الأيقونة من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة

زمن القيامة


الأحد الثالث للفصح
ظهور يسوع لتلميذي عمّاوس


(4 أيار 2014)

::: مقدّمة :::

 

تستمر مسيرة الفرح بالقيامة في الكَنيسة، وها نحن اليوم ندخل الأحد الثالث مع نصيحة وفرحة.
النَّصيحة يُسديها بولس الرّسول في رسالته إلى تلميذه طيموتاوس، فيها يطلب منه أن يصبر على الضيقات لينال المجد، كما صبر يسوع وتمَجَّدَ بقيامته.
الفرحة تتجدَّد في إنجيل لوقا، عندما خرج التلميذان من أورشليم نحو عماوس، وهما يتحدّثان بالضّيقات التي مرّت على يَسوع وعليهم، فأتى يسوع لينتشلهما من يأسهما، ويُعلن لهما أنَّهُ غَلَبَ الضّيقات، وكَسَرَ الضّيق الأكبر وإنتصر عليه: الموت.
أمام هذه النّصيحة وهذه الفرحة، نطرح على أنفسنا السُّؤال: هل نعيش تحت وطأة الضيقات بيأس، أم نحتملها بفرح لأنّ ربّنا كَسَرَها بِقيامته ووعدنا بأن نقوم معه؟

 

::: صــلاة :::

 

أيُّها الآب السّماوي، ها إنَّ الفرح يَغمُرُ قُلوبَنا، لأنَّكَ أحببتنا، وأقَمْتَ لَنا خَلاصًا بإبنِكَ يَسوع، الّذي عَلَّمَنا بِقِيامَتِهِ أنَّ لِضيقِنا نِهايَة أكيدَة، وَأنَّ مَوتَنا هُوَ وَعدٌ بِقيامَة جَديدَة. أعطنا الصّبرَ لِنَملك مع إبنِكَ، أعطنا الشَّجاعَةَ لِنَعتَرف بقيامته لِنَقومَ مَعَهُ، أعطِنا الأمانة لِنَحمِلَ بُشرَى قِيامَتِهِ إلى العالَمِ أجْمَع، فَنُمَجِّدَكَ مَعَهُ وَمَعَ روحِكَ إلى الأبد. آمين.

 

::: الرســالة :::


8 تَذَكَّرْ يَسُوعَ الـمَسِيحَ الَّذي قَامَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، وهُوَ مِنْ نَسْلِ دَاوُد، بِحَسَبِ إِنْجِيلِي،
9 الَّذي فِيهِ أَحْتَمِلُ الـمَشَقَّاتِ حَتَّى القُيُودَ كَمُجْرِم، لـكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لا تُقَيَّد.
10 لِذلِكَ أَصْبِرُ على كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ الـمُخْتَارِين، لِيَحْصَلُوا هُم أَيْضًا على الـخَلاصِ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ مَعَ الـمَجْدِ الأَبَدِيّ.
11 صَادِقَةٌ هِيَ الكَلِمَة: إِنْ مُتْنَا مَعَهُ نَحْيَا مَعَهُ،
12 وإِنْ صَبَرْنَا نَمْلِكْ مَعَهُ، وإِنْ أَنْكَرْنَاهُ يُنْكِرْنَا،
13 وإِنْ كُنَّا غَيرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لأَنَّهُ لا يَقْدِرُ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ!

 

(الرّسالة الثانية إلى طيموتاوس – الفصل 2 – الآيات 8 إلى 13)

 

::: تأمّل من وحي الرسالة :::


في الرِّسالَة نَصيحة واضحة فيما خَصَّ المَشاكل والمَشَقَّات التي لا بُدَّ مِن مواجهتها في حياتنا اليوميّة وبالأخص إن أردنا طاعة كلمة الله والتبشير بها. بولس يطلب من طيموتاوس إحتمالها:
- لأنَّ يَسوع إحتملها وهو البَريء، عاملوهُ كَمُجرِم، وَقَيَّدوه... ولكن في النِّهايَة- يَقول بولس- الكلمة (أي يسوع) لا تُقَيَّد.
- لأنَّ يسوع صَبَرَ ليُعطينا الخلاص!
- لأنّ الصّبر يُعطي الحياة، فبما أنَّ يَسوع صَبَرَ، ها هو يَقوم...
- لأنّ الكلمة أمينة، ففيها وعد بأنَّ مَن يَعتَرِف بِها يَنالُ الحَياة، ولا يُمكن الإعتراف بها إلاّ عبر إحتمال الضيقات، خاصَّةً وأنّ الكلمة نفسها إحتملت الضّيقات. فإذا رفضنا الضيقات نكون قد أنكرنا الكلمة، وإن أنكرناها فلن تكون لنا الحياة.
بناءً على هذه الأسباب نطرح على أنفسنا الأسئلة التّالية:
- البريء إحتمل الضّيقات كالمُجرِم... فنال القيامة... هل نحتمل ضيقاتنا بصبر؟ أم نرفضها؟ أم نرزح تحتها بيأس؟
- صبر يسوع لخلاصنا... هل نصبر على إخوتنا لنعطيهم فرصة ليخلُصوا؟ أم ندينهم، فنبعدهم عنا؟
- صبر يسوع فقام من الموت... هل نفهم أنَّ الصّبر هو عملنا لنساهم في تحقيق الوعد الذي قطعه الله لنا، وهو قيامتنا؟
- يَسوع الكَلِمَة أمين... فمن أراد أن يكون له تلميذ يجب أن يكون له أمينًا... وإنكارنا له هو بعدم احتمال الضيقات كما فعل هو... فكيف نكون ليسوع تلاميذ؟ في أوقات راحتنا فقط؟ أم أيضًا في ضيقاتنا وبلايانا؟

 

::: الإنجيـل :::


13 وَفي اليَوْمِ عَينِهِ، كانَ إثْنَانِ مِنْهُم ذَاهِبَيْنِ إِلَى قَرْيَةٍ تُدْعَى عِمَّاوُس، تَبْعُدُ نَحْوَ سَبْعَةِ أَمْيَالٍ عَنْ أُورَشَلِيم.
14 وَكانَا يَتَحَادَثَانِ بِكُلِّ تِلْكَ الأُمُورِ الَّتِي حَدَثَتْ.
15 وفيمَا هُمَا يَتَحَادَثَانِ وَيَتَسَاءَلان، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ إقْتَرَبَ مِنْهُمَا، وَرَاحَ يَسِيرُ مَعَهُمَا.
16 ولـكِنَّ أَعْيُنَهُمَا أُمْسِكَتْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ.
17 أَمَّا هُوَ فَقَالَ لَهُمَا: "مَا هـذَا الكَلامُ الَّذي تَتَحَادَثَانِ بِهِ، وَأَنْتُمَا تَسِيرَان؟". فَوَقَفَا عَابِسَين.
18 وَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، وأسْمُهُ كِلْيُوبَاس، فَقَالَ لَهُ: "هَلْ أَنْتَ وَحْدَكَ غَرِيبٌ عَنْ أُورَشَلِيم، فَلا تَعْلَمَ مَا حَدَثَ فِيهَا هـذِهِ الأَيَّام؟".
19 فَقَالَ لَهُمَا: "ومَا هِيَ؟". فَقَالا لَهُ: "مَا يَتَعَلَّقُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيّ، الَّذي كَانَ رَجُلاً نَبِيًّا قَوِيًّا بِالقَوْلِ وَالفِعْل، قُدَّامَ اللهِ وَالشَّعْبِ كُلِّهِ.
20 وكَيْفَ أَسْلَمَهُ أَحْبَارُنا وَرُؤَسَاؤُنَا لِيُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالـمَوْت، وَكَيْفَ صَلَبُوه!
21 وكُنَّا نَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذي سَيَفْدِي إِسْرَائِيل. وَلـكِنْ مَعَ هـذَا كُلِّهِ، فَهذَا هُوَ اليَوْمُ الثَّالِثُ بَعْدَ تِلْكَ الأَحْدَاث.
22 لـكِنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ مِنْ جَمَاعَتِنَا أَدْهَشْنَنَا، لأَنَّهُنَّ ذَهَبْنَ إِلَى القَبْرِ عِنْدَ الفَجْر،
23 وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ يَسُوع، فَرَجَعْنَ وَقُلْنَ إِنَّهُنَّ شَاهَدْنَ مَلائِكَةً تَرَاءَوْا لَهُنَّ وَقَالُوا إِنَّهُ حَيّ!
24 ومَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلى القَبْر، فَوَجَدُوهُ هـكذَا كَمَا قَالَتِ النِّسَاء، وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يَرَوْه".
25 فقَالَ لَهُمَا يَسُوع: "يَا عَدِيمَيِ الفَهْم، وَبَطِيئَيِ القَلْبِ في الإِيْمَانِ بِكُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاء!
26 أَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَى الـمَسِيحِ أَنْ يُعَانِيَ تِلْكَ الآلام، ثُمَّ يَدْخُلَ في مَجْدِهِ؟".
27 وَفَسَّرَ لَهُمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ في كُلِّ الكُتُبِ الـمُقَدَّسَة، مُبْتَدِئًا بِمُوسَى وَجَمِيعِ الأَنْبِيَاء.
28 وإقْتَرَبَا مِنَ القَرْيَةِ الَّتي كَانَا ذَاهِبَيْنِ إِلَيْهَا، فتَظَاهَرَ يَسُوعُ بِأَنَّهُ ذَاهِبٌ إِلى مَكَانٍ أَبْعَد.
29 فَتَمَسَّكَا بِهِ قَائِلَين: "أُمْكُثْ مَعَنَا، فَقَدْ حَانَ الـمَسَاء، وَمَالَ النَّهَار". فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا.
30 وفِيمَا كَانَ مُتَّكِئًا مَعَهُمَا، أَخَذَ الـخُبْزَ، وبَارَكَ، وَكَسَرَ، ونَاوَلَهُمَا.
31 فإنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا، وَعَرَفَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ تَوَارَى عَنْهُمَا.
32 فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَر: "أَمَا كَانَ قَلْبُنَا مُضْطَرِمًا فِينَا، حِينَ كَانَ يُكَلِّمُنَا في الطَّرِيق، وَيَشْرَحُ لَنَا الكُتُب؟".
33 وقَامَا في تِلْكَ السَّاعَةِ عَيْنِهَا، وَرَجَعَا إلَى أُورَشَلِيم، فَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ وَالَّذِينَ مَعَهُم مُجْتَمِعِين،
34 وَهُم يَقُولُون: "حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ قَام، وتَرَاءَى لِسِمْعَان!".
35 أَمَّا هُمَا فَكانَا يُخْبِرانِ بِمَا حَدَثَ في الطَّرِيق، وَكَيْفَ عَرَفَا يَسُوعَ عِنْدَ كَسْرِ الـخُبْز.


(إنجيل لوقا - الفصل 24 – الآيات 13 إلى 35)

 

::: تأمّل من وحي الإنجيـل :::

 

لقد عانى التلميذين الضّيق، فخرجا من أورشليم مُتَوَجِّهَين إلى عماوس:
- الرّب قُيِّدَ كالمُجرِم،
- ماتَ ميتَةَ المُجرِمين،
- قُبِرَ وَعَمَّت الفَوضَى بين الرُّسُل فَتَشَتَّتوا...
كُلُّ شَيءٍ يَدعو إلى اليَأسِ وَالقُنوط... وكُلّ شَيءٍ يَدعو إلى ترك أورشليم والذَّهاب إلى مُعترك الحَياة صِفر اليَدَين... وفي قلب هذا الضّيق، يَظهر يَسوع:
- يسألهما عن ضيقهما فيُعَبِّران عنه ويُفرغان ما في قلبهما،
- يَشرَح لَهُما ما أفرغاه على ضَوء الكُتُب المُقَدَّسَة،
- يَتَعَشَّى مَعَهُما وَيَبقَى مَعَهُما تحت شكل الخُبز الإفخارستي، فيكتشفا أنَّهُ هُوَ، وَيَقوما من ضيقهما، ليعودا إلى أورشليم للبشارة.


ونحن، أمام هذا المَشهَد:
- هل نفهم أنّ الرّب عانى الضّيق وإنتصر عليه، لذا عَلَيْنا أن ننتصر على ضيقنا بقوّته هو وليس بقوّتنا؟
- هل نُفرِغ ألَمَنا ونسكب شَكوانا وضيقنا أمام الرّب لِيُضيء عليه بِكَلِمَتِهِ؟
- هَل نَقرَأ الكَلِمَة (الكتاب المُقَدَّس) فَنَشرَح ضيقَنا على ضَوئِهِ لِنُشفَى؟
- ما هي قيمة القداس في حياتنا؟ هل نعلم أنّ القربان هو حضور الرّب الدّائم، أمامهُ نستطيع أن نسكب ضيقنا ونأخُذ منه الفرح، لننادي بإيمان: المَسيحُ قام؟!

 

::: تـــــأمّـــل روحي :::


معي حيث أسير
على طريق عمّاوس حيث كان يسير كليوباس وتلميذٌ آخر(الّذي يمكنني أن أرى نفسي مكانه)، عرفا تشذيبًا وتنقيةً لإيمانهما. لقد كان فهمهما لِحقيقة يسوع ما يزال جنينًا في رحم مشروع الخلاص، ومغلقًا ضمن دائرة فكرة المخلّص القويّ السلطوي السياسي رغم كلّ ما عاينوه من آيات. كانا، كما غيرهما، بحاجةٍ لمن يفتح بصيرتهما على درب الآلام الخلاصيّة والقيامة وسرّ النبؤات، فأعاد قراءتها عليهما رفيق الدرب يسوع، الّذي لم يتعرّفا إليه مسيرة الطريق كلّها.

 

عظمة الحبّ
عند إكتمال الحدث بكسر الخبز، إنفتحت أعينهما وفهما أيّ حبٍّ أحبّ الله به العالم ليجود بإبنه الوحيد لأجله، وأدركا أنّ به قد تمّت المصالحة. كما تمّ أيضًا، بفعل القيامة وحضوره معهما، ترميم ما تهشّم من إيمانهما مع السياط وإكليل الشوك والخوف والموت على الصليب.
بمرافقتهما، ذكّرهما بكلّ ما حدث وبكلّ ما قاله، وأضرم فيهما شعلة الرجاء للإنطلاق نحو حياةٍ جديدة، أبيه، نحو عالمٍ مُخَلَّص مُصالح مع الله، أساسه الحبّ ولا شئ سواه.
اليوم، وليُشجّعنا، ما زال يسوع يرافقنا، نحن (التلميذ الآخر)، في مسيرة حياتنا المسيحيّة وخبراتنا اليوميّة، حيث المواقف الصعبة والحسّاسة، والأحداث الكبيرة والمؤلمة تعجننا وتُشكّلنا في قالب الرجاء كي نخرج منه أقوياء للقيامة الحقّة.

 

هل تساءَلنا؟
كم منّا يرُدُّ ذلك إلى حضور يسوع الحيّ معنا ومرافقتنا الدرب؟
كم منّا يؤمن حقًّا أنّ كلّ ما نتخطّاه هو بفعل عمله فينا؟
كم منّا يعيش يوميّاته وهو واثقٌ أنّ المسيح ممسِكٌ بيده كي لا يدعه يسقط ويتهشّم؟
هل وتيرة حياتنا البركانيّة المستعجلة، تسمح لنا بالإيمان بذلك؟
مع أجندة يوميّاتنا الّتي تغصّ بالأعمال وتختنق فيها الدقائق، ألسنا بحاجة إلى وقفةٍ تسمح لنا التنفّس بعمقٍ لنستطيع إكمال الطريق برؤيةٍ أوضح وثباتٍ أكبر؟

 

والحلّ؟
في "عجقة" ما نعيشه من تفاصيلَ تُرْبِك يوميّاتنا، هناك شخصٌ واحدٌ حاضرٌ بطريقة إسراريّة، يصغي إلى آهاتنا في الآلام ويفرح لفرحنا، يعرف جوعنا ويُسَرّ لإكتفائنا، يحضننا عند خيبة الأمل ويشجّعنا على النهوض، يشدّد عزيمتنا كي يكبر الأمل فينا وينمو الرجاء، يعيش معنا فرح العطاء في غِنانا ويستر فقرنا بالأيدي الممدودة... إنّه يسوع الّذي من أجلك ومن أجلي، تألّم ومات ثمّ قام.

لا حلّ سوى أن أبحث عنه في كلّ تلك الأشياء، ولا شكّ في أنّي أعرف عنه الكثير، لكنّي لم أتعرّف إليه بعد، لذلك أنا بحاجةٍ إلى جلسةٍ حميمةٍ معه لأسبر أغواره، لأتعرّف إليه في الخبز المكسور من أجلي في كلّ ذكرى تقديس، في كلّ عمل مسامحة، في كلّ لحظةٍ أكون فيها مع ذاتي مختليًا به حتّى ولو في موقدة الألم.


رغم أنّ جبلتي بشر، وترى الضعف يأخذ منّي ومنك قسطًا أحيانًا، وفي أخرى ترانا مندفعين. يائسين تارةً ومحبطين، وطورًا نشعر أنّنا في قمّة السعادة والشجاعة والثقة، فإنّنا نسير، نبحث، نسعى للوصول وتحقيق الهدف. فهلاّ قبلنا أن يرافقنا يسوع بسلام، لنتلمّسه سرّيًا بالكلمة، بكسر الخبز وبحرارة حضوره في أعماق القلب كما حدث مع تلميذيّ عمّاوس، فيبقى معنا حيث نسير؟  

 

::: تـــــأمـــل وصلاة :::

 

ربي وإلهي ... تكلّم معي أحدهم بالأمس طالبًا مني أن اشرح له أمرًا ما أعرفه، وإذ بي أردّ عليه بإجابةٍ أدهشته، وإكتشفتُ فيما بعد بأنني فهمت كلامه بصورة بغير ما قصد ولذلك كان جوابي في غير مكانه. ولعلّي أُشبّه ما حدث معي من عدم فهم لِما سمعت كبني إسرائيل الّذين لم يفهموا كلامك الّذي قلته لهم من خلال الأنبياء: "أنا فادي إسرائيل"، فجاء ردّ فِعلهم لمعاناة وموت الرّب يسوع على الصليب وقيامته من "خوف وخيانة وشك وعدم تصديق"، مُخالفًا لما كان يجب عليهم أن يكون من "فرح وسرور وإيمان راسخ بإفتدائهم" لأنك إله قدّوس تفي بوعدك.


ربي وإلهي ... ليس من السهل على الإنسان أن ينقل تفكيره من الأرضيات إلى السماويات، من الجسد إلى الروح؛ فعلى الرغم مِن أنك لآلاف السنين تُعلّم بني إسرائيل عن مجيء المُخلّص الّذي بموته سيُعطي سلامًا للروح لأنك أرسلته لفدائهم ومُصالحتهم معك ليحيوا معك بعد القيامة من الموت إلى الأبد إلا أنهم لم يفهموا شيئًا في حينها، وإحتاجوا كالطفل الصغير أن يؤخذ بيدهم ويُشرح لهم مِرارًا وبأساليب متعددة لمعرفة الفادي الرّب يسوع، لمعرفة مقدار حبّك للإنسان وغيرتك عليه ورغبتك لإشباع جوعه وملأ قلبه بالطمأنينة.

 

ربي وإلهي ... ما زال الكثيرون مِنّا يُعانون من مشكلة عدم فهمك ولا يرغبون أن يتحمّلوا أي مشقة في حياتهم حُبًّا بك، لم يَسْعوا لفتح الإنجيل أو الإقتراب مِن الوجود الحقيقي للرّب يسوع في القربان المُقدّس فتنفتح بصيرتهم فيُخبّروا الآخرون من حولهم عن حبّك.
ربي وإلهي ... يا مَن أردت خلاص العالم أجمع ... أرسل إلينا من روحك القدّوس المُعلّم والمُعزي ليملأ قلوبنا بمواهبه فيُحيينا ويُثبّت روح المسيح بداخلنا فنُصبح رُسلُ محبة وسلام للآخرين، ونُسبّحك ونُمجّدك إلى أبد الآبدين، ولك الشكر على الدوام، آمين.  

 

::: نوايا وصلاة شكر للقدّاس :::

 

نوايا للقدّاس


1- (المحتفل) من أجلِ القَيِّمينَ على كنيسَتِك، خاصَّةً مار فرنسيس بابا روما، ومار بشارة بطرس بطريركنا الأنطاكيّ، وأبينا مار نصرالله، ومار جورج مطراننا مع سائر الأساقفة والكهنة والمُكَرَّسينَ على إسمكَ، كَي توُاكبَ أبناءَها في مسيرةِ حَياتِهم، فَتُعَلِّمُهم، وتُذَكِّرُهم، بِحَسَبِ وصايا المَسيح في الكُتُبِ المُقَدَّسة، نسألُك يا رب.
2- لقد مالَ نهارُ الحياة والأمَل والطُمَأنينة، وأقبلَ لَيلُ الخَوفِ على مَسيحِيَّتِنا، وعلى وُجودِنا في الشَرقِ عامَّةً، وفي لُبنانَ خاصَّةً، فأُمكُث معَنا، كما مَكَثَ إبنُك معَ تِلميذَي عَمَّاوُس، فَتَنفَتِحَ عيونُنا على شِدَّةِ أمانَتِك وقوَّةِ مَحَبَّتِك، ونفهَم مُخطَّطَكَ الخَلاصِيّ لنا وللبَشَريَّةِ جَمعاء، نسألكَ يا رب.
3- إفتَح أذهانَنا وَقُلوبَنا كَي نَفهَمَ أهمّيَّةَ وحَقيقةَ حُضورِ المسيح في سرِّ الإفخارستيّا، فَنُقبِلَ على هذا السِرّ بكلِّ إيمانٍ وَتَقوى، ونَتغَذّى بِه لِنُصبِحَ شَهادةً حَيَّة لِحُبِّكَ الإلَهيّ في العالمِ أجمَع، نسألك يا رب.

4- نضَعُ أمامكَ مَرضانا جميعًا، أعطِهِم أن يَلمِسوا عُمقَ مَحَبَّتِكَ رُغمَ ألَمِهِم، فَيَعيشوا الثِقَةَ والإيمان بِغَدٍ أفضَل يَحمِلُ إلَيهِم الشِفاء، نسألك يا رَب.
5- (المحتفل) نضعُ أمامك كلَّ مَن فارقَ هذه الدُنيا، لا تنظُر إلى آثامِه، بل إلى أمانةِ إبنِك الَّذي صُلبَ، ماتَ، وقامَ، لِتَكونَ له الحياة، غافرًا لنا وله الخطايا والزلاّت.

 

 

صلاة شكر للقدّاس

 

نشكرك أيها الآب لأنَّك حقَّقتَ كلَّ مواعيدِك، بإبنك حبيبِكَ، فَخَلَّصَنا وإفتَدانا،
نشكرك أيُّها الإبن لأنَّك جعلتَنا إخوةً بدَلَ أن نكون عبيدًا، وأعطيتنا الحياة عِوَضَ الموت،
نشكرك أيها الروح لأنَّك تُقيمُنا بقوَّتِك كالإبن الحبيب لِنَشتَركَ بِحَياتِك الإلهيَّة،
نشكرك أيّها الثالوث لأنَّك منَحتَنا أن نُعايِن مَلَكوتَك، ونحيا معك إلى الأبد،
لك الشكر والمجد والتسبيح والسجود من الآن وإلى أبد الآبدين، آمين.

 

الأيقونة
من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة


المقدّمة والصلاة مع المراجعة العامّة

وأفكار من الرسالة وأفكار على ضوء الإنجيل

من إعداد

الاكليريكي فؤاد فهد
fouadfahed999@gmail.com
 https://www.facebook.com/fouad.fahed.902?fref=ts

 

التأمّل الروحي من إعداد

السيدة جميلة ضاهر موسى
jamileh.daher@hotmail.com

https://www.facebook.com/jamileh.daher?fref=ts

 

تأمّل وصلاة  - تدقيق

السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com 

https://www.facebook.com/nirannoel.iskandarsalmoon

 

نوايا وصلاة شكر للقدّاس
من إعداد
السيدة مادلين ديب سعد

madeleinedib@hotmail.com

https://www.facebook.com/madeleine.d.saad?ref=ts&fref=ts