الّذين يفضّلون عليه السهر والسكر وما شابه...
• وحتى في أعيادٍ أخرى، صار العيد عنوانًا للهدايا والزيارات فقط لا غير...

أمّا في إنجيل اليوم فنجد أنّ اليونانيّين صعدوا "لِيَسْجُدُوا في العِيد"... فنسأل ذواتنا هل نسجد في العيد لصاحب العيد وعيدنا الأكبر، ربّنا ال "ألله" محبّة؟
في عيد الصليب، نصغي إلى الربّ يسوع وهو يقول لنا: "لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَان. أَلـحَقَّ الـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الـحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير".
كان يسوع يتحدّث هنا عن الصليب الّذي كان سائرًا صوبه وكان يحضّر تلاميذه لقبوله كآية لمجد محبّة الله وليس كأداة للهوان.
هذا ما جعله يركّز على الحياة المنبثقة من الموت... فموت حبّة الحنطة مؤقّت أمّا الحياة المنبثقة منها فتستمرّ في ثمارها التي بدورها تصبح على صورتها ومثالها منتجة للحياة.
هنا يطرح سؤال كبير: إذا كان المسيح هو حبّة القمح التي ماتت على الصليب وأنبتت الحياة في القيامة فهل نحن ثمارٌ صالحة ومثمرة؟

يمكن أن نكون من إحدى الفئات الثلاثة:
• ثمارٌ تنبت كمعلّمها ومُنبِتِها... هذه الفئة الأولى عليها المثابرة.
• ثمارٌ غير مكترثة، لا تريد أن تنبت طوعًا واختيارًا... وهذه الفئة الثانية ينقصها أن تتعرّف بعمق إلى مُنبِتِها...
• ثمارٌ خائفة ومضطربة لأنّها تخشى المغامرة!...

الفئة الثالثة ينقصها أن تفهم ما قصده الربّ يسوع في إنجيل اليوم حين قال: "هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا. وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع".
يدعوها الربّ يسوع إلى الرّجاء والثقة وعدم الاضطّراب لأنّ الربّ حقّق انتصاره على الموت وعلى الشرّير... فيبقى على المؤمن أن يؤمن وأن يرجو... وأن يحبّ من كلّ قلبه ونفسه وقوّته كي يثمر في هذه الدنيا ولتكون ثماره عربونًا للحياة الأبديّة... فهل نحن مستعدّون؟!

::: تـــــأمـــل روحــــــي :::

الحبّ ضعف أم جنون

من هو المجنون اليوم، البريء أكثر من البراءة، الّذي يقبل بالظلم وينحني أمام حكم تعليقه على صليبٍ ليس فيه إلاّ العار والمذلّة والموت بأبشع ما يمكن تصوّره من القهر الجسدي والنفسي؟
لم ولن يكتب التاريخ حدثًا كهذا إلاّ لشخصٍ واحدٍ ألا وهو يسوع المسيح، روح الحبّ الخالص وعاشق خلاص الإنسان حتّى جنون الصليب.
هذا الإبن علّق بين السماء والآرض، جسر العبور نحو الآب، صليب المصالحة، حاملاّ في جسده على تلك الخشبتين وفي أرض الإنسان كلّ أنانيّة الإنسان المتمرّد على الحبّ المجّانيّ ومعصيته العمياء، كي يميتها معه من أجل قيامةٍ أكيدة.

لقد حانت السّاعة

حكماء ذاك العصر وفلاسفته، أصحاب المنطق والعقل والعلم، أتوا يبحثون عن يسوع، الشخص الّذي أثار فضولهم وفتح بصيرتهم على ما هو أهمّ من العقل والجسد وأبعد من منطق البشر. نبّههم، عبر ما سمعوه عنه، إلى الحياة الّتي تضجّ بالفرح الداخلي وتخصب بالثمار الطيّبة والعمق الإنساني والروحيّ البعيد عن الصنميّة، الّذي لم يعرفوه في كتبهم ولا في طلاسمهم.
بدأوا بتلمّس الحياة الحقيقية، البعيدة كلّ البعد عن تلك التي يعرفون وعهدوها متطلّبة. حياة النظريات المتفلسفة في موضوع السعادة والملتهمة لكلّ ما يُرمى أمامها من أفكارٍ تنظيميّة وعلمية، فتفرّغ الفرح من عمقه وتحجّر الألم حتّى الجمود الإنساني، ساترةً جهلها بالحصول، تعويضًا، على سعادةٍ ما، مغتذيةً من قناعات مجتمعٍ إستهلاكي يوميّ، عنوانه البحث عن اللذّة وعن الخلود "الضائع"، فقط لأنّها لا تعرف الجواب، وتغرق في اللاحدود من أجلِ تحقيق نفسها بنفسها بما تعتقده حكمةً وإرادة صلبة من أجلِ مستقبلٍ أمين، فتنأى عن الحقيقة لأنّها تجهلها.
لقد أدركوا أنّ بينهم وبين حقيقة ما يريدون جسرًا عليهم عبوره بيسوع فأتوه لأنّهم تلمّسوا بعضًا من عذوبةٍ علويّة، غريبة عن البشر، وقوّة ترفع النفس من الحضيض إلى مستوى الصورة الّتي خُلِقَت عليها. لقد أتى من يبحث عن كيفية العبور صوب السماء، صوب يسوع، فما كان منه إلاّ أن أجاب سائليه: "لقد حانت السّاعة لكي يُمجّد ابن الإنسان": البرهان الأكيد.

حبّة الحنطة

كم من حبّات الحنطة تقع كلّ يومٍ في قلب هذا العالم؟ لكنّ السؤال، كم منها تموت كي تُبعَث حيّةً من جديد ملأى بالمئات اليانعات؟
لنتأمّل السنابل بعد نضجها: أوّل ما يُرمى منها عند القطاف هو الجزع والأوراق ثمّ البقيّة... رغم ضرورتها واهتمام المزارع بصحّتها كطريقٍ ذو مراحل هامّة، تسمح لها بالنضوج. إنّها ليست هدفه بل ما تحمله من حبّات قمحٍ طيّبة ناضجة تحمل في أحشائها الحياة، لها وللآخرين!
منذ ألفيّ سنة وَلَدَ يسوع أعمى سلوام إلى النّورِ، لكنّ المهمّ في الأمر كان حبّة الحنطة، تلك الّتي رماها الحبيب في نفسه، فولدت فرحًا وأثمرت رسولاً يمجّد الله ويخبر عن رحمته المجّانيّة والحياة الجديدة معه، وما زلنا نمجّد الله فيه حتّى يومنا هذا. لم يكن الهدف شفاء ما هو خارج الجسد ( أكان في الأعمى أو كلّ المعجزات والآيات)، فهناك الآلاف من العميان لم ينالوا تلك النعمة، إنّما أراد أن يشفي الدّاخل المتجاوب مع فعل النعمة بإرادته.

صليبنا
يا ليتنا ندرك هدف وعنوان مسيرتنا عبر الجسد. إنّها ترميمٌ مؤلم أحيانًا، لكلّ ما انكسر فينا من شَبَهٍ بالعليّ الخالق، إلى أن ننضج في ما وضعه فينا من حياته وروحه لقيامةٍ حاضرة.

::: تـــــأمـــل وصلاة :::

ربي وإلهي ... حين تقدّمتُ اليوم لأتناول القربان المُقدّس وقَفتْ أمامي أمًّا مع إبنتها التي لا تتجاوز الأربعة أعوام، وحين صلّى الكاهن على رأس الإبنة قائلاً لها: "يسوع يُحبُّكِ ويباركك" أجابته الإبنة بعفوية: "أشكرك"، وبعد أن رأت أمها تتناول القربان المُقدّس سألتها: "وماذا عني؟" وحين لم تُجاوبها أمها، سألتها: "هل طعمه حاد وبه حرورة؟"، وكم وددت أن أقول لها أن أكله لذيذ وطعمه حقًّا أحلى من العسل حين يصل إلى المعدة ولكنه حار وأحيانًا مُر حين يكون على اللسان، ولعله كبقية الطعام لا تكون لذيذة إلا إن كانت مُبهّرة، إذ لم تصل إلينا محبة الله من خلال الرب يسوع دون ألم ولن تصل محبة الله للآخرين من خلالنا دون ألم إن أردنا أن نكون مِن أتباع الرب يسوع: فالعذراء مريم والرسل والقديّسين جميعهم قاسوا مِن أجل أسم الله ومجده.
ربي وإلهي ... هبْ قلبي براءة الأطفال وقوّة وجَلَد وتواضع الكبار فأكون ممن حملوا الصليب وتبعوا إبنك الحبيب ليُعلنوا بشرى الخلاص بمغفرة الخطايا بموته على الصليب، ولك الشكر على الدوام. آمين.

::: نوايا وصلاة شكر للقدّاس :::

 

نوايا للقدّاس

1- نصلّي يا أبانا السّماوي من أجل الكنيسة الشاهِدَة للحقيقة، والمسؤولينَ فيها، خاصَّةً مار بينيديكتوس السادس عشر بابا روما، وخصوصًا من أجل زيارته لهذا الشرق ليدلّ على الخميرة الجيّدة والملح الصالح. نذكر أيضًا مار بشارة بطرس بطريركنا الأنطاكي، وأبينا مار نصرالله، ومار جورج مطراننا مع سائر الأساقفة والكهنة والمُكَرّسين على إسمك القدّوس، كَي يَتّحِدوا من أجل الشّرق الأوسط ليكون منارة العالم، أعطهم السيرة الصالحة ليكونوا قدوتنا الحسنة. نسألُك يا رب.
2- "أما جعل الله حكمة العالم حماقة؟" بهذا السؤال عبّر لنا بولس الرسول عن غنى حكمتك وعظمتها يا أبانا السماوي. أعطِ سياسيّينا أن يستنيروا بهذه الحكمة، فيعرفوا أنّهم مُؤتَمنون بالمسؤولية والخدمة، على شَعبٍ أنت وضعته في هذه الأرض. نسألكَ يا رب.
3- "لقد حانت السّاعة ليتمجد بها إبن الإنسان" نعم أيّها الآب! إنّها السّاعة التي تظهر فيها قوّة صليب ابنك الشّافِيَة من كُلّ خطيئة والمُنتصِرَة على كُلِّ مَوتٍ يُصيبُنا! أعطنا أن نفهم حكمة صليبك بالرغم من الألم، فنعرف كيف نموت عن خطايانا فنعيد مجد بهاء صورتك التي وضعتها فينا يوم خلقتنا. نسألك يا رب.
4- "قد مجّدت وسأُمَجّد" بهذه الكلمات شدّدت إبنَكَ يا أبانا السّماوي، وبهذه الكلمات علمتنا جميعًا انّك تُريد أن تزيدنا مَجدًا على مَجد، إن عرفنا مشيئتك، وجعلماها تُثمِر في حياتنا. أسمِع صوتك المُعَزِّي لجميع المرضى والمُتالّمين والمحزونين، فيعرفوا أنّ صليبهم هو الطّريق نحو الفرح الذي أعددته لمُحِبِّيك. نسألك يا رب.
"وأنا إذا رُفعتُ عن الأرض، جذبت إليّ الجميع" لقد ارتفع إبنك على الصليب ليهب الجميع الحياة، فأصبحت السّماء دعوة كُل من يستتر بظلّ الصّليب. أعطِ يا أبانا السّماوي مراحِمَك لكُل من أنهوا مسيرتهم على هذه الأرض وأنظارهم مشدودة إلى يسوع، ملء الحب، ليستريحوا فيه. لأنّه وحده ظهر على الأرض بلا خطيئة، والّذي منه نطلب مغفرة الخطايا لنا ولهم.

 

صلاة شكر للقدّاس

على الحكمة التي علّمنا إيّاها ابنك، والتي تُبيّن قوّتك من خلال ضعف أجسادنا، نشكرك يا أبانا السّماوي.
على ذبيحة الصليب التي ما زالت تروينا بجسدك ودمك عربون المجد الأبدي، نشكرك يا ربنا يسوع.
على الفرح الّذي تهبنا إيّاه بالرّغم من الألم، على الحبّ الّذي تُشعرنا بِهِ كواقع متجسّد في حياتنا، نشكرك أيها الروح القدس.
للثالوث الأقدس المجد والشّكر إلى الأبد آمين.

 

المقدّمة، الصلاة،

أفكار من الرّسالة وأفكار من وحي الإنجيل
من إعداد

الخوري نسيم قسطون
nkastoun@idm.net.lb  

 

التأمّل الروحي من إعداد

السيدة جميلة ضاهر موسى
jamileh.daher@hotmail.com

 

تأمّل وصلاة  

السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com 

 

نوايا وصلاة شكر للقدّاس
من إعداد
السيدة مادلين ديب سعد

madeleinedib@hotmail.com

 

 مراجعة وتدقيق
الخوري نسيم قسطون
nkastoun@idm.net.lb  

 

مراجعة وتدقيق بالتعاون مع
السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com