Email: elie@kobayat.org

 

back to Pere Nassim Doc.


نداء قبل الانتخابات النيابيّة - صرخة وجع 2

 

أفكار من أعمال الرسل 1:2-21 للتأمّل قبل الانتخابات النيابيّة

 

لنتأمّل إخوتي قليلاً في نصّ أعمال الرسل (http://www.paulfeghali.org/index.php?page=bible&section_id=5&chapter=2) هذا الّذي اختارته لنا الكنيسة كقراءة في عيد العنصرة المصادف أسبوعاً واحداً قبل موعد الانتخابات النيابيّة.


لسنا هنا بالطبع في وارد الكلام عن السياسة التي لها أهلها ونحن في عزِّ أيامها وقد سبق للكنيسة أن وضعت بين أيدينا شرعةَ للعمل السياسي (http://www.anteliasdiocese.com/home/choraa/booklet-1.pdf) فيها توجيهات روحيّة وعمليّة لخيارٍ انتخابيّ "ضميريّ" بعيدٍ عن منطق الفعل وردّات الفعل وعن منطق التعصّب وعن منطق الفئويّة أو المصالح الشخصيّة والضيّقة.


ما يعنينا هو بعض العبر التي يمكن استخلاصها من هذا النصّ قبل الولوج في "حمّى" الانتخابات.


نجد في النصّ شعوباً مختلفةً ولكن مجتمعة معاً لكي تصغي إلى الرسل ويتبيّن أنّ كلّاً منهم كان يفهم خطاب الرسل بلسانه هو رغم كون الرسل جميعاً من شعبٍ واحد (يهود) ومن منطقةٍ واحدة (الجليل).


هذا كان طبعاً من مفاعيل حلول الروح القدس عليهم الّذي أعاد جمع البشريّة التي فداها يسوع بموته وقيامته في جماعةٍ واحدة تعبد رباً واحداً ولها إيمان واحدٌ ومعموديّة واحدة (أف 4\5).
لقد أزال الروح القدس الانقسام اللغوي أو العرقي ليحلّ محلّه الوحدة في الإيمان داخل الكنيسة الواحدة حيث، وفقاً لمار بولس، "لَبِسْتُمُ الإِنْسَانَ الـجَديدَ الَّذي يتَجَدَّدُ لِيَبْلُغَ إِلى تَمَامِ الـمَعْرِفَةِ على صُورَةِ خَالِقِهِ. فلا يُونَانِيٌّ بَعْدُ ولا يَهُودِيّ، لا خِتَانَةٌ ولا عَدَمَ خِتَانَة، لا أَعْجَمِيٌّ ولا إِسْكُوتِيّ، لا عَبْدٌ ولا حُرّ، بَلِ الْمَسِيحُ هُوَ الكُلُّ وفي الكُلّ" (قول 3\10-11).


وهذا يدفعنا اليوم لنسأل ذواتنا عن جرح وحدتنا النازف فنحن نؤمن بربّ واحد ولكننا كنائس منقسمة، نعشق وطناً واحداً ولكننا أحزاب متناحرة، ندّعي عبادة إله واحدٍ فيما نشرك في عبادته زعماءنا وأملاكنا وحتى بعض خطايانا...
أفلا يجب أن نسأل ذواتنا حول مدى "خيانتنا" للربّ يسوع ولروحه القدّوس ونحن مشرذمون ومنقسمون ومتباعدون؟


كثيرون يسألون:أليس لنا الحقّ في الاختلاف ونحن نعتمد الديموقراطية نظاماً للحكم؟
الجواب هو طبعاً فليس الدستور وحده هو ما يكفل حريتنا في الاختيار بل ما يكفلها هو أهمّ بكثير من دستور وضعه بشر ويعدّله بشر، لأنّ من خُلق على صورة الله ومثاله لا تستطيع قوّةٌ في العالم انتزاع حريّته ولو كان مكبلاً أو مكموماً أو معتقلاً أو منفياً.
ولكن هل تتضمّن الديموقراطيّة أو الحريّة عدم قبول الرأي الآخر أو عزل صاحبه؟
هل تكمنان في تكرير أخطاء الآخر بعد أن يكون قد قامَ "وقعدنا محلّه"؟
هل تعنيان أن يقاطع الأخ أخاه لأنّه ليس من رأيه؟
هل تجبرانني على أن ألبِسَ أولادي هذا اللون دون سواه وأن أزرع فيهم الحقد على الآخر وكره الآخر؟
هل تعني الانتخابات الخروج مثخنين بجراح الاختلاف بينما من اختلفنا من أجلهم سيجلسون عاجلاً أم آجلاً مع بعضهم ليتقاسموا الحصص بعد أن يكونوا قد تبادلوا الابتسامات في ما نكون نحن قد حصرنا تبادلنا بالشتائم والأحقاد؟


لم يقل النصّ إن الرسل كانوا يتكلّمون لغةً واحدة بل قال إن ما كانوا يقولونه كان مفهوماً من الجميع. ولعلّ هذه هي العبرة الأهمّ في هذا الأسبوع: قد نختلف بالآراء وبالانتماءات وبالمواقف ولكنّ الأهم هو أن نحافظ على الحدّ الأدنى من التفاهم والتواصل لأن المسيح الّذي يجمعنا أهمّ وأبقى من كلّ المبادئ أو الأحزاب أو الشعارات التي تفرّقنا.
اجمعنا يا ربّ بروحكَ القدوس، آمين!

 

الخوري نسيم قسطون
(31 أيار 2009)

Email: elie@kobayat.org

 

back to Pere Nassim Doc.