![]() |
back to Michel Abboud ocd-Doc |
بعدو عايش؟ هيك عم بيقول رفيقي.
الأب ميشال عبود- 27 آذار 2016
بعدو عايش؟ هيك عم بيقول
رفيقي".
ماذا نرى في هذا السؤال؟ نرى ان المسيح بالنسبة لها
ولرفيقها ما زال على قيد الحياة، ولكن بعيد، غائب، غريب، مختفي عن الانظار، وحالته
تستدعي الاستغراب... وكأنه شخصية عظيمة ولكن ليس هنا....لا اختبار لحضوره..
جوابي كان لها: " نعم يسوع، بعدو عايش، هوي حي، حاضر
بقلوبنا، لانه مات ومن ثم قام من بين الاموات... وانتصر على الموت...وهو يسكن في
قلوبنا، في القربان، وهو حاضر في كل مكان". جواب يحمل حقيقة ويقنع فتاة صغيرة، ولكن
السؤال يدعونا الى التأمل بعمق أكثر.
نعم سؤال يُسأل، ما الفرق بين يسوع وعظماء التاريخ؟ هو
علّم؟ هم علموا ايضاً وتركوا كتابات. كان له اتباع؟ وهم ايضاً لهم اتباع. الفرق
انهم ماتوا "وشبعوا موت"، وانما، هو مات، وقام من بين الاموات، وهو حي حاضر، إنه
هنا.... وهذا هو جوهر الايمان المسيحي، وهذا ما اوضحه القديس بولس بقوله: لو لم يقم
المسيح لكان إيماننا باطل.
شارك يسوع الانسان في كل شيء، بالولادة والالم والموت،
اعطى لإنسانيتنا معناها، بعيش انسانيته، فغدونا نتمثل به بكل مواقف حياتنا بسؤالنا
الدائم: "لو كان المسيح مكاني، ماذا كان فعل...". تألم واعطى معنى للألم، وصرنا
بالآمنا نكمل ما نقص من الآمه، كما يوضح بولس الرسول.
الاناجيل الاربعة أجمعت كلها، على ذكر الالام والموت
والقيامة، وسر الفداء ليس له معنى، الا بالموت والقيامة معاً. قام المسيح واعاد
الفرحة والسعادة الى قلوب من احبوه. لم يظهر المسيح على بيلاطس، وهيرودس، وقيافا،
وقائد المئة، وكل الذين رفضوه، وتآمروا عليه وقتلوه، بل ظهر على الذين تبعوه في
حياته الارضية، وكانوا له اوفياه، ولو انهم ضعفوا وقت المحنة وهربوا، والاول فيهم
كان بطرس، إذ انه انكره. وهذا دليل، ان من يختبر الآلآم المسيح، يعبر معه الى مجد
القيامة. هو القائل: "انتم الذين ثبتم معي في محني اوصي لكم بالملكوت".
بموت المسيح وقيامته، انفتحت السموات، وعرفنا عذوبة
الحياة الابدية، التي تبدأ بإيماننا به، وقبوله مخلصاً على حياتنا. بقيامة المسيح،
نعيش الرجاء بأننا سنكون معه، ونرث معه ونكون ابناء السماء. بقيامة المسيح، نتحمل
ونصبر على الآم هذه الحياة، بعيشنا ما قال بولس: كل الآم هذا الدهر لا توازي لحظة
من الدهر الآتي...
بعد قيامته من بين الاموات، وظهوره على التلاميذ، لم
يعرفوه ابداً في البداية، لأن آخر صورة له في اذهانهم كانت معلقاً على الصليب
معذباً، مهاناً، او صورة آخرة ليلة له معهم في العشاء السري، ليلة الآمه...الخ. لم
يقدروا ان يستوعبوا، ان يكون احد قد قام من بين الاموات. الامر ذاته نعيشه مع
امواتنا: تبقى في اذهاننا آخر صورة لهم، ونندب ونبكي انهم خسروا هذه الحياة، ولكن
العكس هو الصحيح، لقد ربحوا الحياة مع الرب. يجب ان نؤمن ونسأل: اين هم الآن، كيف
يعيشون؟ انهم مع الرب، يعيشون الفرح الابدي، حيث لا حزن ولا وجع، حيث يكون لهم الرب
هو الاله الحقيقي، يمسح لهم كل دمعة من عيوننهم....
قام المسيح، وفرغ القبر، ليس ليكون هناك فراغ في
الحياة، وانما ليسكن قلوبنا، ويعطينا الحياة، فيصبح هو المعنى الاول والاخير
لحياتنا. المسيح حي، هو الاول والآخر، انه حاضر في كنيسته، وهو رأسها، اليس هو
القائل لبولس: "... لماذا تضطهدني؟..." مع ان بولس ما كان يضطهده م باشرة... وفهم
عندئذ انه بين المسيح والمسيحيين اتحاد وثيق.
بصعوده المسيح الى السماء، لم يترك الارض، كأنما انهى
رحلة كانت مدتها، حوالي 33 سنة، بل رفع معه انسانيتنا، واعطى معنى للموت وللحياة
معاً، صالح الارض والسماء، واعاد للانسان استحقاقه للفردوس، فاصبح الموت عبور الى
الحياة الابدية، التي على حسبما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني: "نعبر الى
هناك، وعيوننا مفتوحة، لأننا نعلم الى اين نذهب...".
نعم المسيح حاضر هنا في قلوبنا، نكلمه، وهو يسمعنا، هو
معطي القوة والثبات، يكلمنا من خلال الكتاب المقدس والكنيسة، نسير معه في دروب
الحياة، على مثال تلمذي عماوس، وان اُعميت عيوننا عن معرفته، فإنه حاضر يكشف لنا عن
ذاته في كسر الخبز، في القربان المقدس، لذلك انشد له دوما:
- نور لْقيامي بيعطيني لْحقيقة بفهم أَلآمك بِحَمل
صَليبي
- بعْلُن ايماني بصرخة جريئة انتَ الهي وحدّك نصيبي
- بقيامتك انفتحوا بواب السما انكسر الشر والخير انتصر
قلب الحزين بِقَلبك احتمى انت اللي الحاضر بِقَلب
البَشر
- قمتْ من القبر تا تسكن القلوب وتعطي الحياة لكل
الخليقة
بْنَادي بِإِسْمَك تا تبقى محبوب يسوع الخلاص يسوع
الحقيقة
الاب ميشال عبود الكرملي