Email: elie@kobayat.org

 

back to Pere Nassim Doc.


حول الصوم

من الأسئلة التي يسألها المؤمنون دائماً هو متى وكيف نصوم أثناء الصوم الكبير؟

ما سنقوم به أولاً هو إيراد نصّين:

·       الأوّل بعنوان "في الصيام الليتورجيّ" هو من القوانين الرسوليّة (سنة 380م) وقد استحصلنا عليه من الرابط:  (http://ava-kirolos.com/vb/showthread.php?t=4514)

·      الثاني هو  "التفسيح من الصوم والقطاعة" الوارد في الرسالة الخامسة والعشرون للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير بمناسبة السنة اليوبيلية لمار مارون وصوم سنة 2010، تحت عنوان "في مار مارون... المارونيّة... ولبنان" التي يمكن الإطلاع عليها على الرابط:

(http://www.centre-catholique.com/communiquedetails.asp?announcementid=354)

النصّ الأوّل:

في الصيام الليتورجي

لا تصوموا في الوقت الّذي يصوم فيه المراؤون. إنهم يصومون في يوميْ الاثنين والخميس من الأسبوع.

أما أنتم، فصوموا إما خمسة أيام، وإما يومي الأربعاء والجمعة: لأنه في يوم الأربعاء صدر الحكم على الرب، وقبض يهوذا ثمن الخيانة ليُسلِّمه؛ وفي يوم الجمعة احتمل الرب آلام الصلب بأمر بيلاطس البنطي.

وأقيموا العيد يومي السبت والأحد، لأن الأول ذِكرٌ للخَلْق والثاني للقيامة. يجب أن تحافظوا على سبت واحد في كل سنة، هو السبت الذي كان فيه الخالق تحت الثرى هو يوم بكاء ونواح، ولا يحسن فيه الإبتهاج والعيد، لأن الخالق يفوق جميع خلائقه في الطبيعة والإكرام.

وصوموا أيضاً أيام الفصح (أسبوع الآلام) مبتدئين من الإثنين إلى التهيئة والسبت، ستة أيام تستعملون أثناءها الخبز والملح والبقول والماء للشرب. وامتنعوا عن الخمر واللحوم في تلك الأيام لأنها أيام حزن وليست أعياداً. صوموا يومي الجمعة والسبت معاً، من استطاع. لا تأكلوا شيئاً حتى صياح الديك في الليل، وإذا لم يستطع أحد أن يصوم اليومين معاً فليحافظ أقلّه على السبت لأن الرب يقول عن نفسه في موضع: متى يُرفع العروس عنهم فحينئذٍ يصومون في تلك الأيام.

النصّ الثاني :

التفسيح من الصوم والقطاعة

من المعلوم أنّ الصوم يقوم بالإمتناع عن الأكل والشرب من نصف الليل إلى الظهر - عدا الماء الذي لا يفسخ الصوم - وأن القطاعة تقوم بالإمتناع عن أكل اللحم والبياض. ولكننا نظراً إلى أنه ليس بإمكان البعض من أبنائنا أن يجدوا الطعام المنوّع الذي يحتاجون إليه، وهذا ما يضطرهم إلى الإكتفاء بما في متناولهم، نفسّح من هاتين الشريعتين من صوم 2010 إلى صوم 2011 كما يلي:

1- نسمح بأكل البياض في هذه المدة.

2- يجب الصوم والإنقطاع عن أكل اللحم في يوم اثنين الرماد ويوم الجمعة من أسبوع الالام.

3- يجب الإنقطاع عن أكل اللحم يوم الجمعة على مدار السنة، غير أنه يمكن أكل اللحم يوم الجمعة إذا وقعت فيه الأعياد الواجبة بطالتها، وهي:
أ- الميلاد، رأس السنة، والغطاس، ومار مارون، ومار يوسف، ومار بطرس وبولس، وانتقال العذراء، وارتفاع الصليب، وجميع القديسين، والحبل بلا دنس، وعيد شفيع الرعية
.

ب-وفي الفترة الواقعة بين عيدي الميلاد والغطاس.

ج- وفي الفترة الواقعة بين عيدي الفصح والعنصرة
د- وفي أسبوع المرفع
.

لقاء التمتّع بهذا التفسيح، نحضّ أولادنا الأعزاء على أن يعنوا بالأمور الروحيّة ويتمّموا الواجبات الدينية ويمارسوا أعمال التقشّف والإماتة والمحبة ولا سيّما تجاه المحتاجين والمرضى وأن يخصّص القادرون منهم نفقة يوم في الأسبوع طوال هذا الصوم لمساعدة اخوانهم المعوزين يدفعون بدلها لصندوق المساعدات في أبرشيتهم، ليكون صومهم مشاركة محسوسة في التقشّف والالام، وأن يصلّوا على نيّة الحبر الأعظم لأجل إحلال السلام في ربوعنا وفي العالم أجمع، ومن أجل تطبيق ما جاء في الإرشاد الرسولي «رجاء جديد للبنان» وارتداد الخطأة إلى التوبة وانتصار أمنا الكنيسة المقدّسة وتحقيق وحدتها، ومن أجل نجاح تطبيق تعليم مجمعنا وهذا خير ما يقومون به بدلاً من الصوم والقطاعة.

سنحاول إنطلاقاً من هذا النصّ ومن تقليد كنيستنا المارونيّة استخلاص بعض القواعد العمليّة للصوم من الناحية القانونيّة:

1- لا بدّ أوّلاً من التمييز ما بين الصوم والقطاعة فالصوم " يقوم بالإمتناع عن الأكل والشرب من نصف الليل إلى الظهر - عدا الماء الذي لا يفسخ الصوم -" بينما القطاعة " تقوم بالإمتناع عن أكل اللحم والبياض".

2- نلاحظ أنّ الصوم، خلال زمن الصوم، يكون من الاثنين إلى الجمعة ويتوقّف "يومي السبت والأحد، لأن الأول ذِكرٌ للخَلْق والثاني للقيامة" لتستمرّ القطاعة فيهما. بينما في سبت النور نصوم ونقطع لأنّه "السبت الذي كان فيه الخالق تحت الثرى هو يوم بكاء ونواح، ولا يحسن فيه الإبتهاج والعيد، لأن الخالق يفوق جميع خلائقه في الطبيعة والإكرام".

3- عادة الطويّ أي الصوم والقطاعة من خميس الأسرار مساءً وحتى قدّاس القيامة أساسها هو ما ورد في النصّ الأول، في معرض تفصيله لصوم أسبوع الآلام: "صوموا يومي الجمعة والسبت معاً، من استطاع. لا تأكلوا شيئاً حتى صياح الديك في الليل، وإذا لم يستطع أحد أن يصوم اليومين معاً فليحافظ أقلّه على السبت لأن الرب يقول عن نفسه في موضع: متى يُرفع العروس عنهم فحينئذٍ يصومون في تلك الأيام" .

فاختصاراً، من أراد الالتزام بالصوم عليه أن:

1- خلال زمن الصوم (أي من اثنين الرماد إلى يوم الجمعة الّذي قبل الشعانين):

·       أن يصوم من الاثنين إلى الجمعة، من نصف الليل وحتى ظهر اليوم نفسه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الماء لا يفسخ الصوم.

·       أن ينقطع عن البياض واللحم طوال هذه المدّة، ضمناً السبت والأحد.

·       أن يكثّف مشاركته في الصلوات والطقوس الخاصّة بهذا الزمن أقلّه يومي الجمعة (صلاة المساء وزيّاح الصليب) والأحد.

2- خلال أسبوع الآلام:

أن يصوم من الاثنين إلى السبت ضمناً، من نصف الليل وحتى ظهر اليوم نفسه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الماء لا يفسخ الصوم. ولا يأكل الزفر إلّا بعد تناول القربان في قدّاس عيد الفصح.

أمّا من يحول مرضه أو ظرفه (المرأة الحامل أو...) دون إمكانيّة الالتزام بالصوم فإليه مجموعة الأفكار التالية التي على الصائم أيضاً أن يقوم بها:

·       إذا أمكنه، على الأقلّ، الصوم والإنقطاع عن أكل اللحم في يوم اثنين الرماد و في يوم الجمعة من أسبوع الالام،

·       أن يعنى بالأمور الروحيّة ويتمّم الواجبات الدينية (أي المشاركة في الصلوات والقداديس والرياضات الروحيّة ...)، ومنها:

§       أن يكثّف مشاركته في الصلوات والطقوس الخاصّة بهذا الزمن أقلّه يومي الجمعة (صلاة المساء وزيّاح الصليب) والأحد،

§       أن يصلّي على نيّة الرؤساء الكنسيين كالحبر الأعظم والبطريرك والأسقف وكاهن الرعيّة...

§       أن يصلّي لأجل إحلال السلام في ربوعنا وفي العالم أجمع،

§       أن يصلّي من أجل تطبيق ما جاء في الإرشاد الرسولي «رجاء جديد للبنان»،

§       أن يصلّي من أجل ارتداد الخطأة إلى التوبة،

§       أن يصلّي من أجل وحدة الكنيسة،

§       أن يصلّي من أجل نجاح تطبيق تعليم المجمع البطريركي الماروني،

·       أن يمارس أعمال التقشّف والإماتة والمحبة ولا سيّما تجاه المحتاجين والمرضى (زيارة مأوى للعجزة أو عجوز مقيم لوحده أو ميتم ...)،

·       أن يخصّص القادر نفقة يوم في الأسبوع طوال هذا الصوم لمساعدة أخوانه المعوزين فيدفع لصندوق المساعدات في الأبرشية أو الرعيّة أو الجمعيات الخيريّة، ليكون صومه مشاركة محسوسة في التقشّف والالام،

هذا من الناحية القانونيّة، أمّا من الناحية الروحيّة فعلينا أن ندرك أنّ الالتزام القانونيّ حسنٌ جدّاً ولكن يجب أن يعاش وفق روحانيّة تخطّي المظاهر نحو الجوهر والتي ذكرها الربّ يسوع في إنجيل متّى (6\17-18):

أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صُمْتَ، فَادْهُنْ رَأْسَكَ، وَاغْسِلْ وَجْهَكَ،

لِئَلاَّ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صَائِم، بَلْ لأَبِيكَ الَّذي في الـخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الـخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.

لذا فلنفكّر في زمن الصوم بأبعادٍ أخرى، تدخلنا أكثر في عمق روحانيّة الصوم الحقيقيّة.

في هذا الإطار نورد ما اقترحه نيافة الكاردينال غودفريد دانييلز، رئيس أساقفة مالين في بلجيكا، إلى مؤمنيه تحت عنوان " عشر وصايا لصومٍ أفضل ، وقد قمنا بنقله إلى العربيّة عن موقع زينيت (www.zenit.org) في العام 2007:

1- صلّ يومياً وعلى الأقل، مرّة أبانا صباحاً ومرّة السلام مساءً.

2- إبحث في إنجيل الأحد عن جملةٍ تتأمّل بها كلّ الأسبوع.

3- كلّ مرّة تشتري غرضاً جديداً لا تحتاجه حقيقةً، أعطِ شيئاً ما للفقراء أو لجمعيّةٍ ما. فالوفر بحاجة للمشاركة.

4- إفعل، كلّ يوم، عملاً صالحاً مع أحدهم، قبل أن يطلبه منك.

5- عندما يزعجك أحدهم بحديثٍ ما، لا تسارع إلى الردّ لأنّ ذلك لن يساهم في تعادلكما. في الواقع، إنّك ستقع عندها في الدوامة. الأفضل أن تصمت لدقيقة وعدنها ستتوقّف "عجلة السوء".

6- إذا كنت تتنقّل، دون توقّف، لربع ساعة، بين محطّة ومحطّة على التلفاز، أوقف هذا الاخير وخذ كتاباً أو تكلّم مع أهل بيتك فالأفضل هو التنقل بين البشر إذ لا يحتاج إلى آلة.

7- خلال الصيام، أترك مائدة الطعام وأنت بعدُ جائع وهذا على كلّ ما ينصح به كلّ أخصّائيّي التغذية على مدار السنة. فشخص من ثلاثة يعاني من مرض السمنة.

8- الغفران (Par-donner) هو عطاءٌ (donner) من درجة أعظم.

9- غالباً ما تعد شخصاً بمكالمته عبر الهاتف أو بزيارته. حقّق ذلك فعليّاً.

10- لا تسمح لنفسك بأن تُخدع من إعلانات التخفيضات على البضائع ففي أفضل الأحوال ستحقق 30% من الوفر وهي نفس نسبة التخمة والفائض الموجود لديك في خزانتك.

هذا على المستوى البسيط، أمّا لمن يرغب في المضيّ إلى العمق فيمكنه التأمّل في هذا النصّ للقدّيس أفرام السريانيّ واستنباط أفكار لعيشها وتطبيقها ومعه نختم هذاالمقال المقتضب، داعين الله أن يزرع في قلوبنا جميعاً نعمة عيش الطقوس بروحانيّة وعمق:

 

تــأمـــل في الصوم

(القديس افرام السرياني)

مغبوط حقاً ومثلّث الغبطة من قد حفظ الصوم، لأنه بالحقيقة فضيلة عظيمة القدر. وهو أنواع:


1- صوم اللسان، بأن لا يزلّ بكثرة الكلام الفارغ ولا يشتم، بأن لا يسبّ ولا يلعن ولا يتفوّه بالكلام الباطل، بأن لا يثلب أحداً أمام آخر ولا يكيد له ولا يفشي الاسرار، وبأن لا يتعرض لما ليس من شأنه.

2- صوم الأذن، بأن لا يلعن أحداً عند سماعه الباطل.

3- صوم العينين، بأن يغض الطرف فلا يتفرّس ولا يتأمل في المناظر الخلابة وفي ما ينبغي أن لا ينظر فيه ملياً.

4- الصوم عن الغضب، بأن يكظم غيظه فلا يستشيط غيظاً بسرعة.

5- الصوم عن حب الشرف، بأن يقهر المجد الباطل فلا يهتم بشرف ولا يطلب مكانة رفيعة ولا يستعلي ذهنه، بأن لا يبتغي الاعالي ولا يتشامخ، ولا يتخيّل المدائح.

6- صوم الذهن، بأن يعذب الافكار بمخافة الله لئلا تتنازل أو تتلذذ بفكر خادع مثير للاضطرام الداخلي.

7- الصوم عن الاطعمة، بأن يحتمي منها فلا يتطلب أغذية تفيض عن الحاجة ولا ألواناً من الطعام باهظة الثمن، وبأن لا يأكل قبل أوان الطعام أو قبل ساعته المعينة، ولا يتعبد لروح شراهة البطن ولا يتضلع (أي يمتلئ) من الاطعمة الفاخرة أو يشتهي طعاماً أثمن أو لوناً آخر.

8- الصوم عن الأشربة، بأن يحتمي منها فلا يُجرّب بشرب النبيذ أو التلذذ بالخمور.

9-الصوم عن الشهوة واللذة الرديئة، بأن يضبط الحس فلا يقع في شرك الشهوات العارضة له ولا ينحني ليقبل الافكار التي تُخطر الهوى على البال، بأن لا يتلذذ كأنه يرتكب بذلك الفاحشة المكروهة وبأن لا يعمل مشيئة الجسد، بل أن يلجمه بتقوى الله.

الخوري نسيم قسطون

صوم 2010

nkastoun@idm.net.lb

 

Email: elie@kobayat.org

 

back to Pere Nassim Doc.