![]() |
back to Pere Nassim Doc. |
كي ينتصر "خير البشر"
على "منطق الحجر"
إقتراحات حول ملفّ الأرض
شهدت بلدتنا تحوّلًا كبيرًا في الأيّام الماضية...
فبين ليلة وضحاها، سقطت "الكلمة" وانتصر "الحجر"
لأسبابٍ عديدة يصعب معها توزيع المسؤوليّات... وإن أدّت "الوسيلة" إلى تحقيق
"الغاية" وهي الحفاظ على "الأرض"...
ولكن منطق "الغاية تبرّر الوسيلة" الذّي ابتدعه
ماكيافال في كتابه الشهير "الأمير" لم يكن يومًا منطق انتصار "العامّة" على
"الخاصّة" بل كان على الدوام منطق تبرير استمرار "الأمير" في حكم "البشر"...
لذا، لا بدّ من وقفةٍ منطقيّةٍ وعاقلةٍ بعد كلّ ما جرى،
آخذين بعين الاعتبار أمرين:
• الأوّل هو أنّ الزمان لا يعود إلى الوراء... وبالتالي
فإنّ ذاكرة القبيّات سوف تحفظ انتصار منطق القوّة وهو منطقٌ خطير حتّى ولو استخدم
في إطار معركةٍ شعارها نبيلٌ وهو "الحفاظ على الوجود" وسط شكوكٍ كبيرة لدى معظم
النّاس من عمليّة شراء العقارات المشبوهة والمتزايدة...
• الثاني هو أنّ التاريخ كثيرًا ما يعيد نفسه وهو الأمر
الأخطر الّذي يدفعنا إلى التساؤل: ماذا لو تكرّر الأمر؟
قبل الولوج في محاولة الإجابة على السؤال، لا بدّ من
عرض المسألة التالية:
لو افترضنا جدلًا أنّ عائلة من القبيّات مؤلّفة من رجل
وامرأة وولدين تعرّضت لحادث سيرٍ مؤسف، توفي بموجبه المعيل وتعرّض أفراد عائلته إلى
عواقب كبيرة صحيًّا، تطلّبت مبالغ كبيرة للعلاج ولم يكن لديهم احتمالات سوى بيع
العقار الوحيد الّذي يملكونه، والّذي صودف وجوده على حدود القبيّات في الغربيّة أو
الشنبوق أو شويتا؟! ماذا نفعل عندها: حملة لجمع المال؟ تأمين شارٍ؟...
إستنادًا إلى هذا المثل العمليّ والمعقّد في آن، نذكّر
بالمثل الشهير القائل: "درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج"!
الأجدى أيّها الاحبّاء أن نفكّر بجملة إجراءاتٍ
وقائيّة، توفّر علينا عنصر المفاجأة أو الغدر أو الأساليب الملتوية من جهة وتضع
البلدة في موقع قوّة بالنسبة لكلّ التحدّيات التي تواجهنا من جهةٍ أخرى ومنها:
1- العودة إلى الاقتراح الّذي كانت قد تقدّمت به
مجموعةٌ من الناشطين في القبيّات وقوامه تأسيس تعاونيّة عقاريّة تساهم في تحويل
العقارات المهدّدة إلى مجالات استثماريّة أو سكنيّة...
2- إجراء إحصاء شامل لعقارات القبيّات الغير المستثمرة
بهدف تصنيفها للغايات المذكورة أعلاه...
3- إجراء إحصاء شامل للمتموّلين القبيّاتيّين أو
الرّاغبين في استثمار أموالهم في القبيّات... لأنّه "ماذا ينفع الإنسان لو ربح
العالم كلّه وخسر..." بلدته...؟
4- إنطلاقًا ممّا علّمنا إيّاه الربّ يسوع المسيح وهو
أن لا يكون منطقنا سلبيًّا (لا تبِع) بل ديناميّا (استثمر)، سؤال جميع المالكين
لعقارات حدوديّة حول مدى رغبتهم في استثمار هذه العقارات ومساعدتهم عبر القروض
والمشاريع... "فالوجود" لا يقوم في المحافظة على أرضٍ "بور" فقط بل في تحويلها إلى
مصدر "بقاء" واستمرار...
5- أوصى السينودوس من أجل الشرق الأوسط في التوصية رقم
6 بما يلي: "بما انّ التعلـّق بالأرض الأم هو عنصر أساسي من هويّة الاشخاص والشعوب،
وبما أنّ الأرض هي مساحة حرّية، نحث مؤمنينا وجماعاتنا الكنسيّة على عدم الاستسلام
لتجربة بيع أملاكهم العقاريّة". وهذا طبعًا ملزمٌ لنا جميعًا كمسيحيّين ولكنّه اضاف
"...ولمساعدة المسيحيّين في المحافظة على أرضهم او لشراء أراض جديدة، في الظروف
الاقتصاديّة الصعبة، نقترح على سبيل المثال خلق مشاريع تعمل على استثمار الأرض،
ليتمكّن أصحابها من البقاء فيها بكرامة والسعي الى استرجاع المفقود منها والمؤمّم.
وليرافق هذا الجهد تفكيرٌ عميق حول معنى الحضور المسيحيّ ورسالته في الشرق الأوسط".
وما تمّ القيام به هو الاكتفاء بالشقّ الأوّل، وهو اساسيّ، ولكن، حتّى الآن، لم
يتمّ القيام بأيّة مبادرة في الإطار الثاني وهنا السؤال مشروع حول متموّلي الموارنة
المهتمّين "بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد"... وهو أن يساعد القدير منهم المحتاج
وأن يكون من لديه المال أو حتى القليل منه قنوعًا بما لديه...
6- رفع اقتراح باسم القبيّات واستنادًا إلى الاختبار
الّذي حصل يقضي بوجوب الإسراع في دعم البلدات المسيحيّة ماديًّا عبر المقتدرين
الموارنة لردع "الهجمة العقاريّة"...
7- إعادة وصل ما انقطع او ما اهتزّ من ثقة مع القرى
المجاورة لكي تحافظ القبيّات على دورها الريادي في الانفتاح الثقافيّ والروحيّ
والاجتماعيّ...
8- استبعاد ملفّ العقارات المهدّدة عن بازار "المصالح"
السياسيّة حرصًا على نقاوة وصفاوة القضيّة الأساسيّة.
لقد حقّقت القبيّات هدفها وهو إيصال الرسالة إلى من يعنيه الأمر بضرورة الالتزام بواجبٍ مسيحيّ وأخلاقي هو المحافظة على الأرض... ولكن يبقى عليها أن تنتقل من منطق "الملاحقة" إلى منطق "المبادرة"... كي لا يبقى الحبر على الورق...
الخوري نسيم قسطون
القبيات في 27 شباط 2012
![]() |
back to Pere Nassim Doc. |