![]() |
back to Michel Abboud ocd-Doc |
لا للتسلل ...الارض وديعة ثمينة
17 ايلول 2015
في وقت يسهرون به شبابنا على التلال في الليالي الحالكة،
في البرد وفي الحر، ويحرمون من اوقات راحتهم، غير آبهين بأي خطر من هنا او هناك وهم
له بالمرصاد، كي تبقى ارضنا مصانة. في وقت يواجه جيشنا اشد المعارك ويقدم نفسه
لتبقى ارضنا لنا، ونعيش معاً. في وقت نستذكر شهداءنا، ونعرف انهم ماتوا لنبقى نحن
ونبقى هنا، عارفين دوماً بأن تراب ارضنا مجبول بدمائهم، في وقت.... في وقت..... مع
هذا كله، ما زال هناك اشخاص يسمسرون في ظلمة الضمائر ليبعوا ارضهم، بل ارضنا،
ضاربين بعرض الحائط ما ذكرناه.
المحافظة على الارض، واجب مقدس لا يُفرط به ابداً، وليس
محدود في زمان او مدّة محددة، وليس هو ردة فعل آنية، تنتهي كإنتهاء عاصفة رمل
عابرة، بل هي التزام ووعي وتربية على البقاء، وتحضير للعيش في الوطن السماوي، لانه
من الارض نعبر الى السماء. المحافظة على ارض المسيحيين هو ضمانة لوجود المسلمين
وللعيش معاً، بكل اخوة ومحبة، لأن هذا هو وجه لبنان الحقيقي، الذي هو رسالة لكل من
اراد ان يعيش متقوقعاً، وكما قال غبطة البطريرك الراعي: "لا يهمني ان يسكن معي
المسيحي الفرنسي، اريد ان اسكن بقرب ومع جاري المسلم، الذي ابني معه وطني".
بالرغم من كل ما يشغلنا في هذا الوقت الحاضر، من اصوات
النار من هناك، وروائح كريهة هنا (تأتي أغلبها من نتانة الضمائر) يجب ان نبقى
متيقظين، لا نسمح لأحد ان يتسلل ليفرط بارضنا مقابل حفنة من المال.
نعم في ظلمة الضمائر، نرى البعض يحاول التسلل لقضم قطعة
ارض من هنا، واستغلال اخرى من هناك. لذلك نرفع الصوت عاليا في وجه من يفرّط، وفي
وجه من يسمسر، وفي وجه اللامبالي، وفي وجه الصامت عن الجريمة بحق الوجود. الامر
يعنينا جميعاً.
الحرص على الارض، وعدم التفريط بها، يأتي من عمق
الالتزام الايماني الكنسي، فأمنا الكنيسة تعلمنا (في المجمع الماروني): "الأرض في
تقليدنا ليست ملكًا نتصرّف به على هوانا، بل هي إرثٌ من الآباء والأجداد. هذا الإرث
أشبه بوديعة ثمينة أو "ذخيرة مقدّسة". التعامل مع هذا الإرث يصلنا بالخالق كما
يصلنا بالأجيال السابقة التي تركت فيه بصمات لا تمحى من تعبها ودمها...".
الاب ميشال عبود الكرملي