من إعداد الخوري نسيم قسطون

 

الإيمان


النص المفصّل
 

نؤمن

باله واحد

آب

ضابط الكل

خالق السماء والأرض

كل ما يُرى وما لا يُرى

و برب واحد يسوع المسيح

ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كلّ الدهور

إله  من إله نور من نور إله حق من إله حق

مولود غير مخلوق

مساوٍ  للآب في الجوهر 

الذي به كان كل شيء

الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا

نزل من السماء

وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وصار إنساناً

وصلب عنّا على عهد بيلاطس البنطي تألم ومات وقبر

وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب

وصعد إلى السماء  وجلس عن يمين الله الآب

وأيضاً يأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه

بالروح القدس

الرب المحيي 

المنبثق من الآب والابن

الذي هو مع الآب والابن يسجد له ويمجّد

الناطق بالأنبياء والرسل

وبكنيسة

واحدة جامعة مقدسة  رسولية

ونعترف

بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا

ونترجى

قيامة الموتى والحياة في الدهر العتيد

آمين

 

مقدمة
 كثيراً ما نردد في احتفالاتنا الدينيّة قانون الإيمان ، هذا القانون الذي يجمع بداخله جوهر إيماننا المسيحي.
على أنّ هذا القانون لا يُفترضُ به أن يكون قابلاً للتعديل عكس ما قد يوحيه لنا المفهوم العصريّ للتشريع حيث القانون وليد مؤسّسات تشريعيّة يمكنها أن تعدّله وفقاً لحاجات المصلحة العامة.
أما في الكنيسة ، فهذا القانون لا يخضع للاعتبارات نفسها إلا من حيث الشكل ربّما. والسبب يعود إلى كونه هو خلاصة اختبار الكنيسة المستند إلى الوحي الإلهي في الكتب المقدّسة وفي حياتها الليتورجية والروحية والفكريّة، والذي دام عدّة عصور حتّى تمّ التوصّل إلى صياغته على الشكل الذي نعرفه اليوم.
بدأ هذا القانون إقراراً كنسياً إيمانياً بالثالوث الأقدس لكنّه ما لبث أن تطوّر وتوسّع لرد هجمات الهرطقات حتى بلغ صيغته النهائية التي نعرفها اليوم باسم قانون نيقية-القسطنطينية .
لنحاول معاً أن نستعرض أهمّ ما يعرضه لنا هذا القانون من الحقائق الإيمانيّة محاولين بذلك التمييز بين ما هو أساسي وجوهريّ وبين ما هو أقلّ أهميّة أو حتّى ثانويّ .

 

 
مفهوم الإيمان
 من الكلمة الأولى ، يظهر مفهوم الإيمان في الكنيسة كجواب وكتجاوب إنساني حرٍّ ومسؤول مع وحي الله الذي أظهر نفسه للناس من خلال تاريخ الخلاص. وهنا تختلف الكنيسة مع بعض التيارات التي تمزج بين الإيمان والمعتقد الذي ينبع من إرادةٍ بشريّةٍ محضة.
الإيمان إذاً هو نتيجة مبادرةٍ إلهيةٍ وقبولٍ إنسانيّ مقابل لنتائج هذه المبادرة. وهو ينطلق من الشخص (أؤمن) ولكنّه يتأطّر ويتأصّل في الجماعة أي الكنيسة (نؤمن).

 
 
ركائز الإيمان المسيحي 
تلتقي الكنيسة في إيمانها مع الديانات التوحيدية فإلهها أيضاً واحد وهو كائنٌ عاقلٌ . لكنّها تختلف معها في كون إلهها غير متوّحد فهو ثالوثٌ آبٌ وابنٌ وروحٌ قدس متميّزون فيما بينهم بكون "الآب هو الذي يلد ، والابن هو المولود والروح القدس هو الذي ينبثق" (ت م ك ك ، 254) .
هذا الثالوث يدخل في علاقة مباشرة مع الإنسان دونما حاجة إلى وسيط بشريّ أنبيّاً كان أم رسولاً كون الجماعة كلّها معنيّة بمفاعيل الوحي الذي يختلف عن الإنزال أو التنزيل لأنّه يتأسس على حوار مفتوح بين الله والبشر : هو يعبّر بواسطة الأحداث وهم يتجاوبون أو يرفضون على مقدار حرّيتهم واستعدادهم الرّوحي والعمليّ.
هذا هو سرّ الثالوث الأقدس السرّ الأساسي للإيمان المسيحي الذي يرتكز على الوجود والعمل المشترك بين الأقانيم الثلاثة الإلهيّة : 
          الآب القدير ، الخالق والمدبّر
          الابن الذي به كان كلّ شيء والذي به تمّ الخلاص
          الروح ، نسمة الحياة ، الذي يكمّل عمل الآب والابن ويمكّن الناس والكون من اختباره 
إله المسيحيّ إذاً إله شخصيّ يُظهر نفسه كشركة محبّة تعطي كلّ شيء حتى النهاية وتتنازل عن كثيرٍ من حقوقها لخليقتها لتشركها في حياتها ولتعطي معنًى لحياتها.
 فاللهً يخلق كلّ شيء من العدم ولكنّه يترك للإنسان ولقوانين الطبيعة أن تسيّر هذا الكون ليبلغ إلى مداه الأقصى : هذا هو سرّ الخلق.
وهو يحترم إلى أقصى الحدود الإنسان والدليل أنّه خلقه على صورته ومثاله وسلّطه على كلّ خلائقه. لا بل إنّه أرسل ابنه الوحيد ليعيد إليه صورته الأولى البهيّة وليزيل عنه سلطان الموت والخطيئة فاخذ جسداً دون أن يمسّ ذلك ألوهيته لكونه ولد من زرعٍ إلهي "من الروح القدس" ومن زرع بشري "من مريم" التي كانت وبقيت "عذراء" كعلامةٍ على كونه مفتتح الخليقة الجديدة : هذا هو عمق سرّ التجسّد سر الاتحاد العميق بين الله والإنسان.
 وهو عاش ، تالّم ومات وقبر كإنسان ولكنّه قام كإله وإنسان وهنا تكمن عظمة سرّ الفداء حيث أشرك الله نفسه طوعاً في آلام الإنسانية ليرفعها إلى مستوى محبّته الأقصى : البنوّة الإلهية.
لكن هذه الأسرار الكبيرة لا تنتهي مفاعيلها لأنّها تستمرّ من خلال عمل الروح القدس الذي يتمّم على مدى العصور عمل الآب والابن وهو ما ندعوه سرّ اكتمال الوحي الإلهي الذي ما يزال يتفاعل منذ العنصرة لا سيّما من خلال سرّ الكنيسة.
هذه عليها أن تكون على مثال الثالوث :
          واحدة غير متوحّدة بالضرورة كما الثالوث واحد غير متوحّد في كيانه
          جامعة لكلّ الناس لأنّ الخلاص شامل ويمتدّ بمفاعيله على كلّ الناس
          مقدّسة لأنّها ابنة الآب وعروس المسيح وشركة المؤمنين بالله بعمل الروح القدس خاصّةً من خلال الأسرار
          رسوليّة لأنّها مبنيّة على أساس الرسل المستمرّ فيها من خلال الخلافة الرسوليّة بالأساقفة 
لكنّ هذا السرّ يتجلّى عمليّاً من خلال الأسرار الكنسيّة لأنّ سرّ الخلاص يتحقّق فيها بقدرة روحه القدّوس ولأنّها هي التي "تصنع الكنيسة" كجماعة المؤمنين . وقد تختلف طرق الاحتفال بهذه الأسرار ولكنّ الأهمّ هو جوهرها كآليّة اتحاد بالله وأهمّها طبعاّ سريّ المعموديّة والافخارستيّا : الأولّ لأنّه يمنح البنوّة الإلهيّة والثاني لأنّه يوحّدنا بشكل مستمرّ مع الله ويبقي الرجاء حيّاً فينا لحين اتحادنا النهائيّ بالله.


 
خلاصة عمليّة للموضوع 
لا يختلف مسيحيّان على أسرار الثالوث الأقدس ، الخلق ، التجسّد ، الفداء وعلى سرّ الكنيسة كجماعة المؤمنين .
لكننا قد نجد أوّلاً تعابيراً مختلفة عن حقيقة إيمانيّة واحدة رغم ما سبّبه ذلك من حروب دينية على مدى العصور كما الحال بين الخلقيدونيين وغير الخلقيدونيين.
غير أنّ التعبير قد يختلف أحياناً لدرجة المساس بالجوهر كما حصل مع شهود يهوه الذين يعتبرون المسيح إلهاً ويرفضون الاعتراف بأنّه الله.
وقد تؤدّي احياناً كثرة الحرص على أحد الجوانب على المساس بأحد أساسات الإيمان كما حصل مثلاً مع عدّة فئات بروتستانتية رفضت الشكل المؤسساتي للكنيسة ولكنّها انتهت إلى نفي سرّ الكنيسة بالمطلق.
ولكن ، بالمقابل ، أدّى التطرّف في المحافظة على التعبير إلى تحجّر بعض الجماعات حتّى أضحى الكتاب المقدّس لديها كتاباً حرفياً لا مجال فيه لأيّ تفسيرٍ أو تأويل كما اضحى الإطار الخارجيّ لليتورجيّا لدى البعض الآخر أكثر أهميّة من عمقها اللاهوتي فانفصلوا عن الكنيسة لينحصروا في إطارٍ ضيّق وضع في خطر البعد الشامل للكنيسة ، كما حصل مثلاً مع كلّ رافضي المجمع الفاتيكاني الثاني.
كلّ هذا يدفعنا للتفكير بجدّية حول إمكانية التمييز في علاقاتنا مع الآخرين بين ما هو جوهري وبين ما هو سطحيّ من الوجهة الإيمانيّة :
          هل ندع الاختلاف في تلاوة الأبانا مثلاً عائقاً لعلاقتنا مع الأورثوذكس ؟ أو نعتبر أن سنّ المناولة لدى الأطفال خلافاً جوهريّاً معهم؟
          هل نجعل من تلاوة المسبحة أو عدمها حاجزاً في العلاقة مع الجماعات البروتستانتيّة ؟
          أو نجعل من الليتورجيا سبباً للانفصال عن كنيسة روما ؟
 
علينا إذاً أوّلاً التعمّق في الركائز التي ذكرناها سابقاً من خلال التأمّل المستمرّ في كلمة الله والمشاركة الكاملة والواعية في الحياة الكنسيّة وخصوصاً عيش المحبّة على مثال الربّ يسوع علّه نتمكّن من معرفة ما يجدر الدفاع عنه وما يمكننا المساومة عليه في سبيل التقدّم أكثر على دروب الوحدة التي صلّى من أجلها الربّ يسوع عشيّة آلامه.
 
المرجع الأساسي : تعليم الكنيسة الكاثوليكية الصادر سنة 1992.

 


أسئلة حول الموضوع 
1) ماذا تعرف عن الخلاف بين الكاثوليك والأرثوذكس ؟
2) ماذا تعرف عن الخلاف بين الكاثوليك والجماعات البروتستانتية؟
3) ماذا تعرف عن النقاط المشتركة بين الكاثوليك والأرثوذكس ؟
4) ماذا تعرف عن النقاط المشتركة بين الكاثوليك و الجماعات البروتستانتية؟
5) عدّد بعض نقاط الخلاف بين المسيحيّة و الإسلام ؟
6) عدّد بعض نقاط الخلاف بين المسيحيّة و اليهوديّة ؟
7) عدّد بعض نقاط التقارب بين المسيحيّة و الإسلام ؟
8) عدّد بعض نقاط التقارب بين المسيحيّة و اليهوديّة ؟

 

من إعداد الخوري نسيم قسطون

 

   

eb-reference: Rev. Nassim Kastoun