الأيقونة من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة

زمن الدنح المبارك

عيد الدنح المجيد
(6 كانون الثاني 2021)

::: مـدخــل :::

• إنه عيد الدنح الّذي يُعتبر، لاهوتيّاً، من أهمّ الأعياد للشرقييّن وكلمة دنح هي كلمة سريانية وتعني: إعتلان أو ظهور، أي أنّ الكنيسة تحتفل باعتلان الله الثالوث خلال معمودية يسوع في نهر الاردن على يد يوحنا المعمدان.
• مع رسالة القديس بولس نتأمّل في أنّ زمن الدنح هو زمن تجدّد وتنقية وعودةٍ إلى أصالة دعوتنا المسيحيّة عبر التجذّر في نِعَم معموديتنا وتثبيتنا في نعمة الربّ ومحبّته!
• كما نتأمّل في الإنجيل أنّ المسيح، بعماده، يتضامن مع الشعب الذي هو شعب الله الجديد، أي الكنيسة، التي تتحد مع المسيح بمعمودية واحدة.
• نعم هذا إيماننا كمسيحيّين فبيسوع المسيح عرفنا الآب بالروح القدس، إلهٌ يعطي ذاته لأنّه إله محبة، علّنا نتعلّم أن نعطي من ذواتنا للّذين نلتقي بهم، علّ حياتنا تصبح صوتاً ينادي في بريّة هذا العالم أنّ المسيح حيّ. 

::: صـلاة :::

أيّها الإبن السّماويّ، يا مَن إعتمدت في نهر الأردنّ، فإنفتحت لنا أبواب السّماء، نسألك اليوم أن تُنير عقولنا بروحك القدّوس فتنفتح قلوبنا وتصغي إلى صوت الآب فنمجّد بسلوكنا إسمك مع إسم أبيك وروحك القدّوس، إلى الأبد. 

::: رتبة تبريك الماء  :::

المُحتَفِل (بعد العِظَة يُصَلِّي على الماءِ قائِلاً): الَّلهُمَّ الّذي رَتَّبْتَ جَميعَ الأسْرارِ في جَوْهَرِ الماءِ مِنْ أجْلِ خَلاصِ البَشَر. أصْغِ إلى طِلباتِنَا، وَلْتَحِلَّ قُوَّةُ بَرَكَتِكَ في هذا الماءْ †، لِكَيْ تَخْدُمَ خَليقَتُكَ أسْرارَك، وَتَنَالَ قُوَّةَ النِّعمَةِ الإلهِيَّة، على مُقاوَمَةِ الشَّرِّ وَالأوْجَاع. وَكُلُّ شَيْءٍ يُرَشُّ عَلَيْهِ هذا الماء، في بُيُوْتِ المُؤمِنينَ وَأماكِنِهِم، يَنْجُو مِنَ الشَّر وَيَخْلُصُ مِنَ الأضْرار. وَتُطْرَد عَنْهُ كُلّ قُوَّة العَدُوّ الخَفِيَّة، وَيُطْرَد بِرَشِّ هذا الماءِ كُلُّ خَيَالٍ يُنَغِّصُ راحَةَ السَّاكِنينَ فيه، لِكَيْمَا تَكُونَ فيهِ السَّلامَةُ المَطْلوبَةُ في دَعَوَاتِ إسْمِكَ القُدُّوْس بِوَاسِطَة رَبِّنَا يَسوعَ المَسيح إبنِكَ الوَحيد، الّذي يَحيَا وَيَمْلِك مَعَكَ، بإتِّحادِ الرُّوحِ القُدُس إلى أبَدِ الآبِدين.
الشَّعب: آمين.
المُحتَفِل (يَأخُذ بالمَلقَط جَمرَةَ نارٍ مِنَ المبخَرَة، وَيُلقيها في الماءِ قائِلاً): بِإسْمِ الآبِ تَتَطَهَّرْ
(وَيَأخُذُ جَمْرَةً ثانِيَةً وَيُلْقِيْهَا في الماءِ قائِلاً): وَبإسْمِ الإبْنِ تَتَبارَكْ
(وَيَأخُذُ جَمْرَةً ثالِثَةً وَيُلْقِيْهَا في الماءِ قائِلاً): وَبإسْمِ الرُّوْحِ تَتَبارَكْ.
الشَّعب: بَشلُمُا لمُريُا نِتكَشَف (3) بَشْلُمُا لْمُريُا نِتْكَشَف (3) بِسَلامٍ إلى الرَّبِّ فَلْنَطْلُبْ (3)
المُحتَفِل (يَرُشّ الماء على الشَّعب والجميع يرتل): رُوس علَي بزٌوفُخ وآِتدَخِا حَلِلَيني بِؤ ومِن تلجُا آِحوَر. تَنْضِحُنِي بالزُّوفَى فَأطْهُرْ، وَتَغْسِلُنِيْ فَأبْيَضُّ أكْثَرَ مِنَ الثَّلج.
المُحتَفِل: أظْهِرْ لَنَا يا رَبُّ رَحْمَتَكَ.
الشَّعب: وَإمْنَحْنَا خَلاصَكَ.
المُحْتَفِل: السَّلامُ لِجَميعِكُمْ.
الشَّعب: وَمَعَ روحِكَ.
الشَّعب: هَـلِّـلُـوْيَـا
يَـا أُرْدُنُّ طُوْباكَ بُـوْرِكْتَ نَهْـرَا
وَحْيُ الآبِ أعْطَاكَ فِيْ البِكْرِ سِـرَّا :
فِـيْـكَ مَشَـى يَشُـوْعُ الظَّافِرْ
وَيُـوْحَـنَّـــا ألْبَارُّ الطَّاهِــرْ
فِيْـكَ جَـازَ إيْلِيَّا جازَ ألِيْشَــعْ
فِيْكَ سِرُّ يَسُـوْعَ كالشَّمْسِ يَسْطَعْ
هـلـلـويــا وَاللَّيْلُ يُقْشَــعْ
المُحتَفِل: إسْتَجِبْ لَنَا أيُّها الرَّبُّ القُدُّوْس السَّرْمَدِيُّ القادِرُ على كُلِّ شَيء. وَإبعَث مِنَ السَّماءِ مَلاكَكَ لِيَصونَ وَيَحْفَظَ وَيَفْتَقِدَ وَيَعْضُدَ سُكَّانَ هذه الرَّعِيَّةِ المُبَارَكَة، بِيَسوعَ المَسيحِ رَبِّنَا، إبْنِكَ الوَحيد، وَروحِكَ الحَيِّ القُدُّوْسِ، لَكَ المَجْدُ وَعَلَيْنَا الرَّحْمَةُ إلى الأبَد.
الشَّعب: آمين. 

::: الرسالة :::

11 لأَنَّ نِعْمَةَ اللهِ قَدْ ظَهَرَتْ خَلاصًا لِجَمِيعِ النَّاس،
12 وهِيَ تُؤَدِّبُنَا لِنَحْيَا في الدَّهْرِ الـحَاضِرِ بِرَزَانَةٍ وبِرٍّ وتَقْوَى، نَابِذِينَ الكُفْرَ والشَّهَوَاتِ العَالَمِيَّة،
13 مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ السَّعِيد، وظُهُورَ مَجْدِ إِلـهِنَا ومُخَلِّصِنَا العَظِيمِ يَسُوعَ الـمَسِيح،
14 الَّذي بَذَلَ نَفْسَهُ عَنَّا، لِيَفْتَدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْم، ويُطَهِّرَنَا لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا، غَيُورًا على الأَعْمَالِ الصَّالِحَة.
15 تَكَلَّمْ بِهـذِهِ الأُمُورِ وَعِظْ بِهَا، ووَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَان. ولا يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَد.
1 ذَكِّرْهُم أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِين، ويُطِيعُوهُم، ويَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِح،
2 ولا يُجَدِّفُوا على أَحَد، ويَكُونُوا غَيْرَ مُمَاحِكِين، حُلَمَاء، مُظْهِرِينَ كُلَّ ودَاعَةٍ لِجَميعِ النَّاس.
3 فَنَحْنُ أَيْضًا كُنَّا مِنْ قَبْلُ أَغبِيَاء، عَاقِّين، ضَالِّين، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَواتٍ ولَذَّاتٍ شَتَّى، سَالِكِينَ في الشَّرِّ والـحَسَد، مَمْقُوتِين، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا.
4 ولـكِنْ لـَمَّا تَجَلَّى لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنَا، ومَحَبَّتُهُ لِلبَشَر،
5 خَلَّصَنَا، لا بِأَعْمَالِ بِرٍّ عَمِلْنَاهَا، بَلْ وَفْقَ رَحْمَتِهِ، بِغَسْلِ الـمِيلادِ الثَّاني، وتَجْدِيدِ الرُّوحِ القُدُس،
6 الَّذي أَفَاضَهُ اللهُ عَلينَا بِغَزَارَة، بِيَسُوعَ الـمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا.
7 فإِذا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَارِثِينَ وَفْقًا لِرَجَاءِ الـحَياةِ الأَبَدِيَّة.

(الرّسالة إلى تيطس – الفصل 2 – الآية11 إلى الفصل 3 الآية 7) 

::: تأمّـل من وحي الرسالة :::

بعد زمن الميلاد، نفتتح معاً زمن الدنح لنتعمّق أكثر في الترابط ما بين الحدثين والّذي أوضحه لنا مار بولس على الشكل التالي: "لـَمَّا تَجَلَّى لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنَا، ومَحَبَّتُهُ لِلبَشَر، خَلَّصَنَا... وَفْقَ رَحْمَتِهِ، بِغَسْلِ الـمِيلادِ الثَّاني، وتَجْدِيدِ الرُّوحِ القُدُس، الَّذي أَفَاضَهُ اللهُ عَلينَا بِغَزَارَة، بِيَسُوعَ الـمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا".
هذا الميلاد الثاني يحوّلنا من "أَغبِيَاء، عَاقِّين، ضَالِّين، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَواتٍ ولَذَّاتٍ شَتَّى، سَالِكِينَ في الشَّرِّ والـحَسَد، مَمْقُوتِين، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا" إلى مؤمنين " مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِح، ولا يُجَدِّفُوا على أَحَد، ويَكُونُوا غَيْرَ مُمَاحِكِين، حُلَمَاء، مُظْهِرِينَ كُلَّ ودَاعَةٍ لِجَميعِ النَّاس"!
زمن الدنح إذن هو زمن تجدّد وتنقية وعودةٍ إلى أصالة دعوتنا المسيحيّة عبر التجذّر في نِعَم معموديتنا وتثبيتنا في نعمة الربّ ومحبّته!
كل عيد وأنتم بخير! 

::: الإنجيل :::

15 وفيمَا كانَ الشَّعْبُ يَنتَظِر، والـجَمِيعُ يَتَسَاءَلُونَ في قُلُوبِهِم عَنْ يُوحَنَّا لَعَلَّهُ هُوَ الـمَسِيح،
16 أَجَابَ يُوحَنَّا قَائِلاً لَهُم أَجْمَعِين: "أَنَا أُعَمِّدُكُم بِالـمَاء، ويَأْتي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، مَنْ لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ رِبَاطَ حِذَائِهِ. هُوَ يُعَمِّدُكُم بِالرُّوحِ القُدُسِ والنَّار.
17 في يَدِهِ الـمِذْرَى يُنَقِّي بِهَا بَيْدَرَهُ، فيَجْمَعُ القَمْحَ في أَهْرَائِهِ، وأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لا تُطْفَأ".
18 وبِأَقْوَالٍ أُخْرَى كَثيرَةٍ كانَ يُوحَنَّا يَعِظُ الشَّعْبَ ويُبَشِّرُهُم.
19 لـكِنَّ هِيرُودُسَ رئِيسَ الرُّبْع، وقَد كانَ يُوحَنَّا يُوَبِّخُهُ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا إمْرَأَةِ أَخِيه، ومِنْ أَجْلِ كُلِّ الشُّرُورِ الَّتي صَنَعَها،
20 زَادَ على تِلْكَ الشُّرُورِ كُلِّهَا أَنَّهُ أَلقَى يُوحَنَّا في السِّجْن.
21 ولـمَّا إعْتَمَدَ الشَّعْبُ كُلُّهُ، وإعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا، وكانَ يُصَلِّي، إنفَتَحَتِ السَّمَاء،
22 ونَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ القُدُسُ في صُورَةٍ جَسَديَّةٍ مِثْلِ حَمَامَة، وجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: "أَنْتَ هُوَ إبْنِي الـحَبِيب، بِكَ رَضِيت".

(إنجيل لوقا – الفصل 3 – الآيات 15 إلى 22) 

::: تـــأمّل من وحي الإنجيل :::

يضع لوقا البشير معمودية يسوع مباشرةً بعد حبس يوحنا المعمدان! قد يبدو هذا الترتيب للكثير من المؤمنين كخطأ أو كهفوة. لماذا أراد لوقا البشير هذا الترتيب اللاهوتي وليس الزمنّي؟ هذه هي نظرته الشخصيّة لتاريخ الخلاص. هو أراد أن يفصل بوضوح زمن يوحنا المعمدان (الشريعة والأنبياء) عن العصر الجديد الذي بدأ مع المسيح.

إنتظر يوحنا المعمدان مسيحاً قوياً منتصراً آتياً ليضع نظاماً ويعيد الملك لإسرائيل، في حين أن المسيح ظهر وديعاً ومتواضع القلب، ما سبَبَ شكاً وقلقاً له، لذلك أرسل إليه تلاميذه ليسألوه: "أأنت الآتي أم ننتظر آخر؟".

لكن المهم أن يوحنا عرف أنه ليس المسيح، عرف أن معموديته فقط للتطهير وأن رسالته هي التمهيد له. عرف أنه يجب عليه أن ينقص وعلى المسيح أن يزيد (يو٣:٣٠).

ها هو المسيح باعتماده يتضامن مع الشعب الذي هو شعب الله الجديد، أي الكنيسة، التي تتحد مع المسيح بمعمودية واحدة. لا يخبرنا لوقا بتفاصيل كثيرة عن معمودية يسوع لأنه أراد تركيز نظرنا على ظهور الله الآب واعتلانه فيما بعد، كجواب على صلاة يسوع.

"وكان يصلي". أراد لوقا ذكر صلاة يسوع وذلك لكي يشدد على العلاقة ما بين الصلاة والروح القدس. يظهر لوقا هذه العلاقة أيضاً في أعمال الرسل حين تكلم عن حدث العنصرة أيضاً (أع ٤: ٣١).

لماذا هذا التركيز على صلاة يسوع؟ إنه أسلوب لوقا البشير للقول أن الصلاة هي مكان ووقت مميز حيث يعي كل مؤمن لهويته كأبن للآب ويستقبل رسالته كمُعَمَد.

هذا الزمن هو زمن صلاة لكل مؤمن لكي يتذكر أنه إبنٌ للآب بالمسيح. هذه البنوة التي حصلنا عليها بالمعموديّة من خلال الروح القدس، علينا الحفاظ عليها بالصلاة لكي نتشبه بالمسيح أكثر. 

::: قراءة آبائية :::

1- لك التسبيح من رعيتك في يوم ظهورك.

١- جدد السماء، لأن الجهلة سجدوا لكل النيرات.
جدد الأرض، لأنها بليت بآدم.
جبلة جديدة صارت ببصاقه.
وكافي الكل قوم الأجساد مع الضمائر.

٢- تجمعوا وهلموا، يا برص، ومن دون تعب، خذوا تطهيراً،
فإنه لايحتاج مثل أليشاع
أن يغطسكم في النهر سبع مرات،
وأن يتعبكم كما أتعبكم الكهنة برشاشهم.

٣- أليشاع بغطساته السبع طهر رامزاً إلى الأرواح السبعة،
والزوفى والدم هما مثال عظيم.
ليس مجال للغربة، غربة المسيح،
فابن رب الكل ليس غريباً عن رب الكل.

(قراءة من مار أفرام السرياني- أناشيد الدنح- النشيد الأول- الأبيات ١-٣) 

::: تــــأمّـل روحي :::

وجه الحبيب

بحرٌ من الأمواج المتلاطمة اليوم تُنهك قوانا النفسية والجسدية، وباتت الخُطَب التي لا تعرف حدودًا تثقل آذاننا أكثر من ذي قبل إلى حدّ الهروب من سِيَر التديّن والدين، فالكلام الكثير بات يرهق الأعصاب، الّذي، أكثر ما يشبه طنين الأجراس في المآتم. لقد تبخّرت تلك الحماسة للوقوف بوجه العاصفة، فالحمل أكبر من قدرتنا على احتماله.

ودون جهدٍ في التفكير، تسمع آيةً ولا أجمل على لسان يوحنّا المعمدان في مثل هذا اليوم:"أَنَا الـمُحْتَاجُ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وأَنْتَ تَأْتِي إِليَّ؟". فتشعر في عمق أعماقك أن القلب منك اجتاحته نارًا دون جمر ليتوقّف للحظة تخطف النفس لقد أدرك أنّه هنا، فيه (في القلب)، يتوجّه صوبك، يحني رأسه لتفرغ عليه دموعك المنسكبة بصمتٍ وكأنّه سَيَضمّها إلى جراحاته ليريحك من قلقك وحزنك.

تحاول أن تعرف ماذا يريد منك أن تفهم في هذا اليوم بالذات، فيأتيك الجواب بأنّه عمّدك بناره منتظرًا منك الإشارة كي يبدأ يحرق بِلهيبه "هشير" ما يهدّد سلام قلبك حتّى إذا ما فعل شفاك حتى فرح البكاء من الحبّ.

رغم ذلك ما زلت مشوشّا: "ماذا عليّ أن أفعل؟ أهي حقيقة كي أسير في فرحي أم هي جرعة من مهدّئ لألمي لبرهة؟" ثمّ، وأنت ما زلت غارقًا في سَماع صوت حيرتك تدقّ على باب باطنك كلمات آتية من السماء - خطّها يوحنا: "هـذَا هُوَ ابْنِي الـحَبِيبُ الَّذي عنهِ رَضِيت". ودفٌ في داخلك ينتشر من جديد مع الإشارة إلى رؤية الروح القدس ينزل ويستقرّ على رأس "الإبن الحبيب يسوع".

لقد بدأت نار الله في حياتك تشتعل محدثةً تغييراتٍ لم تشعر به ربّما من قبل؟ لقد بدأ يُخرِج ذاتك إلى نوره لترى ما كان في الظلمة منك؟ إفرح فقد دعاك لتنهض متهلّلًا، لأن مجد الربّ قد أشرق عليك وكشف لك سرّه بوجه ابنه الحبيب، الكلمة، الّذي صار جسدًا. لقد عرّفك عليه (على ابنه)، ابنه يسوع المسيح الـ"نور من نور"، لكي تستنير به أنت وكلّ إنسانٍ يبحث عن الحقيقة- كما المجوس-، فيقوده نحو فجرٍ خلاصٍ جديد وحياةٍ جديدة.

إفرح لأنّه بهذا السر جعل "الأُمَمَ شُرَكَاءُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْجَسَدِ وَنَوَالِ مَوْعِدِهِ فِي الْمَسِيحِ بِالإِنْجِيلِ"(أفسس 3 ، 2-3)، وفتح قلبك وبصيرتك على حاجتك التي أنت بذاتك كنت تجهلها، حاجتك إليه لا إلى وعودٍ وكلامٍ ينتهي مع غروب شمس كل يوم حاجتك إلى الحقيقة التي تلهب قلبك بنار حبّه وتخلق فيك حياة لم تعهدها من قبل، حياة لا تستطيع حجب أشعة نوره المتجلّي في حواسك وأحاسيسك وأفعالك كلّها فتعكسه على كلّ آخر.

اليوم نختبر حروبًا مختلفة مع الكورونا والتفقير والإستغلال، فلا تستسلم وتقدّم هزيمتك لهم على طبقٍ من فضّة. اليوم أنت هو ذاك الرجل وتلك المرأة الّذين كشف الله لهم وجه الحبّ اللامحدود بابنه، لا تضيّعوا "نجمة المجوس" لترافقكم نحو الحقيقة، ولتكن آذانكم صاغية "لإبنه الحبيب" وقلوبكم منفتحة على نوره لِيرشدكم إلى بناء نفوسكم فيملأها قوّة وشجاعة بروحه القدّوس.

::: تـــــأمّـل وصلاة :::

ربّي وإلهي ... عيد الدنح هو عيدٌ ليس كأيّ عيد، هو عيدٌ كشفتَ فيه عن ذاتك فكان الظهور الإلهي لتقول لنا "تعالوا إليّ وتعمّدوا في خيمتي مُغتسلين بمائي الحي المُنقّي وناري الآكلة التي تحوّل آثامكم لرمادٍ متطاير لتصبحوا أبنائي الأحباء الّذين أرضى عنهم لطاعة كلمتي. أنا إفتديتكم ولم أترككم دون أن أشير لكم على المُخلّص الّذي أرسلته لكم لفداءكم، لأُلبسكم ثوب البِر فتفرحون معي حيثما أكون".

ربّي وإلهي ... أخبرتُ أحدهم بالأمس بأن الإنجيل بعهديه القديم والجديد يُشير إلى أنّ "الخطيئة" هي "عدم طاعة كلمتك" ولا بدّ من التوبة لغسل القلب والعودة لطاعة الكلمة، والغسل بالماء أو المعمودية هي شاهد وطقس يتم بالماء كدليل للتوبة فالمياه بالواقع لا تغسل الخطايا. ولعلك أردتَ أن تكون المعمودية أكثر من شاهد للتغيير الداخلي لقلبِ وفكر الإنسان فأصبحتْ وعدًا منك، حين يُمارسها الإنسان مؤمنًا بالله الواحد المثلث الأقانيم، للمعونة الإلهية كآب سماوي، ونعمة سماوية مجانية بالخلاص وبركة دائمة للنمو بالإيمان والثبات عليه علمًا بأن المُتعمّد سيُكرمكَ كأبٍ سماوي له الطاعة والإحترام على الدوام. أجل، ما حدث بيوم معمودية الرّب يسوع كان لي فتحًا لبابِ الملكوت لأدخل وأملأ قلبي فرحًا دون إستحقاق، فلك الشكر على الدوام، آمين. 

::: نـوايا للـقدّاس :::

نوايا للقدّاس

(نوايا نافور مار مرقس البشير)

1- (المحتفل): عظّم يا ربّ شأن كنيستك المقدّسة المنتشرة في الأقطار الأربعة، واحفظ رعاتها المستقيميّ الرأي، بالأمان والسلام جميع أيّام حياتهم، لا سيّما مار … بابا روما، ومار … بطرس بطريركنا الأنطاكيّ، ومار … مطراننا، والأساقفة، والكهنة الأتقياء، والشمامسة الأطهار، وكلّ خدمة مذبحك المقدّس، نَسْأَلُكَ يا رَبّ !
2- (الشمّاس): أذكر يا ربّ، مع هؤلاء جميع الّذين يدعون اسمك القدّوس: بارك القريبين، أرجع البعيدين، افتقد المرضى، قوِّ الضعفاء، أطلق المسجونين، أعضد المظلومين، ردّ الضالّين إلى مخافتك، وجازِ المجازاة الحسنة جميع الّذين قرّبوا القرابين في كنيستك المقدّسة. نَسْأَلُكَ يا رَبّ !
3- (الشمّاس): أذكر يا ربّ، حكّامنا والمسؤولين بيننا، وجميع أبناء البيعة المقدّسة، إمنحهم الأمان والسلام، وأبعد عنهم النـزاعات الداخليّة والخارجيّة، فيحيوا حياة هادئة، إحفظهم برسم صليبك الحيّ والظافر، خلّص المضطهدين المهجّرين من رعيّتك، كن للغرباء ملجأ، للمسافرين رفيقًا. إمنح الرهبان والمتوحّدين والقاطنين في الجبال وكهوف الأرض آخرة صالحة. نَسْأَلُكَ يا رَبّ.
4- (الشمّاس): أذكر، يا ربّ، في هذا الوقت، على مذبحك السماويّ، وعلى هذا المذبح، القدّيسة الدائمة البتوليّة، والدة الله مريم، والأنبياء، والرسل والشهداء، والمعترفين والمبشّرين، ويوحنّا المعمِّد والسابق، وإسطفانوس رئيس الشمامسة وأوّل الشهداء، ومار …(شفيع الكنيسة)، ومار …(صاحب العيد)، وجميع القدّيسن، أنظمنا في أجواقهم، وأشركنا في عيدهم السعيد. نَسْأَلُكَ يا رَبّ.
5- )المحتفل): أذكر، يا ربّ، جميع الّذين عَبَروا من هذا العالم وبلغوا إليك، بَلِّغهم مساكنك السعيدة وامحُ كلّ خطاياهم، لأنّه ما من أحد على الأرض بدون خطيئة إلاّ ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح، الّذي بواسطته نرجو أن ننال المراحم وغفران خطايانا وخطاياهم.

 

 

الأيقونة
من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة


المراجعة العامّة، المقدّمة، الصلاة وأفكار من الرّسالة

من إعداد
الخوري نسيم قسطون
nkastoun@idm.net.lb
https://www.facebook.com/PriestNassimKastoun 

 

أفكار من الإنجيل

من إعداد
الشدياق صموئيل ابراهيم
samouil.ibrahim@gmail.com
https://www.facebook.com/samouil.ibrahim

 

 

قراءة آبائية
من إعداد
الخوري يوحنا-فؤاد فهد
fouadfahed999@gmail.com
https://www.facebook.com/fouad.fahed.902?fref=ts

 

 تأمّل روحي

من إعداد

السيدة جميلة ضاهر موسى
jamileh.daher@hotmail.com

https://www.facebook.com/jamileh.daher?fref=ts

 

تأمّل وصلاة  - تدقيق

السيّدة نيران نوئيل إسكندر سلمون
niran_iskandar@hotmail.com 

https://www.facebook.com/nirannoel.iskandarsalmoon?ref=ts&fref=ts

 

نوايا للقدّاس
من إعداد
اللجنة الليتورجيّة – كتاب القدّاس